الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هِجرة الشباب من أقليم كردستان

امين يونس

2015 / 7 / 9
المجتمع المدني


ليسَ الإيزيديين والمسيحيين فقط ، هُم الذين يسعون للهجرةِ من أقليم كردستان ، بل أن الآلاف من الشباب الكُرد المُسلمين ، يُحاولون الوصول الى أوروبا ، شهرياً ، بمُختلَف الطُرق ، والتي قليلها شَرعي ومعظمها عن طريق مافيات التهريب . ومن الطبيعي ، أن تكون نسبة كبيرة من المُهربين ، من الجَشعين ولاتَهُمهم كثيراً أرواح هؤلاء الشباب ، بل غايتهم هي الحصول على أكبر قدرٍ من أموال هؤلاء المساكين .. وليسَ من النادر ، أن يُترَك الساعون الى الهجرة ، في أماكن بعيدة كُل البُعد ، عن الوجهة المُفتَرضة ، ويُترَكون لمصيرهم المجهول .. بل من الشائِع أن يُكّدِس المُهربون ، أعداداً كبيرة من الشباب ، في مراكب مُهترئة أو سُفُنٍ صغيرةٍ بائسة ، تفوق قُدرتَها على التحمُل أضعاف المرات ، بحيث انهُ في الفترةِ الأخيرة ، فأن ما بين 25- 30 شخصاُ من شباب أقليم كردستان ، الساعين للهجرة ، يغرقون في البحار ، كُل شَهر ، لاسيما في بحر إيجة .
......................
( س . أ ) ، شابٌ أعرفهُ جيداً . في الثامنة والعشرين من عمره ، تخرجَ من الكٌليةِ قبل ثلاث سنوات ، ولم يجد أي فُرصة عمل أو تعيين . هو من عائلة فقيرة ، وبالكاد إستطاعَ تكملة دراسته الجامعية ، ورغم ظروفه المادية الصعبة ، فأن معدله كان جيد جداً ، وكان من العشرة الاوائل . لكن كُل ذلك ، لم يشفع لهُ . فما ان تخرج ، حتى بدأتْ ملامح الأزمة الإقتصادية والمالية في الأقليم ، وتقلصتْ التعيينات الى حدها الأدنى" وحتى هذه كانتْ بحاجة الى فيتامين ( واو ) الذي لايملكه س . أ " ، وتضاءلتْ فُرَص العمل في القطاع الخاص ، ولا سيما بعد تدفُق عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين ، ومن ضمنهم الكثير من العُمال المَهَرة في كافة الإختصاصات ، والمُستعدين للعمل بإجورٍ منخفضة ! .
( س . أ ) شأنهُ شان الكثير من الشباب ، كانَ يطمح الى التعيين في إحدى الدوائر الحكومية ، أو العمل في القطاع الخاص ، وكانَ يحلم بالإقتران بحبيبتهِ ، بعد تجهيز غُرفة متواضعة في دارهِ المُستأجرة أصلاً ... ثلاث سنين ، وهو يقتنص فُرص العمل يومَين أو ثلاثة في الأسبوع ، في أعمالٍ بسيطة مُختلفة .. لكنهُ لم يستطع تجهيز غرفته الحُلم ، ولم يستطع التقدُم لخُطبة حبيبتهِ .. التي إضطرتْ للزواج بآخَر ! .
( س . أ ) الذي ما زالَ في مُقتبَل العُمر ، كانَ يرى ويسمع ، يومياً ، عن الفساد والسرقات والنهب الجاري ، في كُل مفاصل الأقليم .. يحسُ باللاعدالةِ المتناهية وسوء توزيع الثروة ، والتبذير المُفرِط الذي يُمارسهُ الطفيليون المُسيطرون على مقاليد الأمور ...
سُدَتْ الأبواب في وجههِ .. فما العمل ؟ .. رُبما في بُلدان أخرى ، ومُجتمعات أكثر وعياً ... يلجأ أمثال ( س . أ ) الى التجمُع في منظمات أو حركات شعبية ، ومُمارسة الضغط على الحكومة من خلال نشاطاتٍ مُستمرة ومُنظَمة ، للحَد من الفساد والحصول على حقوقهم ، في العيش والكرامة الإنسانية ... لكن حتى هذه النافذة ، مُغلَقة عندنا لحَد هذه اللحظة ولا سيما في منطقة دهوك .
.....................
( س . أ ) ليسَ إلا نموذج ، وهنالك الآلاف من أمثاله من الشباب . تلاشتْ أحلامهم وماتتْ أمنياتهم ووصلوا الى مرحلة اليأس .. فجمعوا مُدخراتهم المتكونة من بضعة مئات من الدولارات ، وإستدانوا بضعة مئاتٍ أخرى .. وتركوا أمهاتهم وحبيباتهم .. وسلَموا أنفسهم لمافيات التهريب ، مُتحملين كُل المخاطر والمآسي .. عّلهم يصلون الى شواطئ اوروبا .
إنقطعتْ أخبار ( س . أ ) عّني منذ أيام ، ولا أعلم هل إستطاع مغادرة شواطئ تركيا ؟.. هل نجحَ في إجتياز بحر الظُلمات ؟ هل سرقَ المهربون نقوده المتواضعة وتركوهُ في العراء ؟ .
...................
أشعرُ بالغثَيان ، حين أستمعُ الى مسؤولٍ يتكلم في التلفزيون ، بكاملِ هندامهِ الفاخر ورطانتهِ السخيفة ، مُنتقداً هجرة الشباب .
أيها الفاسد المُنافِق ، ماذا تُريد من ( س . أ ) ؟ هل تريد منهُ البقاء هنا ، والموت قهراً وغيظاَ ، وهُو يراكَ وأمثالك الفاسدين تتنعمون بكُل شئ ، وتتحدثون نفاقاً عن الوطنية والقومية ؟ وهوُ محرومٌ من كُل شئ وحتى من حقهِ في الحلم ؟
بِأسَ حكومةٍ وإدارةٍ ، لاتهتمُ بمصير أبناءها الشباب ولا بأوضاعهم ولا مُستقبلهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إذا
حسن الكوردي ( 2015 / 7 / 9 - 14:38 )
تحياتي استاذ أمين . إذا الشعب يوماً أراد الحيات ماذا يحل عليهم .!؟؟ رحمةُ الله عليك يا أبو القاسم الشابي . وشكرا لك


