الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدية : ضريبة تثقل كاهل الفقراء

كاظم الحناوي

2015 / 7 / 26
المجتمع المدني


الدية : ضريبة تثقل كاهل الفقراء
كاظم الحناوي
رغم ان الدية (الدِّيَةُ : المالُ الذي يُعطَى ولِيَّ المقتول بَدَلَ نفسِه) في ظاهرها لها معان انسانية نبيلة جائت نتيجة عدم وجود قوانين واسس عصرية لبناء الدولة قام بايجادها ابناء القبائل مستندين الى الاعراف والتقاليد والعلاقات الاجتماعية التي تحكم محيط كل منها وهي تختلف بين قبيلة واخرى حسب اخر اتفاقية حدثت بين القبيلتين ويسمى (السانية) اي ما سن من قانون حيال القضية المشابهة بقيمة الدية المقدمة.
وللاسف ونحن ندخل في منتصف العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين ان البعض شوهها وحولها الى حسابات ومقاصد شخصية مباشرة اثقلت وارهقت كواهل الكثيرين حيث تحول هذا العرف القبلي الى سلاح بيد مروجي الجريمة والمشاركين في الفساد والارهاب مما ادى الى افراغه من محتواه الانساني ليصبح ضريبة تثقل كاهل الفقراء..
يعتبر العرف العشائري دافعا فعليا لافراد القبائل الكبيرة لارتكاب الجريمة، إذ ان مسؤولية العقوبة لا تقع على الفرد الذي ارتكب الجريمة بل على العشيرة او القبيلة التي ينتمي اليها المجرم وبعد هذا فان الحصة من الدية التي يدفعها المجرم في الواقع تكون تافهة...
كما ان لهذا النظام العديد من المخاطر الاجتماعية تتبلور هذه الاخطار في ان القبيلة تتكاتف في دفع الدية من قبل افرادها وكل عائلة بعدد افرادها البالغين اي الذين بلغوا 13عاما فما فوق دون تمييز بين غني وفقير مما يؤدي إلى تحميل العوائل الفقيرة بالديون وهو انتهاك لكل القوانين المدنية والجزائية وعبث بالمثل التربوية و الدينية التي تدعو الى الرفع عن كاهل الفقير ومساعدته ...
حيث اصبحت المدينة تعج بالمشاكل القبلية مما ترتب عليه ان تنظيم المدينة والامن فيها اصبح مرهونا بتأييد شيخ القبيلة. جاء هذا بعد ان عادت الروح لهذا النظام نتيجة عوامل التصدع والتفسخ الاجتماعي اواخر حكم نظام البعث في العراق وفي عهد الاحتلال ليجد الارض الصلبة الان بسبب تجزئة البلاد إلى وحدات عشائرية لكي يوجد بينهما انسجام أو تضامن لتصبح المدينة تابعة لسلطة القرية وليس العكس . مما ساعد على تقوية السياسيين الموالين للشيوخ وجعلهم تابعين لتوجيهاتهم فيصبح الشيخ أشبه ما يكون بـالمحرك خلف الكواليس..وقد كان هذا النظام ساريا في عهد الاحتلال الانكليزي الذي شرعه تحت اسم (نظام دعاوى العشائر المدنية والجزائية) الصادر في 28 تموز 1918.
ان من النتائج الخطيرة لهذه الاعراف والتقاليد انها لاتهتم بأمن الفرد مما يدفعه الى الاضطراب ويكدر صفوة ويعرقل حركته داخل المجتمع . كما تعمل تلك الاعراف على الانغلاق بحدود سلطة القبيلة والاتصال الدائم بمقر السلطة وهو هنا مضيف الشيخ ليستمد منه التعليمات ليشعر بالطمأنينة حيث تغيب مظاهر الاشراق والبهجة والتفكير في العالم من حولنا مما يجعل الفرد يعيش في نطاق محمية يكتفي بالعيش في اطارها والبقاء في قيودها واغلالها..
هنا الفقير المنتمي للقبيلة لا يشعر بالحرية ولا يستطيع تذوق الحياة لانه هدف سهل من قبل القبيلة الاخرى ولايمكنه التوسع والاستزادة في توسيع رزقه بسبب الحدود التي فرضتها القبيلة المنكوبة التي تطالب باخذ الثأر .. لذلك تغيم على حياة الفقير غيمة من العوز و الكأبة ...
ان غياب القانون وتوسيع صلاحيات شيخ القبيلة المتضاربة مع سلطة الدولة ورجال الدين تؤدي بالطبقة الفقيرة الى ان تتحكم فيها الاهواء والخرافات وتمنع النمو الثقافي المتزامن مع العالم الخارجي..كما تعمل على زيادة الايمان بالواجبات والمسؤوليات التي تلقيها القبيلة عليها ويكون الاطار القبلي مقابل الاطار القانوني الذي يضعه رجال القانون وبهذه التربية ينتشر الجهل والانانية والقضاء على قيم المواطنة والمساواة وغياب اسس بناء الشخصية الوطنية المتكاملة.مما سبق يتبين لنا جليا حجم الضريبة التي يدفعها الفقراء للدية والعرف العشائري وهم بهذا يكوون السليم ليذهب المرض عن السقيم!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاحتلال الإٍسرائيلي يلقي منشورات للسكان والنازحين بضرورة إخ


.. الشرطة الهولندية تتخفى في الكوفية الفلسطينية لاعتقال طلبة جا




.. السودان.. مركز الملك سلمان للإغاثة يشارك في علاج 600 من مرضى


.. مظاهرات في تل أبيب للمطالبة بإعادة الأسرى وإسقاط حكومة نتنيا




.. إسرائيليون يتظاهرون في تل أبيب للمطالبة بعقد صفقة تبادل أسرى