الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجدل الثقافي الشبابي

محمد الحاج ابراهيم

2005 / 10 / 12
المجتمع المدني


بين حفظ الفكرة وتعلُّم التفكير بون شاسع،حفظ الفكرة يُشكّل نواة المطلق، والمُقدس، والاستبداد،هذا الثلاثي يُبنى على الخوف، بينما تعلُّم التفكير يُشكّل نواة النسبية، والاحترام، والديمقراطية،هذا الثلاثي يُبنى على الحريه،حفظ الفكرة يأخذ باتجاه الاستنساخ أما تعلُّم التفكير فيأخذ نحو التحليل الذي يُنتج حياة بأفضل أشكالها، وشخصية متوازنة عارفه،والعقل في القراءة الحفظية يستقبل ولايُرسل، بينما في القراءة التحليلية يستقبل ويُرسل،والعقل الحفظي تأخذه الإشاعات بينما التحليلي يعتمد التوثيق .
أزمة الوعي في تاريخنا بدأت بآلية الحفظ، لذلك أنتجت المُقدّس الذي كانت مجتمعاتنا ضحيته،لأنها لم تقترب من النواة الأساسية لتشكيل الحياة الإنسانية السليمة المبنية على تعلُّم التفكير أي على تحليل العلاقات القائمة من اقتصادية واجتماعية وسياسية بغاية تطويرها،والمعرفة الجادة بالحقوق العامة والخاصة للفرد والمجتمع لتحقيق المواطنة المعدومة تاريخيا في واقعنا العربي.
ما دعاني لكتابة هذا الموضوع ملاحظاتي على شكل الانتماء الهلامي المؤطّر الذي يعتمده البعض من الشباب في حراكه الثقافي،بالأحرى الثقافة الفكرية السياسية، حيث لايُعتبر المثقف مثقفا حسب رأي هؤلاء إن لم يكن قد حفظ البيان الشيوعي عن ظهر قلب مع أغاني الشيخ إمام،وينسون أن الماركسية تقول لهم:أنا للإنسانية وللحياة وللتطور إياكم أن تغلقوني ففي إغلاقي تحولي إلى مذهب أي إلى الموت،أو خطابات عبد الناصر مع أغاني عبد الحليم الثورية،أو غيرها من المذاهب المتوفرة في واقعنا، أما أن يكون ناقدا مهما كان مهذبا في نقده فهو خارج المذهب الشيوعي أو القومي أو غيرها من المذاهب الفكرية والسياسية والاجتماعية التي تعتمد العصبية القبلية الحديثة القائمة على نفس الأساس بأسماء أخرى وهو الحفظ الأعمى أي تثبيت الفكرة دون أية مشاركة للعقل فيها بغاية التحليل رغم تأهيله السبري في أعماق الوعي المجتمعي،لذلك نحن العرب أنتجنا الذهن وبدوره أنتج وعينا وثقافتنا أيضا وتحديدا في القرن الأخير مع ما طرأ على العالم من تقدم.
من الملاحظ أن حالة التناحر الأيديولوجي في الذروة،رغم طرح مسألة الرأي الآخر من قبل الجميع،لذلك أرى من وجهة نظري أن المسألة صارت أخلاقية محضة، لأن قضيتنا لم تعد أيديولوجية بقدر ماهي عيش سلبي على أطرافها ،وهذا منتوج المعرفة القُدسية دينية كانت أم علمانية،لأن هذه المعرفة في هذا الوعي لها شكل الحجر الذي يوضع في العقل على حاله فيُعمي البصر ويهرس الدماغ ويسحق الحاضنة مُولّدة الجدل، وهذا حال المعرفة النصية لما تُنتجه من آلام معرفية تزرع التناحر زراعة في البيئة العدوانية، فتولّد الاقتتال النفسي الذي تُبنى عليه كل المسرحيات السياسية والأيديولوجية.
أقترح على الشباب أن يقرأ بشكل عام، وأن يُحدد خياراته السياسية على ضوء تشكُّل القناعة الثقافية العامّة لديه، وذلك من خلال العام الذي يُنتج خاصّاً مُعافى،لأن تحديد الخيار السياسي على ضوء الخاص يُنتج خياراً سياسيا مضطرباً وخاصّاً مريضاً، فبلادنا بأمس الحاجة للشباب المُعافى لتبدأ رحلتها نحو الأفضل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان


.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي




.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن


.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك




.. فشل حماية الأطفال على الإنترنت.. ميتا تخضع لتحقيقات أوروبية