الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإمام الأكبر وضمير الغائب؟؟!!

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2015 / 9 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نشرت وسائل الإعلام بيانا أصدره الإمام الأكبر، شيخ الأزهر ، أغلبه بضمير الغائب ، ومما جاء فيه :"ان صورة الطفل “إيلان كردي” وهو ملقى على وجهه على شاطئ البحر ستظل وصمة عار في جبين الإنسانية، وسيذكر التاريخ أن القوى الكبرى والفاعلة في هذا العالم قد أغمضت عيونها وسكنت ضمائرها وتركت الملايين من بني جلدتهم عرضة للموت حرقا أو تحت أنقاض الخراب والدمار أو لتبتلعهم الأمواج، أو يقتلهم الجوع، بعد أن أوصد العالم أبوابه في وجوههم وهم يشاهدونهم يلاقون مصيرهم المحتوم دون أن يتحرك ضميره الإنساني."
وبعد تقديم واجب الشكر والثناء على فضيلة الإمام الذي "صحا" ضميره متأخرا جدا، وكتبَ موضوع إنشاءٍ جميل ، يستدر الدموع ويستجدي العواطف الإنسانية من القوى الكُبرى والفاعلة ، لكي تسارع بمد يد العون للملايين من أُخوتهم في الإنسانية الذين يتعذبون ، يُحّرَقون ، يغرقون ،يجوعون ويموتون بأقسى وأبشع الميتات ..
يتوجه الامام الأكبر للقوى الكبرى والفاعلة ، وسنتفق معه جدلا ، بأن مسؤولية إستمرار الجنس البشري تقع على عاتق هذه القوى الكبرى فقط ، ومن مسؤولياتها ايضا أن تفتح يديها ورجليها لإستقبال الفارين من الجحيم !! ولنتفق معهُ أيضا بأن القُوى الكُبرى تتحمل جزءا من مسؤولية "الجحيم الأرضي" الذي صنعتهُ بأيديها وأيدي عبيدها في المنطقة ، لكن ما هي مسؤولية القُوى الصُغرى يا حضرة الإمام ؟؟ وهل باستطاعتها أن تساهم ، ولو بالنزر اليسير، في تخفيف معاناة هؤلاء الضحايا ؟؟!!
ومن هذه القُوى الصُغرى ، والتي تستطيع المساهمة في "إطفاء " نار هذا الجحيم الأرضي ، هي المؤسسة التي يرأسُها فضيلة الإمام . فهي مؤسسة يرى بها غالبية المسلمين السنة ، مرجعيتهم الدينية في كافة شؤون حياتهم ، ألا وهي مؤسسة الأزهر ..
فهذه المؤسسة تستطيع أن تُصدر فتوى ، تعتبر فيها كل القتلة، بإسم الدين الإسلامي، بأنهم "غير مسلمين " ، وتذكرهم بالإسم ، (داعش ، القاعدة ، بوكو حرام ، شباب الصومال ، جيش كذا ، وجُند كيت ) ، وتعتبر كل من يُساندهم فكريا ،أيديولوجيا وماديا ، من عامة المسلمين ، خارجا عن الملة ، مثلا ..
يستطيع الإمام ، كما يقول في "بيانه" للرأي العام ، أن يُصدر فتوى تعتبرُ المخالفين دينيا ، أخوةٌ في الإنسانية ، يجب التعامل معهم على أساس المواطنة وليس الدين ، حُرمة دمائهم ،اموالهم وأعراضهم كحرمة دماء ، أموال وأعراض المسلمين ،فهو الذي يقول في بيانه آنفا : " ... وتركت الملايين من بني جلدتهم عرضة للموت..." ، فالمسلمون الفارون الى بلاد الغرب ، هم ابناء جلدة هذا الغرب ..قال لا فُضّ فوه ..!!
ويستطيع الأزهر أن يُعلنَ انحيازه للإنسان اولا وقبل كل شيء ، لكرامته ، وحريته، بدل انحيازه الأبدي للحاكم ، كما ويستطيع الأزهر أن يدعو ويحترم تعدد القراءات للنص الديني المؤسس ..بدل ان يتبنى قراءة تدعو لقتل المخالف والمُغاير .. يستطيع ان يتبنى قراءة "لكم دينكم ولي دين " مثلا ..!!
وكان بإمكانه وبدل أن يذرف دموع التماسيح ، بإستطاعته أن يُحمّل القوى الصغرى ، من "مُجاهدين قتلة "، ومنظريهم من مشايخ ورجال دين ومن داعميهم بالمال ، الرجال والسلاح ، يستطيع ان يحملهم مسؤولية هذا الجحيم ومسؤولية تفريغ البلاد من أهلها ..
كان بإمكانه أن يُوجّه طلبا "للخلجان" ، لكي يهبوا بأنفسهم واموالهم لنجدة الفارين من وجه دولة "الخلافة "، وباستطاعته أن يُصدر فتوى بأن الدولة الإسلامية المُعاصرة هي الدولة المدنية ، التي تقف على مسافة واحدة من جميع مواطنيها .. ودولة الخلافة الموعودة هي الدولة التي يتم فيها التداول السلمي للسلطة ، مثلا، في مواجهة دولة "الخلافة " الداعشية المتوحشة ..!!
كان باستطاعته وك"قوة صغرى " ، أن يقول ويفعل الكثير للتخفيف عن "ابناء جلدته" هو ، بدل التباكي على مصيرهم وتحميل القوى الكبرى وحدها، مسؤولية المذابح وأنهار الدم المسفوح ..
لكن وعلى ما يبدو ، فهو لا يريد ذلك وبوعي تام ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أمهم أم زوجة أبيهم ؟
شوكت جميل ( 2015 / 9 / 5 - 11:39 )
تحية طيبة عزيزي الأستاذ / قاسم

صدقت ؛ فالمشي و اللطم في جنازة قتلاهم هو هوايتهم الأثيرة..

إذا كانت الأم غافلة عن صغارها فالغريبات أغفل ،و عجيب أمر أم تهمل صغارها ، ثم تلوم الغريبات على إهمالهن! ، لعلها ليست أما قبل كل شيء .

أخلص التحايا


2 - إمام جامع ( الأزهر الغير شريف) يصرح و
عدلي جندي ( 2015 / 9 / 5 - 12:11 )
يركب الموجة بعد أن شاهد وقرأ وسمع عن أحفاد القردة والخنازير أن قلوبهم إنفطرت بالحزن والأسي جراء مشكلة إنسانية تسببت عنها إيديولوجية الأزهر الدينية الإرهابية والتي لم تتحمل مسئوليتها التاريخية في لحظة فارقة ربما بتصريح يُجرم ويتهم كل من يتعمد أدلجة الإسلام إرهابا وعنصرية طائفية يتهمه فقط بالخروج عن الملة ولكن وللأسف حتي مجرد تصريح ربما يمكن تبريره أو حتي لي عنقه ( كالعادة ) عقائديا للمساهمة ولو بالكلام في إطفاء لهيب الحروب الدينية الطائفية و
لا أخفيك كم الغضب والحسرة واليأس في إنصلاح حال شعوب لا زالت تنتظر الرجاء وإنصلاح أو إصلاح للدين بواسطة مؤسسات وجماعات وتنظيمات إرهابية عنصرية متكلفة الفكر والعقل والضمير بكل المقاييس
تحياتي


3 - الحبيب شوكت جميل
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 9 / 5 - 13:12 )
تحياتي الحارة
هناك زوجات اب -مخلصات- لإنسانيتهن (لا تقع ضمن هذا زوجة ابي) ، وهذا ينطبق على الدول الأوروبية ،دون تعميم طبعا.
لكنهم ، أي النخب السياسية الحاكمة ومؤسساتها الدينية تقف على طرف العداء للشعوب
وبهذا فهم أسوأ حتى من زوجات الاب من شاكلة زوجة ابي سندريلا !!
مودتي ، تقديري واحترامي


4 - عزيزي الغالي عدلي جندي
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 9 / 5 - 13:14 )
تحياتي واحترامي
الازهر كمؤسسة دينية ، يقف الى جانب الأيديولوجيات الفاشية الدينية ، بصمته وسكوته عن -قراءتهم- المتوحشة للنص المؤسس.
خالص مودتي

اخر الافلام

.. وجوه تقارب بين تنظيم الاخوان المسلمين والتنظيم الماسوني يطرح


.. الدوحة.. انعقاد الاجتماع الأممي الثالث للمبعوثين الخاصين الم




.. الهيئة القبطية الإنجيلية تنظم قافلة طبية لفحص واكتشاف أمراض


.. الدوحة.. انعقاد الاجتماع الأممي الثالث للمبعوثين الخاصين الم




.. لماذا يرفض اليهود الحريديم الخدمة العسكرية؟