2 - أسمه أيضاً س
حسن الكوردي ( 2015 / 7 / 9 - 15:38 )
تحياتي مرة أخرى . الشيء بألشيء يذكَر . قبل أيام دعاني صديق الى بيته لشرب فنجان شاي وأثناء الحديث قال تعال وشاهد ابن أحد أثرياء دهوك مابعد الغزو واقف في محطة وقود تجاري رافعاً يديه مع سيارة فخمة يتباها ويقول أين أزمة الوقود واعرف هذا الشاب إنه لم يكمل دراسته ألإبتدائية والده هاجر الى أوربا قبل الغزو من العوزن وبقيَ عدة سنين يدور في دول مختلفة ولم يحصل على إقامة لأن حجته كانت ضعيفة وعاد أدراجه الى كوردستان عل نفقة ألأمم المتحدة وبعد فترة وجيزة أصبح من أثرياء دهوك . أما صاحبنا س أ الذي تعب ودرس .!؟ .شكرا لك

اخر الافلام

.. موفدة العربية ترصد تطورات التصعيد على الضاحية ومأساة النازحي


.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - ‏الأمم المتحدة تدين العدوان الإسر




.. بتوقيت مصر يناقش رفض مصر للتصعيد في المنطقة أمام الأمم المتح


.. تفاقم معاناة النازحين في لبنان




.. عشرات النازحين يفترشون الأرض في الحدائق ببيروت بعد أن فروا م