الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألديغلوسيا..في العربية

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2015 / 9 / 19
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات



-رُحت عكوبات حوليم ، والأحوت قالتلي لازم أعمل بديكات دام ، وعملتها والنتيجة بسيدر ..!!
كُنا أنا ، زوجتي وصغيرتي في زيارة لأقربائنا في الأُردن ، للمشاركة في حفل زفاف ابنة بنت خالتي وابنة صديقي من أيام الطفولة ، زوج بنت خالتي . رافقتنا في هذه الزيارة شابةٌ صديقةٌ للعائلة وجارتنا في الحي الذي نشأتُ فيه . وهي عانسٌ تجاوزت الخمسين ، وكسبت لقمتها من العمل في النظافة في عيادة صحية محلية عامة ..
دار حديثٌ على وجبة الغداء الدسمة ، حول الأوضاع الصحية للجالسين حول المائدة ، فقالت الصديقة هذه الجملة ، وهي تعتقد بأنها تتحدث العربية...!! لم يفهم الجالسون حول الطاولة ما قالت، وقُمتُ بالترجمة الى العامية الفلسطينية العربية ..
وحينما نتحدث عن الديغلوسيا ، فاللغويون يقصدون بذلك ، إزدواجية اللغة ، ولربما ليست هناك ترجمة صحيحة ودقيقة لهذا المُصطلح ..!! فلكي تكون هناك إزدواجية لغوية ، يجب ان يمتلك الإنسان "ناصية" لغتين ، على غرار ثنائية اللغة (البي- لينغوالية ).. بالمُختصر حين نتحدث عن الديغلوسيا ، فإننا نتحدث عن "طغيان" أو تطور لغة جديدة من رحم لغة "رسمية " ما ..!!
فالعربية الفصحى الرسمية ، والتي يتغنّى بها "العروبيون " والإسلاميون " ، ليست لغة أُمٍ لأي إنسان على وجه الأرض، كما كتبت باحثةٌ لغوية مشهورة من مواطني اسرائيل الفلسطينيين .. لذا نرى بأن مَن يُطلقُ عليهم ، العرب المنضوون تحت "كساء" القومية العربية الواحدة ، يفتقدون الى أحد أهم الروابط العملية ، لتجعل منهم أمةً واحدة ، "ذات رسالةٍ خالدة "... ألا وهي اللغة المُشتركة.
فالمغربي " العربي" ، يتحدث لغةً لا يفهمها المشرقي "العربي" ، بل هناك حاجة الى لغة مشتركةٍ بينهما ، لكي يتفاهما . وهذا هو حال "الشعوب " العربية الأُخرى ، فلهجتنا الفلسطينية تختلف من منطقة الى أُخرى ، بل وتختلفُ جوهريا بين فلسطينيي إسرائيل والفلسطينيين أينما تواجدوا . فقد نشأت مع الزمن لغةٌ جديدة هي خليط من العربية الفلسطينية والعبرية ، والتي أطلق عليها الباحثون في علم اللغات ، من العرب الفلسطينيين الاسرائيليين ، إسم العربرية !! والجملة أعلاه خير نموذج على ذلك ..
فالشابة التي قالت جملتها تلك في بداية المقال ، كانت تحسبُ نفسها تتكلم العربية مع عرب فلسطينيين تربطها بهم أواصر قرابة ..!!
لكن لماذا يُشغلُ هذا الموضوع ، بال الباحثين والمُختصين ؟؟
يتضح بأن الطالب العربي ، يتعرف الى اللغة العربية الفُصحى الستاندرتية ، في بداية حياته المدرسية ، والتي تبدأُ في جيل الست سنوات ..بينما في سنواته الأولى ، كانت لغة أُمه، العامية أو اللهجة المحلية . وهكذا يشعُرُ بأنه يتعلم لغةً أجنبية جديدة ومجهولة ..
وتظهر أوجُهُ الإختلاف بين "لغة أُمه" ، وبين اللغة العربية الستاندرتية ، في إختلاف النطق ، لبعض الحروف ، وطُرق الكتابة العربية المُعقدة، فغالبية الحروف تأخذ أشكالا مختلفة عند كتابتها في أول الكلمة ، وفي وسطها ونهايتها ..!!
لذا ،تُشيرُ نتائج النجاح في امتحانات اللغة العربية لطلاب الثانوية ، غير المشجعة ،بل والمتدنية إلى أن الطالب العربي يجدُ صعوبةً بالغةً في "حل" امتحان اللغة العربية ..!!
لكن التعليم الرسمي ، عندنا وفي البلدان "العربية" ، لا يأخذُ بالحُسبان ظاهرة الديغلوسيا ويتغاضى عنها وكأنها غير موجودة بتاتا ، ويطلب من "الطُلاب" مستوىً لغويا ، وكأن اللغة الفصحى الستاندتية هي لغة أُمه ..!!
ترجمة الفقرة الافتتاحية : وهي كلمات عبرية دخلت اللهجة الفلسطينية الاسرائيلية ، من العربرية
كوبات حوليم : هي عيادة صندوق المرضى ،يعني عيادة ..
الأحوت : الممرضة
بديكات دام : فحص دم
بسيدر : جيدة ، او حسناً ،أو عال ..
ما قالته "خريجة " الصف السادس الإبتدائي : بأنها ذهبت للعيادة ، فطلبت منها الممرضة أن تجري فحص دم ، وكانت نتيجة الفحص جيدة ..!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العزيزالقحطاني المحترم
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 9 / 19 - 14:27 )
تحياتي وشكري
المُشكلة بأن الوضع الديغلوسي لا يُمكّن العربي -المسلم من قراءة وفهم القرآن ، وليس بالعكس .
أتمنى ان تجد شريكة لحياتك قريبا
خالص مودتي


2 - ملحوظة
عدلي جندي ( 2015 / 9 / 19 - 14:46 )
مهاجري الأمة الخالدة ذات اللغة الواحدة ...!!! ( الفارين من نعيمها بالطبع ...!!) عبر القفار والبحار أجبروا دول الإتحاد الأوربي علي إلغاء معاهدة الوحدة الجغرافية ما بينهم (شنجن ) وإذا عُرف السبب
بُطلْ العجب
نتيجة إيمانهم الغيبي كالعادة بوحدة اللغة ( المغربي والمصري والسوداني والفلسطيني و... يشتركون في نفس الحلم) وكالعادة إشتركوا في نفس الحلم بالفرار من جنة الإيمان إلي نار الْكُفَّار أو العكس دون محاولة التغيير سيان في نظرتهم أو فكرهم وكانت النتيجة خوف الدول المتحدة جغرافيا من أتباع أصحاب الوطن الواحد و اللغة الواحدة في ذات الفكر الموحد في لغته السلفية مما فكك حتي أواصر وحدة جغرافية لشعوب لا تعرف زعم لغة واحدة ومصير واحد ورب واحد و... خرافة موحدة
يا سيدي فككوا حتي وحدة الغرب الجغرافية لكنهم لا يزالوا علي حلم
بالخلافة الواحدة للشعوب ( أو الشعب المؤمن ) حتي عند فرارهم
شالوم عليك مع وافر التحية


3 - الزميل العزيز عدلي الجندي
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 9 / 19 - 16:15 )
تحياتي
واشكرك على التعليق ، والمشترك بين افراد هذه الامة هو اللجوء !!الى الغرب ..
في رأيي لم تتفكك الوحدة الأوروبية لأنها مصلحة لجميع الدول المشاركة في الاتحاد وما يجري هو حالة آنية لاختلاف السياسات بين الدول .
لك مودتي


4 - الى قاسم محاجنة
نبيل عودة ( 2015 / 12 / 8 - 07:46 )
عزيزي قاسم
مقالك ممتاز ومعبر كثيرا عن واقع لغتنا.. انا اطلق على هذه اللغة لقب -العربية الاشكنازية- من المؤسف ان مؤسساتنا الرسمية والشعبية تهمل هذا الجانب الحضاري. اللغة هي معيار قومي هام جدا. هي الرابط القومي الأساسي ، انسان بدون لغة لا هوية له.
نرى الكثير من الشعارات القومية.. لكني لا ارى ان اللغة وتقدمها وجعلها جزء من الهوية تلفت اهتمام ما نسميهم قادة مجتمعنا العربي.. على الأقل في التوعية من خطر تفكك اللسان العربي.
المسألة أيضا تتعلق بجهاز التعليم منذ صفوف البسلتين، بأي لغة يجب ان نتحدث مع اطفالنا؟ لغة مكسره .. سوقية ام لغة أقرب للفصحى.. لغة الصحافة مثلا التي اعتبرها اكثر لغة عربية قريبة للمناخ الثقافي السائد في مجتمع واكثر لغة فصحى مفهومة وميسرة لمجتمعما ؟! تجد في ملفاتي مقال بعنوان -بأي لغة عربية نكتب؟-

ومقالات اخرى عن اللغة مثل مراجعة لكتاب بروفسور سليمان جبران -اللغة العربية بين التجديد والتقليد-!

اخر الافلام

.. ستيف بانون.. من أروقة البيت الأبيض إلى السجن • فرانس 24


.. فرنسا: حزب الرئيس ماكرون... ماذا سيقرر؟ • فرانس 24 / FRANCE




.. أوربان يزور أوكرانيا ويقترح وقفا لإطلاق النار للتعجيل بإنهاء


.. فرنسا: التعايش السياسي.. مواجهة في هرم السلطة • فرانس 24 / F




.. كبار جنرالات إسرائيل يريدون وقف الحرب في غزة حتى لو بقيت حما