الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آية...لكل مناسبة

وسام يوسف

2015 / 7 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



اذكر عندما كنت في العراق كان هناك عادة استخدام ايات قرآنية في المناسبات المهمة لدى المسلمين : مثل آية "كل نفس ذائقة الموت" عند نعي احد الاشخاص او "من آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا" التي كانت تتصدر بطاقات دعوات الزفاف ...وهذا شيء طبيعي ويليق بهذه المناسبات بلا جدال ، وعندما بدأت الحرب العراقية الايرانية كانت بيانات القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية تبدأ كالعادة بالبسملة ....ثم ننصت لنسمع ان كانت هناك آية قرآنية في البداية ،فاذا لم يتضمن البيان آية فذلك كان يعني في العادة انه لا توجد عمليات عسكرية مهمة في الجبهة، لكن اذا كان هناك آية بعد البسملة ففي الغالب سيخبرنا البيان ان هناك هجوما كبيرا من الجانب الايراني في احد القواطع ، ومن منطوق الاية التي توضع في البيان كان يمكن ان نستشف مسار تلك المعارك ... فلو كانت الاية " وما رميت اذ رميت لكن الله رمى" او "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين" فمعناه ان البيان سيخبرنا ان الايرانيين تكبدوا خسائر كبيرة ، اما آيات "قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم " او " بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق " فمعناها على الاكثر ان المعارك محتدمة وان مسارها ليس في صالحنا ...ولان تلك الحرب استمرت ثمان سنوات فلم يبق آية فيها رائحة قتال الا واستخدمت مرة ومرتين وثلاث والحرب مستمرة لذا سمعت احدهم و بعد سماع بيان من بيانات القيادة العسكرية الذي ابتدأ بآية وهو يتذمر قائلا :حتى الايات خلصت وهذي الحرب ماخلصت"
و قبل بدء الحرب المجنونة التي تسبب بها الاهوج صدام باحتلاله الكويت ورفضه الانسحاب وتجمع جيوش ثلاثين دولة لحربه كانت الاية المناسبة هي "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة" وكأن تلك الاية نزلت لتبرر للطغاة المعتوهين افعالهم الجنونية وكأن الاستشهاد بالآيات سيقلب الواقع ويجعل الهذيان حقيقة ، وكانت النتيجة ما شهدناه بعد ان عصرت الفئة الكثيرة الفئة الفطيرة وسوتها شذر مذر
وبعدها في التسعينات ايام الحملة الايمانية شكل المخبول الاخر عدي مليشيات لارعاب الناس ولتنفيذ نزواته القذرة اسماهم فدائيي صدام وكانت الاية التي اختارها شعارا هي : "إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى" رغم ان هؤلاء الذين آمنوا بربهم لم يكونوا الا مجموعة من القتلة و الاشقياء وشذاذ الافاق ...ولست اشك انهم تحولوا بعد سقوط الصنم الى اعضاء في القاعدة او انضموا الى مليشيات جيش المهدي وغيرها من العصابات التي ملأت العراق وكل حسب طائفته
مناسبة هذا الحديث ما قرأته في الفيسبوك من استخدام اصحاب المهن للآيات في الدعاية لبضائعهم ، فصاحب المطعم يكتب : "كلوا من طيبات ما رزقناكم "وصاحب محل خياطة يكتب: "وكل شيء فصلناه تفصيلا" وصاحب محل حلاقة الرأس والذقن وضع آية :" وجوه يومئذ ناعمة " وصاحب تاكسي كتب على زجاج سيارته الخلفي آية "يابني اركب معنا" !!!!
آية لكل شيء ولكل موقف ، حتى قيل على سبيل النكتة ان الاجهزة الامنية في عهد صدام والتي كانت فيها شعبة خاصة لتعذيب المعتقلين وهو شيء معروف، وكانت احدى الوسائل المعروفة في انتزاع الاعترافات الحقيقية أوالكاذبة هي تعرية مؤخرة المعتقل واجلاسه على قنينة زجاجية وكان توصف من قبل العراقيين بالقول ( كعدوه على بطل)، فحتى في هذا المكان المرعب علقت آية مناسبة وهي: "اذ هم عليها قعود" !!!
بسبب ذلك يستطيع المسلمون بكل بساطة ان يجادلوا الاخرين في كل شيء لان القرآن مليء بالشيء ونقيضه بشهادة احد اهم رجالاتهم هو علي بن ابي طالب الذي قال القرآن حمال اوجه ، فمن يريد ان يكون مسالما مع الاخرين فآية" وإن جنحوا للسلم " موجودة ، ومن يريد ان يصبح ارهابيا " فحرض المؤمنين على القتال" جاهزة ، واذا اراد ان يصبح داعشي فآيات ضرب الرقاب متوفرة ، ومن يريد ان يضطهد امرأته "فاضربوهن" تحت الطلب ومن يريد ان يدعي ان الاسلام كرم المرأة سيستشهد ب"جعل بينكم مودة ورحمة" ،ومن يدعي ان الاسلام يحب المسيحيين سيشهر آية " ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى " اما اذا كان الموقف يتطلب طردهم من بيوتهم والاستيلاء عليها فان آية " لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم" تبرر لهم ارتكاب الافعال الاجرامية بتفويض الهي ... المسلمون لديهم اله مناسب ايضا لكل موقف ...اله يمكن ان يكون رؤوفا رحيما على من يعجبه وشديد العقاب على من لايعجبه ،يعز من يشاء ويذل من يشاء على المزاج ...فاذا كان الههم حمال اوجه فكيف لايكون قرآنهم كذلك ؟
وسنرى كم من المعلقين يؤمنون بما قاله قرآنهم "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن" !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نسيت آية
سمير ( 2015 / 7 / 12 - 21:57 )
مقال لطيف ولكنك نسيت آية: وان فئتان من المؤمنين... في الحقيقة كنت اتصور ان تلك الاية تتحدث عن قتال شرس بين المسلمين المؤمنين بسبب خلاف شديد حول العقيدة. تبين ان تلك الاية (نزلت) بسبب تقاتل المسلمين بالنعال بسبب رائحة بول حمار رسول الله! كلما عقد مؤتمر او جاء وسيط , والنتيجة هو اكل وشرب براس العراقيين, رددت تلك الاية. الههم هذا يهتم بكل التفاصيل في حياة المسلمين, حتى برائحة بول حمار. احترامي


2 - سوبرماركت الخرافه
فراس ( 2015 / 7 / 13 - 09:08 )
يذكرني المقال في زمن قبل الاحتلال الامريكي لافغانستان عندما طلع علينا في الجزيره ممثل الحكومه طالبان انذاك واتحفنا بسيل من الايات القرانيه التى تندد بالعدوان وتندد بمن يساعدوه من الافغان الذين يحاربون مع الامريكان وفي نفس البرنامج طلع من يمثل معارضي حكومه طالبان وفي جعبته ايات من القران تمجد وتبرر مساعده الامريكان..لقد كانا الاثنان يغرادان بلا انقطاع ويوعدون جماعتهم بالنصر والشهاده..والله ناصرهم..مع الاسف عقول المتدينين كلها اصابها فيروس الخرافه