الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البطالة وأثرها على المصالحة الوطنية

زيد كامل الكوار

2015 / 7 / 9
المجتمع المدني


يعد العراق حاليا من الدول التي وصلت البطالة فيها إلى حدود مقلقة ومخيفة من ناحية الآثار السلبية للبطالة على الواقع الاجتماعي للبلد، فطوابير العاطلين عن العمل بلغت مداها الأقصى من حيث الكم والنوع ، فليست البطالة في العراق بسبب قلة الخبرة أو المؤهلات أو الكفاءة ، فتلك الطوابير تضم في مجملها كفاءات ومؤهلات علمية وأكاديمية وفنية على درجة كبيرة و مميزة من القدرة والأهلية . لكن الخلل الفعلي والعملي في المشكلة هو محدودية وانكماش سوق العمل العراقي الذي تحدد بفعل السياسات الاقتصادية والمالية والتخطيطية القاصرة ، فالنظام الاقتصادي الريعي الذي انتهجته الحكومة العراقي على مدى سنين طوال ، هو من جملة أسباب عملت على خنق سوق العمل، وتحديد فرص العمل في سوق العمل وحصرها في ميادين حكومية محدودة مثل المؤسسة العسكرية والأمنية والقطاعات الخدمية وقطاع الإنتاج النفطي و بعض المؤسسات الحكومية الأخرى البائسة مثل قطاع التعليم و الصناعة المريضة التي تشهد إن لم تتدارك الحكومة الأمر ، أيامها الأخيرة قبل أن تنتهي إلى خصخصة القطاع الصناعي الحكومي الفاشل بكل المقاييس بفعل سياسة الحكومة الخاطئة لا بفعل تقصير القطاع الصناعي العام ، ولا أظنه خافيا على متتبع ، عدد الخريجين من المؤسسات العلمية الحكومية والأهلية في هيكل الحكومة العراقية ، فالجامعات الحكومية العراقية مستمرة في رفد سوق العمل العراقي بأعداد هائلة من العاطلين عن العمل الإضافيين سنويا تساعدها وتعاونها في ذلك عشرات الجامعات والكليات الأهلية المنتشرة في أنحاء العراق الواسعة ، فجامعات العاصمة وحدها تخرج سنويا ما لا يقل عن عشرين ألف خريج جديد يسجل حضوره وعضويته في نقابات العاطلين عن العمل ، وفي عملية حسابية بسيطة نستطيع تخمين عدد الخريجين خلال الأعوام التالية للتغيير ، بأكثر من مليون خريج لم يحصل ربعهم على فرصة عمل مضمونة مشرفة ، وما ذاك إلا بسبب إهمال الحكومة لقطاعي الزراعة والصناعة اللذين كان يمكن لهما لو حصلا على العناية اللائقة المناسبة أن تحتوي كل هذه الأعداد المخيفة من جيوش العاطلين عن العمل التي اضطرت الظروف الشاذة بعضها إلى الانجراف و الانضمام إلى الميليشيات المسلحة المتطرفة أو العصابات الإجرامية المنتشرة بكثرة في الشارع العراقي لعدم تحصين تلك الشرائح فكريا و تربويا وأخلاقيا ، ولعوزها المادي بسبب الجهل من ناحية والبطالة من ناحية ثانية . وإن الحكومات العراقي لا تريد حل هذه المعضلة بسبب حرص المشتركين في الحكومة على المصالح والمكاسب الشخصية والحزبية الضيقة ، فقانون مجلس الخدمة الاتحادية الذي أقر ولم يشرع العمل به منذ ما يزيد عن سبع سنوات بسبب الخلافات الحزبية على عضوية المجلس التي يطالب بها كل من يبحث عن مصالحه الخاصة متناسين مصلحة هذا الجيل الذي توقف عن العطاء والأمل والحلم بمستقبل أفضل بسبب أنانية أصحاب القرار ونرجسيتهم ، فلو كان قانون الخدمة ساريا ومعمولا به الآن لكان كل خريج قد حصل على فرصته اللائقة في العمل بحسب مؤهلاته وخبراته وتحصيله ولما كان هناك عاطل عن العمل ، بل ولما كان هناك إرهابي يحارب المجتمع والدولة ولانشغل الشباب بالعمل الدؤوب لبناء مستقبله ومستقبل بلده ، ولتصالح الإنسان مع نفسه أولا ومع الحكومة ثانيا ، ولانحسرت التصرفات والأعمال الإرهابية والمتطرفة من الشارع العراقي ولصفت النفوس وراقت نتيجة اختلاط المكونات الجميلة للشعب ببعضها في ميادين العمل إضافة إلى ميادين الدراسة والحرب ، فتجاوز الأزمات المادية التي تصنع الأزمات النفسية في المجتمع أساسها حركة العمل السليمة وتجاوز البطالة ، لتصنع مجتمعا سليما نفسيا وماديا وفكريا متصالحا مع نفسه أولا ومع الآخر ثانيا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو


.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع




.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة


.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون




.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر