الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤتمر النساء فى إسبانيا

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2015 / 9 / 16
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


فى إسبانيا أشعر أننى فى بيتى مع أهلى، ملامحهم تشبه ملامحنا، لون البشرة القمحية الخمرية، والابتسامة المشرقة، ونبرة الصوت الجذابة للأذن رغم احتلاف اللغة واللهجة، ربما حدث اختلاط الجينات الاسبانية بالجينات المصرية والعربية والإفريقية، عبر الغزوات العسكرية وعلاقات الحب والصداقة والدم، وتزاوج الأفكار (الميمات) مع (الجينات) ماديا وروحيا، مع إلغاء الفصل بين المادة والروح، والاقتصاد والجنس والثقافة والدين والفلسفة والطب، وربط العلوم الطبيعية بالعلوم الإنسانية مدينة برشلونة، عاصمة كاتالونيا، المقاطعة الشرقية لإسبانيا على الشاطئ الغربى للبحر الأببض المتوسط، تتميز بجمال الطبيعة، الجبال والبحر والشجر والزهور، مع الجمال الفكرى والثقافى والأدبى والفنى والمعمارى والسياسى والاجتماعي، نتيجة تأثرها بحضارة مصر العريقة وفلسطين واليونان وبلاد حوض البحر الأبيض المتوسط. منذ عشرين عاما عشت فى برشلونة، بدعوة من الجامعة، لتدريس مادتى المفضلة الإبداع والتمرد، ودعوة أخرى تلقيتها من اتحاد الأدباء الكاتالانى، لأكتب روايتى التى نشرت بدار الهلال بعد عودتى للقاهرة، بعنوان الرواية استوحيتها من حياتى فى برشلونة، كنت أعيش فى شقة تطل على البحر، من نافذتى أرى تمثال كولومباس الشاهق الصامد فى وجه الرياح والأمطار، مشيرا بيده الى بلادنا فى الجنوب، رغم أنه أبحر شمالا ليكتشف أمريكا، وقد ظهرت آراء تقول أنه لم يكتشفها ترجم من كتبى للأسبانية والكتالانية أكثر من عشرين كتابا، ومنذ عشر سنوات حصلت على أعلى جائزة أدبية هناك اسمها بريمى كاتالونيا إنترناسيونال قدمها لى رئيس كاتالونيا فى حفل كبير، ألقى فيه خطبة أدبية، إلا أنه كان متأثرا بالقيم الأبوية مثل كل سكان العالم، بمن فيهم الأسبان، وأراد أن يرفع زوجى عنى درجة، حسب الآية وللرجال عليهن درجة والرجال قوامون على النساء قال متفاخرا بالرجولة وراء كل امرأة عظيمة رجل هو منبع الوحى الفكرى لها، ألم يهبط الوحى الإلهى على الأنبياء وكلهم رجال؟ وربما أراد أن يكمل والنساء ناقصات عقل ودين لولا أننى نهضت واقفة أعترض على كلامه قائلة: التاريخ يقول عكس ما تقوله أيها السيد رئيس كاتالونيا، وكانت عندنا فى مصر إزيس إلهة الحكمة وليس زوجها أزوريس، وحواء سبقت زوجها آدم الى شجرة المعرفة، كما أن منبع الإبداع هو المعرفة والعقل وليس الرجل أو الزوج، ثم جلست فى مقعدي، وسمعت التصفيق يدوى فى القاعة الكبيرة، كان عددهم نحو ألف رجل وامرأة، دعاهم رئيس كاتالونيا للحفل، نهضوا يصفقون وقوفا لبضع دقائق، رأيت وجه الرئيس يتقلص وينسحب منه الدم، وربما أراد أن يسحب منى الجائزة الكبرى لولاالحيا.
يتمتع الشعب الإسباني، رجالا ونساء، بحس إبداعى ثقافى متقدم، رغم القيم الطبقية الذكورية التى لا تزال سائدة، وقد سبقت الحركة الاشتراكية الاسبانية فى نضالها ضد القهر الطبقى وديكتاتورية فرانكو، حتى قامت المظاهرات الشعبية، قادها المبدعون من أمثال الشاعر لوركا فى غرناطة والجنوب، وسبقت الحركة النسائية المناضلة ضد قهر المرأة، وكان الحزب النسائى السياسى فى إسبانيا، بقيادة المحامية ليديا فالكون هو أول الأحزاب السياسية النسائية فى العالم.
تكررت زياراتى مدنا متعددة فى اسبانيا، للمشاركة فى مؤتمرات أدبية وطبية ونسائية، وشاركت فى مظاهرات شعبية، ضد الحرب الأمريكية فى العراق والعدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطيني، وغيرها من الاحتجاجات ضد الاستعمار والصهيونية والرأسمالية الأبوية ومنظمة التجارة العالمية.
كانت الجماهير تسد الشوارع فى برشلونة ومدريد وفالينسيا وغرناطة وقرطبة وغيرها، وكانت الملايين ترقص وتغنى ضد أزنار وبوش وتونى بلير وغيرهم من مجرمى الحروب فى العالم.
زيارتى الأخيرة اسبانيا كانت لمدينة مدريد خلال هذا الشهر (سبتمبر) ألقيت كلمتى فى مؤتمر النساء الدولى، الذى شاركت فيه أغلب القيادات النسائية فى البلاد العربية، ورئيسات المنظمات المعروفة باسم المجتمع المدني، منها شخصيات جادة مخلصة فى عملها تتبنى قضايا النساء وحقوق الإنسان، ومنها أفراد ومنظمات مرتبطة بالحكومات رغم شعاراتها غير الحكومية، منظمات وأفراد قلائل ليس لهم قواعد شعبية، وليس لهم رؤية تربط قضية النساء (نصف المجتمع) بقضايا المجتمع الاقتصادية والسياسية والثقافية والدينية والأخلاقية، قليل منهم مستقل سياسيا واقتصاديا، أغلبهم يلجأون الى التنازلات من أجل المصالح الآنية، وتفاديا لغضب السلطات الحاكمة داخليا وخارجيا، لهذا لم تلعب هذه المنظمات النسائية ومؤسسات المجتمع المدنى دورا بارزا، فى بلادنا وأغلب بلاد العالم، لتحرير النساء أو فى مجال حقوق الإنسان.
فى كلمتى فى اليوم الأول للمؤتمر تعرضت لعدة نقاط أساسية هى: لماذا لم تتحقق المساواة بين الرجال والنساء رغم الجهود والأموال المبذولة عالميا ومحليا؟ ما العقبات؟ ولماذا تجهض الثورات الشعبية؟ لماذا تحدث الردة فى أغلب بلاد العالم ومنها بلادنا العربية؟ هل يمكن تحقيق المساواة بين الجنسين (وحدها) فى عالم قائم على التفرقة واللامساواة بين الدول والشعوب والطبقات والجنسيات والاجناس والالوان والأديان واللغات والهويات؟
وللحديث بقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مؤتمر
ناس حدهوم أحمد ( 2015 / 9 / 16 - 12:46 )
يقول رد السيد عبد الله ارهونن - لم لا تنشئن دولة خاصة بالنساء في جزائر الواق واق ؟ - ويقهقه . تهكما طبعا .
وأقول له - ولما علينا أن نفعل ؟ ألا يمكن أن نتعايش في كرامة ومساواة وأخوة ؟ أم علينا أيضا أن ننشء دولة للأطفال خاصة بهم وبحقوقهم ؟
لا علينا ياسيدتي نوال فمثل هؤلاء لا يستطيعون التخلص من عقدة المرأة ومن عقدة الكبت التي تسببت لهم في عمى الوعي وعمى العدالة الإجتماعية . ولا يدرون أيضا بأن هؤلاء أنفسهم خرجوا من بطون النساء وتربوا على أيدي النساء وتشبعوا بالحب والحنان من صدور الأمهات .
السيدة نوال السعداوي تم تكريمها من طرف بلدان عديدة ومؤسسات وجمعيات وجامعات في كل أنحاء العالم بينما في مصر بلدها مصر أم الدنيا تم الزج بها في السجن على يد السادات لأنها فقط تجهر بالحقيقة التي لا يمكن أن يتعامى عنها إلا الجهلاء والأغبياء والأجلاف . فالمرأة هي النصف الآخر من المجتمع وهي القدوة والنمودج والمربية وعلينا أن نمتعها بحقوقها الكاملة وهذا ما سوف يتحقق ولو كره الكارهون والمرضى المتزمتون .


