الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ويعلم مافي الأرحام

رائد الجراح

2015 / 8 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عندما تستخدم أدوات اللغة العربية لتشويه الحقائق النصية للقرآن خدمة للأعجاز العلمي المزعوم يجعل النص القرآني يفقد مصداقيته التي كان القدامى من المسلمين يؤمنون بها, ونجد هذا الأسلوب يمارس من قبل الكثير من الذين يتحدثون بهذه اللغة الجميلة ويستخدموها لما تسع من قدرة على تحريف ولي وطي وتغيير وتأويل وتبديل للمعنى وهو أخطر ما يكون عليها وعلى الحقائق التي تزيف النصوص القرآنية وربما الحديث , وتربطها بشكل مباشر مع مجريات العلم في مجالاته الواسعة التي تشمل الطب والفلك جغرافيا وتاريخ , لذا نجد إن من بين الذين إستغلوا هذه الخاصية في اللغة وإستفادوا منها هم أصحاب الأعجاز العلمي في القرآن حيث بدأت تفسيراتهم للآيات تناقض أحياناً الكثير من الثوابت التي إتفق عليها المفسرين القدامى وجائت بما يتلائم مع الأكتشافات العلمية التي جائتهم من مختبرات الغرب الكافر ليدحضوا من خلالها كل من يدعي بعدم صحة ماجاء في القرآن من نصوص تخالف المكتشفات العلمية الحديثة ومنها مثلاً قوله ( ويعلم ما في الأرحام ) وقد جاء في بعض كتب التفسير أذكر منها فيما جاء عن بن كثير
وقال الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها إنها قالت من حدثك إنه يعلم ما في غدٍ فقد كذب , ثم قرأت (وما تدري نفس ماذا تكسب غداً).
وقوله : (وما تدري نفس بأي أرض تموت) قال قتادة: أشياء إستأثر الله بهن ولم يطلع عليهن ملكاً مقرباً , ولا نبياً مرسلاً (ويعلم ما في الأرحام) فلا يعلمُ أحد ما في الأرحام , أذكر أم أنثى . أحمرٌ أم أسود ,
وبالطبع أستمر هذا الأعتقاد فترة قاربة الألف واربعمائة سنة دون ان نسمع أو نقرأ عن أحد من العلماء أو المفسرين جاء بغير هذا إطلاقاً ,
ولكن حين تطورت العلوم الطبية وتوسعت القدرة على رؤية وتحديد نوعية الجنين بعد اسبوعه الخامس عشر ذكراً كان أم انثى , تغيرت المفاهيم ودخل هؤلاء المنقذين لفضائح القرآن تحت ما يسمى بالمفسرين الجدد من المحدثين ليستخدموا تلك الأدوات اللغوية التي تحدثنا عنها في بداية المقال وأتحفونا بتفسيرات جديدة تتماشى مع ما جاء من اكتشافات علمية مع النص القرآني من خلال أداة لغوية بسيطة وهي (ما) فهذه الما التي كانت تشير كأداة استعلامية أصبحت أداة شمولية حسب وصفهم فجاء تفسيرهم الجديد على إن الله قال في كتابه (ويعلم ما في الأرحام ) وليس (من في الأرحام) والفرق حسب قولهم بين ما و من شاسع والأداة لا يقصد منها الذكر أوالأنثى بل يقصد منها أشياء أخرى مثل البويضة وجدار الرحم وغير ذلك , وحين تقدم له مثلاً إنك سألت أحدهم, ما في رحم هذه المرأة الحامل ؟ فمن الخبل أن يقول لك إنه الجنين أو يقول لك يوجد بويضة لأنك سترد عليه ساخراً وتقول له , وهل تعتقد سيكون في رحمها بطيخة يا احمق , فأنا اعرف إنه جنين , ولكن ما جنسه ؟
ووسط هذا الهرج والمرج من التخبط يخرج من يقول لك بأن هذه الأداة التي اصبحت شمولية كان القصد منها معرفة ما يحتوي الرحم من مكونات سايكولوجية للجنين وغير ذلك ,ولكن لا اعرف لماذا خص إله الأسلام معلوماته تلك بالأرحام ولم يخصها مثلاً في المعدة أو الأمعاء أو الأذن أو غير ذلك من الأعضاء إن كان القصد منها هو معرفة المكونات الداخلية لهذه الأعضاء, وحين أكون سائلاً أجيب عن أسئلتي في نفس الوقت فأقول إنه إختار الأرحام ببساطة شديدة لأن الناس والى وقت قريب لم تكن لديهم القدرة على معرفة جنس الجنين في رحم إمه , حتى تم إختراع جهاز السونار ,
ولكن الغريب يأتي بعض من يخالف اصحاب هذا الرأي من المفسرين ليدحضوا تفسير القدماء ويفسرون على مزاجهم على إعتبار إن الأداة المستخدمة في الآية (ما) ويعلم ما في الأرحام , هي شمولية لا تخص الأنسان فقط بل حتى الحيوان , وما علم الأطباء بنوع الجنين حسب إدعائهم سوى علم شهادة وليس علم غيب لأنهم يفصلون علم الغيب عن علوم الحياة التي يكتشفها الأنسان , ولكن الحقيقة هي أنهم يعتبرون كل شيء لم يتوصل اليه العلم الآن يعتبر علم غيب وهو من إختصاص الخالق ولا يحق للأنسان الغور فيه ومن يدعي بمعرفة شيء عنه يعتبر مهرطق وكافر والتاريخ يشهد الكثير من الأحداث التي تتحدث عن إدعاءات علمية راح بسببها علماء ضحايا بسبب كشفهم عن معرفتها , ومن أسوأ الضروف التي مرت بها اوروبا في العصور الوسطى التي كانت تسيطر عليها الكنيسة هو خير شاهد على محاربة الدين للعلم , ولكن لم يثبت أن الديانة الأسلامية قد حاربت العلم بل هناك نصوص كثيرة تحث على العلم والتعلم بل حتى الديانة المسيحية لم تثبت فيها نصوص تحارب العلم بل ما كانت تقوم به الكنيسة هو محض تعسف بحق العلم والعلماء , وهنا الموضوع يختلف لأننا نتحدث عن النصوص التي تؤكد حقيقة معينة ويظهر بعد ذلك بأنها زيف وليست حقيقة , فالطبيب الذي كان لا يعلم ما داخل المرأة الحامل في زمن قبل إكتشاف الأشعة كان النص القرآني الذي تحدثنا عنه فعالاً , ولكن عندما إستطاع الطب من خلال الفحص المرئي معرفة نوع الجنين تعطل هذا النص القرآني وفقد قيمته , ولكن إنقاذا لقدسية النصوص القرآنية وجب على هؤلاء المفسرين الجدد بإيجاد ما يحافظ على ماء الوجه من خلال إستخدام ادوات اللغة أحياناً وتغيير معنى التفسير أحياناً أخرى ,
ومن الأقوال الأخرى لدى بعض المفسرين في عصر العلوم الحديثة من يقول في قوله ( ويعلم ما في الأرحام )
هو علم شامل عام لايعلم به سوى الله وحده , فهو يرسل ملكاً فيول له ذكراً او انثى فيكون بعد ذلك بالنسبة لهذا الملك علم شهادة كما هو علم الطبيب لأن الطبيب عرف به ذكراً بعد أن اكتملت اعضائه الذكرية وظهرت في الصورة , أما قبل ذلك فهو من علم الغيب لا يعلم به سوى الله ,
وهنا نرى بأن الخطاب قد تغير عن إسلوب المفسرين الأوائل ليتلائم مع ماجاء به العلم , والسؤال الأخير والأهم في هذه المقالة هو :
ماذا سيكون رأي المفسرين في المستقبل بعد أن يتوصلوا إلى طريقة جديدة يحددون فيها نوع الحمل لدى المرأة من قبل أن تتم عملية الأخصاب في الرحم ومن قبل أن تتم المواقعة الجنسية بينها وبين زوجها ؟ بحيث يجعلوها مطابقة 100/ المئة لرغبة الزوجين ؟
بعد تفكير عميق وبحث عن طريقة للخلاص من هذا المأزق إكتشفت بأنهم سيقولون بأن الله هو الذي أوحى هذه الرغبة للزوجين ليكون الجنين ذكراً وهو يعلم من قبل أن يتماسا . ولكن في هذه الحالة سيقطعون رزق ذلك الملك المكلف من الله بجعله ذكراً أم انثى بعد أن تمكن الطبيب من عمل هذا بدلاً عنه .‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah


.. 104-Al-Baqarah




.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في