الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صياغة الدستور : كسب او ضياع مستقبل شعب

صلاح اميدي

2015 / 7 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كان ثوماس جيفرسون اول من صاغ مصطلح (جدار الفصل بين الدولة و الكنيسة ) في رسالته المشهورة "لاتحاد دانبوري المعمدانية " في 1802 ليطمئنهم ان دستور الولايات المتحدة يحفظ حقوق كل معتنق ديني و لن يسمح ايضا بفرض دين او تحييز القانون نحو كنيسة او شريحة ضد اخرى للاسباب نفسها ..

هناك لجنة لصياغة الدستور الكوردستاني في الجنوب .
ومن افرازات العقدين الماضيين من الاستقطاب السياسي و التحزب وانعدام النظام والقانون و تفشي الفساد بجميع انواعه , هوالواقع الاليم الذي نعيشه الان..
من الامور التي كان الشعب الكوردي في غنى عنها , كان بروز الاسلام السياسي المتمثل بالحزبين الاسلاميين الكورديين ..
اللجنة تتضمن مندوبين عنهما وهم بدورهم يسعون لاقرار دستور شريعة مشابه لدستور السعودية او شريعة الطالبان- افغانستان ..

الحزبان هماالجماعة الاسلامية السلفية ذات الميول الوهابية الجهادية ,و الاتحاد الاسلامي الذي يميل الى الاخوان المسلمين الجناح الراديكالي الجهادي ..
حزبان لا يرجع تاريخهما الا الى بعد الثمانينات من القرن الماضي... الاثنان وليدا السلفية و تيار الاخوان المسلمين على التوالي وموجهان من قبل الخليج والازهر و بنفقات اموال السعودية ودول الخليج ...
اللجنة مستمرة في اللقائات و المناقشات و بالرغم من المشاكل التي تواجهها بسبب التحزب ... المرض المستعصي والعضال , هناك مشكلة تفوق المشاكل الاخرى اهمية مستقبلا, الا وهي:
من ماذا يستمد الدستور قوانينه و شرعيته ؟
من الشريعة الاسلامية ام من الشريعة الانسانية (العلمانية) ؟؟ او دستور شريعة ام دستور علماني؟

مندوبوا الحزبيين الكورديين الاسلاميين يرون ان الاحزاب الاخرى تنوي تغيير الدستور القائم من دستور شريعة اسلامية الى دستور علماني وهذا بالنسبة لهم امر مرفوض ..

العلمانيون يعرضون شعار:
"الدين لله و الوطن للجميع " ".... وأعطوا ما لقيصر لقيصر، وما لله لله"
الاسلاميون يرون هذا مجرد سفسطة كلامية ينشدها البعض ومنهم انصاف المسلمين حسب تعبيرهم اي؛ المعتدلين .. لا محل لكلام كهذا في قاموسهم الاسلامي السياسي المبني على الجهاد ..
يجاهرون انه لو فعلا حصل و اقر دستور ,غير دستور الشريعة فانهم سوف يحرضون مؤيديهم بالجهاد و قتل كل من يقف مع هذا التوجه الكافر..

لكن سواء قبلها ام لم يقبلها المسلمون فان هنالك حقيقة مفادها :
ان الدساتير والمجتمعات العلمانية هي الوحيدة التي تسير الى الامام وفي تقدم مستمر بسبب تبنيها موقف الحياد من الدين و الاعتماد على الاثباتات العلمية في ادارة جميع الامور وتؤمن بالتغيير حسب متطلبات العصر و تأمن للجميع حقوقهم المتساوية ضمن اطر القوانين المسموحة بها .. تأمن للمتدينين حقوقهم كما تأمن للملحدين حقوقهم بعدم فرض المعتقد عليهم..

ففي العلمانية لا فرق بين عربي او اعجمي الا بالعمل ..
ولكن في الاسلام الفرق هو بالتقوى!!..

ان اصرار الحزبين الاسلاميين على دستور شريعة يعني التاكيد على النهج السائد في الدول المبنية على الدين , الاسلامية منها و غير الاسلاميةا .. في حالتنا فرض الاسلام ليكون (الدين و الدولة) عند حد السيف او عند فوهات البنادق او الحبال الناسفة ..هذا امر غيرمقبول في العلمانية التي ترفض جعل المعتقد الديني اساسا لشرعنة القوانين الحياتية التي تتغيير باستمرار , و ترى ان ما كان صالحا قبل 1400-2000 سنة فان الكثير منه لا يصلح للاستهلاك في يومنا هذا, و هكذا..
ان اقرار دستور الشريعة سيؤدي الى مخاوف مستقبلية جمة و منها:

