الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقاش مع إسلامي وسطي معتدل .

حمدي غزال

2015 / 7 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



جلستُ في مقهى الحيّ ،وحيداً كعادتي في ساعة متأخرة من الليل ،أترشّف قهوتي السادة و أتلذّذ بالإستماع إلى الصوت العجائبي لأم كلثوم الذي دأب صاحب المقهى ونادله ،خرّيج الجامعة، على وضع شريطها الموسيقي أخر الليل و توديع حرفائهما في تمتمةٍ و سلطنةٍ تامّة مع كلماتها و أنغامها.داخل المقهى و على غير العادة جلس أمامي شابان في عمر العشرين أو أكثر بسنة أو سنتين على أقصى تقدير . وجهيهما غير مألوفين، و هيئتيهما باللّحية المعفاة و القميص الأفغاني جعلتهما في ذهني أقرب لصورة توابع الدرويش رضا بلحاج الذي يقطن في مقربةً منّي و يتردّد مريدوه واتباعه زرافاتٍ و أفراداً على المقهى بعد إنتهاء صلاة التراويح ليتجمّعوا حلقاتٍ حلقاتْ لتلقين بعض الظّالين من شباب الحي دروساً حول عذابات القبر و النار و إبتلاأت الدّنيا و طريقة هدي شباب المسلمين إلى الدّين و منهج الخلافة.


كنت منغمساً و مسافراً في رحلة فنيةـ موسيقية مع نغم الأطلال . أدقّ بيدي على الطاولة محاولاً إقتفاء اللّحن و الوتر وأدندنُ كلمات القصيد في إنتشاء و شجون . فجأةً، تحول سمعي من مقطع أَعْطِنِي حُرِّيَّتِي أَطْلِقْ يَدَيَّا .. إِنَّنِي أَعْطَيْتُ مَا ٱ-;-سْتَبْقَيْتُ شيّا إلى حديث الطاولة الذي كان يدور أمامي بين الشابين حول بعض المشاكل الإجتماعية الراهنة التي تعانيها البلاد كالبطالة التي يكمن حلّها حسب ماجادت به عصارة تفكيرهما في وصفةٍ هلاميّة تتمثل في الكف عن إنتداب النّساء في الوظائف المهنية و الإدارية و تشغيل الرجال فقط ،فالاسلام وفق فهمهما للنص المقدس وقولهما قد كرّم المرأة بأن كفاها مشقّة العمل وكسب الرزق و ألزم الرجل بالانفاق عليها ، ثم أن الله قد أمر النساء في كتابه بالمكوث فى المنازل وعدم الخروج من البيت.
على قدر عدم استغرابي من نظرة التمييز و الدونية للمرأة في خطابهما فإنّ شرعنة إذلالها إستدلالاً بالقرآن استفزّتني حقاً . هجت ومجت إنفعالاً في داخلي ، هدّأت من روعي . أردتُ الدخول معهم في نقاش عسى أنّ إفهامهم سيقوّم ويصحّح ويصوّب بعضًا من الرؤى والأحكام المقلوبة لديهم الناتجة عن جهل .
عدلتُ عن التدخل و بي رغبةٌ أن أسمعهم أقذع النّعوت التي تليق بمقامهم السّافل .
قلبتُ الكرسي .غيّرتُ اتجاهه نحو التلفاز . طلبتُ قهوةً ثانية . ترشّفت القليل منها ،خالجتني عدّة اسئلة واستفهامات في ذهني حول سرعة سريان هذا الفكر الدينيّ المتعصّب و سهولة تسربّه في عقول الشباب المهمش و حتى الجامعي و عن قصور المدرسة والمنظومة التربوية في تحصين المجتمع و في حماية الشخصية التونسية من دعوات التزمت والانغلاق .إلتفتُّ ورائي مرة أخرى .لمحتُهما في نقاش متواصل لكن لم يعد صدى صوتيهما يصِلُني . أعدتُ كرسيّ إلى مكانه الأول من جديد علّي استرق القليل من حديث جهابذة التعصّب .أيقنتُ أن حديثهما حول المرأة قد إنتهى و انّهما قد فتحا صفحة جديدة من النقاش حول فقه الحدود فى الإسلام كالزنى و شرب الخمر والسرقة و مشروعيّة احكامهم.
لم أستطع أن أتحكّم في حقدي الفكري على الكهنوت الديني وعلى الجهلة الناطقين بإسمه .أدرتُ كرسيّ تجاه طاولتهما . قاطعتهما قائلاً : سمعتكما تتحدثّان عن بعض الأحكام الشرعيّة في الإسلام أردت منكما إستفساراً بسيطاً و سؤالاً لا غير ٬-;-علّكما تُريحا قلبي و تُطَمئنا عقلي في الإجابة عليه .

_أنا_ : هل تؤيّدان ما تقوم به داعش من إرهاب وحشي وإجرام في حقّ الشعوب و الإنسانية من قتل و سبي و تدمير ؟

_هما_ : طبعاً لا. داعش لا تمثّل الإسلام . أسائت كثيرا للمسلمين وشوهّت صورتهم في العالم وربطتهم بالعنف و القتل .داعش متشدّدة جدّا

_أنا _ : جّيد جدّا .أفهم إذن أنّكما دعاة وسطيّة و إعتدال ٬-;- لكن هل أنتما مع حدّ السرقة اليوم؟

_هما_ : طبعاً .حدّ السرقة حكمٌ ثابت في الشريعة الإسلامية فإستئصال اليد السرقة منعٌ لانتشار الفساد والفوضى

رعشةٌ إنتابتني حينها لم أعرف سببها .كلّ ما أعرفه أنّها ليست رعشة خوف ، ربّما استعسر عليّا فكرياً هضم تلك الإجابة ٬-;- أو أنّي لم أستسغ كيف لعقل تونسيٍ صرف ،نشأ و ترعرع على هذه الأرض أن يفكّر بهاته البلاهة. أردفت سؤال أخر لهما .
وهل أنتما مع رجم الزّانية ؟

_هما _ : حدّ الزنا حكم ثابت في الشّريعة و إن الله تعالى حرّم الزنا وغلّظ عقوبته
_أنا _ : لكن هل أنتما مع قتل المرتد و الكفّار ؟

_هما _: طبعاً . المرتّد يُستتاب قبل قتله ويُطلب منه الرّجوع إلى الإسلام قبل إعدامه، فإن أصرّ على كُفره قُتل حدّاً،فمن اعتنق الإسلام ثم كَفر به فقد ارتَكب جريمةً عظمى يستحقّ بموجبها القتل إن لم يرجع عن جريمته. لأنّه ترك الدّين الذي أوجبه على نفسه بعقده وفارق جماعة المسلمين، وهذا عبثٌ في دين الله وإفساد للمجتمع المُسلم، وأصبح المرتدُ عضواً فاسداً في جسم المجتمع المُسلم يجب بترُه حتى لا يسري فسادُه إلى بقية أعضاء المجتمع .

لا أدري هل أبكي قهرا و غيظا لحال تونس و للطّاعون الفكري الذي نخر جسدها٬-;- أم أندب واقع شبابها الموطوء تحت مطرقة التّهميش و سندان عصابات التكفير و تعليب الوعي.
_أنا_ : إذا وجب قتل الكفار وجب معه حكم أخذ الجزية .يعني أنّكما تساندان أحكام الغير مسلمين ؟

_هما _ : الجزية تجب على كل من يجب قتله مقابل الكفّ عنه وتسقط عن الكافر بإسلامه.
_أنا _ : بحيرةٍ وإستهجان شديدان . هل أنتما مع إقامة الدولة الإسلامية ؟

_هما _ : نعم ٬-;- فإقامة الخلافة واجب شرعي على المسلمين

_أنا _ : سأعيد عليكما سؤالي الأوّل : هل تؤيّدان داعش ؟

_هما _ شاخصين : كلاّ و لا. نحن دعاة إعتدال.

_أنا ـ_ : هل سمعتعما يوما بدكتور نفسيّ يُسمّى حاتم العشّاش مكتبه وسط المدينة .

_هما _ : لا .وما دخل هذا في حديثنا .و لماذا هذا الإسقاط المتداخل في النقاش؟

_ أنا _ : أنصحكما به ٬-;- مشهود له بنجاحه في معالجة المرضى بإنفصام في الشخصية أيّها المعتدلان.

_هما _ : إحترم نفسك و صن لسانك .

_أنا _: طيّب. أيري فيكما وفي القدسيّة الإلاهية التّي ألبستموها لشريعة بشريّة ايّها الحمقى السذّج . تدبرّوا القرآن و محصّوا التاريخ قبل فتح أفواهكم التي تنطق شررا.


سكتت أمّ كلثوم وإنطفأ نور المقهى و إلتحق النّادل و بعض من المارّة المستعجلين للسّحور لفضّ التلاسن الذي تطوّر لتشابك بالأيدي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لايوجد اعتدال فى الاسلام
حكيم العارف ( 2015 / 7 / 16 - 12:21 )
-----------


لاتصدق خرافه الإسلام المعتدل ... انه البرقع التي يستتر خلفه الإسلام الحقيقى (داعش / الاخوان سابقا).. والتي تنتظر الفرصه لتمارس نشاطها المعتاد من احتقار و اضطهاد و قتل وسرقة غير المسلم ...

اختبار ... اسأل اى مسلم ... هل يمكن ان تنتخب قبطى.. مسيحى رئيس للجمهوريه ..



النتيجه بالاجماع ...... تدل على مستوى الاعتدال في الإسلام..


--------------------


2 - ماهذا اللغط ؟
احمد حسن البغدادي ( 2015 / 7 / 17 - 11:28 )
تحية أستاذ حمدي غزال.

ان مشكلة معظم الكتاب المسلمين هي انهم لايعرفون حقيقة الاسلام، ويعبرون عن الاسلام بانه دين سلام وتسامح وان نبي الاسلام هو نبي الرحمة، ويصدقون الاعلام الرسمي الذي وصف الاسلام بهذه الصفات على مدى القرن الماضي،
وإذا بهذه الأكذوبة تسقط مع او طلقة أطلقها الإرهابيين في أفغانستان، وتخلع كافة المظاهر الانسانية في كافة الدول الاسلامية، إبتداءً من الملبس، حيث سقطت الملابس الأوروبية، ولبس الجلباب البدوي الافغاني، الى تنفيذ الاعمال الوحشية، التي فاقت الوصف،

ان سبب انتشار الأفكار الإرهابية بين المسلمين بهذه القوة، هو بسبب قوة الحجة التي يمتلكها هؤلاء الإرهابيين من القران والحديث وسيرة محمد،
في حين ان كل مايملكه الكتاب المدافعين عن الاسلام، هي آيات قرآنية مكية، نسخها محمد بقرانه المدني، وباحاديثه وسيرته، ومثبت ذلك في المراجع الاسلامية، ولايستطيع اي شخص أنسنة الاسلام، لان الكفة تميل بقوة لصالح الاٍرهاب.
وانا انصحك أستاذ غزال، ان تتدبر انت القران، بعدها سنرى، هل ستصبح ارهابي ام تهرب من الاسلام كالغزال.

تحياتي...

اخر الافلام

.. المرشد الأعلى في إيران هو من يعين قيادة حزب الله في لبنان؟


.. 72-Al-Aanaam




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تدك قاعدة ومطار -را


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في العراق تنفّذ 4 عمليات ضد




.. ضحايا الاعتداءات الجنسية في الكنائس يأملون بلقاء البابا فرنس