الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبد الفتّاح السّيسي وخرافة تجديد الخطاب الدّيني والحرب على الإرهاب

مالك بارودي

2015 / 8 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



في تسجيل صوتي موجود على اليوتيوب، يمدح أبو إسحاق الحويني الجهاد ويدعو للغزو ولسبي النّساء وإستعباد النّاس وبيعهم في أسواق النّخاسة.
يقول الشّيخ: "فنحنُ في زمان الجهاد، وقد أضلّنا زمان الجهاد. والجهاد في سبيل الله متعة... متعة... الصّحابة كانوا يتسابقون عليه. هوّ إحنا الفقر إللي إحنا فيه إلّا بسبب ترك الجهاد؟ مش كًنّا لو كلّ سنة نغزو مرّة ولّا إثنين ولّا ثلاثة مُش كان حيُسلم ناس كثيرون في الأرض؟ وإلّي يرفض هذه الدّعوة ويحول بيننا وبين دعوة النّاس مُش بِنُقاتِلُه وناخذوهم أسرى وناخذو أموالهم وأولادهم ونساءهم وكلّ دي عبارة عن حدود؟ كلّ واحد وقتها كان بيرجع من الجهاد وهوّ جيبه مليان. معاه إثنين ثلاثة أشحُطَه وثلاث أربع نسوان وثلاث أربع ولاد. إضرب كلّ رأس في 600 درهم ولّا 600 دينار ولّا حاجة تلاقيه راجع بماليّة كويّسة. لو هوّ راح عشان يعمل صفقة تجاريّة في بلاد الغرب عُمْرُو ما حيعمل الأموال دي. وكلّ ما يتعذر ياخُذ رأس يبيعها. ويفكّ أزمته. ويبقالو الغلبة. ومش كده وبسّ. ده هؤلاء الذين صاروا أسرى منهم من سيُسلم".
تعليقا على هذا التّسجيل القديم، والذي يمكن أن يمثّلُ نقطة بداية لكلّ من يريدُ التّحقّق من أنّ الإسلام ليس إلّا خرافة قاتلة وإيديولوجيا عنصريّة إستعماريّة وإرهابيّة (لكن بشرط أن تكون لذلك الشّخص ما يكفي من الجرأة والإرادة لنزع كلّ مظاهر التّعصّب وترك كلّ ما وقع حشوه في دماغه منذ الصّغر سواء في النّطاق العائلي أو في المجتمع والمدرسة)؛ وأنّ الإسلام لم يأتِ إلّا بالخراب للعالم من أجل مصلحة محمّد وأتباعه وشيوخ العهر وأئمّة الفساد والإرهاب من بعده، هؤلاء الذين نصّبوا أنفسهم حرّاسا لمعبد صنم الإله أكبر فكانوا بحقّ "كلاب الله" وأوصياء على عقول النّاس وممتلكاتهم؛ وأنّ التّنظيمات الإرهابيّة التي أصبح المسلمون أنفسهم يعانون من ويلاتها اليوم (أليس منطقيّا أن نرى أنّ السّيف الذي رفعه المسلمون في وجه العالم على مدى أربعة عشر قرنًا عاد اليوم ليحزّ أعناق أصحابه؟) مثل القاعدة وبوكو حرام والدّولة الإسلامية وغيرها من التّقيّحات الطّبيعيّة للتّاريخ الإسلامي لم تأت من فراغ وأنّ أسانيدها وأدلّة مشروعيّتها وشرعيّتها في التّراث الإسلامي المريض أكثر من أن يُنكر المسلمون (علماء سفهاء وعامّة) علاقتها بالقرآن والسّنّة والسّيرة والأحاديث والفقه الإسلامي... إذن، تعليقا على هذا التّسجيل، نقول:
لماذا يبقى رؤوس الإجرام والتّحريض على القتل والإرهاب أحرارًا في حين أنّ الأدلّة لا تُحصى ولا تُعدُّ على ما إقترفوه في حقّ الآخرين (سواء كانوا إرهابيّين وقع غسل أدمغتهم بهلوسات القرآن وسنّة دجّال قريش وسيرته وبأحكام الفقه الإسلامي المتعفّن - ولا يجب أن يُفهم من كلامي أنّي أعتبرهم ضحايا لا ذنب لهم، فمسؤوليّتهم ثابتة في ما إقترفوه ثمّ أنّ القانون لا يحمي المغفّلين - أو أناسا عاديّين لا علاقة لهم بالدّين وكلّ همّهم أن يعيشوا حياتهم وينعموا بالدّنيا)؟ كلّ الدّول "العربيّة الإسلاميّة" تزعم أنّها دُولٌ لها قوانين ودساتير، ومن أسس القوانين أن تُحاسب كلّ شخصٍ بناءً على أدلّة واضحة وأن تتّبع في الحكم عليه مقاييس واضحة ومحدّدة تُطبّق على الكلّ. تلك الدّول "العربيّة الإسلاميّة" تزعمُ أنّ الإنسان هو غايتها ولكنّها لا تُحرّك ساكنا تُجاه أقوال لو نطق بها أحدهم في أيّة دولة تحترم نفسها وتحترم مواطنيها لزًجّ به في غياهب السّجن... في المقابل يحاسبون صحفيّا قال أنّ البُخاري كذّابٌ أو أنّ عذاب القبر خرافة أو كاتبًا قال أنّ الإسلام هو أصلُ الفاشيّة...؟ بمن أضرّ هؤلاء؟ لم يضرّوا أحدا... هم يمارسون حريّتهم في التّفكير وفي التّعبير وفي كلّ الأحوال رأيهم لا يُلزمُ غيرهم... وحتّى الذي رسم كاريكاتير لمحمّد بن آمنة لم يضرّ الآخرين ولم يقتل أحدا برسوماته ولم يحرّض أحدا على قتل الآخرين. لكن هذا الشّيخ الجرذ الذي يحرّض على الجهاد ويمدحُ محمّدا وعصابته ويريدُ تكرار ما فعله صعاليك الإسلام الأوائل الآن وهنا، في عالم اليوم، وذاك الشّيخ الذي يُفتي بقتل كاتب أو يُكفّرُ الآخرين والشّيخ الآخر الذي يقول، في زمننا هذا، أنّ سبي النّساء وبيعهنّ شرعيّ في الإسلام، هؤلاء هم أصل الخراب وهم السّرطان الذي ينخر عالمنا ولن يهنأ للنّاس عيش ما لم يستأصلوه من جذوره. فلماذا لا يُحاسبُ هؤلاء الجرذان على ما قالوه وما شجّعوا النّاس على فعله من قتل وذبح وسرقة وإرهاب؟ أين هو القانون، يا من تتبجّحون به في وجه كلّ منتقدٍ مسالم يدافعُ عن إنسانيّته وإنسانيّة غيره وتضعونه تحت مؤخّراتكم كلّما تعلّق الأمر بأصل الدّاء؟
سمعتُ، قبل أشهر، خطاب الرّئيس المصري عبد الفتّاح السّيسي في جامع الأزهر الذي تحدّث فيه عن تجديد الخطاب الدّيني كوسيلة أولى وضروريّة لمكافحة ومحاربة الإرهاب، ورأيتُ، في الكثير من البرامج والمقالات، كيف إستبشر به أناسٌ كثيرون خيرًا ذلك أنّ السّيسي، في نظرهم، وضع إصبعه على مكمن الدّاء... شخصيّا، لم أُعِر الخطاب أيّ إهتمام لأسباب عديدة أوّلها أنّ الرّئيس المصري وضع إصبعه على إفرازات الدُّمّل الإرهابي الإسلامي ولم تكن لديه الجرأة الكافية (أو الإرادة) للغوص بإصبعه تحت تلك الإفرازات حتّى الوصول إلى الدًّمّل نفسه. وفسّرت وقتها خطابه على أنّهُ نوعٌ من التّلاعب بالألفاظ. تجديد الخطاب الدّيني في خطاب عبد الفتّاح السّيسي يشبهُ مسح الإفرازات التي خرجت من الدُّمّل ووضع ضمادة عليه. هل هذا سيجعلُ المريض يتعافى من الدُّمّل؟ لا. العلاجُ الصّحيح هو أن تفقأ الدُّمّل أو تُجري له عمليّة جراحيّة وتُخرج كلّ ما يحتوي عليه من قيْح ودم فاسد وإفرازات ثمّ تُطهّره ثمّ تضع عليه ضمادة، مع وجوب تفقّد مكانه دوريّا وتغيير الضّمادة، بطبيعة الحال. وكذلك الأمر بالنّسبة للإرهاب، الذي هو مجرّد إفراز للدّمّل المسمّى "الإسلام". فمحاربة الإرهاب لا تبدأ بإجتثاث ورقة من هذا الكتاب أو ذاك ولا بتحديد موضوع خطبة الجمعة في الجوامع والمساجد ولا بتعليمات تُعطى للأئمّة والوعّاظ، ولا حتّ بِلَجْمِ الشّيوخ تمامًا ومنعهم من الظّهور خارج المساجد والجوامع