الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لعبة المحيبس .. وسيلة لتحقيق المصالحة

زيد كامل الكوار

2015 / 7 / 4
المجتمع المدني


المحيبس تلك اللعبة البغدادية الشعبية القديمة التي اعتاد العراقيون على لعبها في ليالي شهر رمضان المبارك ، ولم تكن لعبة المحيبس مجرد لعبة يمارسها الأطفال أو الشباب بل كانت لعبة يمارسها الكبار والوجهاء فهي لعبة تعتمد بالدرجة الأولى على التفرس والقراءة الدقيقة والسليمة لتغيرات الوجوه واختلاجاتها الناتجة عن الارتباك والتوتر ، وهذه العلامات الدقيقة لا يتمكن الصغار من تمييزها وملاحظتها ، والمحيبس ليست لعبة بقدر ما هي تسلية مفيدة بريئة ، برع فيها الكثير من الرجال المتميزين الذين ذاعت شهرتهم في أحياء بغداد المترامية الأطراف ، ولم تكن هذه اللعبة يوما مسألة ربح وخسارة بقدر كونها لعبة توادد وتواصل بين أهالي المدينة الواحدة . ففي ليالي الشهر المبارك وبعد أداء صلاة العشاء ، يهرع الشباب والرجال والصبيان إلى مقاهي الحي التي تهيأ منذ العصر لممارسة هذا الطقس المحبب الأثير لنفوس العراقيين حيث تمتد لعبة المحيبس منذ أول الليل حتى قبيل وقت السحر ، وعادة تكون المباريات بين أحياء مختلفة من أحياء بغداد العديدة ، حيث يذهب رسول من منطقة الأعظمية مثلا إلى منطقة الكاظمية فيدعوهم إلى زيارة الأعظمية مع فريق المحيبس لتنظيم مباراة بين فريقي المنطقتين، فيقوم أهالي الأعظمية بتهيئة مقهى من المقاهي الكبيرة والشهيرة وتحضير واجبات الضيافة من أصناف الحلويات كصواني البقلاوة والزلابية والبرمة وأشهى وأفخر أنواعها ، فتلتئم الحشود المتحمسة من المنطقتين وتستمر اللعبة على أنغام المربع البغدادي والأناشيد الدينية والمقام العراقي ، بقصائد وأغان تعمق المحبة والتآلف والأخوة بين أبناء بغداد ، فتارة يذهب فريق من الأعظمية إلى الكرادة ، وفريق من البياع إلى الكاظمية وفريق من الفضل إلى الكاظمية ، وبالمجمل فإن هذه الطقوس كانت ولا زالت سائدة بين أحياء بغداد على اختلاف مكوناتها وانتماءاتها القومية والدينية والمذهبية ، محققة كعهدها منذ القدم المحبة والأخوة والوئام ، وما أحوجنا اليوم في هذا الوضع الشاذ الغريب إلى توسيع هذه الفعاليات الاجتماعية لتشمل رقعة جغرافية أكبر شأنها شأن مباريات كرة القدم التي يحبها العراقيون ويهتمون بها غاية الاهتمام ، فهي لعبة تمتاز بالتواصل المستمر بالحوارات المحببة والمزاح اللطيف ويتخللها التواصل المستمر بالنظرات والأيدي ، والتشارك في تناول المأكولات الحلوة التي تبعث في النفس مشاعر الصفاء والمرح والاسترخاء ، كيما نتجاوز حالة التوتر المزعجة السائدة في الشارع العراقي بلا موجب ولا داع ، لأن الأخوة القديمة والتاريخية بين المكونات العراقية أكبر من محاولات الأعداء في زرع بذور الفتنة الطائفية والدينية والعرقية بين العراقيين ، وما يحتاجه الشعب العراقي حاليا هو المحاولات المخلصة من أبنائه المخلصين لتقريب وجهات النظر والبحث عن المشتركات بين مكوناته وتكثيف اللقاءات الودية وإحياء العلاقات القديمة وإعادة تأسيسها على مبادئ الأخوة والمحبة ومحاصرة الفتنة ومحاربتها بكل الأسلحة المشروعة والمتاحة ، لأن الهدف نبيل جدا وحيوي وتحقيقه يؤمن ويضمن مصالحة حقيقية مبنية على أسس متينة وصحيحة ، تضمن نشوء علاقات المحبة والوئام ، وهذا هو الذي نرمي إلى تحقيقه عن طريق المبادرة العشائرية لتحقيق المصالحة الوطنية ، فاعملوا يا غيارى العراق بكل جد وإخلاص وعزيمة ، لتحقيق هذا الهدف النبيل فالعراق والعراقيون ، يستحقون منا كل الجهد والتعب فهي رسالة إنسانية ووطنية شريفة تاريخية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - استشهاد طفلين بسبب المجاعة في غزة


.. أمريكا.. طلاب مدرسة ثانوي بمانهاتن يتظاهرون دعما لفلسطين




.. وفاة 36 فلسطينيا في معتقلات إسرائيل.. تعذيب وإهمال للأسرى وت


.. لاجئون سودانيون عالقون بغابة ألالا بإثيوبيا




.. الأمم المتحدة تكرم -رئيسي-.. وأميركا تقاطع الجلسة