الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نسبية الزمكان

محمد مسافير

2015 / 7 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الكون خالٍ من التنظيم الذي يزعمون، بل إنه يعرف فوضى تقبض الأنفاس، المجرات تتناحر فيما بينها، تأكل بعضها البعض، الكبرى تمتص الصغرى حتى تذوب في أحشائها، والغريب في كل ذلك، أن هذا يحدث بشكل خاطف، يحدث في زمن قياسي، لكن... اعتبارا فقط للقياس الزمني الكوني.
هنا تظهر نسبية الزمن بكل تجلياتها، بل يتضح ارتباطها العميق بالمادة والمكان، إذ أن القياس الكوني للزمن يظهر تخبطا سريعا في الفضاء، إلا أن هذا لا يحدث إلا بشكل متناهي البطء اعتبارا لقياسنا، ويرجع ذلك إلى أسباب تتعلق عموما بحجم مجرتننا وسط الملايير من الأخريات، وبحجم كوكبنا وسط الملايير من كواكب مجرتنا، وحجم أفرادنا وسط الملايير من البشر.
إننا كائنات مجهرية جدا في القياس الكوني للمكان، وبما أن الأمر يتعلق بنا أنفسنا، فنحن لا نحس ذلك، ويسري الأمر كذلك بالنسبة للزمن، فسرعتها المتناهية تتحول إلى بطء في مجال إدراكنا، ولأن الزمن يرتبط بالحركة، فإننا ندركه بطيئا، لكن الحقيقة الكونية تقول إن المجرات تأكل بعضها بسرعة متناهية، أي أن عمر مجرتنا كلها قصير جدا، وبناء عليه، فإن عمر الكرة الأرضية ليس أكثر من رمشة عين، وإن عمر الإنسان يكاد يتلاشى في القياس الكوني.
إن الزمن يمتد كلما اتجهنا نحو الأحجام الصغيرة، ويتقلص كلما صوبنا أنظارنا نحو المجرات، كما أن العالم المتناهي الصغر، الذي تجسده حركة الأيونات والإليكترونات والذرات، والذي تبدوا للناظر فيها عبر المجهر، كما لو أنها تسلك حركة عادية، إنما هي في الحقيقة تعيش بطء عميقا يعجز إدراكنا عن استيعابه.
إن هذه النظرة التي تبدوا مشوشة، هي واقعنا الكوني الحقيقي، إننا كبشر لا نساوي شيئا في هذا الكون الضخم، وإن توالت الاكتشافات وغزوات الفضاء، فإن عمر الكرة الأرضية القصير جدا لن يسمح لنا باكتشاف حيثيات وحقائق أخرى، وستغيب عنا إلى أبد الآبدين..
إن تقسيم العالم إلى مستوى شديد الضخامة (المجرات..)، وآخر شديد الصغر(الإليكترونات...)، وربطهما بنسبية الزمن، وذلك بعد التسليم بصحة النقاط الثلاث التالية:
- إن المادة أزلية وخالدة.
- إن العالم الكبير لا متناهي الكبر.
- إن العالم الصغير لا متناهي الصغر.
يتيح لنا التسليم كذلك بـأن:
- إمكانية تكرار نفس الظروف التي أنشأت الكرة الأرضية هي واردة ملايير المرات.
- يمكن لهذا أن يحصل في الماضي البعيد، وأن يتكرر في المستقبل اللامتناهي.
- هذه الإمكانية تشمل العالم الكبير والصغير على حد سواء، لأن الأحجام وكما أسلفنا ذكرا، هي أيضا نسبية.
- هذا يعني أن كل الذي يحدث الآن، قد سبق وأن حدث ملايير المرات، وسيتكرر دون شك ملايير المرات.
وخير ما نختم به مقالنا هذا، إن الحقيقة صادمة أكثر مما نتوقع.
ذو العَقلِ يَشقَى في النّعيمِ بعَقْلِهِ *** وَأخو الجَهالَةِ في الشّقاوَةِ يَنعَمُ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق الى محمد مسافير
ايدن حسين ( 2015 / 7 / 25 - 09:58 )

ادعاؤك .. ان .. الكون خالٍ من التنظيم
ساضرب لك مثلا بسيطا على وجود النظام في الكون
الشمس .. تتكون اغلبه من الهيدروجين .. التي تتحول الى الهليوم .. و يصاحب ذلك فقدان في الكتلة .. و الكتلة المفقودة هذه تتحول الى طاقة
عمر الشمس تقدر ب 4.6 مليار سنة
لماذا لم تتحول جميع ما في الشمس من هيدروجين الى هليوم بعد مرور مليارات السنين .. بل و ستستمر على نفس الوتيرة لمليارات من السنوات القادمة
الا تعني بقاء الشمس بنفس حرارته و حجمه و بعده عنا .. وجود نظام تحكم المجموعة الشمسية
لماذا لا تتحول جميع الهيدروجين الى هليوم في لمحة بصر .. لتزيد حرارة الشمس .. و تزداد حجمها لكي تبتلع جميع ما في المجموعة الشمسية
فلا يبقى هناك شيء اسمه الارض .. و لا يبقى هناك لا شك و لا يقين و لا بشر
..

اخر الافلام

.. بمشاركة نائب فرنسي.. مظاهرة حاشدة في مرسيليا الفرنسية نصرة ل


.. الدكتور خليل العناني: بايدن يعاني وما يحركه هي الحسابات الان




.. كيف يقلب الجهاز الأمني الإسرائيلي الا?علام الداخلي لصالحه؟


.. أوامر جديدة للاستخبارات البريطانية بشأن روسيا والصين وإيران




.. بن غفير: الصفقة الحالية متهور وتعني التخلي عن تدمير حماس.. و