الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا نفشل في العالم العربي؟

عماد صلاح الدين

2015 / 8 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



كثير من أناسي العالم العربي يحاولون ويسعون جادين في مجالات العمل والنشاط الإنساني المختلف والمتنوع، بل إنهم في ذلك يتفوقون من حيث عدد ساعات العمل على عمال ومهنيين في بلدان ومدن أخرى من العالم شرقا وغربا؛ فانظر مثلا إلى نتائج دراسة أعدها البنك السويسري يو بي اس ونقلتها قناة سي ان ان الاقتصادية العربية، إذ بينت أن العامل المصري يعمل عددا من الساعات سنويا أكثر من نظيره في أي بلد من العالم، وبعد دراسة لظروف العمل في 73 مدينة في أنحاء العالم تبين أن متوسط عدد ساعات العمل في المدن الأسيوية 2119 سنويا أما المتوسط في الشرق الأوسط فهو في حدود 2063 ساعة سنويا، وهو في كوريا الجنوبية 2312 ساعة أما في مصر في القاهرة مثلا فهو 2373 ساعة، وهو الرقم الأكبر بين أل 73 مدينة. متوسط ساعات العمل للإنسان العادي هو 1902 ساعة سنويا. المتوسط في باريس 1594 ساعة وفي ليون بفرنسا 1582( راجع مقال فهمي هويدي بعنوان: أيكون الشعب هو المشكلة؟ منشور على الموقع الالكتروني لجريدة الشروق المصرية بتاريخ 14- مارس- أيار- 2015).

والمعنى المراد من أعلاه أن الإنسان هو الإنسان في الشرق أو في الغرب، ولا يستطيع احد أن يجادل في حقيقة المادة والخام البشري الواحد عبر الزمان والمكان في الدنيا.

إذن، لماذا ينجح الياباني والصيني والكوري الجنوبي والأمريكي والفرنسي وغيرهم في عديد مجالات العمل والإبداع الدنيوي، بينما نحن العرب نسجل فشلا يتلوه فشل آخر رغم كل الجهود والطاقات التي تنفق وتصرف؟؟
إن اعتذاريات تبرير وتمرير طغيان القوة وتجييرها لصالح أهداف استعمارية بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة من مثل دور السوبرمان ووضاعة وتابعية السب مان، وحقيقة الرجل الأبيض في مقابل الأسود والملون، أو امتيازية واختيارية شعب الله المختار والشعب الشاهد على عظمة الكنيسة وغيرها كثير، أو اللجوء إلى اعتذاريات على النقيض من ذلك أعلاه لتبرير وقبول حالة الظلم والاستبداد على الناس وما يعانونه من ضعف وذل وهوان وتخلف. كل هذه وتلك لا تصلح للتمييز بين البشر؛ فهي مجرد أساطير وان كانت تستخدم وتتستر بثوب الدين اجتماعيا ووثنيا واثنيا، فتمتع الإنسان بحريته وكرامته وقيام دوره الذي هو حق له في المشاركة الإنسانية والاجتماعية والسياسية يحقق له سلامة تدافع وتعارك مقبول ومتداخل ايجابي بين أنماط وأنواع منطقه، سواء كان هذا المنطق عقليا أو دينيا أو عاطفيا، والذي يساعده بالتالي على تكوين آرائه ومعتقداته خصوصا في نسقي الديني والعاطفي اللذين لا يملك الإنسان أمامهما إلا التسليم والانصياع بحكم النفوذ والتوكيد والتكرار، حتى بالنسبة لأفاضل العلماء على اختلاف تخصصاتهم ولعلية القوم السياسيين والاجتماعيين منهم.

والعقل الإنساني صحيح انه يتوصل إلى قواعد وأسس علمية مجردة يثبت صحتها من خلال التجربة والبرهان، إلا انه قد يصل وبشكل اقتناعي معتقدي إلى الإيمان ببعض أعمال السحر في رفع الأثقال والأشياء واستحضار الأرواح على أنها من خوارق الطبيعة، على رغم أنها في الحقيقة خدع صورية وبصرية يمكن بالتدقيق والفحص المتأني دحضها( راجع بهذا الخصوص كتاب الآراء والمعتقدات للدكتور غوستاف لوبون ترجمة الدكتور عادل زعيتر).

وكنت في مباحث ودراسات سابقة قد توصلت إلى معقولانية الحلولية الجزئية والتهويم الجزئي كنسقين موجودين في الطبيعة الإنسانية وتعملان على تحفيز النشاط فيها وعلى التشبث بالأمل عند الإنسان، أيا كانت ظروفه.
إن غياب الحرية وتحقيق العدل ممارسة وثمارا في بلاد العالم العربي قد حجبا إمكانية الوصول إلى الحد الأدنى والمقبول في أنواع المنطق التي أشرت إليها في أعلى هذا المقال.

وسبق لي بخصوص المنطق وأنماطه أن كتبت مقالا بعنوان "غياب ملكة العقلانية لدى الشعوب المتخلفة"، والعالم العربي بالطبع جزء أساسي من منظومة الشعوب المتخلفة.

ويكون على اثر هذا الغياب للحرية ومن ثم عموم المنطقية حالة عامة من العبث إلى حد كبير في الدخول إلى مجالات النشاط الإنساني سواء في علوم الاجتماع أو علوم التجريب المعرفي والعلمي؛ ذلك أن قاعدة التأسيس في عموم المنطقية بأنواعها غائبة بغياب قاعدة التأسيس أيضا في الثورة الأخلاقية والثقافية والاجتماعية( رغم محاولات ثورات الشعوب العربية الجزئية نهاية العام 2010 وبداية العام 2011) على الأوضاع القائمة في الظلم والطغيان والاستبداد الرسمي والاجتماعي.
ولذلك يفشل الإنسان العربي على رغم محاولاته ومجهوداته التي اسميها الإجرائية المادية في الصفة الغالبة عليها، لكن دون أفق في الحرية والكرامة وتحقق العدل، وبالتالي غياب الملكة العقلانية والعاطفية التلقائية التي هي مؤشر أساسي على السلامة الإنسانية العامة خصوصا في الصحة والاجتماع.

ولقد حاولت كذلك في مبحثين منشورين لي أن أركز على الاستفادة التكتيكية القصوى من الإجرائية، وكان عنوان المبحثين( الإجرائية وغياب تقرير المصير، على حلقتين) وذلك لغايات المراكمة في النشاط والبناء الإنسانيين، على أساس أن تحقق الحق في الظروف الاستثنائية وغير الطبيعية يتطلب بذل مجهود أو واجبات استثنائية في المقابل، لكي يكون هناك إمكانية لبعض تلمس رؤية باتجاه تقرير مصير الإنسان.

لكن على أي حال يبقى أساس الانبثاق والاتجاه الحقيقي نحو تحقق أنواع المنطق السليم الذي هو قاعدة الدخول والوصول التطوري والإبداعي، قائمة على الثورة الأخلاقية والثقافية الحقيقية في مواجهة الظلم والاستبداد والخرافات والأمراض في العالم العربي، على رغم كل تكتيك وإجرائية في حدودها القصوى في المنشط الإنساني العربي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: الرئيس يجري تعديلا وزاريا مفاجئا ويقيل وزيري الداخلية


.. ما إجمالي حجم خسائر إسرائيل منذ بداية الحرب على قطاع غزة؟




.. بعد فشله بتحرير المحتجزين.. هل يصر نتيناهو على استمرار الحرب


.. وائل الدحدوح من منتدى الجزيرة: إسرائيل ليست واحة للديمقراطية




.. وول ستريت جورنال: أسبوع مليء بالضربات تلقتها مكانة إسرائيل ا