2 - مؤتمر
ناس حدهوم أحمد ( 2015 / 9 / 16 - 12:47 )
فدمت يانوال الرائعة قدوة لنا جميعا نساءا ورجالا والتاريخ يسجل بطولتك وجرأتك وحكمتك ونبلك الإنساني . وستذكرك الأجيال تلو الأجيال من خلال سجلها الذهبي إعترافا وامتنانا بعبقريتك التي أنارت وستظل تنير لنا السبيل لتحقيق المساواة بين الرجال والنساء في كل المجالات والقطاعات والميادين الفكرية . وطوبى لمصر وللعالم العربي بنوال السعداوي الطبيبة والأديبة الفذة .


3 - تكامل وليست مساواة شكلية
ابراهيم احمد ( 2015 / 9 / 17 - 03:40 )
رفض فكرة التكامل بين الرجل والمراة القائمة على عدم التشابه والمثل ادى لجنوح المجتمعات وخاصة الاوروبية لفكرة ان العدالة لا تكون الا بالمثل لتشعل فكرة المثلية بين الاناث والذكور كل على حدة، فتشكلت فكرة ان العدالة تكون بالتطابق والمثل فجنح الانسان باحثا عن مثله وليس عن مكمله
وهذا خطا ترتكبه المنظمات النسائية برفضها للتكاملية التي تسوق المجتمعات للنشوز وكراهية النصف الاخر لانه لا يشبهني اذن هو يظلمني
ولو اعتمدنا مبدا الوزن في القيمة السلوكية لادرك الناس ان الذكر مساوي تماما للانثى وخلصنا من دوامة الحقوق المتشابهة مثيرة اللغط ويا ليتها بقيت حكاية لغط بل تطورا للمثلية المسؤولة عنها افكار المساواة الشكلية البائسة
مجرد خاطرة وليس قانون

اخر الافلام

.. تدريب المرأة مهنيا.. أولوية لتمكينها اقتصاديا


.. الأردن.. برامج لتمكين النساء وتوجيههن لدخول سوق العمل




.. الناشطة بالجمعية التونسية من أجل الحقوق والحريات رانيا بن فر


.. حقوقيات تطالبن بتطبيق قانون النفاذ إلى المعلومة في تونس




.. رئيسة الجمعية التونسية للحكومة والمساءلة الاجتماعية هاجر الط