وبتحديد مجال عملهم ومراقبتهم... محاربة الإرهاب يجب أن تستهدف أصل الدّاء: الإسلام نفسه، بحرق وإلغاء القرآن تمامًا لأنّه غير صالحٍ لزمننا هذا ولا لعالمنا الرّاهن ولا ينفعُ بشيء، أو على الأقلّ بنزع ما في القرآن من آيات تحرّض على الكراهيّة والعُدوان والإرهاب والفساد أو تستهزئ بالشّعوب والأديان الأخرى أو تكفّر أهلها، فلا يُتركُ منهُ سوى آيات التّعبّد الصّريحة، ليكون فعلًا كتابًا دينيًّا وليس "مانيفسْتُو" للإرهاب، وبحرق كتب الأحاديث والسّيرة والفقه على بِكرة أبيها، لكي لا يأتي مخبولٌ ويستعمل ما فيها من هلوسات للإعتداء على الآخرين بتعلّة أنّهم فهموا الإسلام خطأً أو أنّ ربّ الرّمال كفّرهم أو أنّ الرّسول قتل من سبّهُ أو أراد إحراق بيوت تاركي صلاة الجماعة، إلخ... محاربة الإرهاب يجبُ أن تستهدف أصل الدّاء: الإسلام ونصوصه المؤسّسة، وكلّ ما عدا ذلك لن يكون إلّا مجرّد تهريج وضحك على الذّقون.
لكن حتّى الحدّ الأدنى من محاربة الإرهاب وجذوره لم نَرَ لهُ أثرًا يُذكر. لم نَرَ القانون يُطبّقُ على من يمتلئ اليوتيوب بخطبهم في مدح شراسة خالد بن الوليد في ذبحه لمالك بن نويرة وإغتصابه لزوجته أو تعظيم شأن محمّد بن آمنة حين سمّر أعين العرانيّين وتركهم يموتون في الحرّة بعد قطع أطرافهم أو الإعتزاز بما إرتكبه المسلمون ضدّ قبيلتي بني قريظة وبني النّضير، إلخ... ولم نر القانون يُطبّق على من يُكفّرون الكتّاب والإعلاميّين وغيرهم ويُحلّون دماءهم... لم نر القانون يُطبّق على من يغرف من قمامة كتب التّراث الإسلاميّة ويسقي النّاس في الخُطب كؤوسا مليئة بالدّم والعنف والإنحطاط... ماذا تنتظرون أن يفعل النّاسُ إذا كنتم تتركون الحبل على الغارب وتتركون حيوانات مسعورة كهؤلاء الشّيوخ والأئمّة والمشعوذين باسم ربّ الرّمال أحرارا في المجتمع؟ ثمّ تتساءلون من أين أتت الكلاب المسعورة التي تنظمّ إلى الدّولة الإسلاميّة والقاعدة وبوكو حرام وحماس وتنظيم بيت المقدس؟ ماذا لو صعد أحدهم على منصّة في دولة غربيّة ونطق بما ينطق به هؤلاء ضدّ شعبٍ آخر أو أحلّ دم شخصٍ على الملأ معتمدًا على ما في التّوراة أو الأناجيل أو أيّ كتاب ديني مزعوم آخر؟ هل ستسكت السّلطات وتتركه يتكلّم كما يريدُ ويبثّ سمومه في المجتمع ويُثيرُ الحقد ويحرّض على القتل والإرهاب؟ الإجابة معروفة ولا ينكرها إلّا جاهلٌ.
ثمّ أين هذا التّجديدُ يا أيّها المتبجّحون بالتّجديد وبالوسطيّة والإعتدال؟ هل التّجديدُ أن نُلبِسَ كلبًا مسعورًا بدلةً جديدةً وربطة عُنق ملوّنة ونتركهُ حرّا طليقا؟ هل التّجديدُ أن نأخذ أغذية منتهية الصّلاحيّة فنُغيّر تاريخ صلاحيّتها ونبيعها للنّاس من جديد؟ هذا بالضّبط ما تفعلونه، وقد تكونون مقتنعين به أو قد يُرضي ضمائركم اليوم أو قد يكون هذا أقصى ما تستطيعون فعلهُ، لكن في الحقيقة هذا لن ينفع ولن ينتهي الإرهابُ بهذه الشّطحات المجنونة بل سيزيدُ ويزيدُ وسيأتي وقتٌ تجدون فيه تحت السّيف، نفس السّيف الذي كان سببا في بداية إنتشار الوباء الإسلامي في العالم، نفس السّيف الذي قتل الملايين عبر التّاريخ كقرابين لربّ الرّمال الدّموي، ووقتها لن ينفعكم النّدم.

-----------------
الهوامش:
1.. رابط المقطع الصوتي على اليوتيوب: https://youtu.be/ZiK4CPgMjsM
2.. للإطلاع على بقية مقالات الكاتب على مدوّناته:
http://utopia-666.over-blog.com
http://ahewar1.blogspot.com
http://ahewar2.blogspot.com
http://ahewar5.blogspot.com
3.. لتحميل نسخة من كتاب مالك بارودي "خرافات إسلامية":
https://archive.org/details/Islamic_myths








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ضريبة كلامية
م. يوسف ( 2015 / 8 / 9 - 08:00 )
أوافقك على التحليل واعتقد ان السيسي غير جاد في طلبه تجديد الخطاب الديني الذي لسي بيده ولكن لو كان جادا في توجهه لبدء بتجديد وتغيير. الخطاب السياسي الداخلي والخطاب الاجتماع تجاه المواطنين والأقليات و انتهاجًنهج المساواة والمواطنة وانصاف الاقلياتوهذا الشيء تحت سلطته المباشرةًوما عليه التوجه لأحد وهذا يمهد لتجديد الخطاب الديني


2 - الخوف من هيجان الافكار المتعصبه
رافد رامز ( 2015 / 8 / 9 - 16:40 )
المحاباه هي سياسه رجال الدين والسياسيين فهم لايستطيعون قول الحقيقه ولا وضع ايديهم على الدمل لان ذلك سيغضب الشارع والناس التي تدافع عن معتقداتها دفاع اعمى بعد ان قلع تجار الدين لهم اعينهم وشوو لهم عقولهم بخرافات واوهام وافكار الحقد والكراهيه فاصبح الناس طاغوت مفترس لم يعد ممكن السيطره عليهم ويخشى غضبهم من علمهم على ذلك لذلك لا زالو يكذبون على الناس وتجر كل كذبه واحده اخرى خلفها وهكذا لاامل الا بقول الحقيقه ونشرها
تحياتي


3 - تعليق موجز
ميس اومازيغ ( 2015 / 8 / 9 - 18:27 )
عزيزي تقبل تحياتي/اراك قد استعملت الفاظا غليظة تفيد حقا انك قد ادركت العدو(الأسلام نفسه)اما بشان فكرة تجديد الخطاب الديني فان صرح بها السيسي فغيره يؤمنون بها ويعتقدون انهم سيفلحون في تفعيلها متناسين انهم بمجرد القول بهذا التجديد يوجهون الضربة القاضية لصفة القدسية التي اعتمدت وتعتمد لللأبقاء على الأسلام ذلك ان فكرة التجديد لوحدها تنفي صفة الأسلام عمن اعتبر سابقا معتنقا له اي ان مسلم الأمس ليس هو مسلم السيسي وغيره اصحاب فكرة التجديد فهل هذافهمهم للقول بان الأسلام صالحا لكل زمان ومكان؟ان كان الأمر كذلك فلم القول بان (المسلمين سواسية كاسنان المشط)؟فهل يستوي القاتل الغازي بالأمس واليوم بمسلم السيسي؟اقول نعم لأن المنهل واحد وان التجديد الواجب هوالجرئة على التصريح بضرورة حضر الأسلام والقصاص من كل محمدي يدعو الى هذه الأيديولوجيا
اعتقد عزيزي ان سبب هذه الأزدواجية في شخصية المسلم هي المحمدية نفسها فصاحبها استطاع ان يمرر على تابعه كل المتناقضات بما فيها امكانية حمله على قتال الغير مدعما بما سمي آية وفي نفس الوقت ادعاءه السلمية مدعما ايضا بآية فهو مستكينا عند الضعف وقاتلا عند الشعور بالقوة

اخر الافلام

.. عظة الأحد - القس داود شكري: الكنيسة بتحاول تقولنا هو ليه الح


.. عظة الأحد - القس داود شكري: المسيحين سموا نفسهم الطريق في ال




.. 141-Ali-Imran


.. 142-Ali-Imran




.. 144-Ali-Imran