الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المواطن الكويتي والإرهاب الإسلامي

عبدالعزيز عبدالله القناعي

2015 / 8 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اوشاج
المواطن الكويتي والإرهاب الإسلامي

يدفع غالبية المواطنون الكويتيون أموالا وتبرعات وصدقات ونذور وزكاة وخمس وهبات وعطايا الي مختلف الدول والأقطار العربية والإسلامية، ايمانا منهم بالتبعية الاسلامية او المذهبية، أو للتبشير بالدين وأسلمة وهداية غير المسلمين في رحلات اسلمة الملايين من الفقراء والمحتاجين في افريقيا وغيرها من الدول الفقيرة، او لبناء المعابد الدينية ومراكز التعريف بالإسلام في الدول الغربية. وهذا بخلاف ما تجود به قريحة الحكومة الكويتية من تبرعات ضخمة الي حكومات العديد من الدول بمختلف ارجاء العالم. سنوات طويلة مرت على هذه التصرفات وهذه العطايا..! فماذا جنينا نحن من هذه التبرعات او من اسلام الملايين من الفقراء..؟!! لاشك ان منذ الوهلة الأولى يتبادر الي ذهن المسلم ان في هذه العطايا خلاص من النار وعتق من العذاب وزيادة رصيد الحسنات.. فهل هذا يكفي كي تكون هذه التبرعات مبررا انسانيا، أم أن السحر قد انقلب على الساحر وجاء من وراء هذه الحسنات والتبرعات والعطايا، الارهاب الاسلامي الذي كان كل ما يحتاجه حتى ينتشر ويستقوي ويجد بيئة سياسية واجتماعية فاعلة هو المال الشرعي والنبع الذي لا ينضب من الأموال باسم الدين والتبشير الديني.
لم تنفصل الكويت والشعب الكويتي منذ استقلالها وحتى اليوم عن القضايا المصيرية العربية والإسلامية، بل كانت دائما السباقة إلى لم الشمل واحتواء خلافات الأشقاء والأعداء من العرب، ودفعت مقابل هذه المواقف الكثير من التضحيات تمثلت بعمليات ارهابية عديدة، وتصفيات جسدية على ارض الكويت طالت القيادة السياسية والشعب الكويتي بمختلف اطيافه. ولأن الانسان العربي عموما لا يتعلم من التاريخ ولا يقرأ التاريخ ولا يتفاعل مع التاريخ، فإن الواقع اليوم لم يختلف عن الأمس إلا في التطور النوعي والكمي في درجة الإرهاب واتخاذه هذه المرة لبوس الإسلام نظرا لعدم انفصال المجال السياسي والاجتماعي عن الدين والمذهب، وفشل التطور التاريخي في احداث التغيير السوسيولوجي في بنية العقل العربي بشكل عام. وقد ادى ذلك الإخفاق الي صعود الدوغمائيات الدينية بشقيها السني والشيعي، في حركة تستمد من التاريخ الاسلامي عوامل البقاء والتحدي والصراع.. فحين يفشل أي مجتمع في احداث التغيير الاجتماعي وهو ما نعنى به التطور في مجالات الحريات وحقوق الانسان والعقل مقابل النقل، فإن واقع هذا المجتمع لن يكون اكثر من مجتمع بدائي بصورة حديثة، كما قال نزار قباني "لبسنا قشرة الحضارة والروح جاهلية".. اذن ما الذي دفع المواطن الكويتي وهو المعروف عنه بانه يعيش في مجتمع مدني منذ الاستقلال، ان يكون مواطن مليء بالتناقضات المذهبية والقبلية، وأن يتمادى الي تفضيل الولاءات الهامشية على الوطنية، وأن يفكر جديا بأن دولة الكويت ماهي إلا دولة مؤقتة عليه أن يستفيد منها ثم يتركها تختفي او تحتل من قبل بعض دول الجوار.. ماهي المعضلة في هذا التفكير؟ ..ومن خلق هذه التداعيات؟ ..انها اسئلة كثيرة ومستحقة وغائبة من الطرح بشكل جدي او رسمي من الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني. في الحقيقة لقد اخفقنا نحن كمواطنين، الغالبية طبعا، في عملية البناء، فكان علينا أن نهدم وهي العملية الأسهل، في ظل تراخي عام وكسل عقلي ونفسي عن محاسبة الذات، وساهمت الحكومة بهذه العملية الاستهلاكية الريعية وتركت المواطن يعيش في دوامات الدين والطائفية ومواقع التواصل الاجتماعي، في غياب متعمد للفكر الجاد والثقافة العلمانية التي تم محاربتها اسلاميا ومذهبيا وقبليا حتى لا تفقد الزعامات الدينية والسياسية والقبلية مكتسباتها التي حصلت عليها بفضل بقاء الجهل والخرافة.
أمام هذه الأزمات والإشكاليات التي لم تنتهي ولن تنتهي باعتقادي إلا بعد مرورنا بعملية تصحيح ذاتي ونقلة نوعية في التفكير والممارسة والسلوك، من خلال تطوير علاقات انتاج اقتصادية وفكرية وسياسية جديدة بعيدة عن الدين والمذهب والقبيلة.. لم يرجع إلينا سوى الإرهاب الإسلامي، ولم يحصد غالبية المواطنون الكويتيون من تبرعاتهم وحسناتهم سوي الموت والخراب، ولم نرى من ملايين البشر الذين تم هدايتهم وحفر الآبار لهم في افريقيا سوى انهم بقوا عالة على اموال المسلمين .. فقد بدأ الارهاب السلامي كظاهرة متأصلة في الدين والتاريخ الاسلامي، وهي ظاهرة التطرف الديني الذي ما لبث ان اصبح ظاهرة عامة وسلوك يتقبله الغالبية لان فيه تعزيز نفسي ومواجهة فكرية امام تيارات الحداثة والتنوير والعلمانية، وهو الخطأ الأول الذي وقع فيه الفكر الاسلامي واصحابه حين اعتبروا الرأي الآخر عدوا يجب استئصاله، ومن هنا خرجت مصطلحات العودة الي الدين الصحيح، وشعارات الاسلام هو الحل، ودولة الخلافة، ولن يصلح حال هذه الامة إلا في العودة الي السلف.. هنا تكونت رؤية دينية متطرفة اتخذت من اوضاع مجتمعاتنا السياسية والاجتماعية السيئة مدخلا لتعزيز تطلعاتها السياسية للوصول الي الحكم والسلطة، وبنفس الوقت تغذية الشارع بالتراث الديني والفتاوى والمحطات الدينية، لتتم أكبر عملية تخدير ديني في وقتنا الحالي، حتى لم تعد مقولة ماركس بأن "الدين هو زفرة الانسان المضطهد المظلوم"، تنطبق على غالبية الشعب الكويتي بل أصبح الدين في الكويت تجارة وسلطة ومجلس أمة من جهة، ومن جهة اخرى زفرة المواطن الذي لا يملك إلا الانكماش في مدارات الدين والمذهب عله يحقق على الأقل ما يؤمن به من حياة عادلة في العدم.
في مجتمعنا الكويتي حاليا نعيش اكتمال مرحلة التطرف الديني، وهي مرحلة مرضية خطيرة جدا، فقد بدأ الاستقطاب يأخذ مسارات مذهبية وعمليات لوجستية وإرهابية تمثلت في القيام العملي لتصفيات وحوادث قتل اتخذت مسارين، تمثل الأول في داعش السنية وتفجيراتها في المساجد، والمسار الثاني في الخلية الارهابية التي تم القبض عليها مؤخرا والتابعة بحسب الصحف المحلية الى حزب الله الشيعي.. هذه التطورات ليست مقصورة على الكويت، ولكن قياس المجتمع الكويتي قد اتخذته نظرا للتغير السريع في المجتمع الكويتي من المدنية البدائية الي مرحلة دعم الارهاب الاسلامي، وهو الأمر الذي ينبئ بخطورة كبيرة على مستقبل الوطن وأجياله .. فالحقيقة ان التطرف مستشري في مختلف الثقافات الدينية، إلا أن تمثله في الدين الإسلامي قد أخذ منعطفات دالة، ساعد على انتشاره فئات اجتماعية متنوعة، وامتدت جذوره عبر مختلف الدول العربية والإسلامية. فأصبحت مظاهر الغلو والتكفير والقتل نوع من الالتزام بالدين، وأصبح رمي الآخرين بالكفر والخروج عن الدين أصلا من أصول الدين، يتم تدريسه والدفاع عنه بل واقامة المحاكمات القانونية ضد المفكرين والمثقفين. كما وانعكست مظاهر الارهاب الاسلامي على المستوى الاجتماعي، من خلال تفكيك المجتمع وتمزيق نسيجه، وتفرقته الناس بين المؤمن والكافر، ثم غرسه لقيم التشدد ودعمه بالكتب والفكر والإعلام، ليعاد إنتاجه مع كل جيل كثقافة مجتمعية، لا تعترف بالاختلاف والتعدد، فتقصي الاجتهاد لتفرض النظرة الأرثوذكسية على النصوص الدينية.
كل هذه التطورات، نحو التطرف والإرهاب الاسلامي في المجتمع الكويتي، والمجتمعات العربية والخليجية ايضا، جاءت بعد مراحل من تغييب الوعي العلماني، وتعزيز الهيمنة الدينية الذكورية، وإعلاء النقل والتقليد والعنعنة مقابل تحريم وعدم اهتمام بالفلسفة والعلم.. التغيير لن يكون سهلا، فالمرحلة الحالية هي مرحلة تم التخطيط لها بدقة من قبل الكهنوت الإسلامي، فمشروع الحاكمية، وبعد ثورات الربيع العربي، لن يكون مشروعا نظريا فقط، بل استراتيجية عليا وهدف أسمى لإقامة دولة الخلافة وحكم العالم وهدايتهم الى الدين الصحيح.. هذه تجليات تاريخية لم تأتي من العدم، ولم تأتي من الخيال، بل جاءت كأوامر إلهية لابد من تحقيقها على أيدي خير امة أخرجت للناس .. هنا ماذا نحن فاعلون؟.. وكيف نستطيع أن نحدث التغيير والمواجهة مع من يريد إلغاء الحضارة والانسانية والحب ليستبدلهم بالدم والجلد والرجم ..الدين لن يكون المظلوم ابدا، فهو حق انساني لكل البشر والمحافظة عليه وفق العلمانية هو الغاية الحضارية للإنسان الحر الواعي، فالتغيير المطلوب من الانسان الكويتي والعربي أن يبدأ في تغيير نفسه وفكره وسلوكه.. أن يقرأ كي يكتشف فضاء المعرفة، أن يؤمن بحرية الرأي والاعتقاد، أن يفرض على حكومته العدالة والمساواة، أن يصنع الغد بدلا من أن يلعن الحاضر، فقد أخفقنا في الحاضر، ومن لا يتعلم من الحاضر لن يكون له مستقبل ابدا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بابا الفاتيكان فرانسيس يصل لمدينة البندقية على متن قارب


.. بناه النبي محمد عليه الصلاة والسلام بيديه الشريفتين




.. متظاهر بريطاني: شباب اليهود يدركون أن ما تفعله إسرائيل عمل إ


.. كنيسة السيدة الا?فريقية بالجزاي?ر تحتضن فعاليات اليوم المسيح




.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا