الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رهانات المجتمع المدني

حميد المصباحي

2015 / 7 / 17
المجتمع المدني


1_السياق
عندما اهتدى الفكر البشري سياسيا,إلى ضرورة وجود الدولة في صيغتها المدنية,التعاقدية كبديل عن الدولة الدينية,اللاهوتية,كانت أروبا,قطعت مع مفهوم الحق الإلاهي,لتؤسس لمفهوم الحق المدني,في صيغته الوضعية,لكن سؤال ,ما هو مصدر مشروعية الدولة,طرح وجوديا و فلسفيا,فكانت الأجوبة مختلفة,إذ أكد بعض الفلاسفة ز منهم اسبينوزا,على أن غاية الدولة هي أساس مشروعيتها,,و بذلك انتشرت أفكار,تعتبر الدولة مسؤولة عن تحقيق مصالح الناس, و خدمتهم,حتى لا يعتقد الناس أنهم خدام الدولة وعبيدها,فلم يجد هيجل صيغة,لجعل الدولة غاية في ذاتها,و لكن في الوقت نفسه الإعتراف بحاجات الناس,التي لا يمكن اعتبارها المحدد الأساسي لوجود الدولة,فأبدع فكرة المجتمع المدني,كمجموع القوى الخاصة بفئات أو جماعات عليها تحقيق مصالحها و خدمة نفسها لتترك للدولة فرصة التفرغ للغايات السامية,من هنا انبعثت فكرة المجتمع المدني,و في هذا السياق نشأت تدافعات جديدة,و اختلافات مغايرة,كلها تسائل نظريا فكرة المجتمع المدني,و تفترض أن الفاعلين لهم إلمام بمثل هذه القضايا,خدمة للمجتمع المدني,بعدم الإنجرار لغايات سياسية تتجاوز الحدود المدنية و تضر بها.
2_الرهان المدني
هو كل مالا يقود لغايات سياسية,سواء كانت تمهيدا لانتخابات أو تحايلا على الفوز بها,و بذلك فالمجتمع المدني ليس عدوا للسياسة و الساسة,لكن رهاناته متجددة,فمنها الثقافي,بما هو تكثيف للمشترك في هوية,تسعى للتحرر,و التحول إلى حافز على التقدم,و تلبية الحاجات الضرورية,التي تحول دون تحقيق الحدود الدنيا للكرامة الإنسانية,شريطة أن تكون الفئات المعنية منسجمة بل مشابهة,إما مهنيا أو سوسيوثقافيا أو حتى سكنيا بحيث يتحول المكان المديني إلى أساس وحدة بين الساكنة و يمكن أن يمتد ذلك إلى الأحياء و حتى بعض البوادي,التي صار لساكناتها أنشطة مشتركة,تفرض التواصل للدفاع عنها,مما يوحي بأن المجتمع المدني في مثل هاته الحالات يقترب من النقابات أو يتشبه بها,ربما لهذه الأسباب,هناك من يعتقد بأن بعض النقابات,قد تصير منتمية للفعل المدني بدون أن تصير لها صفة المجتمع المدني.
3_الرهان السياسي
بوضوح أكثر جرأة,فإنني أزعم أن فكرة اغرامشي عن الهيمنة,التي على المجتمع المدني ممارستها,ما هي إلا خدعة يسارية,غايتها جعل المجتمع المدني في خدمة أحزاب اليسار الأروبية,و حتى غير الأروبية,فعندما تم الإعتراف بضرورة الإختيارات الديمقراطية و نبذ العنف الثوري,كان لا بد من خيار يحتوي الأفكار الثورية,و الطاقات المتحفزة للفعل,فكانت الهيمنة هي غاية المجتمع المدني,لتتحول فيما بعد إلى سيطرة سياسية من خلال الإنتخابات بدل العنف الثوري,الذي نبذته الإشتراكية الديمقراطية,و تخلصت منه,و بذلك سوف يمارس المثقف العضوي فعلا ثقافيا و إيديولوجيا ,به يمكن التمهيد للفوز في الصراعات السياسية ضد المسيطرين على الدولة ,و لكن بدون اللجوء للعمليات العنيفة,فهل هذا الفعل مدني؟أعتقد أنه يفقد مدنيته ليس بالفعل,بل بالرهان,فهو يقدم خدمة للمجتمع السياسي,وماذا يمكن أن نسمي هذه الخدمة؟فهي سياسية صفة ز غايات.
4الرهان الثقافي
يمكن للمجتمع المدني أن تكون له رهانات ثقافية,في مجتمعات ليست قارئة,أما في المجتمعات المتقدمة,فلا يمكن أن تجد فاعلا جمعويا أو مدنيا لا يقرأ و لا يواكب,و بذلك فإن الرهان الثقافي للمجتمع المدني,ينبغي استحضاره في المجتمعات المتخلفة و على رأسها العربية و المغاربية,لكن كيف تتحرك الآلية المدنية ثقافيا؟؟
إنها تعمل وفق تصورها الخاص للثقافة,حسب تركيبة جمعيات المجتمع المدني,التي غالبا ما تكون غير منسجمة مهنيا,بل منفتحة على كل الفئات,مهما كانت طبيعة المهن القادمين منها,المهم الإستعدادات و التفاهمات الحاصلة بينها,و التي سوف نخصص لها مجالا خاصا بها,بغية المقارنة بين المجتمعات المدنية الأروبية و العربية و المغاربية.
خلاصات
ينبغي التنبيه على أن مجال التفكير في مثل هاته القضايا,لا ينبغي أن تحكمه غير الرغبة في الفهم,لإحداث التأثير و تحقيق الفعالية,فكل المجالات بما فيها السياسية,تتراجع عندما يحتلها فاعلون معادون للفكر السياسي,و هو ما سوف يمتد حتى للفكر المدني,عندما نجد الفاعلين فيه يكرهون الفكر و التفكير النظري في قضايا المجتمع المدني,بما يعني أن هناك رهانات قد تزحف باتجاه فعلهم,فتعرضه لفقدان التأثير أو الإحتواء من قبل فعاليات أخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة اعتماد الجمعية العامة قرارا يدعم منح السلطة الفلسطينية


.. مشهد يوثق تكدس خيام النازحين في دير البلح بغزة




.. مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة يمزق الميثاق الأممي بأمريكا


.. بالأغلبية الساحقة.. 143 دولة تصوت بالأمم المتحدة تأييداً لعض




.. الرئيس الفلسطيني بعد التصويت بأحقية فلسطين بعضوية الأمم المت