الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوارات عن الثقافه العربيه ج 1

سامح سليمان

2015 / 7 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


س : هل الثقافه العربيه ( أدب _ فن _ فكر _ سلوك ) ثقافه عنصريه تراثيه قبليه أم إنسانيه تقدميه حداثيه ، وهل توجد علاقه بين الموروث الدينى و الثقافى و بين ما تتعرض له المنطقه العربيه من صراعات و أزمات ؟
الباحث عبد المؤمن لطفى : نستطيع تقسيم التاريخ العربى الى ثلاثة مراحل كبرى ، بالأستعانه بالنموذج الخلدوني في دورة الحضاره ، المرحلة الأولى هي مرحلة النشوء والظهور إذ في هذه المرحلة بدء العرب بالخروج من قوقعتهم الجغرافيه والاختلاط بحضارات وثقافات جديدة . تميزت أغلب هذه المرحلة بالحروب والتوسع لكن في أواخرها وبعد استقرار الدولة بدأت النخب السياسة في الأنفتاح على ثقافة وأفكار الحضارات السابقه لتكريس الدوله الجديده وتنظيمها. وقد كانت الثقافه في أولها ثقافه دينيه ساذجه تقترب جداً من مرحلة البداوه و معالم الدولة لم تتضح الا في الأواخر .
وهذا ما سيقودنا الى المرجلة الثانية حيث بدأت عملية الاهتمام بالفلسفة والعلوم والادب والفن . وقد كانت هذه المرحلة من مراحل التاريخ الاسلامي من اخصب المراحل واكثرها نضوجا وقوة إذ تنوعت التيارات الفكرية والسياسية والدينية وظهرت الترجمات الكبرى لكتب الفلسفة والعلم. واهتمت النخب الفكرية أنذاك بشتى انواع الفكر والادب. وانتشرت المكتبات . وقد كانت المدن الاكثر تحضرا وتنوعا ثقافيا ليبرالية منفتحة الى اقصى الحدود فقد كانت النساء وزيرات أو كاتبات او شاعرات او حتى نساء دين وثقافة وفكر وقد شاركن الرجال في اغلب المناصب .
كما أن الجو العام نحو الاقيات الدينية الاخرى تميز بالتسامح. لكن هذه المرحلة من التاريخ الاسلامي اتسمت ايضا بالصراع على السلطة . والاحتكاك بالاديان والفلسفات المضادة للأسلام فبرز الجدل اللاهوتي بقوه . هذا الجدل اللاهوتي في رأيي مع انتهاء فترة التدوين للسنة والذي عجل بظهور مدرسة أهل الحديث والتي بدأت تكتسح الساحة السياسة والاجتماعية أنذاك عجل بأنهاء هذه المرحلة الغنية فكريا ودينيا لصالح قوى الرجعية والظلام. فأنتصر الفكر اللاهوتي التقليدي متمثلا في الحنابلة والاشاعره ، وتم حصار المدارس العقليه والفلسفية الأخرى وبدأنا الدخول في عصور الانخطاط .
إن الادب الذي كتب في عصر النهضة الاسلامية وبدايات عصور الأنخطاط يمتلك الكثر من التنوع والبعد الإنساني ونزعة التحرر من قيود الدين والمجتمع بل هناك كتاب ومفكرون كانت لهم الجرأة في نقد الدين كالرازي الطبيب اللاديني المشهور وابن المقفع وابن الراوندي وابي العلاء المعري وعمر الخيام وابن سينا وغيرهم من المفكرين الأسلاميين .
في الناحية الاخلاقيه فقد كان هناك دعاة للتهتك والتحرر من القيود الاخلاقية الدينية وقد كتبوا في ذلك الأشعار و الكتب .
أما المدارس الصوفيه فقد تميزت بفلسفة إنسانيه رائعه إذ كان روادها من أصحاب الفكر الإنساني العالمي الجامع إذ نجد لديهم الدعوة الى وحدة الاديان وانهاء التفرقة بين البشر على اساس ديني، كما نراهم يركزون على البعد الانساني والاخلاقي في الجانب الديني على حساب أنماط التدين الطقوسيه التي اتسمت بها المدارس الفقهيه التى سادت .
لكن هذا سرعان ما تبخر تماماً بعد انتصار الأشاعره وغرق المدارس الصوفية في الدجل والسحر والشعوذة والخرافه ، فأنتشر التدين الطقوسي وتم محاصرة المرأة ومصادرة حقوقها وانتصرت الثقافة الذكورية البدوية كما أن العقل العربى أصبح عقلاً غارقاً في الميتافيزيقا.
فقد استبدل المنهج التجريبي الاستقرائي في الفروع الدينية والعلمية بعقل أرسطي لاهوتي تجريدي بعيد عن الواقع ممزوجاً بعقل أسطوري عقيم زيف الواقع وشوهه فأنتشرت الخرافة والجهل وطمس التفكير العلمي العقلاني. و أنتشر التعصب الديني وثقاقة الأقصاء ومحاصرة الفكر المخالف.
كما أن السلطة استسلمت للفكر السائد فحولت التعليم الى تعليم ديني بحت لا ينتج سوى اصحاب العمائم واللحى الطويله . ومجدت الحكم الفرداني وقيم الدكتاتورية وعمقت فلسفة القوه
و الغزو ، وإن كان الفكر العربي في أصله ممجدا لقيم القبيلة كالغزو والسطو وتمجيد روح القوة وثقافة القطيع ، لهذا فالعرب اليوم هم نتائج مرحلة الأنحطاط بكل أرثها الفكري و الديني
و الاجتماعي ، و التي أسهمت بقوه في الرجوع إلى الأعقاب ومعانقه قيم القبيلة مجدداً وتمجيد الثقافة الذكورية الابوية وسحق قيم أحترام المرأة و أحترام الحرية الفردية والفكرية والقيم الانسانيه.
فيما يخص الشق الثاني من السؤال (وهل توجد علاقه بين الموروث الدينى و الثقافى و بين ما تتعرض له المنطقه العربيه من صراعات و أزمات ؟)
أظن نعم فهناك نسبه كبيره من تأثيرات الموروث الديني و الثقافي في مفاقمة مشاكل المنطقه أضافة إلى أسباب موضوعية أخرى ، فثقافتنا العربيه (ربما يختلف من منطقة الى اخرى) تغلبت عليها قيم البداوه و أفكارها على قيم المدينه كما يقول المفكر الكبير علي الوردي. فالتعصب الديني والانغلاق الفكري والميل نحو قيم العنف واقصاء الاخر هي كلها موروثات بدوية اقتضتها الطبيعة الصحراوية القاسية التي اجبرت القبائل على العيش في تكتلات
و أعتماد قانون الغزو لضمان البقاء . أضافة الى ان الفكر اللاهوتي الديني المنتشر بشده في أوساط المتدينين يمجد الاتكاليه
الفكرية والتقليد والخضوع للفقيه ورجل الدين ، ويفسر الواقع والتاريخ تفسيرا دينياً محضاً ولا يهتم بالأسباب الطبيعيه والموضوعية للأمور، فالعقل الديني العربي عقل جزمي يدعي أمتلاك الحقيقة الكاملة ، وتكراري غير منتج لأن العقل في الفكر الديني لا دور له في الإنتاج المعرفي فهو تابع مطيع للوحي ونتائجه ، كما انه عقل منفصل تماماً عن الواقع ، ونظرته للحياة نظرة سلبية فهي نظرة تتسم بالتنكر لقيم الحياة الدنيويه ، فلسفتنا الدينية هي فلسفه أخروية كارهه لدنياها ومحتقرة لها ، بالرغم من أن العربي غارق في ملذات الحياة لكنه يفتقد للروح والديناميكا النفسيه التي تجعله إنساناً بانياً للحضاره . كل هذا أضافةً الى الأسباب السياسه المتشعبه أدت الى أنتاج واقع متأزم ومعقد. وفي رأيي فإن العقل العربي يحتاج الى أعادة تشكيل جديده و جذريه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع


.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية




.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا


.. 161-Al-Baqarah




.. 162--Al-Baqarah