الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المفكر والبهلوان

أحمد عصيد

2015 / 7 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قد يكون من سوء حظنا أن لنا حكومة لم تنجح في تحقيق أمالنا في النهضة والخروج من التخلف، وهو أمر لا يصدمنا لأننا تعودنا عليه منذ عقود، لكن أن يكون لنا رئيس حكومة كالذي يرتبط إسمه باسم بلدنا هذه الأيام يعدّ كارثة وطنية، ولعنة لا ندري كيف أصابتنا نحن الشعب الطيب، والبلد الآمن.
لم يسلم من عربدة رئيس حكومتنا حتى الأجانب، فقد زارنا بالمغرب مؤخرا المفكر المصري سيد محمود القمني، وكنا سعداء بلقائه والحديث إليه، لنكتشف فيما بعد على لسان رئيس حكومتنا أنه مجرد "بهلوان قادم من مصر، ويعتقد من جاء به أنه مفكر" (كذا !). وهو كلام موجه أساسا للخصوم السياسيين لحزب الرئيس، في تصفية مكشوفة لحسابات صغيرة، لا تشغل المغاربة الذين ما زالوا ينتظرون وعود الرئيس التي أمطرت جرادا وعقارب.
طبعا سيكتشف الناس أن سيد القمني ليس شيئا آخر غير ذاته، المفكر الأصيل الصادق مع نفسه ومع الناس ، كما سيكتشفون مقدار جهل رئيس حكومتنا وصفاقته وقلة ذوقه، هو الذي نحن متأكدون أنه لم يقرأ كتابا واحدا للضيف المصري، لكي يحكم عليه إن كان مفكرا أم لا.
ما قاله المفكر المصري واضح لا غبار عليه، أثبتته الوقائع المتتالية، وأكدته الأحداث المتعاقبة، بما لم يعد يدع مجالا للشك لدى العقلاء من الناس، في سياق أصبح فيه المسلمون يعيشون إحدى أحلك مراحل تاريخهم المليء بالنكسات والكوارث .
قال سيد القمني ما أكدته نخب نيرة من المفكرين على مدى القرن العشرين بكامله: أن الإسلام دين وليس دولة، ولا نظاما في الحكم، وأن إقحام الدين في السياسة أدّى ويؤدي إلى دوام الاستبداد والفساد وشيوع الفتنة والتباغض بين الناس، وأن ما ينعته كتاب تيار الإسلام السياسي بـ"العصر الذهبي" للإسلام كان سلسلة من الحروب والمذابح والفتن التي كان سببها توظيف الدين في المآرب السياسية والرغبة في تحويله إلى دولة وسلطة وغلبة، مما أدى منذ بداية تاريخ الإسلام إلى دواه لا حدّ لها ولا حصر، جعلت تاريخ الدولة الإسلامية حالة طوارئ دائمة ما زالت تلقي بظلالها على حياة المسلمين حتى اليوم.
هذا ما قاله سيد محمود القمني، ويستطيع القارئ اللبيب أن يتحقق منه بإلقاء نظرة على أمهات كتب تاريخ الإسلام وتاريخ دولة الخلافة، ليتأكد بنفسه، وليكتشف الأسباب الحقيقية التي جعلت رئيس حكومتنا يصبّ جام غضبه على المفكر المصري، الذي فضح المستور وهو يكشف عيوب "الإخوان" ومهازل منظريهم التي أضحكت العالم.
لم يقل سيد القمني ما قاله منظر حزب رئيس الحكومة السيد الريسوني، وما قاله رئيسه القرضاوي الذي بايعه حزب رئيس حكومتنا "إماما للأمة"، عندما دعيا شباب المسلمين إلى القتال في سوريا، وجعلا بلديهما يحتلان رتبة "مشرفة" في تصدير الإرهابيين، وهو ما لم يعتذرا عنه حتى الآن رغم ما آلت إليه الأمور من أوضاع مأساوية، جراء تهور فقهاء "اتحاد علماء المسلمين" وانعدام التبصر لديهم، وتفضيلهم عائدات البترول على نهضة شعوبهم.
لم يقل القمني ما قاله أحد ضيوف "حركة التوحيد والإصلاح" من الوهابيين السعوديين خلال ما سمي بـ"ربيع القيم" الذي نظم بالرباط، ونشرت الصحافة المغربية تغطية لأشغاله، عندما دعا دون أي احترام للبلد المضيف إلى التراجع عن مكتسبات المرأة المغربية في مدونة الأسرة، واعدا بتخصيص مليوني دولار ونصف لنشر "القيم الإسلامية" بالمغرب (مرحى !)، مستخفا بالخيار الديمقراطي الذي يعدّ من ثوابت الوثيقة الدستورية المغربية.
لم يقل القمني ما قاله صحفي الجزيرة، الذي شتم المغاربة ونعتهم بأقذع الصفات مبينا عن "أخلاق عالية"، والذي نشر موقع حزب المصباح غسيله الوسخ في إعلامه الرسمي باعتزاز وفخر.
لم يقل القمني شيئا مما يروجه ليل نهار دعاة الفتنة من أتباع رئيس حكومتنا في العديد من المساجد، في معاكسة واضحة لتوجهات الدولة المغربية والتزاماتها، قال فقط أن الوهْم الكبير الذي عاش فيه المسلمون طوال أربعة عشر قرنا، وهْم الدولة الدينية، قد انتهى إلى خواتم غير سارة ولا سعيدة، وأن عليهم أن يأخذوا بأسباب التقدم كما أخذت بها الأمم المتفوقة والمزدهرة، والتي عرفت كيف تميز بين الدين بوصفه اعتقادا شخصيا للأفراد ترعاه الدولة وتحميه، وبين أساليب التسلط والغطرسة باسم السماء.
من هو المفكر ومن هو البهلوان؟ أعتقد أنه قد توفرت للقراء بعض عناصر الإجابة، التي يمكنهم استكمالها بمزيد من القراءات لنصوص المفكر،، أما البهلوان فهو لم يكتب شيئا، لأن مهنته إضحاك الجمهور، واللعب بالكلمات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مكارم الأخلاق
عاد بن ثمود ( 2015 / 7 / 28 - 03:02 )
ليس رئيس الحكومة بأقل صفاقة من صحفي الجزيرة ذو الحذاء الساحق، فهو لا يقارن فكره بفكر غيره بل يقارن بعض اعضائه بأعضاء غيره... لكن... من النساء البرلمانيات.


