الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نوري السعيد / الحلقة الحادية عشرة

حامد الحمداني

2015 / 9 / 16
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


أولاً: بريطانيا ونوري السعيد وعبد الإله يتآمرون على الملك غازي:
لم تكن بريطانيا راضية عن تولي [الملك غازي] المُلك بعد وفاة والده الملك فيصل الأول، فقد أصيبت بخيبة أمل كبيرة منه أثناء توليه منصب [نائب الملك]، بحكم كونه ولياً للعهد، أثناء غياب والده عن البلاد، والأسلوب الذي اتبعه في معالجة قضية ثورة الآشوريين بقيادة المار يوسف].

كما أن بريطانيا كانت تراقب العلاقات المتنامية بين الملك غازي ودكتاتور ألمانيا[هتلر] بشئ كبير من الشك والريبة، خوفاً من أن تحصل ألمانيا على موطئ قدم لها في العراق، ومنطقة الخليج الغنية بالنفط .

كما كانت محاولة الملك غازي احتلال الكويت بالقوة أثناء غياب رئيس الوزراء نوري السعيد، والذي كان قد سافر إلى لندن لحضور مؤتمر حول القضية الفلسطينية في 7 شباط 1939، حيث كان قد استدعى رئيس أركان الجيش الفريق [ حسين فوزي ] عند منتصف الليل، وكلفه باحتلال الكويت فوراً، كما اتصل بمتصرف البصرة، داعيا إياه إلى تقديم كل التسهيلات اللازمة للجيش العراقي للعبور إلى الكويت واحتلالها.(1)

وهكذا تجمعت كل تلك العوامل لتفعل فعلها في تصميم بريطانيا على التخلص من الملك غازي بأسرع ما يمكن، وكان رجل مهماتها الكبرى [نوري السعيد] الذي حاول بكل جهده منع الملك غازي من تولي العرش بعد وفاة والده الملك فيصل، واستبداله بالأمير[ زيد] عم الملك غازي، على كامل الاستعداد لتنفيذ مهمة التخلص من الملك غازي بالتعاون مع خاله [عبد الإله] وشقيقته [ الملكة عالية] زوجة غازي، والتي كان قد هجرها دون أن يطلقها بصورة رسمية.

لقد كانت هناك الكثير من الدلائل التي تشير إلى النية للتخلص من الملك، فقد ذكر السفير البريطاني [باترسن] في كتابه Both sides of Curtain حول تصرفات الملك غازي ما يلي:
{ لقد أصبح واضحا للعيان أن الملك غازي إما يجب أن يُسيطر عليه، أو أن ُيخلع من العرش، وقد ألمحتُ إلى ذلك، وبهذا المقدار في زيارتي الوداعية للأمير عبد الإله }!. (2)
أما العقيد صلاح الدين الصباغ فيذكر في مذكراته [ فرسان العروبة] أن نوري السعيد الذي كان يقيم في القاهرة كان قد أرسل إليه، والى العقيد فهمي سعيد، ولده صباح، بعد مقتل بكر صدقي بأسبوعين ليستفسر منهما عما إذا كانا يريان قتل الملك غازي، وإلحاقه ببكر صدقي، وتخليص البلاد من عبثه أمرٌ ممكن !، وقد رد عليه فهمي سعيد بصوت جهوري قائلاً:
{ لا يا صباح لن يحدث هذا أبداً}.
أما صلاح الدين الصباغ فقد رد عليه قائلاً:
{ أما بصد اغتيال الملك غازي، فنحن أبعد الناس إلى التطرق لمثل هذا العمل، ولا نسمح بأن يذكر أمامنا، ونصيحتي لك أن لا تكرر ما قلته لي، وأن لا تفاتح به أحد بعد اليوم}. (3)
وجم صباح السعيد وتلعثم، وأدرك خطورة ما تفوه به أمام صلاح الدين الصباغ، وفهمي سعيد عن أفكار والده نوري السعيد.

