الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سدرة المنتهى و ultimus sidera

شوكت جميل

2015 / 7 / 4
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


اللغة ليست ديناً ، كما أن اللغة ليست حكراً على دين ، و حينما يكون التعصب للغة أو التعصب عليها سبيلنا في تأصيل الألفاظ ، فما أفقره من تأصيلٍ سيان أكان هذا الوازع للتعصب دينياً أم قومياً...و هذي مقدمة رأيتها لازمة.

أما تأثير اللاتينية على اللغة العربية فقديم غير منكور ، ممتد من قبل ظهور النصوص المقدسة في جزيرة العرب إلى ما بعدها ، و كيف لا ؟ ، و قد كانت أوصر الصداقة على أشدها بين العرب و الروم،و بالأخص العرب المسيحيين ،في الشام و أطرافها ، الموالين للأمبراطورية الرومانية الحاكمة و لغتها اللاتينية ، و كانت الرحلات التجارية متصلة دائمة من قلب الجزيرة العربية إلى بيت المقدس و الشام و هما تحت الحكم الروماني ، ثم هجرات اليهود بعد خراب أورشليم إلى شبه الجزيرة العربية ،و قد حملوا معهم إليها _فضلاً عن مفرداتهم العبرية_ ما حمله إياهم الإستعمار الروماني الطويل لبلادهم من مفرداتٍ لاتينية .


و سنحاول التأصيل للفظة "سدرة" ،(سدرة المنتهى) ،و الواردة في سورة النجم ، و التي تصف طرفاً من قصة الإسراء و المعراج :((... وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ-;---;-----;-------;---- (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ-;---;-----;-------;---- (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ-;---;-----;-------;---- (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ-;---;-----;-------;---- (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ-;---;-----;-------;---- (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَىٰ-;---;-----;-------;---- (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَىٰ-;---;-----;-------;---- (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ-;---;-----;-------;---- (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ-;---;-----;-------;---- (9) فَأَوْحَىٰ-;---;-----;-------;---- إِلَىٰ-;---;-----;-------;---- عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ-;---;-----;-------;---- (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ-;---;-----;-------;---- (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ-;---;-----;-------;---- مَا يَرَىٰ-;---;-----;-------;---- (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ-;---;-----;-------;---- (13) عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ-;---;-----;-------;---- (14) عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ-;---;-----;-------;---- (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ-;---;-----;-------;---- (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ-;---;-----;-------;---- (17) لَقَدْ رَأَىٰ-;---;-----;-------;---- مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ-;---;-----;-------;---- (18)..))

أما المفسرون ، و أكثرهم من أهل اللغة ، فلم يختلفوا كثيرا على معنى "سدرة" ،و ذهبوا في أنها نوع من الأشجار ،أو شجرة "النبق" على وجه التخصيص ،و أنها قائمة في أقصى أو "منتهى" السماوات ،فمنهم من يضعها في السماء السادسة ،و منهم من يضعها في السابعة ، غير أنها ليست كشجر النبق الذي نألفه ، فإنما هي كبيرة كل الكبر حتى تخرج من أطرافها أنهاراً كالنيل و الفرات ، و تبدو هذه الشجرة في وصفهم مقاربة لشجرة الحياة و أنهار الجنة كما وردت في سفر التكوين ، و فاتهم أن الجنة التوراتية إنما كانت على الأرض ،فيما حديث الإسراء و المعراج عن الأفلاك و البروج السماوية ، كما أن جلالة إيقاع الآيات السابقات و فخامته تشي بشيء أكبر بكثير من شجرة نبق ، فلم يكن أمامنا بد من البحث عن أصلها في غير لغة العرب ..فلم أجد خيرا من :
“ultimus sidera” اللاتينية لتعطي معنى أكثر طبيعية و اتساقا مع باقي الآيات في النص.

أما “ultimus” فتعني القصوى أو المنتهى أو الأبعد مسافة و منها “ultimate” الإنجليزية.
أما “sidera” ، و حروفها الصوتية ˈ-;---;-----;-------;----sɪ-;---;-----;-------;----də-;---;-----;-------;----rə-;---;-----;-------;---- ،فتعني النجم أو السحابة النجمية و بروج السماء ،و الأجرام السماوية عامةً ، و اللافت هنا أن السورة اسمها "سورة النجم" !،فإذا نطقنا سدرة عند الوقف ؛قلنا "سدره أو سدرا " فكأنها و الالاتينية سواء ،فيكون معنى الآية "عند سدرة المنتهى": عند أقاصي السحب النجمية في الأفلاك.

و ما زال الإنجليز يستعملون الإسم "sidra" و هو اسم يطلق على الإناث ،و يعني المتألقة كالنجمة..أما النيزك بالإنجليزية فـ "siderite"

و من الجدير بالذكر هنا ،وجود معنى آخر لـ “sidera” اللاتيني و يعني الزوبعة العاصفة أو الدوامية ، و قد كانت ترى المجموعات النجمية البعيدة كسحب من الغاز المضطرب و الذي يدور حول نفسه ،و في يومنا هذا ما لبثت تسمى بعض المجرات بالمجرات الدوامية ، Whirlpool Galaxy ، وهنا نصل إلى لفظة السديم العربية ، وهو طبقاً لمعجم الغني: تَكَاثُفُ أوْ تَجَمُّعُ نُجُومٍ بَعِيدَةٍ تَظْهَرُ وَكَأَنَّهَا سَحَابَةٌ خَفِيفَةٌ ، أوْ بُقَعٌ ضَعِيفَةُ النُّورِ ، كَمَا يَتَكَوَّنُ السَّدِيمُ مِنْ غَازَاتٍ مُضِيئَةٍ شَدِيدَةِ الحَرَارَةِ ، تَدُورُ حَوْلَ نَفْسِهَا...كسحابة من التراب والغاز في الفضاء..و يدلنا معجم الوسيط على أن السديم هو السِّدِر!..و السّدْر عند العرب هو البحر الذي لا يرون له نهاية ،و شتان بينه و بين شجرة النبق!...و من الجدير بالذكر أن الجذر اللغوي و بعض اشتقاقاته لـ “sidera” قد ورد في الفولجاتا و هي الترجمة اللاتينية للكتاب المقدس بعهديه و التي قام بها القديس جيروم في القرن الرابع للمسيح ؛ كما سيرد في المسطر أدناه.

التفاصيل اللغوية:

أعتمدنا في الجانب الالاتيني على قاموس (لاتيني _إنجليزي)
Lewis & Short Elem. Lewis
.............................1_

Verb
sidus, sideris
Definitions:

constellation
star
tempest (Vulgate 4 Ezra 15:39)
...................................................2_
Adjective
sidereus, siderea, sidereum
#


Definitions:

heavenly
relating to stars
star-like
starry
.......................

sidera noun pl neut nom
sidera noun pl neut acc

و تعني :
a group of stars, constellation, heavenly body
......................................................3_
ultimus

و تعني :


farthest, most distant, most remote, uttermost, extreme, last








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ظل التحول الرقمي العالمي.. أي مستقبل للكتب الإلكترونية في


.. صناعة الأزياء.. ما تأثير -الموضة السريعة- على البيئة؟




.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا


.. تصاعد ملحوظ في وتيرة العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل




.. اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة الخليل لتأمين اقتحامات