الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف تناقش الدواعش ؟

ياسر ضحوي

2015 / 8 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مع تداعي ما يسمى بالمشروع الحضاري وفشله الكارثي في السودان رغم ما توفر لحكومة الإنقاذ من وقت وموارد وإنفراد بالحكم ودعم من تنظيم الإخوان المسلمين الدولي وجهات اسلامية اخرى كما فشلت كل الحكومات والأنظمة القائمة على مفهوم الإسلام السياسي كنت أظن انها فرصة ذهبية للعلمانية والليبرالية المجتمعية , ولكن المفاجيء أن الإنتقال الآن ليس من اليمين المتطرف الى الإعتدال أو اليسار ولكنه من اليمين المتطرف الى يمين أكثر تطرفاً , من احزاب الإسلام السياسي الى مشروع الخلافة .

ذلك لأن العلمانية والديمقراطية لا يمكن أن تتواجد في بيئة فكرية دوغمائية تنادي بأن تطبيق الشريعة هو الحل لكل المشاكل والمعضلات الماضية والحاضرة والمستقبلة , وإذا اردنا أن نناقش هذه الموضوع من داخل ثقافتنا الدينية فإن القضية هي محور النزاع بين المدرسة النصية والمدرسة العقلانية ... بين تقديم العقل على النصوص وبين إتباع النصوص الأعمى , ومع تمدد الفكر السلفي الجهادي الإرهابي وتراوح ردود الفعل بين من يسمون أنفسهم معتدلين بين الصمت والتنديد الخجول لا بد لنا من وقفة مع المدرسة النصية التي اخرجت لنا احزاب الإسلام السياسي ومشروع الخلافة .

ونبدأ ياسئلة : هل الثقافة الدينية ومنتوج الفكر السلفي هو القمة المثالية التي يجب أن نسعى اليها ؟ هل اتباع النصوص المقدسة حرفياً وتبني فكر المدرسة النصية هو الحل الأمثل لنا كمسلمين ؟

هذان السؤالان لهما اجابة واحدة وهي : لا !

لنضرب مثالا عن ماذا سيحدث لو قدمنا النصوص على العقل ... الدين الإسلامي حين جاء قام بتقنين ظاهرة الرق وشرع العتق , ولكنه لم يقض على هذه الظاهرة تماماً , تكلم الكثيرون وكتبوا عن هذه المسألة وبرروا بأن الإسلام لا يستطيع أن يقضي على الرق آن ذاك لتغلغله في ثقافة المجتمع وحركة الحياة , ظاهرة الرق إنتهت مع حقوق الإنسان وهي منتوج فكري إنساني لا علاقة له بدين معين ولكنه يتفق مع روح الأديان . فلو اردنا تطبيق الإسلام بنصه وإعتقدنا أن تطبيق الإسلام حينها كان قمة الحضارة والفكر الإنساني فهذا يعني أنه يحق لأي مسلم إغتصاب اسيرة بريئة تحت مسمى ملك اليمين ! ويكون هذا حلالاً طيباً مباركاً كما فعلت داعش بالإيزيديات .

وبنفس هذا الفهم يمكن أن يضرب احدهم زوجته ويحتج بقوله تعالى : (وإضربوهن) , ويبقى ضرب الزوجة وإهانتها حلالاً زلالاً مهما تحسن وضع المرأة أو تطور المجتمع !

تقديم العقل على النقل ليست بدعة إبتدعناها نحن العلمانيين واول من ابتدعه هو الفاروق رضي الله عنه حين قدم العقل على النص القرآني والنص القرآني قطعي الثبوت في الثقافة الإسلامية , وقبل أن يقفز أحد ويقول أن الفاروق ليس مصدر تشريع ارد عليه بأن فعل الفاروق هذا في مناسبتين مختلفتين لم يعترض عليه احد في موروثنا , الصحابة الذين لم يجمعوا على المصحف العثماني الذي بين أيدينا وإختلفوا عليه لم يعارضوا عمر أو يكفروه أو يقفوا في وجهه ... وإن كنت تابعاً للمدرسة النصية فهذا يعني أن الصحابة الأوائل رضي الله عنا وعنهم لم يفهموا هذا الدين ولم يعرفوا كيف يطبقونه .

لهذا الاحظ أن النقاش الآن يدور حول السنة وحجيتها لأن القرآن به آيات للحرب والسلم ولكن دعاة الإرهاب يوجهون النص القرآني بالسنة نحو فهمهم الدموي للإسلام , ومناقشة حجية السنة هي معركة في غير معترك ... لأن الفكر الإرهابي يمكن إنتاجه من النص القرآني بدون تدعيم من السنة , المعترك الحقيقي هو تقديم العقل على النصوص المقدسة والتأسيس لتدين عقلاني .

لذا الاحظ أن غالبية من يناقشون الدواعش يعجزون عن محاورتهم لأنهم ينازلونهم في ملعبهم وهو الموروث الديني , والدواعش حين يحاورون يتحكمون بإطار النقاش ليتحكموا بالنتائج ... مثلاً : هل أنت مسلم ؟ هل تطيع الله ؟ الله أمرنا أن نطيع الرسول ... هل تطيع الرسول ؟ الرسول قال كذا وكذا ... والنتيجة : إذبح وفجر وإغتصب بإسم الدين

الحل هو في العقلانية وفي التجديد والإصلاح الديني وليس في إعادة إنتاج الفكر الديني بنفس ادواتهى القديمة , فإنه من الجنون أن نقوم بنفس الشيء مراراً وتكراراً وأن نتوقع نتيجة مختلفة ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟


.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي