الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لهذه الأسباب، على الدولة حظر النقاب...

رشيد لبيض

2015 / 7 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قبل أيام خضت مع صديق لي نقاشا حول "قضية النقاب" في الغرب، فما كان من صديقي إلا أن أصدر حكما جاهزا استنادا على نظرية المؤامرة، فاعتبر حظر النقاب ببعض الدول الغربية من مظاهر الحرب الشرسة التي يخوضها الغرب الكافر ضد كل ما هو إسلامي.
إن هذا المنظور الذي يستند إلى نظرية المؤامرة في واقع الحال هو السائد عند فئة كبيرة من الناس، بل هو نمط تفكير مجتمع اعتاد على التهرب من المسؤولية، اعتاد على رمي اللوم على الآخرين بدل نقد الذات والبحث عن مكامن الخلل فيها. فليس أسهل من أن تخطأ وتتحجج بأن خطأك ذاك نتاج لمؤامرة تحاك ضدّك من جهات معينة، لكن إلى متى؟
أعتقد أنه آن الأوان لنجلس جلسة تأمل نرتكز فيها حول الذات الجمعية بما تحمله من رواسب ثقافية موروثة، آن الآوان لنمحص عاداتنا الماضوية الموروثة وفق معطيات الواقع الذي نعيشه، ووفق تحدياته التي تضع السيوف على رقابنا جميعا. وعن هذه التحديات أريد التركيز بالذات. فالنقاب في عصرنا هذا يطرح كتحدّ أمني بالدرجة الأولى، وهذا ما نسعى إلى بيانه بعيدا عن مسألة الحلال والحرام وعن الاختلاف الشرعي في كونه عادة اجتماعية موروثة أم واجبا شرعيا، إذ لا يهمنا هذا المستوى من النقاش الذي سال فيه مداد كثير بين المؤيدين والمعارضين، ما يهمنا هو أن نشترك فضاء عاما تتحقق فيه أدنى شروط الارتياح، أن نشكل ذواتا إنسانية لا رموزا مشفرة، ولا شك أن النقاب يتعارض مع هذا المبدأ بالذات.
إن محاولة استيعاب خطورة النقاب باعتباره حرية فردية تحيلنا على أمثلة من الواقع الذي نعيشه ونتغاضى عن التفكير فيه، إذا فلتتخليلوا معي بعض المواقف؛ تخيلوا مجرمة مبحوثا عنها تتجول في الفضاء العام بكل حرية فنقابها يحميها، بل تخيلوا مجرما يرتدي النقاب ولا أحد يستطيع كشفه فنقابه يحميه، تخيلوا طالبة دخلت لاجتياز الامتحان بدل صديقتها فنقابها يحميها، تخيلوا كيف سهل النقاب نشاط العمل الجنسي بالشقق المفروشة، حيث ترتدي عاملة الجنس نقابها وتصعد إلى الشقة لأداء خدماتها ولا أحد يستطيع اعتراض سبيلها فنقابها يحميها، تخيلوا كيف سهّل النقاب عملية التسول حيث صار باستطاعة أي امرأة أن تضع نقابا وتخرج للشارع للتسول، فمن سيكشف هويتها ونقابها يحميها، تخيلوا، بل انظروا على "اليوتوب" هذه المرة لتروا بأعينكم كم عملية سطو على المحلات التجارية والأبناك والمصارف كان سلاحها الأول هو النقاب لأنه لولاه لكان لكاميرات المراقبة كلام آخر، فحتما كان النقاب عاملا مساعدا لهؤلاء.
ولعل ما يعزز عدم صلاحية وواقعية النقاب أكثر هو الاستناد إلى بعض المساطر الإدارية، كبطاقة وطنية بها صورة لمنقبة، كرخصة سياقة، كجواز سفر...وحتى وإن قدمت صورة بدون نقاب، فكيف سيتسنى لرجال السلطة بمختلف الإدارات والمصالح -خصوصا منها ما يتعلق بالجانب الأمني- كيف سيتأكد هؤلاء من هوية هذه المرأة، إن كانت امرأة أصلا..أم أن تلك المنقبات غير معنيات بكل هذا، ربما عليهن فقط ارتداء النقاب وعلى الآخرين التفكير في الحلول...
إن ما أثرناه من خلال هذه السطور ليس إلا غيضا من فيض من سيل المشاكل والتحديات الأمنية التي يطرحها النقاب، صحيح أن النقاب حرية فردية وجزء لا يتجزأ من الحريات العامة للإنسان، لكنه في ذات الآن يناقض مبدأ الحرية، حرية الآخر في الفضاء العام الذي يشترك فيه جميع الناس، فمن حقهم أن يعرفوا من هذا المتخفي وراء ذلك النقاب..ثم عندما يتعلق الأمر بالجانب الأمني، بأمن الدولة ككل، وبمقاومة التطرف والإرهاب فإن التساهل مع النقاب يكون أقرب إلى التستر على المجرمين، خصوصا والتطرف يهدد العالم في أيامنا هذه.

الكاتب: https://www.facebook.com/rachid.sociologie.7








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - النقاب حالة شاذة على المجتمع
صباح ابراهيم ( 2015 / 7 / 26 - 18:12 )
ليس هناك تشريع ديني اسلامي او غيره يبيح استعمال النقاب للنساء ويعتبره من مظاهر التدين
انه شعار الدين السياسي السلفي المبالغ في مظاهر التدين الكاذب ،
في الخمسينات وما قبلها كان استعمال النقاب الذي يخفي حتى العينين خاص للعاهرات اللواتي يتخفين وراءه . وقد حاربه المجتمع العراقي وقضى عليه نهائيا .
اعاد النقاب والحجاب الاسلام السياسي والتدين الكاذب واتباع الاحزاب السياسية المنافقة التي تتسلق للسلطة على اكتاف الدين والنقاب والحجاب واللحى .
الوجه هو هوية الانسان ، ومن تخفي وجهها أما متخلفة للنخاع او امية جاهلة او متدينة كاذبة وغبية لا تفهم الدين بل تطبق رغبة زوجها او ابيها المتخلف او الارهابي . او تنتمي لسلك العاهرات .
حضارة البشر لا تستوجب التخفي عن المجتمع ولا تحجب عنها نور الشمس ، فلم نرَ في كل تاريخ البشرية القديمة صورا او منحوتات لنساء منقبات .
لابد على كل الدول المتحضرة منع النقاب ولو بالقوة ومعاقبة من تستخدمه بعقوبة قاسية رادعة حتى تزول تلك الظاهرة المتخلفة عن المجتمعات في كل العالم وخاصة الدول الاوربية وامريكا وتمنع المهاجرين المسلمين من استعماله بغرامة كبيرة جدا .

اخر الافلام

.. 154-Al-Baqarah


.. استقالة أول موظفة يهودية من إدارة بايدن -بسبب سياسة واشنطن م




.. المفكر د. يوسف زيدان: اجتماعاتنا في -تكوين- علنية وبيتم تصوي


.. المفكر د. يوسف زيدان: اتكلمنا عن أشكال التدين المغلوط .. وه




.. دار الإفتاء في طرابلس تدعو ل-قتال- القوات الروسية في البلاد