الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرجعيات الدينية والمصالحة الوطنية

زيد كامل الكوار

2015 / 6 / 30
المجتمع المدني


لم يعرف العراق على مر العصور رجالا أوقع تأثيرا وحضورا معنويا على ساحته الاجتماعية كما يتمتع به رجال الدين والعلماء ، فالمجتمع العراقي بطبيعته مجتمع يجل العلم والعلماء ويقدرهم أيما تقدير ، وقد شهد العراق في تأريخه القديم والحديث أزمات خطيرة استدعت تدخل العلماء في أكثر من موقف ومنقبة وقد كان للعلماء فرس السبق والقدح المعلى في تدارك الأوضاع ومعالجة الأمور وحلها ، ومن الأمثلة على جرأة العلماء وحكمتهم ما حدث في بغداد أيام العباسيين حين قتل المأمون أخاه الأمين ، الأمر الذي أغضب الأعيان والعلماء والوجهاء في حينه ، ما دعاهم إلى مقاطعة مجلس المأمون وعدم السمر عنده ، ما حدا بالأمين إلى ترك بغداد والذهاب إلى الرقة مغاضبا ، وأخذ معه الشرطة والجيش تاركا بغداد بلا وال ولا رقيب فاستفحل فيها الرعاع والسراق والقتلة المجرمين ، منتهكين كل حرمة ، فانتهكت الأعراض والأموال وشاع الرعب والخوف بين أهالي بغداد مدة طويلة والمأمون مستمتع بما يصل إليه من أنباء . فلما وصلت الأمور إلى هذا الحد نهض العلماء الأخيار مشمرين عن سواعدهم لحماية وحراسة أموالهم وأحيائهم حتى عادت بغداد آمنة أفضل من ذي قبل ، وما أحداث الاحتلال الأمريكي في بغداد منا ببعيدة فننساها ، ولا مواقف رجال الدين الأفاضل الذين كانوا بمثابة صمام الأمان الذي أوقف تدهور الأوضاع الأمنية بوقفة مشرفة يذكرها التاريخ لهم ، وهناك موقف وطني مشرف آخر لا ينبغي أن ينساه العراقيون مهما طال بهم الزمن ، ففي عام ألف وتسع مائة وعشرين ، تناخا رجال الدين في ثورة عارمة ضد الاحتلال البريطاني الغاشم الذي وقف مذهولا أمام قيادة أولئك العلماء الربانيين الأفذاذ .
هذا هو ديدن العلماء العراقيين على مدى التأريخ البعيد والقريب ، فلم يكن مضمارهم مقصور على العلم الديني والعبادة فحسب ، بل كانوا رجالا يشعرون بهموم مواطنيهم ويعيشون بينهم بكل أحاسيسهم ، وما أحوجنا اليوم ونحن نعيش هذا الواقع الخطر من النزوح والتهجير الذي طال ثلاثة ملايين عراقي وعراقية تركوا بيوتهم ومدنهم هربا من عدو همجي مجرم ليس في قلبه مثقال ذرة من رحمة ، ومن أسمى آيات الوئام والمحبة بين العراقيين ما قام به أهالي المحافظات الذين ضيفوا أخوانهم العراقيين المهجرين والنازحين وقاسموهم بيوتهم وأرزاقهم وهمومهم ومآسيهم وخففوا عنهم بما يستطيعون ، وآسوهم بما فتح الله عليهم به ، لكن المطلوب اليوم من علمائنا الأفاضل نشر المحبة والأخوة والتعاضد والتكاتف من على منابرهم الشريفة في الخطب والمحاضرات الدينية ولقاءاتهم بالناس وعظا وإرشادا وتوعية لمخططات الحاقدين والأعداء الذين يريدون تمزيق وطننا الحبيب عن طريق فتنة طائفية بغيضة تأكل الأخضر واليابس وتذر العراق قاعا صفصفا ، لذا صار لزاما على علمائنا الأفاضل أن ينهضوا بهذا العبء كما ينبغي ويحتوون هذه المشاكل العالقة بين المكونات العراقية وخير مكان أو جهة يبدؤون نشاطهم في الإصلاح فيها هي ذات بين السياسيين الذين إن صلح حالهم و صفت نياتهم ، صلح حال العراقيين جميعا فمكونات العراق ليس بينهم خلاف طوال قرون عديدة ، ولم يحدث الخلاف إلا حين جاءت هذه الطبقة السياسية التي تحاول تمزيق العراق ، فلتتداركوا يا علماءنا الأفاضل أمر هذه الأمة قبل فوات الأوان و لات حين مندم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بكين تفرض قواعد جديدة في -بحر الصين الجنوبي-.. واعتقال كل من


.. المتحدث باسم اليونيسيف يروي تفاصيل استهداف الاحتلال أطفال غز




.. مأساة إنسانية في غزة.. أكثر من 37 ألف قتيل ونصف مليون تُحاصر


.. مسؤول إسرائيلي لـ-أكسيوس-: حماس رفضت مقترح بايدن لتبادل الأس




.. سرايا القدس: لا نعلم إن كانت المعاملة الطيبة مع الأسرى ستستم