الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افكار للتشويش (الجزء الثالث)

وسام غملوش

2015 / 7 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كل الرفاهية التي نبتكرها هي فقط "الهاء" لنا حتى لا ننشغل باكتشاف حقيقتنا، ونبقى نسعد من خلال هذا "الالهاء"، وننسى ما نحن بصدده، ان كان استغلال وحتميته الموت ،او ان كان محمية طبيعة ويطيب للمرتقي فوقنا سماع الصوت، محمية فيها من الحيوان الذكي والاليف والمفترس واللطيف، اوفقط عبيد سذج، ان عبدنا لنا الجنة وان كفرنا لنا النار، كلها بالنهاية مآساة،وفيها من اللهو ما يجمّلها، وحتى لو كانت الحياة مجرد رحلة ، سنلوذ بالسعادة سرقة، ونكون كقطعة حديد بين المطرقة والسندان، ففيها من التعب ما يجعل الخاتمة دائما تكلل بالالم.
ونصر على ان نقاوم حتى لا يفنى جنسنا ،ومايجعلنا نقاوم، هو قناعتنا اننا مميزون في هذا الكون، فالاكتشافات والاختراعات تساعد الانسان على ترسيخ قناعته بانه مميز في هذا الكون، وله قيمة ما، وما هذه القناعة الا سذاجة طفولية لا اكثر، لكنها تجعله يحافظ على بقاء نوعه، لتستمر الحياة. ولكن الحقيقة هي اننا كأي طفل يفرح حين يركب قطعة بازل، او حين نصفق له حين يجمع القمامة، ونمدحه لجمعها، وما مدحنا له، الا استغلالا له.
فنحن امام الحضارة الكونية اشبه بالنمل الذي اراد ان يبهرنا بتصميم منزله.
فاكتشاف مبادئ الرفاهيات وهو امر بديهي يتماشى مع تطورنا العقلي ،يساهم في تضليلنا وانشالغنا للمضي قدما فيما يسمى الحياة.
فكل الرفاهيات التي نبتكرها لا تمنحنا سعادة دائمة ،وانما فقط ظرفية ،لذلك ما نقوم به من اختراع للسعادة هو اشبه بفأر الهامستير الذي يدور على دولاب ثابت ويلاحق قطعة الجبن، ومهمة قطعة الجبن هي جعل الدولاب يدور، وليس اكلها، هكذا نحن ورفاهيات الحياة ،اي ليست السعادة الا قطعة الجبن.
اواذا اردنا ان ننصف السعادة ممكن ان نشبهها بالنشوة، هي ظرفية وقصيرة المدة، ولا يمكن الامساك بها، ولا تستطيع الاحساس بها، لانها تستحوذ عليك اكثر من استحواذك عليها، فوجودها بهذا التصميم يجعلك مسيرا لها وليس بصدد امتلاكها.
والاسوا من البحث عن السعادة هو البحث والانشغال عن احقية الدين الاصح، والبحث مئات السنين لاثبات الدين الصحيح، ولكن يا حبذا لو يعلم المتدين ان الدين هو مسلك شخصي تدان انت به امام الوجود، ولا يحق لك ان تدين به.
فالحياة بلا اديان، هي خمارة للسكارى، مختبر للمبدعين، منهل من الحكم للمتفلسفين، وتجارب لا تحصى لمن احب العيش وكره (الروتين)، بيت للدعارة لمن احبت الجنس وكانت به تصل الى حدود السماء، فتقتل الشك باليقين، وتعلن ان الدنيا لمن احب المجون ،وطاولة شطرنج لمن يهوى التحكم وتحريك احجار البشر دون تحريم، ومنافسة شريفة بين اصحاب العقول، ولا ادين لك الا بما انت لي مدين ،فالخمرة والمال و النساء تجمع "العقل والروح" ،وهي تجمع بين كل البشر ،والدين جزّأ الناس وجعل لكل امة قدر.
فلنتخيل العالم العربي بلا دين على سبيل المثال، فما هم الفلسطيني، وما هم اليهودي من ذا الذي يحكم حين يكون الجميع متساوين اما القانون لا امام الدين ،ستنتهي كلمة تحرير، وتبطل كلمة الجهاد ،ولا قيمة لحور عين، فعلى الارض هن بالالاف موجودات، وبقليل من المال او الحب والرضى، تحصل على الجمال، وربما تكون انت فتنة لمن تهوى الرجال، وتدلل، وتُعشق ،وتبدل الاحوال.
يصبح لدينا مناعة ضد الفتن.
ولا احد يموت في سبيل اله لم يعرفه قط.
ستصبح الجنة رهن بسعادتنا، بما لدينا من تصالح وتسامح، وبما انني لا احبذ المثالية، فهي كامراة جميلة وليس لديها اغراء، ولكن سنكون بهذا التصالح الانساني، اقل شقاء، واكثر مرونة للتأقلم مع الطبيعة، فللطبيعة قانون تسير عليه، وليس دين، فنحن نقول:( قانون الطبيعة) لانه قابل للتفسير، وليس عبثي كالدين.
فان تنوع الاديان ان لم يكن دليل على استعمارنا لانه مبدأ فرّق تسد ،وهو استغلالي، فانه اكبر دليل على اننا ما زلنا في مرحلة القطيع.
وان يستعبدك رجل علم مفكّر خير لك ان يستعبدك رجل دين مكفّر.
ان تحظى بقليل من الحرية مع اله ترسمه انت، خير لك ان توعد بحرية مشروطة ووهمية مع اله لم يتواصل معك قط.
ان يكون الوجود بالنسبة لك مجرد فضاء واسع، خير لك ان يكون نصفه جحيم ينتظر حرقك.
ان ترى بعد كل جلسة خمر بسمة عارمة على وجه من يجالسك، خير لك ان تسمع محاضرة دينية عن الترهيب والترغيب وترى كل من حولك بوجه متجهم عبوس مات قبل ان يموت.
ان يقول لك رجل الدين ان الدنيا امتحان وهو المعلم الانسب لك، فهذا اجحاف في حق البشرية وخالقها ايضا، ان اردنا ان نقر ان هناك خالق ولو تقليدي.
ان يكون الزواج هو كأي حالة تزاوج على هذا الكوكب، تلبية نداء الطبيعة، هذا اكبر دليل على اننا غير مدركين من نحن، واين نحن، والتناسل سيد الموقف.
ولو الطموح والابداع الفردي مهم للسماء، ما كانت الغريزة اهم ،فالتناسل هو الغاية، والطموح وغيره وسيلة للحفاظ على الغاية.
ان يكون لكل مزرعة طبيبها البيطري ونحن كبشر ليس لدينا اي طبيب بيطري سماوي ينظر في حالنا ،هذا يعني اننا لم نرتقي بعد لنكون مزرعة، ويرسل لنا طبيب بيطري من السماء يهتم بشؤوننا، وهذا يعني اننا ما زلنا ايضا بمرحلة الانتاج البري الحر، وحرية التعاطي السماوي الحر الغير مشروط بكيفية الاستفادة من الانتاج، وستكون الهمجية في التعاطي معنا سيدة الموقف.
فالطبيب الخارق دائما يكون ارقى من نوع المعَالج، حتى لا يقول قائل: اننا نحن اطباء انفسنا.
ان ارادة الطبيعة تسري فينا بشكل قوي ولكن بما فيه خير للطبيعة.
فنحن المسالمون المستسلمون لقانون الطبيعة وغريزة الجسد، نحن الفانون المتفننون في رسم كل ماساة ،العالقون على هذا الكوكب المتعلقون باهداب الحياة، المتأملون المتألمون الباحثون دوما عن سفينة نجاة، لكن ،حتى الان لا لاحت سفينة، ولا لاذ احد بالنجاة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 110-Al-Baqarah


.. لحظة الاعتداء علي فتاة مسلمة من مدرس جامعي أمريكي ماذا فعل




.. دار الإفتاء تعلن الخميس أول أيام شهر ذى القعدة


.. كل يوم - الكاتبة هند الضاوي: ‏لولا ما حدث في 7 أكتوبر..كنا س




.. تفاعلكم | القصة الكاملة لمقتل يهودي في الإسكندرية في مصر