الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاقصاء..وضياع المؤمن المسلم!!

بولس اسحق

2015 / 6 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في البلدان العربية والاسلامية ثمَّة إصرار على التعريف بالهوية، باستخدام الصفة الدينية التي تُعطى الاولوية على مفاهيم المواطنة والشراكة. والمآل،وخاصة بعد عودة الدين على المسرح، تلك العودة الاقصائية المرعبة، والتي كانت هي السبب في تمزيق المجتمعات العربية وتفتيت البلدان والأوطان. وتلك هي حصيلة غلبة الذاكرة والغريزة أو الطائفة والعضلة، على لغة الفهم وإرادة التعقل وسياسة التدبر والبناء في صنع المصائر المشتركة .وبسبب هذه العودة الهوجاء للدين ترى المسلم المؤمن ينغمس في رجس الفكر الإقصائي وما بنى أسسه إلا على الاستكبار والاستعلاء، على درب إبليس في قوله ؟{قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين[76]}سورة ص. ولا يمارس المؤمن المغيب دوره الاقصائي هذا فقط ضد المختلف من باقي الديانات وانما ايضا ضد المخالف لعقيدته من نفس دينه!!
والاقصاء الديني هذا .. لاينسلخ عن جسده الأساسي ( الإسلام ) لأنه الدين الأول عند بني يعرب --;-- والمورد الأول والاساسي أيضاً للإقصائية المعاصرة .
إن الإسلام كسائر الأديان على سطح هذه الأرض .. طوائف وملل ونحل وقوميات ومذاهب ترتع داخل هذا الدين وتستأنس بحمل إسمه وتحاول إبراز نفسها كممثلة شرعية لهذا الدين الواسع , بيد أن الإسلام لم يستطع توظيف هذا التعدد لصالحه , بل انفضت التنوعات العقدية وأضحت كابوساً يؤرق مضجع الإسلام ويهدده بإنقلاب داخلي وحروب أهليلة قد يندثر معها الإسلام أو قد يتحول أبناء الإسلام نفسه إلى محاربين أضداد همهم دهس بيضة الإسلام وإسالة دمه وسن شذرته لاستخدامها كأداة حادة جارحة مميتة ضد طرف دون طرف ، وهذا بات ملموسا لكل ذي بصيرة يطالع الاخبار!! .
فعلى سبيل المثال .. لو ألقينا نظرة على ساحة المذاهب المتعاركة حول مائدة الدين --;-- كالسنة والشيعة والصوفية والماتريدية والبهائية والمعتزلة والزيدية والعلوية والدرزية والاحمدية "إلى نهايته" ... سنستلخص نظرة تعددية وهذا لا بأس فيه , ولكن لو أمطنا اللثام ونقبنا داخل الملفات التراثية وكتبها والأقوال المأثورة والحكم الدينية الذائعة لدى معتنقي هذه المذاهب فسنستنتج أن الأساس الفهمي لمذهب إسلامي مخصوص يقوم على تنحية المذاهب الأخرى وإحلال المذهب الشخصي محل المذهب الخارجي ( إقصائية ) , مع مزج هذا بنظرة استعلائية تكبرية وهو مايرجع ليقينية الدين بالأصل , أي أننا أمام معضلة تمييز , ومعضلة يقين مطلق ( خلل في منظومة المنطق ) .
وعلى الصعيد الفكري فإن الإسلام يحوي أفكاراً كثيرة , والمفكرون الإسلاميون تنوعوا وصنفوا أنفسهم إلى سلفيين وعلمانيين وتوفيقيين وخمينيين وثوريين وبراجماتين بل وحتى شيوعيين واشتراكيين , ويرفق كل مفكر صفة ( إسلامي ) في أطروحاته , فذاك إسلامي علماني وإسلامي سلفي وإسلامي توفيقي "إلى نهايته" ... وهؤلاء يتواصلون ببعضهم بذات اللغة التي تتصل من خلالها المذاهب الإسلامية مع بعضها.. إقصاء في إقصاء .. فتتعدد الأطروحات لكنها تستبقي الإقصاء .
هل المسلم حقاً مسلم ؟
لكنه كافر حسب وجهة نظر الفرقة ( أ ) وضال حسب وجهة نظر الفرقة ( ب ) ومبتدع حسب وجهة نظر الفرقة ( س ) ومنافق حسب وجهة نظر(ش) وهكذا لحد الرقم 73 لان رسول الاسلام هو الذي قال ستنقسم امتي الى 73 فهل كان ينوي خراب امة العربان!! والذي نشاهدة من انقسام وتفكك الاسلام والمسلمين ما هو الا نتيجة حديثه هذا!!!!
