الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأنفال جريمة بلا عقاب

أديب حسن محمد

2005 / 10 / 19
القضية الكردية


لا يذكر التاريخ الحديث جريمة قذرة ومهولة مثل جريمة "الأنفال"التي أقدم عليها بعث العراق بقيادة جرذه الأكبر صدام حسين،وفي سرد تفاصيل هذه المجزرة المهولة لا يمكن الوقوف على كل تفاصيلها القذرة لأن ذلك يحتاج إلى صفحات كثيرة بل إلى كتب ومجلدات،ولعل المشهد الذي رسمه أحد حفاري قبور ضحايا الأنفال يكفي لرصد عينة من قذارات ذلك النظام المقبور،حيث كان الأكراد يجلبون بشاحنات صغيرة،إلى البقعة التي تحفر فيها البلدوزرات مقابرهم الجماعية،فيوقف الضحايا الأبرياء صفاً على شفا الحفرة/القبر معصوبي العيون...أطفالاً وشيوخاً وأمهات،يقفون ليتلقوا طلقات البعث في أقفيتهم عقاباً على جريمة يحاسبون عليها بدلاً من الله،جريمة أنهم خلقوا أكراداً..!!
وليدفعوا بعد ذلك بمخالب البلدوزرات إلى سواد النهاية في القعر،وليردم الجزارون التراب عليهم وفيهم الجريح الذي يصل صوت أنينه إلى المجرمين،وفيهم الأمهات أنصاف الموتى اللواتي يصرون على احتضان فلذات أكبادهم حتى في أحلك لحظات الجحيم البعثي...هكذا دفن أكثر من مئة وثمانون ألف كردي أنصاف موتى أو أنصاف أحياء...فهل بعد هذه الجريمة جريمة أفظع؟؟
أتذكر بمرارة هذه الوقائع وأنا أتابع على الفضائيات رفات الآلاف من الأكراد ضحايا الأنفال وهم ينقلون إلى مساقط أكبادهم التي انتزعوا منها أحياء،ليدفنوا أنصاف أحياء في صحارى الجنوب،أتذكر بمرارة كل هذا،ويزداد ألمي عندما أتذكر الموقف اللامبالي لغالبية الأخوة العرب،وأتذكر بالتحديد تجربة شخصية لي منذ عدة شهور عندما شاركت في أمسية شعرية بدمشق في أحد المراكز الثقافية ،وألقيت فيها قصيدة بعنوان"أنفال":
"جبلٌ عضّ البَيْنُ على شفتيهِ
تتحلّقُ حول ذراعيهِ
أرواحُ ألوف الأطفالِ.
جبلٌ اغتالوا الحبّ بعينيهِ
تركوهُ شاهدةً تروي فصولَ الأهوالِ
جبلٌ ألقوا الموتَ على كتفيهِ بمجزرةٍ
وكسوها ثوب "الأنفالِ"
وبعد انتهاء الأمسية ثارت ثائرة العروبيين الذين تفوهوا بألفاظ مخابراتية وتساءلوا كيف يسمح لشخص مثلي أن يعتلي منبراً حكومياً ويلقي أمثال هذه القصائد التي تضرب الوحدة الوطنية في فترة مفصلية حساسة حيث المؤامرات والضغوط الدولية المحيطة بالوطن من كل جانب.!!
كنتُ أكتم ضحكة مرّة وأنا أستمع إلى هذه التخريفات التي تفوّه بها الضابط المتقاعد الذي دبت فيه الغيرة والحمية على شرف ضاع من زمن،وعندما آزره كاتب فلسطينيّ ازداد ألمي،ولكنني رغم ذلك أجبتهم بأن أمرهم غريب ..يُقتَل أكثر من مئة وثمانين ألف شخص ليس بتهمة الخيانة العظمى،وليس لأنهم دبروا انقلاباً،وليس لأنهم مجرمون أو قطاع طرق،بل لأنهم أكراد،يقتل آلاف مؤلفة من إخوة الدين دون أن يرف لأخوته في الدين جفن،ودون أن يتفهموا ألم شخص كردي طعن وطعن وظل يطعن،وعندما يسمعون صرخته يستكثروا عليه حتى الصراخ..
على الكردي أن يموت دون صراخ يزعج الجلادين ونافخي أبواقهم الصدئة..
على الكردي أن يحاكم ويعدم بدلاً من الله لأنه خُلق كردياً..
وعليه أن يكون متهماً حتى يثبت العكس..
من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً))

فما بالك بمن قتل مئات الآلاف وحاول قتل الناس جميعاً؟؟؟؟












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة إلى الصحفيين الفلسطينيين


.. الأمم المتحدة التوغل في رفح سيعرض حياة الآلاف للخطر




.. السلطات التونسية تنقل المهاجرين إلى خارج العاصمة.. وأزمة متو


.. ضجة في المغرب بعد اختطاف وتعذيب 150 مغربيا في تايلاند | #منص




.. آثار تعذيب الاحتلال على جسد أسير محرر في غزة