الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ما لا يمكن الكشف عنه
الحسن علاج
2015 / 7 / 26الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ما لا يمكن الكشف عنــــــــــــــه
يعتبر الأدب ، شأنه شأن التحليل النفسي ، قضية ترجمة .
يتم عبورها [المسافة] باستمرار من لغة إلى أخرى ، بإنعاش تخمين لا مفر منه وأساسي ، بالصعود مرارا وتكرارا ممر قطار يسير ، على أمل العودة إلى محطة الانطلاق . وسوف تبقى دائما مسافة ، مهما كانت قصيرة بين من يتكلم وما يقوله .
جورج ـ أرثور غولدشميت
ترجمة : الحسن علاج
يتفوق الأدب على التحليل النفسي ، مثلما يتفوق عليه المريض l’analysant) ( الذي بدونه ما كانت لتقوم للتحليل النفسي قائمة . إن هامش ال" واحد " ، هو ، لحسن الحظ ، يتعذر عبوره بالنسبة لل"آخر " . إن ذلك ليس شيئا آخر سوى قضية اللغة التي يسعى التحليل النفسي إلى توضيحها على نحو تام لاسيما وأنه يرغب في أن يرى أمامه ما يوجد وراء ظهره . لا يمكن الكلام خارج اللغة . كما نعرف ذلك منذ كانط Kant) (، لا يمكن ابتكار إلا ما كان موجودا من قبل : فأنا موجود هنا ما دامت هناك لغة . مثلما كتب في المقدمة الثانية لكتاب نقد العقل الخالص ، " التجربة ذاتها هي صيغة معرفة تستلزم مسابقة الفهم ، وحيث يتوجب عليَّ افتراض القاعدة في ذاتي ، قبل أن أُمنح موضوعات بشكل قبلي ؛ ثم إن تلك القاعدة يُعبَّر عنها بتصورات قبلية ، والتي ينبغي أن تنتظم حتما وفقها كل موضوعات التجربة " .
ليس اللاشعور L’unbewusste ) (الألماني هو اللاشعور L’inconscient) (الفرنسي
لم يقل فرويد شيئا آخر ، أو على القل ، كالفيلسوف ، فهو لم يسع سوى إلى عبور ما يتعذر عبوره مع العلم أنه سوف يتم رده دائما إلى ما يتقدمه ، فرويد ذاته ، بمعنى هو ذاته ، فهو دوما ما تتخطاه تلك النقطة التي تستعصي على الانكشاف : " تختزل سبلهم . وهكذا يكشفون ما كان خفياًّ. غير أن المعقد لا يعمل سوى على الاحتجاب ، يصبح أكثر صغرا ، سوف لن يصير في النهاية أقل من ذرة غبار . بخضوع ، يتضرع البشر إلى تلك النقطة التي سوف لن تنكشف " ، كتب هانز هايني جان Hans Henny Jahn) (نوعا ما بطريقة رومانسية . يظل دائما شبر من أجل عبوره ، هذا الحد الوجيز حيث يتأرجح الخارج في الداخل : إنها مشكلة التحليل النفسي ، إنه هو الذي يقترب أكثر ، لكنه يتأرجح في الأدب و " يؤول " كافكاKafka) (.
إن المسافة القصيرة هي التي تفصل على الدوام المتغير عن وصوله ، من يتكلم وما يقوله . إن التحليل النفسي ، تماما مثل الأدب ، يرتقي ممر القطار الذي يسير على أمل العودة إلى محطة الانطلاق . كما هو الحال بالنسبة لللاشعور ، الحاضر دائما والذي ، مثله مثل ال"نومن nouméne) ("، لا وجود له إطلاقا . علاوة على ذلك ، هاهو ، ذلك الللاشعور البائس ، يتغير من لغة لأخرى ، محايد واسم مفعول بالألمانية مثل أرض بائرة ، يصبح مذكراً واسم فاعل بالفرنسية ، ينفعل في هذه اللغة ، ويفعَل في اللغة الأخرى . تعالوا لاكتشافه . فهذا ما يجعل التحليل النفسي ، تماما مثل الأدب ، منذورا للترجمة ، إنها ال"قاعدة " المطلقة التي يخضع لها . فبين اللغتين ، الألمانية والفرنسية ، تنفتح هوة يتعذر عبورها وهو ما يجعل أساسا من كل لغة غير قابلة للاختزال إلى لغة أخرى حيث تقولان نفس الشيء . فبين اللغات يركض ذلك الهامش المؤسس والأخرس ، منذ ذلك الوقت ، حيث تتأرجح الواحدة في الأخرى دون أن تتمكن من اللحاق بها : شأنه في ذلك شأن الأدب ، يكون التحليل النفسي مجبرا على عبور ذلك من خلال التعبير الأدبي ، لاسيما وأن توماس مان Thomas Mann) (، الذي لا يجيد اللغة الألمانية كثيرا ، يعتبر فرويد مثل معلم للغة الألمانية في خطاب ألقاه سنة 1936 على شرفه ، تحت عنوان ، ولن يكون ذلك محض صدفة ، " فرويد والمستقبل " .
حاول التحليل النفسي عبثا ، وقد كان مكرها على اللجوء إلى شخص ما يستخدم اللغة الأخرى ما أمكنه ذلك (بطريقة أدبية تقريبا ) من أجل ترجمة ما يقوله . يكون التحليل النفسي ، مقدما ، مفخخا من خلال وُسطائه ، فهو لم يكن ليوجد بدون لغة يعبر من خلالها ، في حالة اللغة الألمانية تحديدا ، اللغة التي ليست هي لغة ألمانيا ، بل لغة جزء كبير من أوروبا الوسطى .
لا يمكن تصور التحليل النفسي بدون ترجمته من الألمانية (فرويد) ، وخاصة أنه هو ذاته ، تماما مثل الأدب ، هو ترجمة . يتم العبور من لغة لأخرى . إنه بالأساس عبور ، انتقال . نحن نعرف ما الذي يفضي إليه ذلك . فهو [التحليل النفسي ] ابتكار للغة أكثر قدَماً ترغب في " تقديم معنىً أكثر وضوحا لكلمات القبيلة" ثم الالتجاء إلى الأكثر بساطة ." wo Es war soll Ich werden " وبالإمكان كتابة ذلك على هذا النحو" wo es war , soll ich werden " . يتشيد التحليل النفسي على تلك الصيغة البسيطة ، ببساطة مدهشة ودائمة ، لكنها تصمد في وجه الترجمة في حين أنها تمرر المعنى : فحيثما كان الهو يجب موضعة الأنا .
لا وجود إلا لما هو تقريبي ، والحال أنه بفضله يتحقق ذلك . كل شيء يرتكز على ترجمات خاطئة على وجه التقريب ، ومهما يكن فإن الكلام يمرر . يعبر التحليل النفسي عن نفسه بطريقة أدبية ؛ كل شيء ، وهذا هو معنى الواحد والاخر ، كل شيء بلا انقطاع يتم استئنافه من جديد . إن التحليل النفسي مثله مثل الكلام البشري لا نهائي .
ـــ
المصدر : Le Magazine Littéraire) ( يونيو 2014 عدد 544
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. صحافيو غزة بين -قتيل وجريح ومعاق ومعتقل- والباقي يعملون في ظ
.. حزب الله يعلن قصف قاعدة للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية قرب
.. موقع -والا- الإسرائيلي: -السنوار على قيد الحياة، يتواصل بورق
.. إسرائيل تواصل شن غاراتها على لبنان وصفارات الإنذار تدوي وسط
.. نزوح -صعب- من لبنان إلى سوريا بعد قصف إسرائيل الطريق الدولية