الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثغر العراق الباسم أم اللاطم

جاسم هداد

2005 / 10 / 16
المجتمع المدني


مدينة البصرة ، ثالث اكبر المدن العراقية ، ومنها يطل العراق الحبيب على فضاءات الخليج ، تحملت الجزء الأكبر من دمار وخراب وتداعيات الحرب العراقية الأيرانية , ولم تبخل الجارة المسلمة إيران بدكها بصواريخ ارض ارض ، ردا على حماقات الطاغية صدام وهي تعلم حقا ان اهل البصرة لا ناقة لهم ولا جمل في هذه الحرب ، ولا ينسى البصريون ماقامت به قوات الأحتلال الأيرانية عند احتلالها الفاو ، فأول ما قامت به تغيير اسماء شوارع وساحات المدينة مسمية إياها بأسماء إيرانية وباللغة الفارسية ، ونقلت ذلك شاشات التلفزيون .

ومن البصرة انطلقت شرارة انتفاضة آذار 1991 محطمة جداريات الصنم وداست بالأقدام صوره الملصقة والمعلقة بأعداد اكثر من سكان البصرة ، وفي " الشعيبة " في محافظة البصرة خاض المجاهدون العراقيون قتالا شرسا ضد قوات الأحتلال البريطاني عند غزوها لبلادنا عام 1914 ، وفي اوائل العشرينات تشكلت في البصرة اولى الخلايا للفكر التقدمي الأنساني ، وشهدت البصرة أولى الأضرابات العمالية في مسفن الدوكيارد عام 1918 ومسيرتهم الجماهيرية التي قمعت بوحشية من قبل قوات الأحتلال البريطاني .

وبعد سقوط الصنم تنفس اهلنا في البصرة نسيم الحرية ، وشمروا عن سواعدهم لأعادة بناء مدينتهم بعدما حل بها كل هذا الدمار ، وماهي الا اشهر قليلة ، وبعد ان احكمت سيطرتها على مدينتي العمارة والكوت ، بدأت سموم الريح الصفراء بالهبوب من الساحل الشرقي لشط العرب ، ناقلة معها كل التخلف والرياء والدجل ، فسرعان ما تشكلت احزاب وحركات ، يسمع بها لأول مرة ، وكلها تدعي القرب من الله ، فمن حزب الله، وثأر الله ,وشهيد الله ، وبقيت الله ، وقد تظهر في الأيام القادمة احزابا تتسمى بـ " حبيب الله ، وعزيز الله " ، وبالتأكيد فأن الله برئ من كل من يحاول تشويه سمعته والنيل من لفظ الجلالة بالأنتساب اليه دجلا وبهتانا .

ودخلت البلاد ايضا مؤسسات ظاهرها تقديم الخدمات الأنسانية ، وهي وكالات تتستر خلفها المخابرات الأيرانية ، حتى اصبحت البصرة وكأنها محافظة ايرانية ، تدار وتحكم من قبل ايران من خلال عملائها في مجلس المحافظة والمجالس البلدية وكافة مفاصل المحافظة الأساسية .

وفي ظل غياب السلطة ، شكلوا ميليشياتهم بدعم وتمويل من الجارة المسلمة إيران ، وبأشراف الحرس الثوري الأيراني ، والمخابرات الأيرانية ، ونتيجة التزوير واتباع سياسة " الترغيب والترهيب " البعثية سيئة الصيت ، فازوا في انتخابات مجلس المحافظة ، وكما كشف عنها مؤخرا مدير مكتب المفوضية العليا المستقلة للأنتخابات في البصرة ، وبعد ان تم اعفاؤه من منصبه ، وكأنه يريد تبرئة ذمته .

وبعد ان احكموا سيطرتهم على المدينة ، من خلال استحواذهم على ملاكات الشرطة والحرس الوطني ، التي عادت تمتثل لأوامر احزاب الأسلام السياسي الشيعي الموالية لأيران بدل الأمتثال لقياداتها الرسمية ، وهذا ما صرح به مدير شرطة البصرة علنا وعلى رؤوس الأشهاد ،من انه لا يثق الا بربع رجاله ، وان الميليشيات هي القوة الفعلية في المحافظة ، وهذا ما اثبتته الحقائق ، وما جرى من تسليم الجنديين البريطانيين لرجال الميليشيا من قبل الشرطة العراقية ، خير دليل على ولاء تشكيلات الشرطة والجيش لسلطة الأحزاب بدلا من ولائها لسلطة الدولة العراقية، وما حدث من حسم للخلاف بلعلعة الرصاص بين البدريين والصدريين ، وانحياز افراد الشرطة والحرس الوطني كل لحزبه السياسي ، يؤكد ما ذكرناه .
والذي ينتقد ما يجري في البصرة اليوم ، او يطلق آهة حسرة لما آل اليه وضعها ، فمصيره يكون مثل مصير الصحافي الأمريكي " ستيفن فنسنت " الذي قتل في 2/8/2005 ، لتجرأه ونشره مقالا في 31/8/2005 ، اشار فيه الى ان الميليشيات الشيعية تخترق شرطة البصرة ، والصحافي العراقي " فاخر حيدر " الذي يعمل لصالح جريدة " النيويورك تايمز " الذي قتل في 19/9/2005 ، لتجرأه هو الآخر وارساله تقريرا لجريدته عن ما يجري في البصرة من انتشار لغربان الظلام والتخلف .

هؤلاء الذين شمروا سواعدهم لنشر ثقافتهم الظلامية ، ثقافة القرون الوسطى ، وتحت شعار " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " سئ الصيت ، والذي نادى به المذهب الوهابي ، فشنوا حملاتهم وبقوة السلاح ، لأنهم لا يفهمون لغة الأقناع ، ولم يقرأو ا او يسمعوا بـ " جادلهم بالتي هي احسن " و " ارسلناك رحمة للعالمين " و " لكم دينكم ولي ديني " ، فأجبروا النساء بغض النظر عن ديانتهن على إرتداء الحجاب , واغلقوا صالونات الحلاقة النسائية بأستخدام سلاحهم الذين لا يجيدون غيره ، "العبوات الناسفة " ، وكذلك محلات بيع المشروبات الكحولية .

وبألم نقل الكاتب " رزاق عبود " في مقال نشره في عدد من المواقع الألكترونية ، عن اتصال تلفوني مع احد ابناء البصره والذي عبرت كلماته عن معاناة البصريين من قوى الظلام التي خيمت بظلالها القاتم على ثغر العراق الباسم وحولتها الى ثغر العراق اللاطم ، حيث قال مخاطبا مهاتفه الكاتب " رزاق عبود : " تعال وشوف شمسوين بينه ، خلوا الناس تترحم على عهد صدام المجرم ، حتى رمضان ماله طعم وياهم ،انت شايف عرس بليه زفه ، حتى الأعراس سووها مآتم " .

وللأطلاع على المزيد مما جرى ويجري في البصرة ، يمكن قراءة الدراسة القيمة والمعنونة " البصرة الحزينة .. البصرة المستباحة " للأستاذ البروفيسور كاظم حبيب والمنشورة في عدد من المواقع الألكترونية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم بدء تشغيل الرصيف العائم.. الوضع الإنساني في قطاع غزة إلى


.. تغطية خاصة | تعرّض مروحية رئيسي لهبوط صعب في أذربيجان الشرقي




.. إحباط محاولة انقلاب في الكونغو.. مقتل واعتقال عدد من المدبري


.. شاهد: -نعيش في ذل وتعب-.. معاناة دائمة للفلسطينيين النازحين




.. عمليات البحث والإغاثة ما زالت مستمرة في منطقة وقوع الحادثة ل