الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعليم وبناء الشخصية

عماد صلاح الدين

2015 / 9 / 21
التربية والتعليم والبحث العلمي


في فلسطين والعالم العربي، يتسابق الناس نحو التعليم، التعليم هناك حديث المنزل والشارع والمجتمع عموما. يتطلع الآباء والأمهات إليه، على انه المنقذ لأولادهم، والسبب المستقبلي، في توفير الكرامة والراحة لهم.

لكن، حين تحين لحظة القطاف، تكون النتائج عكسية، على صعيد الأهداف الشخصية، لأولئك المتعلمين الشباب؛ فالعطالة تكون طاغية، والمنتج على صعيد النوع وحتى الكم، يكون ضئيلا كذلك.

والسبب وراء ذلك، أرده إلى منحيين اثنين:-
الأول، على مستوى التأسيس البنائي الإنساني؛ ذلك أن هناك مجموعة مطلقات ونسبيات، على مستوى منظومة القيم، تتعلق بالأخلاق والحرية والكرامة والعدل الاجتماعي، وهي غير متوفرة في بيئتنا العربية عموما.

الثاني، تتعلق بفهم المغزى من العملية التعليمية، على أنها جزء صاب، في بناء شخصية الإنسان، وصقله، وتكوينه، كإضافة من الإضافات، بالإضافة إلى مجالات إنسانية أخرى، في الاجتماع، والثقافة، والقدرة على الانبثاق والتفاعل.
وللأسف، فان نخب وقيادات الشعوب العربية السياسية والثقافية، لا تدرك، أو لا تريد أن تدرك، أن الحرية وممارستها، والإحساس بها ككرامة متجلية، في الأوضاع الاجتماعية والمادية والمعنوية، هي من تفتح الباب أمام الدخول في تفاصيل ومجالات الحراك الإنساني، من خلال منهجية علمية تطبيقية، تقود في النهاية إلى الإبداع والتطور، كتعبير عن نماء وقيام شخصية الإنسان الفرد والمجتمع، وليس التعليم كهدف لذاته، وكرتب ومناصب على حساب الخصم من كينونة الإنسان نفسه، في ظل غياب مدعمات الصحة والتربية والاجتماع؛ فتجد عندها متعلما وبأعلى الدرجات العلمية، لكنه مهلهل وفاقد لثقته وحيويته الكلية، في القدرة على تقرير مصيره، بل وفي بعض المواقف العملية، غير قادر على حسن القول والسلوك والتصرف المناسب.

إن العملية التعليمية، المفروض منها، أن تعطي أدوات لبناء الشخصية والمعرفة، وان تكون وسيلة لكشف القدرات وتوجيهها، لا أن تكون عملية ركم معلومات فوق بعضها البعض، كجبل متهالك فوق إنسان متهالك. فالعملية التعليمية، يجب أن تعطي إضافة على مستوى صحة الإنسان كطفل، ومنذ البداية، وان تزرع فيه المبادرة والتعرف على كل ما هو جديد وميداني كذلك، ويجب أن تقلل فيه منسوب المخاوف من كل شيء، وتعزز ثقته بنفسه. وهي على العموم يجب أن تكون أداة البناء الجسمي والنفسي والعقلي للإنسان، لا أن يكون المتعلم أو الطالب عبدا لمخاوفه من الامتحان والدرجات، وغير ذلك.

لا نريد في النهاية جبل معلومات أو تشوهات غير مهضومة في شخصية الإنسان، فيتمخض الجبل عن صفر أو فأر.
يظن الناس في بلدي أن التعليم للتعليم هو عين النجاح، ونجد في المقابل أن المتعلمين في البلد هم من أكثر فئات المجتمع معاناة، وحتى الشكوى من الأمراض النفسية والاجتماعية، بل والى تحقق الفشل بخصوصهم في مجمل حياتهم. وتجد على العكس من ذلك، وبالمصادفة، بخصوص أولئك الذين لم يتعلموا وقد احتكوا بالمراس الحياتي والعملي، وعلى غير صعيد أكثر ثقة ونجاحا من أولئك المتعلمين؛ ولذلك نجد بعض الأمثال الدارجة من قبيل( الحياة مدرسة).

دور التعليم إذن أن يساهم في بناء الإنسان والمجتمع كشخصية مستقلة، تحس بقيمتها من داخلها وخارجها، وان يكون دور التعليم توجيهيا بحسب التنوع والقدرات والرغبات؛ فيكون لدينا الأكاديمي والصناعي والتجاري والمهني والمزارع وعامل النظافة والكاتب والمفكر والسياسي وهكذا، دون أن يقصر النجاح على التعليم الأكاديمي فقط، وأما البقية فيتم التعامل معهم على أنهم أغبياء أو فاشلون، لمجرد أنهم لا يحصلون درجات عالية بالمقارنة مع أقرانهم، أو أنهم غير مميزين في مجالات بعينها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الزمالك المصري ونهضة بركان المغربي في إياب نهائي كأس الاتحاد


.. كيف ستواجه الحكومة الإسرائيلية الانقسامات الداخلية؟ وما موقف




.. وسائل الإعلام الإسرائيلية تسلط الضوء على معارك جباليا وقدرات


.. الدوري الألماني.. تشابي ألونزو يقود ليفركوزن لفوز تاريخي محل




.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