فالمحاولات التي يقوم بها مشائخ الدجل والتدليس لعزل الدين عن الشأن العام سببت عفناً في فهم الفكر الديني , إن إنغلاق الدين ونومه في الكهف بعيداً عن حراك الحياة أفقد الدين نشاطه وأكسبه الخمول والعجز والرجعية والفهم المحدب والمشي الأعرج وتحدي كل معطيات العصر بشكل عكسي وغير عقلاني ومائل للفوضوية والاستسلام للماضي دون أية بادرة لتجديد واعي !!
إن الخوف الإسلامي على الهوية هو خوف كاذب ومزور , فلا هوية حقيقة يمكن أن يجتمع عليها المسلمون في ظل هذا الصراع المتموج الذي يرمي بالمسلم يمنه ويسره دون أن يعطيه دليلاً شافياً يهديه الصراط المستقيم , إن رجل الدين المسلم أكبر خطر على الإسلام لو أردنا الحق , إن التناقضات بين المذاهب والفرق والفكريات الإسلامية بلغت مدىً عميقاً بحيث صار الغير مسلم أقرب من المسلم في بعض الأحيان, بل وصل الأمر إلى أن المسلمين في بعض المراحل التاريخية والعصر الراهن بالذات اضطروا إلى الإستعانة بالكفارمن غير المسلمين لقمع مسلمين آخرين .. وبامكانكم ان تتصفحوا طيَّات تاريخكم لتقرؤا ما لايسركم قراءته !
تخيلوا مدى التخلف والإنحدار في القيم الذي أصاب المسلمين عندما حرَّم على المسلم بامر الهي أن يبحث في تراثه الخاص ويعتنق الرأي الديني الذي يستهويه , تمهيداً لما هو أهم وأثمن وأكثر جوهرية وهي الحرية العامة والشخصية !!
العجيب والعجيب جدا ، أن المسلمين قد أنطلقوا الى العالم ليبرروا دينهم وأخلاقهم وكلا يدعي ما ليس له بعلم ويريد أن يقبل العالم فكرته، ولكن ولكي تفهمون حجم المشكلة العويصة التي تعيشونها ، سأسلكم هذا السؤال:
----- كيف تريدون أن تقنعوا العالم أن دينكم هو الدين الصحيح ذوالمبادىء النبيلة والسامية،، وأنتم لم تحلوا مشكاكلم الداخلية؟ ؟؟؟؟ فما نجده من كراهية وبغضاء وأقتتال وحقد وخصام واقصاء بين المسلمين أنفسهم لايزال أكبر من أي شيء آخر، ولا نتوقع من أي مسلم لم يقبل بالمذاهب والطوائف الاخرى المسلمة ، أن يقبل بالاخرين من الامم الاخرى. فهنا يقع الخلل ولو كان في دينكم الذي تغترون غرورا بصحته وكماله شيئا من الصحة ما وقع الخلاف بينكم وما أقتتلتم أًصلا
إن المسلم العاجز عن قبول المسلم الآخر سيعجز حتماً عن قبول الغير مسلم وبالتالي رفض العالم والآخر والأنا والضياع في دوامة تستمر في الدوران ويضيع عقل المسلم الضائع اصلا داخلها!!! فاي دين هذا؟؟؟ ...تحياتي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الفرقة الناجية
سمير ( 2015 / 6 / 29 - 19:43 )
تحية استاذ بولس, كيف يعرف المسلم انه من الفرقة الناجية ام من الاثنان والسبعون الذين في النار؟ اذا ما فائدة ان يلتزم المسلم باركان الاسلام؟ فان كان المسلم من الفرق الهالكة فلن ينفعه اي صيام وصلاة, المسألة اذا قدرية. هل عائشة وعثمان وعلى ومعاوية في الجنة ام في النار؟ السنة يقتلون بعضهم البعض في العراق, وكذا فعل الشيعة قبلا مثل ذلك, فهل الجميع في الجنة ام النار؟ مساكين يامسلمين. احترامي


2 - امهلني بعض الوقت
بولس اسحق ( 2015 / 6 / 29 - 22:16 )
عزيزي سمير ارجو ان تمهلني البعض من الوقت لكي اتمكن من اجابتك على سؤالك...هل عائشة وعثمان وعلى ومعاوية في الجنة ام في النار؟ - وارجو ان تكون الاجابة مقنعة قدر الامكان ان لم تكن مطلقة 100% وباعتراف رسول الاسلام في اكثر من حديث له بهذا الشأن!!وتقبل تحياتي.

اخر الافلام

.. قلوب عامرة - د. نادية عمارة توضح -حكم الصلاة على الأذان في ا


.. 82-Al-Aanaam




.. هل هبط آدم من الفضاء ؟


.. -اليهود مش هينسوهم-..تفاصيل لأول مرة عن قادة حرب أكتوبر




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية.. الكلمة الفصل للميدان | 202