وتطرق توفيق السويدي، أحد رؤساء الوزارات، إلى نفس الموضع في مذكراته المعنونة [نصف قرن من تاريخ العراق، والقضية العربية] قائلاً:
{أتذكر بهذا الصدد أنني عندما كنت في لندن، والتقيت بالمستر[ بتلر] وكيل وزير خارجية بريطانيا الدائم، وقد أبدى لي شكوى عنيفة من تصرفات الملك غازي فيما يتعلق بالدعاية الموجهة ضد الكويت من إذاعة قصر الزهور، وقال لي بصراحة:
{إن الملك غازي لا يملك القدرة على تقدير مواقفه لبساطة تفكيره، واندفاعه وراء توجيهات تأتيه من أشخاص مدسوسين عليه، إن الملك بعمله هذا يلعب بالنار، وأخشى أن يحرق أصابعه يوماً ما}. (4)

كما كان الملك غازي قد استدعى صباح اليوم التالي نائب رئيس الوزراء [ناجي شوكت] بحضور وزير الدفاع، ووكيل رئيس أركان الجيش، ورئيس الديوان الملكي، وأبلغهم قراره باحتلال الكويت، لكن ناجي شوكت نصحه بالتريث، ولاسيما وأن رئيس الوزراء ما زال في لندن، وأبلغه أن العملية سوف تثير للعراق مشاكل جمة مع بريطانيا، والمملكة العربية السعودية وإيران، واستطاع ناجي شوكت أن يؤثر على قرار الملك غازي، وتم إرجاء تنفيذ عملية احتلال الكويت. (5)

فلما عاد نوري السعيد إلى بغداد، وعلم الأمر، سارع بالاتصال بالسفير البريطاني، وتداول معه عن خطط الملك غازي، فكان قرار الإثنان التخلص من الملك بأسرع وقت ممكن، وهذا ما صار بعد مدة وجيزة، حيث جرى تدبير خطة لقتل الملك والتخلص منه، والمجيء بعبد الإله وصياً على العرش، نظراً لصغر سن ولده الوحيد [فيصل الثاني] الذي كان عمره لا يتجاوز الخمس سنوات آنذاك. (6)
ثانياً : مقتل الملك غازي :
في صباح يوم الخامس من نيسان 1939 فوجئ الشعب العراقي ببيان رسمي صادر عن الحكومة نقلته إذاعة بغداد وجاء فيه:
{ بمزيد من الحزن والألم، ينعى مجلس الوزراء إلى الأمة العراقية انتقال المغفور له سيد شباب البلاد [جلالة الملك غازي] الأول إلى جوار ربه، على اثر اصطدام السيارة التي كان يقودها بنفسه بالعمود الكهربائي الواقع في منحدر قنطرة [نهر الخر] بالقرب من [قصر الحارثية] في الساعة الحادية عشرة والنصف من ليلة أمس.
وفي الوقت الذي يقدم فيه التعازي الخالصة إلى العائلة المالكة على هذه الكارثة العظمى التي حلت بالبلاد يدعو الله سبحانه وتعالى أن يحفظ للمملكة نجله الأوحد جلالة الملك فيصل الثاني، ويلهم الشعب العراقي الكريم الصبر الجميل، وإننا إلى الله وإننا إليه راجعون}. (7)
بغداد في 4 نيسان 1939
لم يكد خبر مقتل الملك غازي يصل إلى أسماع الشعب حتى هبت الجماهير الغاضبة في مظاهرات صاخبة اتجهت نحو السفارة البريطانية وهتافات التنديد بالإمبريالية البريطانية وعميلها [نوري السعيد] تشق عنان السماء، وامتدت المظاهرات الشعبية الهادرة إلى سائر المدن العراقية من أقصاه إلى أقصاه، وظهرت المنشورات التي وزعتها الجماهير، والتي تقول أن الملك لم يصطدم بالسيارة كما تدعي حكومة نوري السعيد، وإنما قتل بعملية اغتيال دبرتها الإمبريالية البريطانية وعملائها، وعلى رأسهم نوري السعيد بالذات، وكانت الجماهير بحالة من الغضب الشديد بحيث أنها لو ظفرت بنوري السعيد في تلك اللحظات لفتكت فيه ومزقته إرباً، ولذلك فقد هرب نوري السعيد، بعد إتمام مراسيم دفن الملك غازي في المقبرة الملكية في الاعظمية، حيث استقل زورقاً بخارياً من المقبرة إلى داره في جانب الكرخ.
حاول الإنكليز إبعاد التهمة عنهم، وادعوا أن الدعاية الألمانية هي التي تروج مثل هذه الدعاية ضد بريطانيا، كما ادعوا أن موظفي السفارة الألمانية، والأساتذة الجامعيين، هم الذين يحرضون جماهير الشعب ضد بريطانيا، وضد حكومة نوري السعيد.

كان رد فعل الجماهير الشعبية في الموصل شديداً جداً، حيث خرجت مظاهرة ضخمة، وتوجهت نحو القنصلية البريطانية وهاجمتها، وقتلت القنصل البريطاني في الموصل، المستر [مونك ميسن]، وكانت الجماهير تهتف بسقوط الاستعمار البريطاني، وحكومة نوري السعيد العميلة، وكانت الجماهير بحالة من الغضب الشديد بحيث أنها لو ظفرت بنوري لمزقته إرباً .
لكن ما يؤسف له هو قيام الجماهير الغضبة بمهاجمة الحي اليهودي في بغداد والموصل، ووقوع عمليات النهب، وحرق مساكن اليهود، من دون أي سبب مبرر، وربما جرى ذلك بتحرض من المتآمرين أنفسهم لتشويه مظاهرات الاحتجاج على اغتيال الملك غازي.
استغل نوري السعيد الأحكام العرفية التي كانت قد أعلنت في البلاد قبل شهر من مقتل الملك، وقام بنشر أعداد كثيفة من قوات الشرطة لقمع المظاهرات، وجرى اعتقال الكثير من المتظاهرين. ولتغطية جريمة الاغتيال سارعت حكومة نوري السعيد إلى إصدار بيان رسمي يتضمن تقريراً طبياَ صادراَ عن هيئة من الأطباء عن سبب وفاة الملك غازي، وجاء في البيان ما يلي :
{ ننعي بمزيد من الأسف وفاة صاحب الجلالة الملك غازي الأول، في الساعة الثانية عشرة والدقيقة الأربعين من ليلة 3 / 4 نيسان 1939 متأثراً من كسر شديد للغاية في عظام الجمجمة، وتمزق واسع في المخ، وقد حصلت هذه الجروح نتيجة أصطدم سيارة صاحب الجلالة عندما كان يسوقها بنفسه بعمود كهرباء بالقرب من قصر الزهور في الساعة الحادية عشرة والنصف ليلاً، وفقد الملك شعوره مباشرة بعد الاصطدام ولم يسترجع وعيه حتى اللحظة الأخيرة}. (8)
3 /4 نيسان 1939
الدكتور جلال حمدي الدكتور صبيح وهبي الدكتورسندرسن الدكتور صائب شوكت الدكتور ا أبراهام

وعلى اثر إعلان وفاة الملك غازي، تولى مجلس الوزراء حقوق الملك الدستورية، وفقاً للمادة 22 من الدستور، وجرى الإعلان عن تولى الملك فيصل الثاني الملك،على أن يسمى وصياً عليه، نظراً لصغر سنه، بعد دعوة مجلس النواب الذي سبق أن صدرت الإرادة الملكية بحله، وقرر مجلس الوزراء تعين الأمير عبد الإله وصياً على العرش، وادعى نوري السعيد أن ذلك القرار كان بموجب وصية الملك غازي نفسه، غير أنه لم يثبت أن هناك أي وصية من هذا القبيل، وكان معروفاً آنذاك أن الملك غازي كان يكره عبد الإله كرهاً شديداً، ولذلك فلا يعقل أن يوصي بالوصاية لعبد الإله ويأتمنه على طفله، كما أن الملك غازي كان حسبما ورد في التقرير الطبي قد فقد شعوره فوراً ولم يسترجعه حتى وفاته. والحقيقة أن وصاية عبد الإله قد رتبت من قبل السفارة البريطانية وحكومة نوري السعيد. (9)

