الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المناهج التربوية ومادة المواطنة والسلم الأهلي

زيد كامل الكوار

2015 / 7 / 15
المجتمع المدني


أظهرت السنوات الأخيرة من عمر العراق تراجعا ملحوظا في مستوى الشعور بالمواطنة لدى المواطن العراقي وخصوصا فئة الشباب ، وهذه الظاهرة تؤشر حالة مرضية خطرة قد تؤدي إذا لم يتم علاجها وتجاوزها إلى نتائج سلبية تتفاقم تدريجيا في المجتمع حتى تصل إلى مداها الأخطر ونهايتها المؤسفة الحرجة التي تتمثل في انفصام الرابط بين المواطن والأرض فيصبح الوطن مجرد مؤسسة أو مكان يستغل لأغراض الانتفاع منه ماديا من دون القيمة المعنوية للوطن الأمر الذي ينهي الرابط التاريخي والجغرافي للأرض وتراثها أو تاريخها ، فالكثير من الشباب العراقي اليوم ينتظر الفرصة المواتية لمغادرة العراق إلى غير رجعة حتى لو اضطر إلى اللجوء الإنساني في أي بلد يرضى أن يستقبله ، ولا شك أن لهذا الانحدار في الشعور بالمواطنة أسبابه التي قد تكون منطقية ومشروعة عند الكثير منهم بحسب محتواه الثقافي ومستواه العلمي والتقني ، وبحسب وضعه وظروفه الاجتماعية والنفسية والأمنية . فكلنا يعلم أن هناك حالات إنسانية كارثية قاسية حدثت في المجتمع العراقي إبان السنوات الماضية تدمي القلوب من حيث بشاعتها وإمعانها في القسوة ، فالشاب الذي فقد عائلته بأكملها من الأب والأم والأشقاء والشقيقات في حادث عنفي إجرامي طالهم في عقر دارهم ، ما ترك الشاب ينتظر بتوجس وحذر وخوف دوره في التصفية التي لا يعلم سببها ولا موجبها ولا الذنب الذي جنته عائلته ، إلا السرقة والتطهير الطائفي الذي يخطر بباله سببا في الحادثة ، وهناك فئات أخرى من الشباب الذين لم يتمكنوا من مواكبة الركب الدراسي الذي كان فيه فتخلف عنه نتيجة أسباب عديدة قد تكون مادية أو أمنية أو صحية حتى ، فاليأس من المستقبل الواعد نتيجة الظروف الشاذة التي لازمت العراق منذ بداية التسعينات حتى يوم الناس هذا، تركت عند الكثير من الشباب الذين تعثرت مسيرتهم الدراسية نتيجة ما أسلفنا من أسباب وغيرها مما لم نذكر ، وتولد هذا اليأس ترك الشباب في دوامة الأمل في فرصة أخرى يتمكن من خلالها إعادة برمجة حياته لبناء مستقبل أفضل . وربما يكمن الخلل أيضا في نقص التحصين الذاتي للشباب ضد التأثيرات الخارجية المؤثرة طبيعية كانت أم مصنوعة بفعل فاعل، ولا شك أن التوتر الأمني والاجتماعي الحاصل في العراق في العقد الأخير ترك آثاره السلبية على الشباب الذي يريد أن يتحرك بحرية أكبر غير محدد بتحفظات ومحددات أمنية ومادية موضوعية ، فأصبح نتيجة هذا الوضع الشاذ يفكر بجدية في ترك البلد والهجرة إلى الخارج لا سيما أنه يودع بين الحين والآخر بعض أصدقائه المهاجرين .
والحل السليم لهذه المشكلة الحساسة، هو إزالة أسبابها فالتثقيف باتجاه توطيد السلم الأهلي في البلد من أهم العوامل المساعدة على تحقيق المصالحة الوطنية المنشودة المبنية على أساس سليم متين، ويجب أن يكون بناء هذه الثقافة على أسس سليمة أيضا حيث يقتضي إدخال مادة في المناهج التربوية في المدارس تدرس مادة السلم الأهلي والمواطنة السليمة وأهمية المصالحة الوطنية، على أن يتولى تدريسها مدرسون باختصاص علم الاجتماع يعدون إعدادا سليما على أن تكون هذه المادة مادة ثانوية أو كمالية بل تكون مادة أساسية تأخذ من الاهتمام بتدريسها ما تستحقه كما يجري الاهتمام بدراسة المواد العلمية مثل الرياضيات أو اللغة الإنكليزية، ليتعلم هذا الجيل فوائد وإيجابيات الوئام والوحدة والمحبة والتعايش السلمي ويتعلم حب الوطن كي ما يستطيع التنبه إلى المخططات المشبوهة التي يراد للعراق الانجراف إلى تنفيذها خدمة لأعداء البلد والشعب معا، ويجب أن يتم ترسيخ مبادئ المواطنة الصالحة والسلم الأهلي بالتدريس والتثقيف لكي يعلم قدسية وأهمية علاقة المواطن بأرضه وشعبه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع


.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة




.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون


.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر




.. كل يوم - خالد أبو بكر: الغذاء ينفد والوقود يتضاءل -المجاعة س