الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نيتشه وتلميذته

الشدادي عزالدين

2015 / 7 / 27
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع




كل قصص الحب والعشق التي عرفها تاريخ الأزمنة البشرية اتسمت بطابعها المزدوج الذي يجمع بين العظمة والمغامرة من جهة ، والألم ولوعة الخصام من جهة ثانية ، كما أن هذه القصص وعلى مر العصور كانت نبراسا لكل عظيم ومغامر ، فالحب قبل أن يكون عاطفة إنسانية نبيلة هو لعبة ومغامرة لا يمكن التنبأ بنتيجتها ومصيرها.
ومن بين أجمل هذه القصص وأغربها ما وقع بين الفيلسوف الألماني نيتشه والفتاة الروسية ذات الأصل اليهودي لو أندرياس سالومي lou salomeالتي عشقت فكر نيتشه وساحت في عمقه باحثة عن معنى للوجود والأخلاق والإنسان الأسمى غير ابهة بأن البحث في عوالم نيتشه لا يمكن أن يكون سالما ، فنيتشه يشبه أمواج البحر هدوئها كتمردها وجمالها ، لكن هذه الأمواج أيمكن ترويضها بالحب والعشق أم ستظل متمردة متقلبة كحركتي المد والجزر ؟
تعود لحظات اللقاء الأول الذي جمع بين نيتشه وسالومي إلى فترة كان يعيش فيها نيتشه تقلبا وجدانيا ووحدة وعزلة غريبتين وقاتلتين ، وكمحاولة للخروج من هذه الوضعية رتبت مال فيدا وبول ري لقاءا للجمع بين نيتشه وسالومي لعل هذا اللقاء يسمح ويتيح الفرصة لنيتشه للخروج من وحدته وعزلته ، وبالفعل ومباشرة بعد هذا اللقاء أعجب نيتشه بهذه الفتاة الساحرة التي ارتبط اسمها كذلك بالطبيب والمحلل النفساني النمساوي سيجموند فرويد وشعر بميل نحوها ترجمه إلى شعر :
اجعلي شعلتك يا روحي تتقد
دعيني في لهيب الصراع أجد جواباً لجوهرك اللغزي

دعيني أفكر وأحيا ألفاً من السنوات

وأرمي فيها كل ما لديك... كلّه.

وإن لم يكن لديك من سعادة باقية تقدمينها لي

فلن يكون في وسعك أن تزيدي من آلامي



لكن هل يمكن اعتبار هذا الميل حب ؟ وهل هذه الفتاة تبادل فيلسوفنا نفس المشاعر ؟

عند لقاءهما الأول قال : " عندما رأيتُ هذه الفتاة أحسستُ أنّ عليّ ألا أبقى وحيدا…علي أن أتعلم أن أعيش مثل كائن بشري " ، لكن العيش ككائن بشري يحتاج إلى ألم ولم يكن الحب في يوم من الأيام إلا ألما ، وحب نيتشه كان غريبا ومؤلما لم يتوقعه أحد حتى صاحبه نفسه ، فكيف يعقل لرجل مثل نيتشه أن يحب بهذا الجنون .

تعلق نيتشه بسالومي ، في حين هي فضلت الابتعاد عن الحب أو بالأحرى الهروب من شخصية نيتشه العميقة والغريبة ، فكيف لها أن تساير هذا البركان الذي يلقى بحممه الفكرية والوجودية بشكل مثير للرعب والخوف ، وتبحث عن ذلك مع غيره ، لكن الغريب أنهما ظلا معا لوقت طويل ، بل حتى في أحلك لحظات نيتشه المرضية كانت سالومي بجنبه وهي التي ذهبت به إلى الطبيب النمساوي جوزيف برواير لمعالجته من مرضه وقلقه ووساوسه التي كانت تهاجمه من حين إلى اخر ، وفي هذا التعلق المركب وقع الخصام والقطيعة والجفاء وبعد أن كان الحب هو الجامع بينهما أصبحت الكراهية هي التي تحل محل كل ما يجمع بينهما ، فيقول نيتشه " لا تنسى السوط وأنت ذاهب إلى النساء" ، وتقول سالومي مخاطبة جوزيف براوير " لقد أغواني فكره " وهي تقصد بذلك نيتشه الذي عاش أخر أيامه ألما وسموا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت