الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صناعة الاله عند ضياء الشكرجي.. 1-2

مالوم ابو رغيف

2015 / 7 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عندما كتبت المقال الاول الذي يخص مقال الاستاذ الشكرجي المعنون «أفتخر أني لست شيعيا ولا سنيا» لم اكن بذلك الوضوح الذي انا عليه الآن، لذلك قد تصورت بان ما يقصده الاستاذ الشكرجي يهدف الى خلق اسلام خال من حزازات المذاهب، فاسميت الافتخار بعدم الانتماء الى الشيعة بانه تنصلا منها( اي من الطائفة الشيعية). الآن وبعد ان كتب الاستاذ الشكرجي مقالته التي عنونها (مناقشة متأخرة لمقالة للسيد مالوم أبو رغيف عني) اتضحت الصورة اذ ان الاستاذ الشكرجي يعلن بوضوح انفصاله عن الاسلام كدين وكأله.
فهو وكما يبدو من مقالاته قد وصل الى قناعة تقترن باليقين بصحة اعتقادة الذي اسماه لاهوت التنزيه، ولاهوت التنزيه بالنسبة للسيد ضياء الشكرجي هو تنزيه الاله مما نسبته اليه الاديان والفقهاء وحتى القرآن من صفات يراها الشكرجي بانها لا تسجم مع ذاته الالهية. فالاله بالنسبة له، للشكرجي، تركيب قيمي ذاتي وصناعة شخصية. لكنه لم يبتعد كثيرا عن الدين، فقد بقي في مدار فكرة الاله، وهي نفس الفكرة عند بقية الاديان، فكرة الاله الخالق.
السيد الشكرجي اخضع الهه الى عملية ترشيق وتجميل، ابقى على كل الصفات الرائعة وشذب عنه كل الصفات التي لا يحبها ولا يعتقد انها تليق به، اي بـ الاله، مثل النقمة والعقاب والحساب ومعاقبة الخاطئين والاثمين.
وعندما يصل المتدين بغض النظر عن انتمائه الطائفي، الى مرحلة ينبذ فيها اله الجماعة ويصنع له اله ذاتيا فرديا، حتى لو كان ذلك الاله(الذاتي الفردي) في مجمله او بعضه منه مستوحيا من الاله العام، فانه لا ينسلخ من طائفة ولا من مذهب انما ينسلخ من دين.
لكن الاستاذ الشكرجي وقف دون التصريح بالخروج من الدين، فلست شيعيا ولست سنيا عبارة عامة قد قالها الكثيرون قبله وفهمها القراء بانها انتقاد موجه للمذاهب. ولكي يجعل الاستاذ الشكرجي نفسه متميزا عنهما، اي عن السنة وعن الشيعة، اضاف الافتخار، مع ان الافتخارهنا لا يعني شيئا اخر غير التباهي، وهذا التباهي قد يجد طريقه للعلن او يبقى حبيس في ذهن الانسان، فان وجد طريقها للعلن سوف يجد المتباهي نفسه مرددا ما يعتقد انه الافضل والاحسن، الافضل والاحسن الذان يميزانه عن الاخرين فيمنحانه حق الافضلية، اذ ان الصفات المشتركة لا تصلح ان تكون صفات تفضيل.
هوية اله الشكرجي في حقيقتها لا تختلف عن هوية اله المسلم اكان سنيا او شيعيا، اذ ان فكرة الاله التي اهتدى اليها الانسان كانت لتفسير الوجود بما فيها وجوده الذاتي، اما صفات الاله الاخرى حتى تلك التي ذكرها الشكرجي ونسبها اليه( الى الاله) فانها صفات ملحقة تختلف باختلاف الزمان واختلاف المكان.
الافتخار دون التصريح هو في حقيقته قناعة ذاتية، عندما لا يصرح الاستاذ الشكرجي عن ما يميز الهه الجديد او ما يجعله مختلفا فكيف للمسلم السني او الشيعي ان يدرك انه (اي الشكرجي) قد انسلخ من الاثنين، من الاسلام السني ومن الاسلام الشيعي، وكيف له ان يفتخر باله مصنوع من تصور ذاتي.. فالذات لا تصلح ان تكون مادة خلق الاله، والعقل الذي يؤكد عليه الاستاذ الشكرجي، يكتشف ويفسر ولا يصنع. قد يقول الاستاذ الشكرجي بانه اكتشف الاله ولم يصنعه، ذلك بانه امعن العقل في الالوهية فاكتشف بهاء وصفاء الاله، فنقول ان عقله استند ايضا على قاعدة الدين وليس على ناصيةالعلم. فهو لم يغادر منصة اللاهوت الديني الى منصة العلم، فتصوره للاله ليست تصورا عقليا كما يعتقد. اذ ان العقل اليوم ليس شيئا اخر غير التفسير العلمي للظواهر اكان نشؤوها او تلاشيها وفنائها.
تنطوي مقالة الافتخار للاستاذ الشكرجي بكونه ليس بالشيعي وليس بالسني على مغالطة كلامية، اذ انه يعطي الحق للسني وللشيعي بالافتخار باعتقادهما طالما يكونا غير متعصبين، مع ان الافتخار نفسه يحتوي على قدر من التعصب او التحزب، كما ان الافتخار بين المذاهب بحد ذاته احد اسباب صراع المتعصب ، اذ ان الشيعة والسنة لا يختلفان حول طبيعة الاله، انما يختلفان بافضلية الموقف الديني السياسي من الاحداث التاريخية الغابرة.
بالنسبة لنا نعتبر الشيعة والسنة معسكرين سياسين تاريخيين متنازعين حول احقية الخلافة اكان في حقبة صراع السقيفة او في حقبة حروب الامام علي ضد عائشة او ضد معاوية بن ابي سفيان. ولم يتأطر هذا الصراع بخلاف عقائدي ديني او مذهبي تعبدي. لقد بقى كذلك ايضا الى يومنا هذا اما الاختلاف في التشريع فهو ليس باصل المشكلة حتى وان اريد لها ذلك.
نشير هنا ايضا الى ان لا السنة ولا الشيعة يفتخران، انهما يتفاخران، واذا كان الافتخار نوع من التباهي في اظهار المحاسن وترك المقارنة للاخرين لاكتشاف الافضل، فان التفاخر يعني التباهي المتعصب واظهار علينا لكل المحاسن التي لا تجد عند الاخر. اما بالنسبة لصفات الله و اسماءه الحسنى، فان المسلمين متفقون حولها ، حتى انهم لا ينظرون الى اّلهه الاديان الاخرى بشكل اخر غير تلك الصورة التي يرسمونها للاله خاصتهم.
الشكرجي يعتقد ان صفات الاله تغير طبيعة اتباعه، فالرحمة والسلام والعدل المطلق والجمال والحب، تصنع نفسا متسامحة رحيمة مسالمة متصالحة. لا اعرف كم هو عمر الاستاذ الشكرجي، لكنه بالتأكيد قد تجاوز الستين، وعادة ما تنطفيء الروح الثورية عند الشيوخ ولا يبقى فيها سوى ذلك الهدوء والروية تلك التي يحتاجها الانسان عندما يكهل ويشيخ فتكون صورة الاله منجسمة مع خفوت جذوة نار الصراع او قل تعبا منه.
لذلك يميل الشكرجي الى ذكر ما يجمعه مع السنة والشيعة على الاقل بما يتعلق بصفات الاله العامة( رب العقل والصدق والحب الحرية والسلم) اي انه فضل ذكر المشترك ولم يفضل ما يود نفيه او ما يود تشذيبه وازالته من الذات الالهية، فهو لم يصرح بالسبب الحقيقي الذي دعاه الى الافتخار بانه ليس شيعيا ولا سنيا، تجنبا للصراع الذي سيدور ويعكر عليه صفوته الروحية. كما نلاحظ ايضا بانه يشير الى المذاهب ولا يشير الى الاسلام مع انه يقصد توجيه النقد للدين.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - النكوص
Abo Abdulla ( 2015 / 7 / 26 - 21:42 )
الاستاذ ضياء لم يختلف عن الاخرين الذين دخلوا العراق بعد2003 وسكنوا المنطقة الخضراء واستلموا حكم البلد وكل تصريحاته في الحوارات التلفزيونيه وبخاصه على قناة الحره كانت طائفية بامتياز كونه ينتمي للائتلاف الشيعي وكان يدافع بشده عن ائتلافه ولكنه لم يستطيع البقاء ولم يفوز برضى الاخرين من طائفته لذلك انسحب وخرج وهو بارائه من خلال كتاباته الاخيرة وخاصة من خلال عصفورة حريتي وما تلالها لا جديد فيها غير عملية نكوص لتصحيح العورات التي ارتكبها ولا اعتقد انه افلح او اضاف شي سوى هلاوس غير مفيدة تحياتياستاذ مالوم


2 - ما رأيك؟
nasha ( 2015 / 7 / 27 - 07:34 )
استاذ مالوم من بعد اذنك وبالرغم من أن االموضوع هو نقد لشخص معين لك وله كل الاحترام والتقدير.
استاذنا بما انك تملك موهبة الكتابة ولك اطلاع واسع وفكر محترم وتتجاوب مع تعليقات قرائك اطرح عليك فكرتي حول موضوع الاله ارجو ان تبدي رأيك فيها.
انا اعتقد ان لكل شخص في هذا العالم الاهه الخاص به . بمعنى ان عدد الالهة بعدد البشر.
بالضبط كما لدى كل واحد من الناس له صفاته الخاصة التي ربما تتشابه ولاكنها لا يمكن ان تتطابق مثل شكل الوجه وبصمة الاصابع ....الخ
الاله هو طريقة او برنامج التفكير عند كل انسان وهو القاعدة التي يبني عليها تفكيره .
فكرة التدين اوالالحاد مجرد تسمية لطريقة التفكير لان الالحاد هو ايمان مثل الدين تماماً وممكن جداً ان يتعصب الملحد لالحاده تماماً كما يفعل المتدين لدينه.
في رأيي الاله الناجح او الاله الجيد هو الاله النسبي المتغير اما الاله الفاشل فهو الاله المطلق الثابت الذي لا يتغير.
لا يضر من يبدل موقفه من فكر معين بل بالعكس هو دلالة على الذكاء والواقعية وتصحيح للمفاهيم .
تحياتي لك وما رأيك؟


3 - لماذا انقلب الشيخ الشكرجي على الإسلام السياسي؟
أحمد عبدالله ( 2015 / 7 / 27 - 08:37 )
أتفق مع كل ما تفضل به السيد الكاتب و الأخوان المعلق الأول والثاني. وأضيف أن السبب الرئيسي الذي جعل الشيخ ضياء الشكرجي يتحول من إسلامي متحمس إلى علماني متحمس يشن هجومه على الإسلاميين وخاصة الأحزاب االشيعية، هو خيبة أمله في عدم حصوله على منصب كبير في الحكومة. إذ كان يتوقع أن يكون وزيراً، أو نائباً برلمانياً، أو على الأقل سفيراً، ولما فشل في الحصول على أي من هذه المناصب عاد إلى بلد (الكفار) ألمانيا وراح يشن هجومه المتواصل على الأحزاب الشيعية. والآن راح يتباهى بأنه ليس شيعياً ولا سنياً.. وشكراً للسيد الكاتب أبو رغيف.


4 - كان الاستاذ الشكرجي اسلاميا متنورا
مالوم ابو رغيف ( 2015 / 7 / 27 - 11:11 )
الاخ العزيز ابو عبد الله.. اتفق معك بان مجموعة الرعيل الاول التي سيطرت على مقاليد الحكم وعلى مقاليد التشريع تتحمل مسئولية تاريخة في تدهور الامور في العراق وخاصة تلك التي ساهمت في كتابة الدستور العراقي المشوه... لكن انا لا اعتقد اطلاقا بان الاستاذ الشكرجي طائفيا، على العكس كان اسلاميا متنورا، وكنت على اطلاع بما يكتبه في صفحة كتابات الت كنت حينها انشر فيها مقالاتي ايضا. عندما التحق بالعملية السياسية انشغل في امور السياسة عن امور الكتابة فاصبح مقلا جدا، وحتى ان كتب فان الكتابات السياسية يغلب عليها الطابع الدعائي السطحي وخاصة بالنسبة للاسلاميين، ذلك انهم لا يفهمون السياسة الا انعكاسا للفكر الايماني الغيبي.
من ناحيتي لم يصادف وان شاهدت الاستاذ الشكرجي متحدثا في الفضائيات، لذلك لا اعرف اذا كانت السياسة قد اثرت عليه وطيفنته هو الاخر ايضا ام لا
تحياتي


5 - الاله الشخصي
مالوم ابو رغيف ( 2015 / 7 / 27 - 11:30 )
الاخ ناشا
تحياتي لك
ان يكون لكل شخص اله خاص فذلك حتى وان صح فانه لا يؤثر كثيرا، ذلك انك ترى الاله فقط من خلال مرآة الدين، فان كنت مسلما سيبرز لك وجه الله الاسلامي ، وان كنت المسيحيا سيبرز لك وجه المسيح، وان كل قلت اليهودية سبرز لك وجه يهوه اليهودي.ـ بمعنى الناس لا ترى الا وجه اله المجموعة المشترك.ـ
في دول الغرب وفي الدول المتقدمة، لا احد يصنع اله ولا يفكر فيه، ذلك ان احتياجات الانسان توفرها الحكومة، فان احتاج او مرض او جاع لا يذهب الى المعبد لكي يزرقه الاله، بل يذهب الى الدوائر المسؤلة لحل مشكلته.. الحلال والحرام لم يعد موجودا كعرف ديني، انما معرف اجتماعي وكعرف قانوني، فان الجهل بالقانون والجهل باداب المجتمع هو اكثر مضرة بالفرد بالاف المرات من الجهل بالاله نفسه.ـ
عدم الاعتراف باله او ما يسمى بالالحاد ليس له تبعات، هو استقرار نهائي، اما الايمان فان حالة غير مستقرة تنازعها الشكوك والظنون، وعندما يستقر المؤمن على ايمانه فانه سيصل الى حالة الغفلة


6 - الاحزاب الاسلامية والاستغفال
مالوم ابو رغيف ( 2015 / 7 / 27 - 11:42 )
الاخ عبد الله
تحياتي لك
لكن ما يكتبه الاستاذ الشكرجي عن الاسلاميين ليس تلفيقا بل حقيقة واقعة، وما يذكره يشمله ايضا فقد كان جزء لا يتجزء من حركة الاستغفال الاسلامية الواسعة بصفته عضو في حزب الدعوة.ـ
ان ما آل اليه حزب الدعوة من سرقة وحرمنة وخداع وتهريب وتخريب، يؤكد بصورة لا تطلق الشك بان هذا الحزب لم يكن الا سلما للوصول الى السلطة وان افكاره هي افكار فاسدة حتى وان غلفوها بآيات القرآن
تحياتي

اخر الافلام

.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_


.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال




.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس


.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال




.. قطب الصوفية الأبرز.. جولة في رحاب السيد البدوي بطنطا