كما أن أحداً لم يقتنع بما أذاعته الحكومة عن اصطدام سيارة الملك ومقتله في الحادث، وهناك شواهد عديدة على أن الملك قد قتل نتيجة تدبير مؤامرة حبكتها السفارة البريطانية، وجرى تنفيذها من قبل نوري السعيد وعبد الإله، وأهم الشواهد على ذلك ما يلي:

‍1 ـ قبل مقتل الملك بتسعة أشهر، وبالتحديد في 18 حزيران 1938، وُجد خادم الملك غازي الشخصي مقتولاً داخل القصر، وجاء تقرير خبير التحريات الجنائية البريطاني أن القتل كان نتيجة إطلاق النار بالصدفة من مسدس القتيل نفسه ‍‍‍‍‍‍‍‍!!.
سبّب قتل الخادم رعباً في نفس الملك غازي لازمه لأيام، وبدأت الشكوك تنتابه حول مؤامرة لقتله فيما بعد، وكان شكّ الملك يحوم حول عبد الإله ونوري السعيد، وزوجته الملكة عالية ـ شقيقة عبد الإله ـ المنفصل عنها بصورة غير رسمية، وكانت تضمر له الكراهية والحقد. (10)
2ـ إن أي حادث لسيارة يؤدي إلى الوفاة لابد أن تكون إصابة السيارة شديدة وكبيرة، إلا أن الواقع كان عكس ذلك تماماً، فقد كانت الأضرار التي لحقت بالسيارة طفيفة جداً، وهذا ما يثير الشكوك حول حقيقة مقتل الملك.
3ـ كان بمعية الملك في السيارة كل من خادمه، وهوشقيق الخادم السابق القتيل، وعامل اللاسلكي، جالسين في المقعد الخلفي بالسيارة، ولكنهما اختفيا في ظروف غامضة، ولم يعرف أحد عن مصيرهما نهائياً، وقد أثارت عملية إختفائهما شكوكاً كبيرة حول مقتل الملك، وحول صدقيه حادث الاصطدام، واستمرت تلك الشكوك تحوم حول عبد الإله ونوري السعيد والسفارة البريطانية.
فقد ذكر الفريق نور الدين محمود، الذي كان قد شغل منصب رئيس أركان الجيش ثم رئيساً للوزراء عام 1952، حول حقيقة مقتل الملك غازي ما يلي:
{ أنه اصطدام غامض وعويص،لا يسع الإنسان مهما كان بسيطاً في ملاحظته إلا أن يكذّب زعم الحكومة وهو يقارنه بالأدلة التي يراها في مكان الحادث}. (11)
أما العقيد صلاح الدين الصباغ فيقول في مذكراته:
{ قضت المصالح البريطانية اغتيال الملك غازي، فتم في ليلة 3 / 4 نيسان 1939 وهو في السابعة والعشرين من عمره}. (12)
ويقول الأستاذ [ جان ولف ] في كتابه [ يقظة العالم العربي ] :
{ مات الملك غازي على أثر حادث غريب، فقد اصطدمت سيارته دونما سبب وجيه، بينما كان يقودها بسرعة معقولة، فتعالى الهمس في بغداد بين أبناء الشعب متهمين بعض الجهات بتدبير الحادث}. (13)
وقال الأستاذ [كارتاكوز ] في كتابه [ ثورة العراق ] ما يلي :
{ لعل مأثرته الرئيسية ـ يقصد الملك غازي ـ انه قد لاقى حتفه بشكل عنيف في حادث سيارة يٌعتقد أن البريطانيين وأعوانهم من العراقيين هم الذين فعلوه}. (14)
وجاء الدليل القاطع بعد سنوات طويلة،عندما التقى الأستاذ [عبد الرزاق الحسني] مؤلف تاريخ الوزارات العراقية في 8 نيسان 1975 بالدكتور [صائب شوكت ] طبيب الملك غازي الخاص، وأول من قام بفحصه قبل وفاته، وسأله عن حقيقة مقتله فأجابه بما يلي:

{ كنت أول من فحص الملك غازي بناء على طلب السيدين [نوري السعيد ] و[رستم حيدر] لمعرفة درجة الخطر الذي يحيق بحياته، وأن نوري السعيد طلب إليّ أن أقول في تقريري أن الحادث كان نتيجة اصطدام سيارة الملك بعمود الكهرباء. وأنا أعتقد أنه قد قتل نتيجة ضربة على أم رأسه بقضيب حديدي بشدة، وربما استُخدم شقيق الخادم الذي قُتل في القصر، والذي كان معه في السيارة لتنفيذ عملية الاغتيال.
فقد جيء بالخادم فور وقوع العملية إليّ وكان مصاباً بخلع في ذراعه، وقمت بإعادته إلى وضعه الطبيعي، ثم اختفي الخادم ومعه عامل اللاسلكي منذ ذلك ليوم وإلى الأبد، ولا أحد يعرف عن مصيرهما حتى يومنا هذا. (15)
كما التقى السيد عبد الرزاق الحسني بالسيد [ ناجي شوكت ] الذي كان وزيراً للداخلية آنذاك وسأله عن حقيقة مقتل الملك غازي ما يلي :
{ لقد احتفظت بسر دفين لسنين طويلة، وها قد جاء الآن الوقت لإفشائه، كانت آثار البشر والمسرة طافحة على وجوه نوري السعيد، و رستم حيدر، ورشيد عالي الكيلاني، وطه الهاشمي، بعد أن تأكدوا من وفاة الملك، وكان هؤلاء الأربعة قد تضرروا من انقلاب بكر صدقي، واتهموا الملك غازي بأنه كان على علم بالانقلاب، وأنا أعتقد أن لعبد الإله ونوري السعيد مساهمة فعلية في فاجعة الملك غازي}. (16)

وهكذا أسدل الستار على مقتل الملك غازي، وتم نقل جثمانه إلى المقبرة الملكية في الأعظمية، في الساعة الثامنة من صباح يوم الخامس من نيسان على عربة مدفع، وسط موجة من الهياج اجتاحت جماهير بغداد الغاضبة، والمنددة بالاستعمار البريطاني وأعوانه القتلة، وانهمك المتآمرون بعد دفنه، بترتيب الأمور لتنصيب عبد الإله وصياً على العرش وولياً للعهد.

ثالثاً:فيصل الثاني ملكاً، وعبد الإله وصياً على العرش وولياً للعهد:
كان مقتل الملك غازي هو الجانب الأول من مؤامرة نوري السعيد وأسياده الإنكليز، وكان الجانب الثاني يتمثل بتنصيب عبد الإله وصياً على العرش وولياً للعهد. فمنذ الساعات الأولى لمقتل الملك غازي عمل نوري السعيد جاهداً ليقنع مجلسا النواب والأعيان، والشعب العراق بما ادعاه بوصية مزعومة للملك غازي بتكليف عبد الإله بالوصاية على العرش فيما إذا حصل له أي مكروه.

إلا أن[ طه الهاشمي] من رؤساء الوزارات قال في مذكراته:
{أن الوصية التي عزاها نوري السعيد إلى الملك غازي كانت مزيفة دون شك }. (17)
أما وزير الدولة السيد [ علي الشرقي ] فيقول في كتابه [الأحلام ] ما يلي: { أوعز نوري السعيد إلى الملكة عالية أن ترفع كتاباً إلى مجلس الوزراء المنعقد للنظر في إقامة وصي على العرش تشهد فيه أن الملك غازي قد أوصاها أن يكون عبد الإله وصياً على العرش إذا ما حدث له أي مكره}. (18)
وقال السفير البريطاني [ سندرسن ] في كتابه [Both Side of Curtain]: { كان معروفاً أيضاً أن الإنكليز كانوا يميلون إلى عبد الإله أكثر من ميلهم إلى الملك غازي }. (19)

ويقول الدكتور [ صائب شوكت ] طبيب الملك غازي الخاص ما يلي :.
إنه عندما تأكدت من وفاة الملك غازي، كان عبد الإله وتحسين قدري بالقرب مني . دنا تحسين قدري مني وهمس في آذني أن الأمير عبد الإله يرجوك بأن تقول بأن الملك أوصاك قبل وفاته بأن يكون عبد الإله وصياً على ولده الصغير فيصل، ولكني رفضت ذلك رفضاً قاطعاً قائلاً له: إن الملك غازي كان فاقداً الوعي فور وقوع الحادث وحتى وفاته}.(20)

ويقول طبيب الملك البريطاني [ سندرسن ] في كتابه المعنون:
[Thousand and One Night] حول مقتل الملك :
{ في خلال 20 دقيقة من وفاة الملك غازي طلب إليّ[ رستم حيدر] أن أعلن أن الملك غازي قبل أن يموت قد عّبر عن رغبته بأن يتولى عبد الإله السلطة كوصي على العرش،غير أني رفضت أن أفعل ذلك، لأن الملك لم يستعيد وعيه لحظة واحدة، وحتى لو ارتكبت جريمة مثل هذا الإدعاء الكاذب فلابد أن يكون هناك الكثير من الشخصيات المستعدين لتكذيبه}. (21)

ورغم كل ذلك فقد اجتمع مجلس الوزراء، واتخذ قراره بتولي عبد الإله الوصاية على العرش وولاية العهد، ودعا نوري السعيد مجلسا النواب والأعيان إلى عقد جلسة مشتركة في يوم الخميس المصادف 6 نيسان 1939، وكان عدد الحاضرين 122عضواً فقط من مجموع المجلسين، وكلهم من مؤيدي نوري السعيد، حيث قاطع الجلسة عدد كبير من النواب والأعيان لكي لا يكونوا شاهدي زور على جريمة الاغتيال، وقد عرض عليهم نوري السعيد قرار مجلس الوزراء، وتمت الموافقة عليه بإجماع الحاضرين، وبذلك تم تنصيب عبد الإله وصياً على العرش، وولياً للعهد.

التوثيق:
(1)مذكرات طه الهاشمي ـ ص 200 .
Both side of Curtain(2) ـ ص 150 ـ موريس باترسن سفير بريطانيا في العراق
(3)فرسان العروبة ـ ص 90 صلاح الدين الصباغ .
(4)مذكرات طه الهاشمي ـ ص 300 .
(5)مذكرات توفيق السويدي ـ نصف قرن تاريخ العراق ـ ص 326 .
(6)تاريخ الوزارات العراقية ـ الجزء الخامس ـ ص 76 ـ عبد الرزاق الحسني .
(7)المصدر السابق ـ ص77 .
(8)نفس المصدر ـ ص78 .
(9)حديث الدكتور صائب شوكت ـ طبيب الملك غازي مع الحسني في 8 نيسان 1975 .
(10) تاريخ الوزارات العراقية ـ الجزء الخامس ـ ص 79 ـ عبد الرزاق الحسني .
(11)فرسان العروبة ـ ص 87 ـ صلاح الدين الصباغ .
(12) المصدر السابق ـ ص 87 .
(13) يقظة العالم العربي ـ ص 120 ـ جان ولف .
(14) ثورة العراق ـ ص 32 ـ كارتاكوز .
(15) تصريح صائب شوكت لعبد الرزاق الحسني ـ ت ، ز ، ع ، ص 79 .
(16) تصريح ناجي شوكت ـ وزير الداخلية ـ لعبد الرزاق الحسني ـ ت ، و ، ع ، الجزء الخامس ، صحيفة 81
(17) مذكرات طه الهاشمي ـ ص 241 .
(18) كتاب الأحلام ـ ص 170 ـ علي الشرقي .
(19) تاريخ الوزارات العراقية ـ الجزء الخامس ـ ص 79 .
(20) نفس المصدر السابق .
(21) الف ليلة وليلة ـ ص 170 ـ طبيب الملك غازي سندرسن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ولي العهد السعودي بحث مع سوليفان الصيغة شبه النهائية لمشروعا


.. سوليفان يبحث في تل أبيب تطورات الحرب في غزة ومواقف حكومة نتن




.. تسيير سفن مساعدات من لارنكا إلى غزة بعد تدشين الرصيف الأميرك


.. تقدم- و -حركة تحرير السودان- توقعان إعلاناً يدعو لوقف الحرب




.. حدة الخلافات تتصاعد داخل حكومة الحرب الإسرائيلية وغانتس يهدد