الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين يقولون عن الثورة مؤامرة وعن المقاومة إرهاب

عماد صلاح الدين

2015 / 8 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


حين يقولون عن الثورة مؤامرة وعن المقاومة إرهاب
عماد صلاح الدين

أمامي مفردات وكلمات؛ الحق، الباطل، الظلم، الظالم، المظلوم، العدل، الحرية، الكرامة، الاستبداد، الديمقراطية، التقدم، التخلف، مجتمع حضاري، مجتمع انحطاط، وهكذا. هذه كلمات ومصطلحات ومتناقضات ومتقابلات الخ.
هل يستطيع احد في الدنيا سواء كان شخصا عاديا أو جاهلا أو عالما أو مثقفا أو صاحب رؤية وفكر، أن ينكر هذه الكلمات، وينكر حقائق وجودها المادي والتاريخي في حياة الإنسانية، وقت ما كانت وتكون، وحيث كانت وتكون؟؟.

يتفق علماء الاجتماع، ومختصو المباحث الإنسانية، في زمن مجتمع الحضارة والأخلاق، في مقابل زمن مجتمع التخلف والانحطاط وانهيار الخلق، على ما هو آت:

أن مجتمع زمن الحضارة وقيام الأخلاق؛ معادلة حسن البذل وأداء الواجب فيه، ضمن معايير علمية وإنسانية واجتماعية، سواء على مستوى الفرد أو المجموع، تؤدي كقاعدة عامة إلى حسن المخرج والإنتاج في شتى المجالات المختلفة، وتكون هناك المكافأة المادية والمعنوية مقاربة تقريبا لعموم الأداء وحسنه ومخرجه. وهذا سير المجتمع ككل، حتى تكون الأمور وفق ذلك تلقائية وسجوية، تتكون منها ثقافة المجتمع وممارسته عبر التكرار والتوكيد ونفوذ ذلك المسار العام، وان أي استثناء بحكم اللامطلقية الدنيوية فهو أولا، لا يقاس عليه وثانيا، من الممكن جدا محاصرته، ومن ثم التعامل معه معالجة وإرجاعا، نحو الوضعية الصحيحة استحقاقا أو خصما، في إطار النزاهة والعدالة والديمقراطية.

وان صاحب الحق في مجتمع الخلق والحضارة، إذا ما مس حقه، أو لم يحصل على حق استحقه عن جدارة واقتدار، وهو يذهب إلى المطالبة بحفظه أو الحصول عليه، بعد ما منع عنه أو لم يوف إليه، فان تلقائية وسجوية وعفوية منهج السلامة الإنسانية الممارس، والذي انتقل من دائرة الشعور إلى اللاشعور؛ فترسخ وتكرس عبر عقود وعقود، لا يجد صعوبة في الطلب أو المطالبة أو استدعاء حقه، واقصد - في الصعوبة هنا- أي ارتباك كلي في مجمل التركيبة الإنسانية نفسيا وفيزيائيا؛ فالمجتمع هنا مجتمع إنسان حقيقي، وكل عوامل التفاعل في الإيجاب تكون كيميائيتها متلاقية ومنسجمة، بل ومتحدة كالجسد الواحد المتعاضد، والمتداعي في كليته، في حال اشتكاء عضو من مرض أو سهر أو حمى.

وفي مجتمع السقوط والانحطاط وانهيار الخلق، تجد المعيار عكسيا ومقلوبا؛ فحسن الأداء وحسن المخرج ليس هما معيار الحكم على الأكفاء، وبالتالي إحقاقها وإيفاء هذا الاستحقاق، فهنا الفهلوية والفذلكة هما المعيار، وهنا يسود الظلم وتغيب العدالة.

وحين يحاول صاحب حق متيقن، أو صاحب مطلب محق، المدافعة عن حقه أو طلب هذا الحق، ويتخذ من الإجراءات بهذا الخصوص ما يتخذ، تلازمه حالة سيكوسوماتيكية كلية؛ في الذهن والنفس، وحتى الجسد، سماتها الإرباك والارتباك، وربما الوصول إلى حالة من الشك، بأحقية الحق نفسه.

ومن الملفت للنظر، أن حالة من اللوم، تنهال على ذلك المدافع أو المطالب للحق، حتى من الذين يظن بهم الموضوعية والجودة.

فينكفئ صاحب الحق عن طلبه المحق، في مجتمع اللاقيم والتمدن الحضاري.

والخشية تكون كظاهرة وتبعاتها، الاتجاه نحو الإحباط، ومن ثم تسليم المستسلم.

والذي يحصل، هو أن المجتمع حين يصل إلى الانحطاط الأخلاقي والديني والإنساني، يصل إلى ذلك عبر تراكم أجيال وعقود، والتراكم هنا صار منهجا تلقائيا سلبيا ساريا في روح المجتمع، بعد أن انتقل من دوائر الشعور إلى اللاشعور. ولعل السادة والسيدات الأموات، جيلا يتلوه جيل في هذا السياق، وفي سياق إيجاب تكون روح المجتمعات والأمم، يؤثرون في سير الأحياء ومناهجهم بأكثر مما يؤثر هؤلاء الاخيرون، وعلى كل حال في سياقي الإيجاب والسلب.

ولقد حاولت في إحدى مباحثي المنشورة عن الإجرائية وتقرير المصير، وكذلك عن منطق الحق والواجب، الخروج من مأزق الظلم وعدم تحقق العدل لأهل الحق عن بذل وجدارة ولأهل أداء الواجب، حين يطلبون تلك الحقوق فلا يلبون، ويربكون في الكلية حين عن حقوقهم يدافعون ويناقشون، عن طريق بذل مزيد واجب وممارسة الإجرائية كعمل ونشاط وسعي بأقصى حالاتها، عل منفذا لآمالهم يشق، فيرون منه بعض نور، يضيء الطريق لمستقبلهم.

لكن من التدقيق التاريخي والتجربي، لواقع المجتمعات حين يتكرس في مشوار التخلف والانحطاط، فان أداء مزيد واجب، وتفعيل كل نشاط وعمل إجرائي، يستفاد منه في التطوير وحتى الإبداع، ولكن بمشقة بالغة واستثنائية، يتبين انه لا مفر طبيعي وإنساني وأخلاقي، من الثورة على هذا العائق النوعي والضخم الخطير، في الاستبداد والظلم واللاعدل؛ ثورة في الدين والأخلاق وفي الإنسان نفسه؛ رؤية وممارسة.

في مجتمع الانحطاط الشامل، قد ينتبه الأطفال إلى التمييز والظلم غير المحقين، على صعيد أفراد طفولتهم بين هذا وهذا، رغم تفوق وانضباط هذا الطفل المكلوم بالظلم على مجايله الكسول المحبي بالعطاء والاهتمام.
لكن كبار الساسة والقوم وكبار العمر – عندنا- في بلاد العرب، لا ينتبهون إلى من يستحق ممن لا يستحق. وليست الأمور لديهم سواء على كل حال، فحال المستحق مزر بتغييب العدل عنه، وحال من لا يستحق في الأعالي بإكرامه وإغداق الخيرات عليه دون وجه حق.

كنت أجادل ولا زلت، ومن منظور فلسفي، بان طيف العدالة في السماء، ومواتاة الحظوظ غائب هو الآخر، بغياب عدالة أهل الأرض(ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)، حتى إن المجد المجتهد يسأل عن: أي ذنب وتقصير قد اقترفت حتى لا تواتيني مجرد الحظوظ، ولماذا افشل، وهو يسأل هذا المجد المجتهد على الناحية الأخرى، لماذا هذا المقصر والشارد من دائرة الالتزام والأخلاق تواتيه حتى الحظوظ.

انه يا سيدي الظلم، والظلم ظلمات، والساكت عن الحق شيطان اخرس، والله اعلم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ


.. مسيرة تجوب شوارع العاصمة البريطانية لندن تطالب بوقف بيع الأس




.. تشييع جثمان مقاوم فلسطيني قتل في غارة إسرائيلية على مخيم جني


.. بثلاث رصاصات.. أخ يقتل شقيقته في جريمة بشعة تهز #العراق #سوش




.. الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إنسانية عبر الرصيف ا