2 - القمني أول مابدأ به ادعاؤه الحصول على الدكتورا
عبد الله اغونان ( 2015 / 7 / 28 - 11:45 )

وتبين أنه كذااااااااااااااااب

ماذا يقول القمني في فكره هذا

أن هناك خلافات حول السلطة في التاريخ الاسلامي وهذا بديهي وموجود في كل زمن وفي كل

المذاهب حتى بين اليسار واليمين وبين الرأسماليين والشيوعيين والقوميين وحتى الأمازيغغ ؤقدماء ومعاصرين

والنتيجة فصل الدين عن الدولة لتبقى السياسة للسياسيين الذين تبين فشلهم منذ عصر ما

أسموه النهضة, فمن حكموا الدول العربية القطرية فبتأييد من الاستعمار وشروطه

فجل الحكام رؤساء وملوك كانوا علمانيين ومع ذلك فذار لقمان على حالها بل انهارت أنظمة

ونشبت حروب

وقد تقدم أصحاب الاعتقاد أن السياسة دين وقيم وفرضوا أنفسهم وفازوا فوزا بينا بديمقراطية

واستحقاق , ويعتبر المغرب حالة خاصة في التوافق وعبد الاله بنكيران تميز حزبه بنيل الأغلبية

ان البهلوان هو من يسخر في الجد ولايريد أن ينصت الى نبض الشعوب ورغباتها

من سلوك البهلوان تملق السلطة الظالمة والسكوت عن الانقلابا مما لم يتناوله القمني طول

حياته

البهلوان أيضا هو من يستغل الصراع العرقي انطلاقا من استقواء بالخارج ثم بمنح مخزنية

