الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مغناطيس

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2015 / 8 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نعم أخيراً فعلتها!!..تغلبت على حالتيَّ الجمود العضلي و الفكري اللتان تسيطران عليَّ بسبب الحرب و بدأت بإجبار أناملي على التحرك فالكتابة..لا لن أتحدث عن الحرب بالطبع فالأمر لا يستحق بالرغم من تواجدي في مكان الحدث أو لأقل أنه لا يستحق الآن على الأقل..لهذا سأتحدث -كما اعتدت أن أفعل- عن أمورٍ لا علاقة فيما بينها بتاتاً كثورةٍ جنسية في الولايات المتحدة و تنظيم داعش و لا بأس من القليل من بعض قواعد الفيزياء الأساسية..كما أخبرتكِ هي أمورٌ لا أعلم حقاً كيف سأجد الرابط فيما بينها لأحثكِ على الاستمرار في القراءة!!.

هل ترين تلك الألوان المتعددة الفاقعة؟؟..نعم إنها الولايات المتحدة في ستينيات القرن الماضي عندما أصبح كل شيء يحمل ذلك التعدد اللوني في الملابس في الأفكار ليصل حتى إلى الطابع العام للبلد..هذا التلون كان سببه أن ثورة الهيبيز -أو ما سيُعرف بالثورة الجنسية فيما بعد- كانت قد بدأت بالتسلل بين خيوط النسيج الاجتماعي الأمريكي..حينها كان القاسم المشترك بين جميع المنجرفين إليها هو رغبتهم في الحصول على أعلى سقفٍ ممكن لمساحة حريتهم الفردية..لهذا السبب كانت تلك الفترة هي الفترة الذهبية لارتفاع معدلات الإدمان على المخدرات و ظهور العلاقات الجنسية من دون رباط الزواج بخلاف الماضي الذي كان المجتمع فيه أقرب لممارسة التشدد تجاه كل شيء تقريباً..حتى و لو كان ذلك "الشيء" هو تصميم الملابس النسائية!!.

و لقد أدت بالطبع ممارسة ذلك النوع من التحرر الجنسي إلى ارتفاع معدلات الإجهاض كون تلك البذور أصبح من غير المستنكر الشعور بأنها غير مرغوب فيها..خاصةً مع تنامي الإيمان بأن الإجهاض هو حق بشري للأنثى يحاول المجتمع مصادرته منها..كان التغير في الأفكار شديداً و ينجرف نحو النقيض تماماً..و لعل أفضل من عبَّر عن هذا التغير المتطرف نحو النقيض الآخر المتطرف أيضاً هو فيلم "شحم"..حيث كانت الشخصية الأنثوية الرئيسية في ذلك الفيلم تمارس الماضي بكل عاداته المحافظة في وقتٍ كانت فيه أغلب شخصيات الفيلم قد انجرفت نحو التغيير..الأمر الذي أدى إلى أن تتغير هي الأخرى لتشعر بعدم الإقصاء عن المجتمع..و بالرغم من أن الفيلم حاول تصوير ذلك التغيير بصورة القرار الشخصي إلا إنه حقيقةً كان أقرب إلى الإجبار لأنها لم تعد تملك ترف الاختيار.

أي أنكِ تستطيعين القول أن تلك الثورة لعبت دور المغناطيس الذي جذب نحوه أي قطعة تحتوي و لو على القليل من بُرادة التوق إلى الحرية..و إن كان هذا المغناطيس قد جذب إليه التوَّاقين نحو الانعتاق من قيود المجتمع المحافظ آنذاك فالمغناطيس الذي سأتحدث عنه تالياً هو مغناطيس جذب إليه المتعطشين إلى التخلص من قيود الإنسانية.

فنسبةٌ لا بأس بها من المنضمين إلى تنظيم داعش المتطرف هم من فئة "المسلمين الجُدد" و الذين جُلُّهم من الجنسيات الغربية..تلك الشخصيات و عند البحث عن خلفياتها ستجد إنها كانت تنتمي إلى ذات الطبقة الاجتماعية بل إن نسبةً منها -قبل إسلامها الغير مبارك- كانت تنتمي تقريباً لذات طبقة الفئات الدُنيا من المجتمع..بائعيَّ المخدرات و القوَّادين و حراس الملاهي الليلة أي أنهم كانوا من الفئة التي شاهدت المجتمع في أبشع صوره عندما تسيطر عليه رغباته و ينساق إلى تحقيقها دون أن يضع أي اعتبار لأي ضوابط.

هنا لعبت تلك التنظيمات ذات الأيدلوجية الإسلامية المتطرفة دور يُشابه دور الثقب الأسود..ثقب كان قادر على ابتلاع المقتربين منه بسرعةٍ عجيبة لينقلهم من بُعد مرحلة الإنسان إلى بُعد مرحلة المسخ..من مرحلة التقزز من الضعف الإنساني الذي كانوا يعايشونه كل يوم تقريباً إلى مرحلة إذابة الحد الفاصل بين التقزز من أمرٍ ما و ممارسة ما هو أشد إثارةً للاشمئزاز منه بمراحل..لا يُمكن بالطبع إدانة أي دين سماوي لأن أياً منها يحتوي -بشكلٍ عام- بين دفتيَّ كتاب تاريخه الحضاري على كمٍ هائل من الوحشية و المجازر..مجازر كانت -و ربما ما زالت- تقوم على فكرة العنصرية و إقصاء الآخر..ماذا؟؟..هنالك دينٌ سماوي انتشر بشكلٍ سلمي و دون أي عنف جسدي؟؟..أذكر لي واحداً أو لا تقاطعني و دعني أنهي حديثي.

ربما لهذا السبب -بالإضافة إلى أسبابٍ أخرى عديدة بالطبع- أصبح الإسلام دينٌ مكروه في بلدان غربية عديدة..و هذا الأمر لا ينفي فكرة التسامح التي يؤمن بتطبيقها الغربي عامةً بل بالعكس يثبتها!!..ففي السويد -على سبيل المثال- أصبح هناك تأييد شبه مُطلق لحقوق المثليين بينما يوجد رفض كبير للإسلام أو إبراز أياً من مظاهره..مجتمعاتٌ عنصرية؟؟..بالعكس هذه من سمات الإصرار على الحفاظ على بقاء تواجد التسامح مُقيماً بين أفراد المجتمع..فهنا نجد أن التسامح مع المثلية لا يسبب للمواطن الغربي أي أضرار جانبية في نسيج الأمن المجتمعي بينما التسامح مع المسلم يجعله يتمادى ليسبب لذلك الأمن طعنةً في صميمه.

فالمسلم شخصيته -في الغالب- تحمل قدراً لا بأس به من الوقاحة فهو يهرول نحو البلدان الأوروبية ليحصل على الحقوق الإنسانية التي حُرم منها في بلده الإسلامي و لكنه لا يتوانى عن طعن ذلك البلد الذي استضافه في الخاصرة عند أول فرصةٍ تتاح له..بل إننا قد نجده يستغل القانون الذي يحتقر كونه من وضع بشر إن كان سيحفظ له عنقه من التحليق بعيداً عن جسده بعد أن يكون قد ارتكب أي جريمة كانت ستستوجب قتله لو كان في موطنه الأصلي "المسلم".

التنظيمات الإسلامية الإرهابية نجحت في استقطاب الشخصيات الغير سوية نفسياً نحو الإسلام..و في المقابل وجدت تلك الشخصيات أن الإسلام يمنحها مرونةً أخلاقية و عالم لا حدود لإمكانياته يمكنها من خلالهما أن تُطلق كل مخزونها السادي دون وجود الحد الأدنى من العقاب تجاهها..و حتى إذا تغاضينا عن عدم وجود أي عقابٍ دنيوي أو حتى إلهي حسب مفهوم تلك الشخصيات لهذين الأمرين لردعها عن تصرفاتها فإننا نجد أن حتى المعيار الذي لا يُخطئ غالباً في قياسنا لصحة الأمور من عدمها و هو الضمير الفطري -و المتواجد بداخل أي إنسان- قد تم احتجازه بمجرد اعتناق تلك الشخصيات للإسلام في جُبَّ أشد ظُلمةً من جُبَّ يوسف..و ربما لهذا السبب أيضاً أصبحت فكرة الانضمام لتلك التنظيمات الإسلامية المتطرفة فكرة شديدة الإغراء لدى فئةٍ لا بأس بعددها..فأنت ستصبح أحد أعضاء تنظيمٍ يجعلك تؤمن بأنك و الرب سواء!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: المسيحيون الأرثوذوكس يحتفلون بـ-سبت النور- في روسيا


.. احتفال الكاتدرائية المرقسية بعيد القيامة المجيد | السبت 4




.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا


.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة




.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه