الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يكون اللا موقف موقفا !!

بلقاسم بن علي

2015 / 9 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


في ظل تلك الالتباسات الغامضة والتناقضات المفتعلة, مازال هناك مناضلون أبرياء بقلوب نقية ممن هم في ضياع, يرتعشون بسبب ما يرونه, ويندهشون مما يسمعون. كما يترجون بألم وأسى متسائلين: من اين سيأتي عوننا؟ ومن سنتبع؟ فالصغار والكبار يبحثون بشوق مرهف عن النور الحقيقي, وفي الوقت ذاته يتصارعون مع شكوكهم.
ففي علاقة بجملة الأحداث التي لن يفهم سيرها إلا من يعيش على وقعها, ويريد يقينا ان تنتهي وفق ما تستحقه قضيتنا المشتركة. ارتأيت بعد تحليل معمق ابراز جملة توضيحات لمن يهمهم الامر, وجميعنا يهمنا الامر ان كنا حقيقة نبتغي الارتقاء ومواصلة التراكم الذي اصبح متذبذبا جراء جملة وقائع مخيفة للكل المتكامل. فالمناضل عندما لا يفقه الفروق بين المفاهيم المؤثثة لخطابه نموذجا, كالفرق بين القطيعة والراديكالية مثلا, وحتى إن علم بها, تبقى الحدود الفاصلة بين المفهوم الاول والثاني مائعة عنده, بل وهلامية لا يمكن تمييزها بصورة دقيقة. في الوقت الذي تبقى فيه مدرستنا العتيدة مقتصرة على توريت نفس الفكر, وبذلك يصعب على المورِّث له, فك الارتباط الحقيقي بين مختلف التنظيمات ذات الخطاب الواحد. لأنه وبدون اي إدراك, يكون قد جُعل منه مريدا لشيخ علماني ولربما يكون ملحدا ايضا, بحيث لا يبتغي (المريد) مبادئ الخطاب وأسسه من المشارب المعرفية التي يكون فيها المسؤول الأول والأخير عن النتائج المعرفية التي توصل اليها. والوصول الى حقيقة الميز بين المفاهيم يلزمه دوما الرجوع الى شيخه لإستقاء حقيقة الميز كما يراها شيخه العلماني. في حينها أتيقن يقينا ان اللاموقف عنده سهل جدا ان يتحول الى موقف, ولن استغرب ان تكون الحربائية جزءا من شخصية من يدعي انه مناضل. فما بالك بموقف المناضل البريء؟
ان الاعتقاد بامتلاك الحقيقة المطلقة ومع ذلك تؤمن بالنسبية. فإما ان تكون ظلاميا قبيحا او ظلاميا يريد استغباء الشعب بشكل قبيح. المهم هنا انك لست تقدميا بالمرة, بل مريضا بالسكيزوفرينيا ربما. فعندما تتجاوز بصدر رحب, كل القوانين المعرفية التي تحدد وتميز خطابك, بل وتجعل من الأمور التي تخدم مصالحك او تهدمها هي الكفيلة بتحديد مواقفك, فاعلم ايها الضائع انك سفسطائي مهما حاولت اللف والدوران, لأن مثلك حسم فيه سقراط واعطى في حقه موقفا منذ مدة. بل اعدم لأجل مواقفه الجريئة تلك! ونحن مستعدون ايضا للموت دفاعا عن مواقفنا, ايمانا منا ان الموقف هو المناضل. فلا نبتغي ان تتحول حركتنا وتصبح حركة السفسطائية الامازيغية! لأننا في لحظة مرحلية تفرض علينا إلماما بأبسط الامور النظرية والواقعية. بل والتمييز بينها كي لا نقع في المحظور. فعندما نجد المناضل يجمع من المعرفة فتات ما سقط من شيخه العلماني. فلا يميز بين التنازع ولا التنافس ولا التعاون. وإذا ما كنا عن قصد او عن غير قصد قد سمينا انفسنا بالحركة, فالمرحلة تفرض نفسها بشدة من اجل التأكيد على هذه التسمية, أو لما لا البحث عن حقيقة من نكون. ومن نكون اليوم, حركة تقدمية ام حركة رجعية؟ ام مجرد منظمة ننتظم فيها بشكل عشوائي؟
بصراحة, عندما نتبادل الاتهامات الجوفاء, فمن البديهي جذا ان يبزغ صراعنا الى السطح يوما ما, لأن في الحركة دوما ما يجتمع الصراع والتنافس والتعاون, لكن عندما يتفوق الصراع على البقية فالمظلوم هنا هي القضية الامازيغية قبل ان اكون انا او انت. وهذا ما لم يدركه الشيخ العلماني إلى حد الأن. إذ يأتيني مناضلون أبرياء من حين لأخر ويقولون: لماذا نسامحهم وهم غارقون في الأزمة؟ غارقون فيها كما هم المخزن نفسه ! لماذا نسامحهم وهم سبب أزمة الحركة؟ لماذا نسامحهم وهم عائق امام الحركة؟ المهم لماذا نغفر؟!
اولا, لأنهم في اول المطاف إخواننا. نعم انهم كذلك شاءوا ام أبو! فهم كذلك, ولا يسعنا سوى ان نقدم لهم جملة توضيحات وتصحيحات للمغالطات التي يعيشون عليها ويعتقدون ان الخطاب المشترك يشرعنها. وما العيب ان كانوا يعيشون حقا في كنف الأزمة؟ ولما لا يقولون بصريح العبارة ان الأزمة تلائمهم؟
ثانيا, لأنهم في اخر المطاف منا, ونحن منهم. فيا ريث يفهموا ان الخطاب المشترك لكل الامازيغ. ومن حقنا نقدهم في كل شيء, واعتبار الحركة حركة نقدية فمن المنطقي خلخلة الخطاب على الدوام بشكل بنائي لا بشكل هدمي.
ثالثا, لأنهم بالنسبة لنا, تلزمهم ساعات إضافية في محو الامية في ميادين معرفية مهمة, فلا هم أدرى بالتاريخ, ولا بالاجتماع هم مدركون. ولا حتى بأنفسهم مهتمون.
رابعا, لأنهم في الحقيقة يعانون من نقص معرفي مدقع حول خطابنا المشترك وباقي الخطابات التي نتصارع معها.
خامسا, لأننا لا نريد أن نصل إلى نقطة اللا عودة, ففيها تكون الإستحالة في الامور والقضايا التي تهمنا بهم مشترك قد وصلت الى الحضيض, بل ويمكن ان تكون من نصيب اعدائنا, لأن المبادئ لا تكون لنفسها وحيدة, بل تكون لم يقدر الدفاع عنها لكي تظل هي الاخرى في الوجود حية.
سادسا, لأننا سنتغلب على كراهيتهم بمحبتنا, ولسنا ايضا من دعاة العصيان المدني لإنهاء دوامة الحقد. ولكي لا يفهمنا مريدي الشيخ العلماني مرة اخرى بشكل مغلوط, هناك فرق كبير بين الغفران واختلاق الاعذار كما قالها " سي اس لويس ": فالغفران الحقيقي معناه أن تنظر بثبات للخطيّة، تلك الخطية التي ظلت باقية بلا عذر، رغم شتى أنواع الحجج المختلقة، وأن تراها كما هي عليه من رعب وقذارة وخبث وحقد، وبرغم ذلك أن تتصالح بالكامل مع الشخص الذي أخطأت في حقه. فهذا هو الغفران وليس سواه.
فعندما يكون اللا موقف موقفا في حق من لا يتعلم, و يمارس ليعلم الاخرين, ومع من لا يشكّ في كل شيء, ومع من يؤمن بالمسلمات, ومع من لا يقرأ, ويسأل ومن تم يكتب, ومع من يتبع القطيع, ومع ومع... وفي اخر المطاف تجده في مصاف محترفي التمزيق. فإن من حقنا بل واجبنا ان نضع حدودا دموية على جسده, يتذكر من خلالها ان التطاول غير محبب. فكل واحد منا قنبلة ستنفجر أجلا أم عاجلا في وجه امثاله قبل ان ننفجر في وجه العروبيين. ومنه سنكون بالمرصاد لكل الاشكال والممارسات التي تطيح من قيمتنا وتنعكس علينا بترددات رجعية, فمن العيب والعار ان يكون الخطاب أرقى وتكون النهاية المأساوية في الطفل.
نافلة القول-;- إننا ببساطة ننتقد الأزمة, بل نريد اصلاح الحركة من فوضويتها والتي نرجعها بالأساس الى الفوضى الفكرية. ففوضوية التنظيم نرجعها الى أزمة الفكر عندكم والتي تغطّون عنها بالعنف الرمزي والمادي في حقنا. ولكي لا يتم تجاهلنا من قبلكم بقصد او بغير قصد, فإننا نخضع الأزمة لشرطين كي يتم الفهم الصحيح لها:
1. تعرية الازمة للعيان. ونحن لحدّ هذه اللحظة لا نعرّي أي شيء لأي كان, بقدر ما تتكفلون بفضح أنفسكم بأنفسهم, إنطلاقا من تجسيداتكم المقيتة لخطابنا المشترك على أرض الواقع.
2. ان نضع بديلا جذريا ليس لإصلاح الفوضى فقط بل والقطع معها نهائيا. وينتظركم في هذا الاطار حساب عسير كأنه يوم القيامة على ارضه. وبطبيعة الحال, الجزاء سيختلف من هذا وذاك-;- فمنكم من سيقبع في درجات جهنم السفلى ومنكم أخرين سيقبعون في درجات عليا ومنكم ومنكم ...
وهنا نكون قدمنا بديلا لن ينساه التاريخ أبدا. فما تسمونه بالتمرد الأني, ليس تمرّدا على الأم الامازيغية. فهناك فرق كبير بين ( ح. ث. أ ) والقضية الامازيغية. وهل ( ح. ث. أ ) تعاني من مرض الجذام كي ننفر منها اليوم؟
ببساطة, إنها تعاني منه, وقد وصل الى مراحل متقدمة.
" فعندما ندلي ونعترف بخطايا معينة، فسيموت الإنسان القديم الذي في داخلنا ميتة موجعة ومخزية ومشينة أمام أنظار أخ مؤمن. ولما كان هذا الإذلال عسيرا علينا، فترانا دائما نحاولُ تجنبه. غير أنه بفضل هذه الآلام الجسدية والمعنوية الموجعة لهذا الذلُّ والهوان أمام الأخ المؤمن, فإننا سنشهد... نجاتنا وخلاصنا. " 1
لكن ماذا عن نجاة مدرستنا العتيدة؟ وماذا عن مصير خطابنا المشترك؟
______
1_ ديتريش بون هوفر Dietrich Bonhoeffer.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسام زملط لشبكتنا عن هجوم رفح: نتنياهو تعلّم أن بإمكانه تجاو


.. من غزة إلى رفح إلى دير البلح.. نازحون ينصبون خيامهم الممزقة




.. -الحمدلله عالسلامة-.. مواساة لمراسل الجزيرة أنس الشريف بعد ق


.. حرب غزة.. استقالة المسؤول عن رسم الشؤون الاستراتيجية في مجلس




.. دكتور كويتي يحكي عن منشورات للاحتلال يهدد عبرها بتوسيع العدو