وهمية بل يستغل البقرة الحلوب والريع والجنس وما يدعى بالقوانين الدولي


3 - المفكر
ناس حدهوم أحمد ( 2015 / 7 / 28 - 22:25 )
سيد القمني مفكر معروف وله صولات وجولات في الفكر الحر والتنظير للمستقبل الذي يرسمه الرجل بكل وضوح وبكل منطق وعقلانية
فمن نعته بالبهلوان ليس سوى شخص لا فكر له ولا إبداع ولا حتى من يعرفه
ومصطلح البهلوان لا يمكن أن ينطبق على رجل فكر يقدره أحرار العالم
المتأكدون من أهداف الرجل وحلمه في بناء عالم عربي حر وقوي يؤمن بالمنطق والحكمة ونهضة الشعوب
فمصطلح البهلوان قد ينطبق على بنكيران حينما يضحكنا في البرلمان وحينما يخفف عنا ببهلوانيته مرارة الواقع فنضحك لأن كثرة الهم كيضحك كما يقول المغاربة
ونحن المغاربة نعرف سيد القمني ونعرف السيد بنكيران
وشتان ما بين هذا وذاك
وسيد القمني لا يتحدث لنا إلا من خلال كتبه ومحاضراته
بينما السيد بنكيران يتحدث لنا من داخل البرلمان الذي نعته المرحوم الحسن الثاني بالسرك
والبهلوان طبعا مكانه دائما في السرك


4 - احنا بالله وبالشرع
عبد الله اغونان ( 2015 / 7 / 29 - 03:49 )

المغاربة كلهم اذا أحسوا بظلم يصرخون
احنا بالله وبالشرع
فالدين عندهم ضابط
كل ماقاله القملي مجرد تكرار واجترار فحتى لو تم فصل الدين عن السياسة فان سياسيينا
فاشلون ولامبرر لهم ومع ذلك فكلهم يتملقون الشعوب ويتطاهرون بالتدين
اخر قرار عندنا أن على العلماء عدم الكلام في السياسة رغم أن الكل يخوض فيها خوضا
لكن الشعوب نفسها بايمانها تستعمل الدين فرغم وجود البنوك فلن ترغم من له معتقدات على
المساهمة في البنوك الربوية وهاهي الدولة نفسها تستدعي البنوك الاسلامية ولها وزارة
تسمى الأوقاف والشؤون الاسلامية وجيش من علماء الوعظ بل ان العقد السياسي بين الحكام
والشعب مبني على امارة المؤمنين وحماية الملة والدين ومصالح المسلمين
في اطار الصراع السياسي باعتبار حزب بنكيران فرعا من الاخوان المسلمين استدعى اتجاه
سياسي مغربي سيد القمني وجل المغاربة لم يعرفوا الخبر أصلا الا من الصحف
فقط ارسوا لكم على بر فالسياسة والدين يمتزجان امتزاج القهوة باللبن بلا حتى العلمانيين اذا
اقتربوا من العمل السياسي بقدرة قادريتطاهرون بالتقوى
السيسي استغل رموز الدين اثر الانقلاب وشيوعي عندنا هو من دشن اذاعةالقران


5 - المفكر
ناس حدهوم أحمد ( 2015 / 10 / 7 - 14:37 )
لا تخاف يا أغونان
فالشعوب لا زالت مخدرة بالدين
والديمقراطية لن تأت إلا بأشباه بنكيران
وليس بالقمني أو أحمد عصيد
فدار لقمان ستظل على حالها معكم ومع أمثالكم
ونحن لا نكرهكم بل بالعكس
نحن نرى أن الحياة لا تستقيم إلا بالشيء ونقيضه
بالمتدين وبالعلماني
ونحن في عرفنا وأدبياتنا ومفاهيمنا لا ننفيكم أو نريد الإساءة إليكم
بل فقط نريد التعايش فيما بيننا كإخوان
وكما قال المفكر الفرنسي فولتير
قد أختلف معك في الرأي لكنني قادر لكي أعطي حياتي من أجل أن تدلي أنت برأيك
ما نريده هو فقط فصل الدين عن السياسة
كي لا يفسد أحدهما الآخر أو يطغى عليه
والحكم والفصل يجب أن يكون لرب العزة وحده
لأن العقيدة قبل كل شيء هي علاقة نظيفة بين المخلوق وخالقه
أما حياتنا المدنية فنحتكم فيها للقوانين المدنية فهذا هو الصواب

اخر الافلام

.. دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس تعلن عن تأدية 40 ألف فلسطيني


.. خطيب المسجد الحرام: فرحة العيد لا تنسي المسلمين مآسي ما يتعر




.. مراسل العربية أسامة القاسم: نحو 1.5 مليون مليون حاج يصلون إل


.. مبعدون عن المسجد الأقصى يؤدون صلاتهم عند باب الأسباط




.. آلاف الفلسطينيين يؤدون صلاة عيد الأضحى بالمسجد الأقصى