الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السعادة بالعطاء وليس بالأخذ

جهاد علاونه

2015 / 8 / 7
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أنا واحد من الناس الذين أخذوا من الأصدقاء ولا أنكر أنني شعرتُ يوما بالسعادة المطلوبة أو لنقل بأنني كنت أشعر بالسعادة مع المقت لنفسي بعض الشيء وأحيانا كنتُ أمقتها كثيرا....ولكن أين يشعر الإنسان بالسعادة؟ومتى ومع من؟ وأين؟, والحق أقوله لكم وهو أنني لم أشعر يوما بالسعادة وأنا آخذ بقدر ما أشعرُ بالسعادة حينما أعطي, أنا رجل آخذ من الأصدقاء المقتدرين قليلا وأعطي أيضا المحتاجين الذين يعرفهم أكثر مما آخذ وأحيانا أعطي النص بالنص وأحيانا أقل وأحيانا أعطي بقدر ما آخذ , السعادة الحقيقية جربتها فلم أجدها بالأخذ وإنما بالعطاء, ما زلت أتذكر قصة قرأتها للأطفال عن أحد الملوك الباحثين عن السعادة:

كان هذا الملك جبارا ومتسلطا وكان يملك كل شيء, الذهب النساء الخيول والعربات وجرار النبيذ والقمح والشعير وشتى أنواع المأكولات, ولم يكن يحلم بشيء إلا وحصل عليه في صباح اليوم التالي, لم يحرم نفسه من ملذات الحياة ولم تحرمه الناس من لذة الإحساس بالسلطة, ولكنه كان يشعر بالروتين القاتل والممل, كان كئيبا وحزينا طوال الوقت , وفي النهاية استدعى حكماء القصر وقال لهم:

- ويلكم...أنا الملك ولا أشعرُ بالسعادة!!! كيف لا أشعرُ بالسعادة؟.


-الحكماء: أنت ملكنا وتملك كل شيء ولكن إذا أردت أن تصبح سعيدا عليك أن تلبس ثوب رجل سعيد جدا في حياته.

- الملك: نعم....هنالك في مملكتي من هم أكثر سعادة مني رغم أنهم لا يملكون ما أملكه!!! كيف بهؤلاء أن يكونوا سعداء أكثر مني وهم فقراء؟ أكاد أن أصاب بالجنون.

- الحكماء: يا مولاي لقد قرأنا في كتب الحكماء أنه إذا أردت أن تصبح قويا عليك أن تقتل حيوانا قويا وتلتهمه بالكامل, وإذا أردت أن تصبح سعيدا عليك أن تلبس ثوب رجل سعيد....كما قلنا لك عليك أن ترتدي قميص رجل سعيد.

- ابحثوا إذاً لي عن أسعد رجلً في مملكتي وآتوني بقميصه لا أريد ان ألبس قميص رجل عادي أو رجل يشعر بقليل من السعادة...أريد قميص رجل يشعر بالكثير من السعادة....أريد الكثير من السعادة...أريد سعادة يحسدني عليها ملوك العالم كله.


- يا مولانا: هنالك رجل حطاب يعيش في أعلى التلة وهو أسعد رجل في المملكة على حسب ما نعرف.

- أيها الحراس, آتوني بهذا الرجل.


بعد أن قاربت الشمس على المغيب جاء الحراس بالرجل الحطاب السعيد فاستقبله الملك وطلب منه أن يمنحه أو يعطيه قميصه, فقال له الرجل الحطاب: يا مولاي هذا الثوب حاليا لا أملك غيره وقد كان معي قبل مدة ثوبان ولكن مر بي رجل محتاج فطلبه مني فمنحته إياه وأنا سعيد بذلك. عندها توقف الملك برهنة من الوقت ونظر إلى الحكماء ووصفهم بعدم المعرفة وقال: ويحكم أتظنون السعادة دواء نشربه؟ أو قميصا نلبسه؟ أوتظنون بأن السعادة أموال نكنزها؟ يا لكم من حمقى...!!!!....ماذا فهمتم من جواب هذا الرجل؟ أظن لا شيء. أنا فهمت بأن السعادة بالعطاء وليس بالأخذ....والآن خذوا كنوزي وأموالي وملابسي الحريرية كلها....لا أريد منها أي شيء....خذوها جميعا ودعوني أعيش وأنا أشعر بالسعادة كلما أعطيتكم.

سافرت بأفكاري بعيداً وحلقت بأفكاري عاليا حتى أنني تنقلتُ بين النجوم والأقمار والكواكب, قرأتُ في الطب وفي الاقتصاد وفي كتب السياسة والجغرافيا, ونهلتُ من شتى أنواع العلوم والمعارف, ولم أترك مفكرا إلا وغزوت كُتُبَهُ, ولم أترك حضارة إلا وشربتُ من مياه فلاسفتها المُعتقة , ولم أجد أسعد من الإنسان الذي يعيش من أجل إسعاد الآخرين وإدخال الفرح والسرور على قلوب أو إلى قلوب الناس, ولم أجد طريقة للسعادة أفضل من العطاء...العطاء وحده يجعلنا سعداء...سعداء جدا حينما نعطي ونفرح أكثر وتدخل السعادة إلى قلوبنا أكثر حينما نعطي وليس حينما نأخذ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقعات بتسليم واشنطن قنابل نوعية للجيش الإسرائيلي قريبا


.. غالانت: لا نسعى إلى الحرب مع حزب الله لكننا مستعدون لخوضها




.. حشود في مسيرة شعبية بصنعاء للمطالبة بدعم المقاومة الفلسطينية


.. فايز الدويري: الاحتلال فشل استخباراتيا على المستوى الاستراتي




.. ساري عرابي: رؤية سموتريتش هي نتاج مسار استيطاني طويل