الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الموت في الاسلام: تسونامي .. كاترينا .. ريتا .. و زلزال باكستان

ابراهيم القبطي

2005 / 10 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بعد أن وقعت الكارثة الطبيعية من اعصار تسونامي الذي سببه زلزال في أعماق المحيط الهندي في 26 ديسمبر2004 و حصدت مئات الآلاف من الأرواح ، تكاتفت عشرات الدول لمساعدة ضحايا الزلزال ، و لم نسمع عن أي من الكهنة أو الأساقفة ، أو المسحيين حتى المتعصب منهم ، من البروتستانت أو الكاثوليك أو الأرثوذكس أي نبرة شماتة بالغالبية العظمى من المسلمين المتضررين بالكارثة في الهند و سيريلانكا و أندونسيا ، و لم يكن من الممكن أن نرى جثث الأطفال و بكاء الآباء ، و صور الجرحى دون أن تتمزق قلوبنا ، و لم يكن يخطر على بال أحد أن يفكر أن هذا الطفل أو تلك المرأة الثكلى مسيحية أو بوذية أو هندوسية أو مسلمة أو من عبدة الأوثان ، ففي الكارثة و من جحيم الموقف تتلاشى الفروق الطائفية و الدينية ليظهر الإنسان ، فقط الإنسان.
و لعله من الجدير بالذكر ما قاله الكاتب مصطفى بكري في جريدة الاسبوع (3/1/2005 ، العدد 407) ليكمل تفاصيل نظرية المؤامرة:
" وعلي الرغم من أنه لم يثبت حتي الآن، أن هناك تجربة نووية سرية أطلقتها الهند و إسرائيل هي التي تسببت في الزلزال المدمر.. إلا أن هناك ثمة شواهد في أن التجارب النووية الأخيرة وتبادل الخبراء النوويين بين الهند و إسرائيل بالإضافة إلي الضغط الأمريكي علي باكستان عبر إمداد الهند بتكنولوجيا نووية حديثة ومتقدمة في محاولة لوقف نشاط باكستان في التعاون مع الدول الآسيوية والإسلامية في النشاط النووي.. كل ذلك يمثل علامة استفهام كبري في أسباب زلزال اسيا العنيف"
http://www.elosboa.com/elosboa/issues/407/0402.asp
فكان تفسيره المنطقي كمثال لكاتب مسلم مستنير أن أمريكا و أسرائيل هما المتأمرتان في اعصار تسونامي و ذلك للهروب من نظرية الغضب الإلهى.
***
ولكن المظهر أختلف عندما ضرب اعصار كاترينا الولايات المتحدة الأمريكية بداية من 28 أغسطس 2005، فوجئنا بالمظاهر التالية في العالم الإسلامي:
1) خرج الشيخ عبد الجليل القاروري من السودان في خطبة الجمعة بتاريخ (2/9/2005): ليؤكد أن هذه الكارثة كانت بسبب لعنة اليهود ، فالقرآن يؤكد على أن اليهود ملعونون ، وبوجودهم في أمريكا قد لعنوا أمريكا.
2) تبع ذلك الشيخ خروج الشيخ أحمد الكبيسي العراقي من قناة دبي بتاريخ (4/9/2005): ليؤكد أن الله يستعمل هذه الكوارث ليعاقب الدول الطاغية من أمثال الولايات المتحدة الأمريكية.
3) ثم يتبعه الشيخ رياض صالح زعيم الحركة الاسلامية في فلسطين بتاريخ (18/9/2005): ليؤكد أن جرائم بوش في العراق و أفغانستان قد جلبت على الشعب الأمريكي اعصار كاترينا
4) و أخيرا يظهر على الأنترنت تسجيل للقاعدة تحت مسمى "صوت الخلافة" في شهر سبتمبر 2005، يذكر فيه أن اعصار كاترينا هو جندي من جنود الله ، لا يستطيع بوش و أمريكا بكل طغيانها أن تقف في وجهه.
و على الرغم من ظهور بعض المشايخ الذين يظهرون بعض اللاشماتة ، و اللاتعليق .. إلا أن البعد الانساني قد تلاشى تماما من الاعلام العربي و الاسلامي.
و بعد ذلك ظهر في الأفق اعصار ريتا في 24/9/2005 ليضرب تقريبا نفس الأماكن التي أصابها الاعصار كاترينا و خصوصا سواحل تكساس ، و بالتأكيد مازال النبض في الشارع العربي و الاسلامي يؤكد على أن هذه الاعاصير هي ضربات رب الاسلام على الكفار و المشريكين من أهل الكتاب عباد الصليب .وهنا تطرق ذهني العديد من الأسئلة:
*ما هو التفسير الاسلامي لأعصار تسونامي الذي قتل مئات الآلاف من المسلمين ، و ما التفسير الاسلامي للزلزال الذي ضرب أجزاء من باكستان و كشمير بتاريخ 9/10/2005 قاتلا حتى الآن آلاف من المسلمين ؟
*ما هو حجم مساهمة المملكة العربية السعودية و ايران لمتضرري تسونامي ؟ و ماهو حجم المساعدة المتوقعة منهم لشقيقتهم في الاسلام باكستان؟ و ذلك بالمقارنة بالمساعدات التي تبرعت بها الدول الغربية و أولها أمريكا.
*متى يمكن أن نرى نظرة أكثر انسانية؟ وأن نكف عن الزج بالقوة الإلهية في كل مصائبنا ، فإذا أصابت من نكره فهو عقاب إلهي ، و إذا أصابتنا نحن فهي ابتلاء من رب الكون ، و "المؤمن مصاب".
لا أستطيع أن أمنع نفسي من المقارنة بين الثقافة الإسلامية عموما و بين الكنيسة الكاثوليكية في العصور الوسطى ، فعندما كانت الأوبئة و الكوارث تحصد الآلاف في أوربا في العصور الوسطى ، لم تكن الكنيسة الكاثوليكية تملك كلمات التعزية بل اللعنة ، و لغة العقاب الإلهي ، و على الرغم من أن هذه المرحلة المنحدرة من تاريخ المسيحية ، فإنها لا ترقى إلى بقية التاريخ المسيحي قديما و حديثا ، شرقا و غربا ، المطعم بآلاف من حالات اللمسة الإنسانية و الحب و التعاطف مع الآخر مؤكدين على أن المسيح الإله المصلوب لا يستطيع إلا أن يعين المتألمين "لأنه في ما هو (المسيح) قد تألم مجربا يقدر أن يعين المجربين" (عبرانين 2: 18) ، و عفوا لا أستطيع أن أجد ما يقابل هذه اللمسة الإنسانية في الثقافة الاسلامية و التي يؤكد فيها محمد بأنه لم يؤمر إلا بقتال الناس جميعا حتى يسلموا و يعصموا مالهم و دمائهم من قبضته:
‏"حدثنا ‏ ‏أبو اليمان ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏شعيب ‏ ‏عن ‏ ‏الزهري ‏ ‏حدثنا ‏ ‏سعيد بن المسيب ‏ ‏أن ‏ ‏أبا هريرة ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏قال ‏
‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏‏ أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني نفسه وماله إلا بحقه وحسابه على الله ‏
‏رواه ‏ ‏عمر ‏ ‏وابن عمر ‏ ‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم" (البخاري 2727)
والناس على دين أنبيائهم ، ومن ثقافة الموت لا يمكن أن تخرج حياة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الناخبون العرب واليهود.. هل يغيرون نتيجة الانتخابات الآميركي


.. الرياض تستضيف اجتماعا لدعم حل الدولتين وتعلن عن قمة عربية إس




.. إقامة حفل تخريج لجنود الاحتلال عند حائط البراق بمحيط المسجد


.. 119-Al-Aanaam




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تكبح قدرات الاحتلال