الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا تشجعون أولادكم على تحقيق الانجازات؟

ماريا خليفة

2015 / 9 / 14
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يتعرض الأهل اليوم لضغط هائل من المجتمع ومن نمط الحياة الحالي لكيّ يحثّوا أولادهم على تفجير كلّ طاقاتهم وللاهتمام بإمكانيّاتهم، وأحياناً لدرجة المبالغة المفرطة.
منذ عدّة أجيال، لم يكن الأهل يضعون موسيقى كلاسيكيّة ليستمع إليها الأطفال الذين لم يولدوا بعد بل ما زالوا أجنة في أرحام أمهاتهم. منذ عشرين عاماً، لم يكن الأولاد يُسجّلون في النوادي الرياضيّة في أعمار مبكرة. وفي السبعينات لم يتعلّم الأولاد لغات مختلفة بهدف تحسين مهاراتهم الأخرى. أنتم أيها الأهل من ذلك الجيل الذي لم يعرف شيئاً من الأمور المذكورة ومع ذلك لستم تعانون من مشاكل خطيرة في الذكاء والقدرة على الابداع والإنجاز، أليس كذلك؟
لماذا إذاً ندفع بأولادنا إلى تحقيق المزيد والمزيد؟ وهل يصبّ ذلك في صالحهم؟

تُركت الأجيال السابقة بسلام لتنمو وتتطوّر بشكل طبيعيّ في المنازل وضمن العائلات. إن كان في المنزل من يتكلّم لغة أخرى غير اللغة الأم كان الولد يتعلّمها ببساطة. وإن لم يكن ذلك متاحاً كان ينتظر حتى يذهب إلى المدرسة كي يتعلّم لغة أجنبية.
لسبب ما في هذا العصر، نحن متحمسّون كي ندفع أولادنا لتحقيق المزيد من الإنجازات في وقت باكرٍ من حياتهم. لسوء الحظّ، يستمدّ الأهل فخرهم من إنجازات أولادهم. كما لو أنّ نجاحهم كأهل يرتبط بنجاح أولادهم. وبسبب هذه الحالة يفقد الأهل وحتى الأولاد مبدأ مهمّاً في الحياة وهو أنه يمكن للإنسان أن يكون مهمّاً بحدّ ذاته ولذاته من دون أن يعتمد على إنجازات الآخرين.
يمكنكم أن تضعوا حدًّا لهذا الضغط
لا حدود للحياة. والإنجازات أمامها عدداً هائلاً من السنين لتتحقّق. فلماذا نتلاعب بقدرات أولادنا كي "يحققوا إمكانيّاتهم" في السنين العشرة الأولى من حياتهم، ومن ثمّ نربط هذه الإنجازات بقيمتنا كأهل؟ ما المشكلة إذا قام أولادنا بما يمكنهم القيام به من أمور برويّة؟
يحتاج الأولاد إلى الوقت والحريّة كي يكتشفوا قدراتهم ومواهبهم. نعم، من الرائع تأمين الفرص لهم كي يكتشفوا هذه الأفكار. فإذا كان السبب وراء تسجيلهم في صفوف الرقص ومشاركاتهم بالنشاطات الرياضيّة هو توفير التجارب لهم حيث يمكنهم أن يكتشفوا ويختاروا فلا بأس بذلك طبعاً. لكن إذا كان الأداء هو السبب، فرجاءً أعيدوا النظر في الموضوع!
أولادك هم من دون شكّ أذكياء. معظم الأولاد هم كذلك. إن مساعدتهم في اللجوء إلى عقولهم حتّى يكتشفوا إنسانيّتهم، حتّى يتعلّموا أن روح المساعدة والمحبّة، والتعاطف واللطف وما إلى ذلك هي بأهميّة الأهداف التي يسجّلونها في ألعاب الكرة والعلامات التي يحصلون عليها في المدرسة. أنتم مسؤولون عن ترسيخ هذه المبادئ في عائلتكم. أنتم وحدكم تستطيعون أن تدفعوهم قليلاً من خلال التشجيع حين يبدو أنّهم بحاجة إلى بعض الدعم، أو أن تعطوهم استراحة عندما يبدو أنّهم تحت وطأة الضغط النفسي.
من أنت؟
إن الأولاد الأذكياء بحاجة إلى أن يكتشفوا ذاتهم الحقيقيّة تماماً كما يتعلّمون الموادّ التي تُعطى لهم في المدرسة والطرق التي تدرّس في النشاطات اللامنهجيّة والتواصل السلس مع الآخرين. وينبغي أن يحصلوا على هذه الأمور بالمقدار نفسه أي أن تكون كلّها متساوية من حيث الاهتمام والأهميّة.
من الحكمة أن تكتبوا أيها الأهل لائحةً بالمهارات الحياتيّة التي تحبّون أن يترعرع أولادكم وفقها قبل أن يغادروا المنزل. وقد تتضمن:
- النجاح في المدرسة أساسيّ
- التعلّم يتطلّب العمل من أجله
- كلّ فرد يتعلّم بطريقته الخاصة
- العلاقات العائليّة متينة وأفراد العائلة مقرّبون من بعضهم البعض
- نحن نقدّر الإنجازات الصغيرة
- للمرح دور مهم في حياة عائلتنا
- من مبادئ عائلتنا مساعدة الآخرين
- إذا لم تنجح في أمر ما حاول مجدّداً
هذه اللائحة ليست كاملة طبعاً. يمكنكم أن تضيفوا إليها الكثير من المبادئ والقيم التي يهمّكم أن يتربّى عليها أبناءكم. أنا أشجعكم على أن تستخدموها كنقطة انطلاق فحسب. ضعوها بمتناول العائلة كلّها لكي تستطيعوا جميعاً أن تقدّروا أي نجاح ينجزه أيّ منكم. واسمحوا للأولاد بأن يضيفوا أفكارهم إلى هذه اللائحة.
في النهاية، أنتم تريدون أن يدرك أولادك أنّهم محبوبون، ومرغوب بوجودهم ومقدّرون لأنفسهم وليس استناداً إلى ما ينجزونه.

من أقوال المشاهير
- الإنجازات المهمّة تتطلّب وقتاً - مايا انجلو
- أهمية الإنجاز تكمن في الطريق إليه وليس فيه- ألبرت أينشتاين
- ليكن هدفك دوماً هو الإنجاز وليس النجاح- هيلين هايس
- المربّي هو محرّك للفكر وأذن تصغي ودفعة في الاتّجاه الصحيح- جون كروسبي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البرازيل.. سنوات الرصاص • فرانس 24 / FRANCE 24


.. قصف إسرائيلي عنيف على -تل السلطان- و-تل الزهور- في رفح




.. هل يتحول غرب أفريقيا إلى ساحة صراع بين روسيا والغرب؟.. أندري


.. رفح تستعد لاجتياح إسرائيلي.. -الورقة الأخيرة- ومفترق طرق حرب




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا قصفت مباني عسكرية لحزب الله في عي