اجتماعيا
----------
--تخليق المجتمع .. اضفاء عامل الاخلاق على المجتمع الديني واللااخلاقي على المجتمع العلماني..
- اقرارعدم المساوات بين شرائح المجتمع و خاصة لغير المسلمين ,بل و هو تهديد للاقليات الغير مسلمة و الشرائح الاجتماعية الاخرى كاللادينيين و الملحدين و الغيرملتزمين دينيا .. انظر الى حقوق الشيعة في السعودية و السنة و البهائية في ايران لترى الاجحاف على اساس المعتقد.. فما بالك بالمسيحيين و اليهود ان وجدوا في هذه البلدان ..
-الاعتداء الكامل على حقوق المراة التي تهضم ضمن مواد الشريعة .. فالشريعة لا تعترف بمساواة الرجل و المراة .. تسمح بتعدد الزوجات و ليس العكس .. تسمح بزواج القاصرات .. تعطي للرجل حق الانثيين .. تعطي للرجل حق الاعتداء على المراة في حين رفضها الخضوع لاوامره المجحفة السكسية و المنزلية ..
تعطي للمسلم الحق بالزواج من مسيحية او يهودية و ليس العكس .. تؤكد ان الفرد قد" اسلم " لو تحول من دين اخر و لكن يطبق عليه حد الردة ويحلل قطع راسه في حالة العكس..
-تعميم و فرض المظاهر الدينية على الحياة اليومية للمجتمع , فرض الحجاب و تعميم الصيام في رمضان و منع النوادي و المقاهي و اماكن الترفيه , و منع الاحتفالات بالاعياد الاجتماعية و تحريم احتفالات ايام الميلاد غير المولد النبوي و عيد الحب و الام و الاب و العمال و غيرها بنظرهم ممارسات وثنية تستوجب العقوبة وغيرها كثير .
تربويا
-------
-فرض مواد التربية الدينية في المدارس في حين تتجه جميع الامم المتقدمة لازالتها من المواد المدرسية بسبب عدم جدواها في الحياة اليومية ..
-منع تعليم المواد المتعلقة بتعارض العلم مع الدين .. علوم البايولوجيا و الفلك و نظريات التطور والمادة وغيرها..
سياسيا :
-----------
-سوف تتكون حالة انحياز و من المستبعد التعامل و اقامة علاقات مع دول اخرى بناءا على الاختلاف في الدين ..السعودية - اسرائيل -ايران مثلا ..
-لا تعترف الشريعة الاسلامية بالحقوق القومية و تقرير مصير الشعوب بل فقط بتقرير مصير الاشخاص و قتلهم ان رفضوا الصلاة و الصوم و لم يستجيبوا لدعوة الجهاد .. لا تعترف الاحزاب الاسلامية بالسيادة الوطنية و الدفاع عن سيادة الدولة و الشيء الوحيد في نظرهم يستوجب الدفاع عنه هو الدين و الجهاد.. لحد الان لم تكفر "داعش" اية مرجعية سنية رئيسية لانه بنظرهم من الملة ..
اقتصاديا :
----------
هناك علاقية عكسية بين تدين الدولة و ازدهارها و مستوى المعيشة فيها و العكس صحيح للمجتمع العلماني .. السبب يرحع الى فصل السلطات و فرض القانون بالتساوي على الجميع و الانفتاح على كل ما من شانه السير بالفرد و المجتمع للامام بغض النظر عن تعارضه مع الدين ..
ان اقرار دستور شريعة و سيطرة عنصر الدين على مرافق الحياة سوف يؤدي الى تدهور الاقتصاد و تقليص فرص العمل.. انظر الى قطاع السياحة في السعودية .. ! ..
سوف يؤدي الى التاثير على اختيار المشاريع التجارية بما لا تتعارض مع الشريعة ... الشركات الاجنبية لا تنجذب الى اماكن عمل هناك فيه حالة تزمت ديني قد يؤثر على مجرى اعمالها او تعرضها للخطر ..

ان انتخاب الكلمات و المصطلحات لهي في غاية من الاهمية في وضع و صياغة الدستور.. فان كانت الشريعة المصدر الوحيد لسن القوانين فهذا يمثل تقهقرا كبيرا و معرقلا اجتماعيا مستقليا للانفتاح على المجتمعات الاخرى المتمدنة .. يجب تجنب المصطلحات المبهمة و الخطرة , " ازدراء الاديان" مثلا , لان اي نقاش للدين يعتبر ازدراءا بنظرهم و يترتب عليه عقوبة ,كما يحصل في بلدان كمصر و تونس و الاردن واما دول السعودية واليمن و الصومال مثلا فالامر اخطر من ذلك ..اما لو صاغ بان الشريعة تمثل احد المصادر فهذا يفسح المجال لسن قوانين مدنية مستقبلية بحسب التطورالاجتماعي و متطلبات الحياة المعاصرة ..
واللي اوله شرط اخره نور ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah