الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأحزاب الدينية وفقدان الضمير

راغب الركابي

2015 / 8 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني




لم يعد ممكناً بعد اليوم التغاضي عن التجاوزات والتعديات التي سببت النكبة في ضياع الوطن وتحطيم كرامته ، لم يعد ممكناً بعد اليوم أن نمارس الخداع والتضليل والوعود الكاذبة ، إن شعبنا العراقي قد صبر كثيراً وتحمل أكثر و كان دائماً حسن النية في نظرته لمن يقودون الحكم ونظام الحكم ، ولكنه اليوم قرر القيام وقرر الثورة على أولئك النفر من النفعيين والفاسدين والفاشلين ممن سرقوا المال العام وأفقروا البلاد والعباد ، وأدخلوهما في متاهات من الدم والعصيان والتمرد والخوف والمجاعة وضنك العيش ، الشعب العراقي هذا الصابر : الذي لم ينهزم بعد ولن ينهزم هكذا حدثنا عنه التاريخ عصي شديد الشكيمة يتحدى ويقف حتى في أحلك الظروف وأقساها ، ولهذا فثورة يقودها هذا الشعب المصمم سيكتب لها النجاح بكل تأكيد مهما تفرعن الطغاة أو تكاثروا عدةً وعدداً ، وتجارب الشعب تحكي لنا عن هذا الإصرار وهذا التمرد من أجل الحق ، نعم كانت تجاربه قاسية لكنها قد أعطته المناعة الكافية ليكون قادراً على صنع حاضره والنظر بعين الأمل إلى مستقبله المشرق ، وهاهي المظاهرات التي تملء ساحات الوطن تقدم لنا الدليل تلو الدليل على ذلك ، جماهير مؤمنة بالنصر يشدها إلى ذلك عزيمة لن تلين وصبر إيجابي ينشد الوحدة الوطنية لكل قوى الشعب ، إنه الهدف الذي تسعى له المظاهرات وتطالب ، إنه في سبيل إنهاء المعانات ورد العداون الذي تمثله قوى الجريمة والشر من الإرهابيين ، هذه الوحدة في الشعار وفي الهدف تعبر عن وعي سياسي وإجتماعي رصين ، وهي عندنا بمثابة - قوة الروح - مع قوة الإيمان في أن يكون القادم خير إنشاء الله .
ودعوني أقول لكم : إن عملاً لا يأخذ بالأسباب الموضوعية سيكون عملاً مزيفاً وخادعاً ، وإن المظاهرات إن لم تحمل في جوهرها معنى التغيير الحقيقي هي تظاهرات فاشلة ، فالتظاهر وتحدي قوى الفساد لازمه توجيه العقول والضمائر العاملة لتحرير البلاد من هيمنة الطوائف والمحاصصة البغيضة ، وكما قال المرجع السيستاني إن بقاء العراق موحداً يلزمه - إرادة الشجعان - التي تختصر المسافات من أجل كبح جماح المغامرين وأصحاب النوايا السيئة ، هؤلاء الذين يعملون من أجل التبعثر والتفكك مع إختلاف في وجوههم وأسمائهم .

نعم إن فسدت العملية السياسية فذلك لا يعني شيئاً عند أؤلئك النفر من العصابة الفاسدة ، إذ إنهم جميعاً ساهموا بشكل مباشر وغير مباشر وكلاً بطريقتة في تخريب تلك العملية وتفتييت قيمها الإجتماعية والنفسية ، ولهذا فالمعول على هذه الثورة الجديدة في أن تسترد حقوق العراقيين وكرامتهم العراق ، من خلال العمل المباشر في تغيير كل الوجوه التي أساءت للعراق تغيراً شاملاً وجذرياً ، ويعني هذا لتأسيس الفعلي للنظام الجمهوري التعددي المدني ، الذي يُمثل فيه الشعب على النحو الذي يحقق له التقدم والحرية والعدالة والسلام والمساواة ، ولا عبرة في نباح أدعياء الديمقراطية المزيفين الذين جعلوا البلاد على كف عفريت ومفترق طرق ، ولهذا فالمبادرة الشجاعة تلزمنا إتخاذ الخطوات الحاسمة في عملية التغيير الجذري العميق والحاسم إذ بدون ذلك يكون العبث والفناء والتقسيم والتبعثر و التشرذم .
إنه كان في التأسيس الخاطئ للنظام السياسي بُعيد 2003 ، ذلك التأسيس الذي جر على البلاد الويلات والمذابح ، لأنه تجاهل تضحيات الشعب وماكان يطلبه من حرية ومساواة وعدالة إجتماعية وحقوق وضمان وطني ، ولقد كان للأحزاب الدينية الدور الرئيسي في هذا العبث وهذا التخريب الذي نحن عليه الآن ، فقد أثبت هؤلاء القوم إنهم عبارة عن لصوص ومجرد حراميه وسُراق - سيئي الخلق والتربية والسلوك الوطني - .
إن هؤلاء الشرذمة شوهوا الدين وزيفوا حقائقه الأخلاقية التي بُني عليها وقام ، ولذلك فالمسؤولية تقع عليهم جميعاً وعلى من تصدوا للعملية السياسية في البدء ، ولعلنا نشير من غير مواربة إلى أؤلئك الذين باعوا أنفسهم للأغيار محققين مأربهم وخططهم في تأخير عجلة البناء والتنمية ، مسهلين للعصابات الإرهابية في إختراق حصن الوطن وإيجاد مواطئ قدم لهم هنا وهناك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 180-Al-Baqarah


.. 183-Al-Baqarah




.. 184-Al-Baqarah


.. 186-Al-Baqarah




.. 190-Al-Baqarah