الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخلط ما بين منظومة القيم وبين التجريب الإنساني في النسق القيمي

عماد صلاح الدين

2015 / 7 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الخلط ما بين منظومة القيم وبين التجريب الإنساني في النسق القيمي
عماد صلاح الدين

إن منظومة القيم والأخلاق، وبما يشمل الدائرة الكبرى للمعتقدات الإنسانية الدينية، في أساسيات المعرفة ومحاولات الإدراك، عن الإله الأحد، بحسب نسق رسالات التوحيد، هذه المنظومة تتسم بأنها: 1- ثابتة مدارية. 2- عالمية. 3- إنسانية. 4- مرنة. 5- كامنة. 6- نسبية في الإنسان. 7- أصلية مرجعية إرشادية عليا؛ يكون التجريب في إطارها وليس عليها، ومن ثم لا تتبدل وتتحول، بحسب الظرفية والمزاج؛ خاصا أو عاما.

وهناك منظومة التجريب الحقلي الإنساني، في نسق منظومة القيم؛ بشموليتها وتعددها وتنوعها، وهي تشمل محاولات النشاط الإنساني؛ ككلية قبلية وبعدية، في الذهنية الفكرية والعاطفية وتجليات الممارسة المختلفة والمتنوعة، ضمن أدوار زمنية متعاقبة، ينتج عنها عادات وتقاليد وأعراف، وتصبح هذه الأخيرة، سائرة بين الناس، وهي تمر بتلقائية لا شعورية، دون معرفة علمية أو عقلية، بعد أن تستقر.

وبغض النظر عن إن كان بعض هذه العادات والأعراف سليمة أو غير سليمة بحسب المنهج العلمي والعقلي.
ولذلك ففي دول العالم في الحالة المعاصرة على الأقل، نجد أن تراتبية مرجعيات النظم المجتمعي الرسمي تحديدا، تبدأ بالدساتير ومن ثم القوانين والتشريعات العادية، ثم يأتي تاليا بعد ذلك الحديث عن منظومات عرفية وتقاليدية وعادات؛ حيث في غالبية تلك المجتمعات العادة والعرف محكمان، وبات المعروف عرفا كالمشروط شرطا، وهكذا.

والناس على مر القرون تكون على عقيدة وجدانها العرفي والعادتي المجرب والراسخ في الشعور، بحيث يصعب تغييرها عنها بسهولة أو بمرور الوقت البسيط؛ فما تشكل عبر سنين طويلة، لا ينقضي إلا بمرور سنين طويلة أيضا.

ويقع الخلط بين منظومتي القيم من جهة والتجريب المجتهدي الإنساني من جهة أخرى؛ حيث ينظر إلى دول المجتمعات المختلفة ذات النظم الدستورية العليا، بما فيها دول منظومة السوابق القضائية المستقرة والمعتمدة كقوانين نافذة ومطبقة( النظام الانجلوسكسوني وفي المقدم منه بريطانيا)، إلى أنها متباينة في مسألة الشكل والمضمون القيمي والأخلاقي، وبالتالي تسرع الحكم على القيم والأخلاق؛ بأنها تقوم وتفنى، وتتغير وتتبدل، ولا ثبات لها، بحسب الحقب الزمنية، وتنوعات المجتمعات البشرية، وظرف نشأتها، والبيئات الحاكمة فيها.

ولا شك، أن هذا غير صحيح من الناحية المعرفية والثقافية الحضارية، وفيما يخص تحديدا النزعة الهيومانية الإنسانية العالمية؛ حيث أن منظومة القيم هي هي كمرجعية أخلاقية إنسانية حضارية، في كل مجتمعات الناس، الباحثة عن مسار النهضة الإنسانية الحقيقية في غير مجال. وهي تكون كذلك حتى تنحرف إرادة النخبة فيها، وتتساوق معها جموع المجتمع، بالتحول من نزعات إنسانية، وربما أصولية معتقدية وجدانية، إلى نزعات تتطرد نحو المسرح المادي الشامل( تحول العلمانية الجزئية إلى علمانية شاملة، وتحول الحلولية الكمونية الجزئية إلى حلولية كمونية شاملة)، وبالتالي تصبح المرجعية أو المرجعيات، هي مفتوح التجريب الإنساني النسبي المتحول زمنيا، إلى عرف أو عادة مستقرة، هي الأصل والمعتمد، ودون أن يكون هناك سقف أو مرجعية أخلاقية وقيمية حضارية.

وهذا – أيضا- ينطبق على مجتمعات تعاني التخلف والانحطاط الديني والاجتماعي، فتجد أن موروثات في العادات والتقاليد والأعراف، هي السائدة والمتحكمة في معايير التقدم والتراجع، النجاح والفشل، في تلك المجتمعات، بغض النظر عن سلامتها في الأساس، أو ملائمتها لجيل دون جيل، أو حتى أجيال جاءت بعد قرون متطاولة. وفي الوقت نفسه، تجد دولا وحركات وأحزابا ومنظمات ونخبا ثقافية وسياسية، ترفع راية الإصلاح والتغيير، بشعار مرجعية الأخلاق والقيم، وهي عمليا وواقعيا تطبق ما كان – ربما- عمليا من موروثات عاداتية دينية واجتماعية لحقب بعينها مرت وانتهت، وتظن أن هذه الأخيرة هي المرجع والمرشد الطالق الأساس لأي مشروع نهضة حقيقية شاملة. هذا بالإضافة إلى ما يتم مراكمته من إضافات اجتهادية، بمرجعية موروثات وأعراف؛ إما أن تكون غير صحيحة من أساسها، أو غير ملائمة لفترات زمنية حاضرة، فتتعقد المسائل ويزداد الخلط ما بين منظومات القيم وبين التجريب الإنساني في النسق القيمي. ولعل اقرب مثال واقعي على نمط مجتمعات التخلف أعلاه هي المجتمعات العربية، وتعثر محاولات نهوضها المتكرر منذ أكثر من قرن من الزمن؛ تحديدا دعاة الحل القومي، وتاليا دعاة الحل الإسلامي أو الإسلام هو الحل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عواطف الأسدي: رجال الدين مرتبطون بالنظام ويستفيدون منه


.. المسلمون في النرويج يؤدون صلاة عيد الأضحى المبارك




.. هل الأديان والأساطير موجودة في داخلنا قبل ظهورها في الواقع ؟


.. الأب الروحي لـAI جيفري هنتون يحذر: الذكاء الاصطناعي سيتغلب ع




.. استهداف المقاومة الإسلامية بمسيّرة موقع بياض بليدا التابع لل