الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إصلاحات الدكتور العبادي وبصيص الضوء في آخر النفق

عواد الشقاقي

2015 / 8 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في قراءة معمقة وفاحصة واعية لكل ما يجري من أحداث في الشارع العراقي اليوم منذ 31 / 7 / 2015 والمتمثلة بالمظاهرات الشعبية الكبرى في عموم العراق المطالبة بحقوق الشعب العراقي المستلبة من قبل الفساد الحكومي المستشري في جميع مفاصل الدولة العراقية منذ التغيير في 2003 ولغاية اليوم وكذلك الإصلاحات التي يطلقها رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي لتنفيذ هذه المطالب والحقوق بالإضافة إلى نوعية هذه الإصلاحات وتناسبها مع حجم الحقوق المستلبة للشعب العراقي والتي أدت إلى انتفاضته الكبرى وقيامه بهذه الحركة الشعبية التي لم يشهد العراق مثيلاً لها طيلة تأريخه السياسي المعاصر فيما يتعلق بالفساد بكل أشكاله على أيدي حكوماته المتعاقبة الذي أدى إلى إنهيار الدولة العراقية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً كما هو حال العراق اليوم ، في هكذا قراءة معمقة للأحداث الجارية اليوم في الساحتين السياسية والشعبية نجد أن الفساد وبشكل حتمي سيظل يبدأ كل يوم ولن يلوح في الأفق بوادر أمل لنهايته كما لن يلوح بصيص ضوء في آخر النفق .
حزمتان من الإصلاحات أصدرها الدكتور حيدر العبادي منكّهة بالورد ومطعّمة بالعسل المصفى إلّا أن الشعب العراقي لم يذق منها غير مزيد من القهر والمعاناة ومشاعر الإحباط واليأس ومزيد من الإحتقان النفسي ولا أحد يدري هل أن الدكتور العبادي العضو في حزب الدعوة الإسلامي يراهن بهذا النوع من الإصلاحات على تخدير الشعب وهو يعلم أن إصلاحاته هذه هي عبارة عن جرعات من مورفين مركز لكسب المزيد من الوقت الكفيل بوصول الفساد إلى نقطته الأخيرة وهي نهب آخر قطرة نفط في أرض العراق وإسقاط اقتصاد العراق في مستنقع الخراب والدمار الشامل والتام ومن ثم الهروب الشامل والتام لجميع اللصوص والمفسدين من الطبقة السياسية الحاكمة للعراق اليوم إلى دول لجوئهم ، أم أن الدكتور العبادي لايدرك معنى وصول الشعب العراقي إلى نفاذ صبره ونهاية الحدود التي التزمها في مظاهراته السلمية اليوم ولايدرك معنى تورّم حالة شعوره بالإحباط واليأس ، وبكلا الحالتين فإن الدكتور العبادي يقود العراق وشعب العراق إلى الكارثة العظمى التي لن تبقي ولن تذر والتي توجِب على جميع الأطراف الفاعلة في العراق اليوم من المرجعية الدينية والشعب الواعي والحكومة وكل السياسيين من كتل وأحزاب وبرلمانيين أن يعوا حجم هذه الكارثة وعواقبها وأن يسعوا لإيجاد الحلول والمخارج التي تحفظ الجميع من الانهيار.
إنّ الأسباب التي كانت وراء هذه الحركة الشعبية الكبرى تتمثل بمايلي :
أولاً - انعدام وجود رغيف الخبز الكريم في بيت كل فقير من أبناء الشعب العراقي المبتلى بفساد سياسييه وسرقاتهم للمال العام وجهلهم في إدارة شؤون الدولة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً .
ثانياً - انعدام قدرة جدران بيوت الصفيح من تشكيل الساتر المانع والحافظ لأعراض وشرف وكرامة الثكالى والأرامل ضحايا الإرهابَين قطع الأرزاق السياسي وقطع الأعناق الداعشي .
ثالثاً - حالة الحرمان والشعور باليأس من الحياة لدى أحلام يتامى العراق في حضن دافىء إسمه ( العراق الآمن المستقر ) يؤويهم ويربت على دموعهم وحسراتهم التي سبّبها انعدام الوجود لرغيف الخبز الكريم وانعدام وجود جدران بيوت الصفيح الحافظة للشرف والعرض والكرامة .
رابعاً - التغيير الزماني والمكاني في حال العراق بعد سقوط الدكتاتورية الصدامية ( قليلة الأذى ) المتمثل بانتقال العراق من اليوم المتحضر إلى الأمس المتحجر مع الإنعدام التام لوجود ملامح الغد في أحلام الشباب العراقي العاطل عن العمل المتطلع دائماً وبحرارة ولهفة إلى مستقبله المشرق .
خامساً - انهيار اقتصاد العراق وسقوط ميزانيته المالية في مستنقع العجز التام نتيجة لصوصية سياسييه وأحزابه الإسلامية الحاكمة ونتيجة فساد القضاء الذي كان الحاضنة الدافئة للصوص والمفسدين والمخلّص الأمين لهم من مواضع الخطر إلى مواضع الأمان سواء بالتهريب بالغطاء القانوني أو ممارسة الإجراءات الروتينية المسيسة بالتأثير الحزبي والفساد المالي ، وأمثلة ذلك تهريب اللص الإسلامي فلاح السوداني واللص حازم الشعلان واللص أيهم السامرائي بدليل زيارة عدد من السياسيين الحاكمين الآن في العراق للص أيهم السامرائي في أمريكا لتهنئتهم له بسلامة الهروب وقيامه بمكافأتهم بالتبرع لهم بمبالغ من الأموال التي سرقها من بطاقة فقراء الشعب التموينية .
سادساً - حالة الإحتراب الطائفي والمذهبي والمناطقي والقتل على الهوية والانتماء بين أبناء الشعب الواحد وشق وحدة صفه بسبب نظام المحاصصات والتوافقات والمقاولات التجارية لبيع وشراء الحقائب الوزارية والمناصب الحكومية العليا وبسبب نظام الطائفية السياسية البغيض الذي رسمت له وزرعت بذوره جميع هذه الطبقة السياسية الحاكمة في العراق اليوم تنفيذاً لأجندات وستراتيجيات سياسية إقليمية ودولية لغرض تدمير العراق تدميراً شاملاً وتاماً والوصول به إلى نقطة اللا عودة .
وبمقارنة بسيطة بين حجم الفساد الذي دعى إلى خروج الشعب العراقي اليوم بحركته الشعبية الكبرى وفي جميع مدن العراق وبين حجم حزمتي الإصلاحات التي تقدم بها الدكتور حيدر العبادي نجد أنّ ( قرقوزاً راقصاً ) يقف على نقطة التماس الفاصلة بين حجم الإصلاحات وحجم الفساد ليثير لدى الشعب العراقي الضحك من شرِّ البلية .
حزمة الإصلاحات الأولى المشحونة إلى أقصى حدودها بـ ( سوف ) التي تشير إلى البطء المميت في حركتها بأحسن الحالات وأصدق الوعود وأكثر حالات الانتظار صحة وعافية ، تتناقض كلياً مع موت الشعب البطيء الذي بحاجة إلى صدمات كهربائية سريعة وعاجلة تعيد له الأمل بالبقاء في الحياة ، وكذلك فإن حزمة الإصلاحات هذه هي أصلاً مكبّلة بالفساد المتمثل بآلية تنفيذها عندما تصل إلى عمق الفساد المتواجد في عمق الأحزاب الإسلامية الحاكمة للعراق وللدكتور حيدر العبادي معاً.
أما حزمة الإصلاحات الثانية فهي في حقيقة الأمر الكارثة الحقيقية وخيبة الأمل الكبرى التي لايمكن تصديقها واستعابها والركون لها من قبل الشعب العراقي والعالم أجمع .
ففي الوقت الذي تتحدث فيه مطالب الحركة الشعبية عن حتمية وسرعة محاسبة المفسدين والقبض على اللصوص من السياسيين سواء ممن هم داخل العراق أو خارجه وتقديمهم للمحاكمة أمام القضاء العادل والنزيه وتحسين الحال المعيشي للشعب العراق بحزمة قوانين تصب في ضمان اجتماعي حقيقي ومتكامل وإصلاح حال العراق بشكل عام ، تأتي إصلاحات هذه الحزمة بإزالة ( الكتل الكونكريتية ) في المنطقة الخضراء مما أثار اشمئزاز العقل البشري السليم الذي قادته هذه الإصلاحات إلى نقطة يقف عندها ليرى مصير العراق وكأنه واقف على كتلة كونكريتية .
أعتقد أن الشعب العراقي وكل المراقبين للوضع السياسي في العراق وحالة الفساد المستشري في نفوس قادته السياسيين باتوا على يقين تام بأن إصلاحات الدكتور العبادي هي نفسها بحاجة إلى إصلاحات وإصلاحات ، ولذلك فإن الفساد كنتيجة لهذا الواقع سيبقى يبدأ كل يوم وأن الحركة الشعبية ستبقى تبدأ كل يوم وستبقى نقطة الضوء لاوجود لها في آخر النفق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لابد من ثورة شعبية عارمة
صباح ابراهيم ( 2015 / 8 / 31 - 11:01 )
يبدو ان حزب الدعوة والعبادي منه يراهنزن على المطاولة بحزم الاصلاحات الكلامية حتى يشعر الشعب بالياس من المطالبة وايقاف التظاهرات والعودة خائبين لبيوتهم منكسي الرؤوس فاقدي الامل مستسلمين اما حيتان وتماسيح الفساد . فقد عملت حقن المورفين الحيدرية مفعولها تحت
اشراف وتعليمات قاسم سليماني وعميله الرخيص المالكي .
لكن الشعب العراقي الذي نهض من سباته العميق يجب ان يكتسب مناعة من حقن المورفين التي تشبع بها منذ 2003 ولحد الان ، وينتهض وينتفض لا في مظاهرات بل في ثورة شعبية عارمة حتى لو ضحى ببضع الاف من الشهداء لأنه فعلا يضحي كل يوم بالاف من الشهداء بلا فائدة ،
ثور يا شعب العراق واقلع الفاسدين من قمة الهرم حتى اخر عميل ايراني في دوائر الدولة ومصارفها ووزاراتها .
هل ستبقى نائما فتموت ام تنتفض وتثور فتحيا انت واولادك واحفادك .


2 - تحية ومحبة
عواد الشقاقي ( 2015 / 9 / 1 - 20:55 )
الأستاذ الفاضل صباح ابراهيم

شكراً لحضورك الكريم وتفاعلك الجاد الذي أضاف وأثرى بكل ما يدعم فحوى الموضوع وهو الخلاص من هذا الواقع المرير الذي يعيشه العراق من ترد وانهيار تام وشامل وعلى جميع الأصعدة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً بسبب هذه الطغمة الحاكمة المتسلطة على مصير الوطن والشعب الجاهلة بأمور السياسة وإدارة الدولة والتي لاتفقه غير اللصوصية والفساد وسرقة رغيف خبز الفقراء من خلال عباءة الدين والدين منهم براء .. أضم صوتي إلى صوتك وأجد أن التظاهر أصبح غير مجدٍ لسبب أن استهتار الطبقة الحاكمة اليوم من الأحزاب الإسلامية أمِنوا جانب سلمية التظاهرات فتمادوا على الشعب بالشتم وبألفاظ شارعية ووصف المتظاهرين بأوصاف تتدفق في أوعيتهم هم وليس غيرهم مثلما نعتوا المتظاهرين بالمنحرفين ، ولذلك أصبح التظاهر غير مجد ولاسبيل أمام الشعب غير الثورة الحمراء التي تنقذ العراق وشعبه وتستعيده من جيوب هؤلاء اللصوص العملاء الخونة

اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج