الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوح في جدليات – 14 – مامون.

نضال الربضي

2015 / 9 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


بوح في جدليات – 14 – مامون.

"مامون" اسم ٌ لشيطان ٍ يُعتبر ُ أحد َ أمراء ِ جُهـنَّـم َ السبعة بحسب ِ بعض ِ الاجتهادات الثيولوجية المسيحية. تعمل ُ روح ُ هذا الشيطان من خلال ِ المال و الثروة لتدفع َ الإنسان نحو تكديسها بشراهة ٍ و شراسة، مُفرغَـة ً للنفس من كلِّ عاطفة ٍ جميلة ٍ و نبيلة، بزخم ٍ لا يمكن ُ إرضاؤه.

للاسم أصل ٌ آرامي و يظهر في إنجيلي العهد الجديد لمتى و لوقا، و لا يوجد ُ في كُتب ِ العهد القديم العبرية.

- نقرأ ُ في متى: "... لا تقدرون َ أن تخدموا الله و المال" (الفصل 6 نهاية الآية 24). المال هنا هو الترجمة العربية لكلمة مامون.

- نقرأ ُ في لوقا: "و أنا أقول لكم: اصنعوا لكم أصدقاء ً بمال الظلم، حتى إذا فنيتم يقبلونكم في المظال الأبدية" (الفصل 16 الآية 9). تُترجم مامون في هذا النص على أنها "مال الظلم" و يرد المُصطلح ُ نفسُه في الآية 11 من نفس الفصل، ثم يُترجم في الآية 13 على أنه "المال" مع نفس تحذير متى بالضبط.

يُعتقد ُ أن مامون عُبد َ كإله، لكنَّي لم أتمكن من إيجاد مادَّة موثوقة عن هذه العبادة، على الرغم من إشارة ِ بعض المصادر أن مامون هو شكل ٌ من أشكال الإله بعل.

أنا مُطمئنٌّ أكثرَ، إلى الاعتقاد بـ "مامون" كتجسيد ٍ للطمع البشري المريض أكثر َ منهُ تجسيدا ً لكيان ٍ روحي شيطاني، و يؤسِّسُ لهذا الاطمئنان ِ عندي لوحة ُ الفنانة: إيفلن دو مورجان التي تحمل العنوان "عبادة مامون".

يمكنكم الاضطلاع ُ عليها من خلال الرابط التالي: http://www.demorgan.org.uk/worship-mammon

أُترجمُ لكم من الإنجليزية وصف َ اللوحة ِ كما ورد َ في الموقع :

(بداية ُ الترجمة)
"بصفتها شخصا ً روحانيا ً، كانت إيفلن مُنشغلة ً (مهوسة ً، كثيرة َ الاهتمام) بالمفهومين المُتضادَّين ِ للمادية مقابل َ الصِّحة (السلامة) الروحية، و يتمثَّل هذا كموضوع ٍ رئيسي في لوحات ٍ عديدة ٍ لها. إن أوضح َ (أبرزَ) تمثيل ٍ لانشغالها السابق يظهرُ في لوحتها:عبادة ُ مامون، و التي رسمتها في العام 1909.

مامون هو إله الأمور الأرضية. و تعني الكلمة باللهجة السورية القديمة (أي الآرامية الغربية المحكية في سوريا) الثروات، كما و يرد ذكرها في إنجيل متى: لا تقدرون أن تخدموا سيدين... لا تقدرون أن تخدموا الإله و مامون.

في اللوحة ِ نشاهد ُ المرأة َ تتشبَّث ُ (تتعلق) بشدَّة ٍ بركبة ِ التمثال، و هي ترنو بتوق ٍ إلى وجهه، بينما يرمُقها ببرودٍ و لا مبالاة. يحمل ُ التمثال ُ في يدِه ِ كيسا ً من الذهب، لكنَّ المرأة َ تتجاهلُ الكيس (تبدو غير مُهتمَّة ٍ بالكيس)، فلقد تحوَّلَ اهتمامُها من الذهب إلى حبِّ مامون نفسِه، و بذلك َ قطعت َ نفسها من حبِّ الله لتحكم َ على نفسِها بالموت"
(نهاية الترجمة).

يشغل ُ حبُّ المال ِ و تكديس ِ الثروات بال أصحاب ِ المنظومة ِ الدينية بشكل ٍ كبير:

فعلى الجانب ِ الأيمن من المنظومة:
نقرأ ُ في المسيحية ِ أن إحدى الخطايا السبعة ِ المُميتة - أي التي لو مات َ الإنسان و هو غير َ تائب ٍ عنها ستؤدي به إلى جُهنَّم َ محروما ً من رحمة ِ الإله – هي: الطمع.

كما و نقرأ ُ في صلاة ِ طرد الأرواح الشريرة بحسب الطقس الكاثوليكي توبيخا ً شديدا ً للشيطان و تخزِيَة ٍ لهُ بذِكرِ كل ِّ صفاتِه ِ الخبيثة أثناء َ طرده، و التي منها كونُهُ: المُحرِّض َ على الحسد، ووعاء ً للطمع.

تعتبر ُ المسيحية ُ - مُحقَّة ً كما أرى - أن حسد َ الآخرين على ما لديهم من خير سبب ٌ رئيسي للبغضاء و التشاحُن و التنافُس ِ غير الشريف. و حين يلتقي بالطمع ِ و الشره ِ المادي يتحوُّل ُ إلى أداة ٍ تدميرية ٍ هائلة للفرد و العائلة ِ و المُجتمع، و للدُّول ِ أيضا ً (الاستعمار مثالاً).


أما على الجانب ِ الأيسر:
فهناك َ فلسفة ُ الليفيانية ِ السطنائيلية (أو الشيطانية الإلحادية) و هي فلسفة دينية تتجه ُ نحو استخدام ِ اسم سطنائيل أو Satan كتجسيد ٍ للمادية و حبِّ الذات و تأليهِها و الانغماس في المحسوسات و اعتناق اللذَّة ِ و الانشغال بالواقع و بالتأسيس ِ على الداروينية الإجتماعية دون أي عبادة للشيطان ككيان روحي، حيث أنَّ هذه الفلسفة َ دينية ُ الجوهر لكن بدون ِ إيمان ٍ بكائنات ٍ ما ورائية مثل الشيطان أو الإله.

نقرأ ُ في هذه الفلسفة إحدى عشرة َ عبارة ً تمثِّل ُ جوهر الإيمان، أُولاها هي: "يمثِّل ُ سطنائيل مبدأ َ الانغماس (المُتعة) بدلا ً عن مبدأ ِ التعفُّف (الامتناع)"، و عاشرَتها هي "يمثِّل ُ سطنائيل كل ما يُطلق ُ عليه اسم ُ خطيئة، و جميُعها تقود ُ للاشباع ِ الجسدي، العقلي و العاطفي (النفسي)"

للمنظومة ُ اللادينية ُ أيضا ً منهجُها من مامونية ِ المال ِ و الثروة ِ، فعلى جانبها الأيمن داروينيون اجتماعيون يرون أن البقاء َ للأقوى و الأذكى و الأكثر فتكا ً و لا يجدون َ بأسا ً في استعباد ِ الأفراد ِ و الشعوب تحقيقا ً لمزيد ٍ من الثروة ِ و المال ِ و القوَّةِ. و على جانبها الأيسر من يحلمون َ بعالم ٍ خال ٍ من الطمع.

رأي ِ:
ينطلق ُ الفهم الصحيح ُ للسلوك البشري من دراسة الطبيعة البيولوجية و الوعي العقلي و تجلياتهما النفسية، و تُبنى الحقائِق ُ من مُشاهدات ٍ و اختبارات ٍ و قياس ٍ و تجارب َ واقعية، لا من افتراضات ٍ منفصلة ٍ عن الواقع، و بالتالي نرى بوضوح أن الإنسان َ ينزع ُ بطبعِه ِ نحو التَّملُّك ِ و التكديس، و هي استجابة ُ لغزيرة ِ البقاء بالدرجة ِ الأولى، و للحاجة ِ النفسية بتحقيق ِ الأمان، ثم الاعتراف ِ به من المجموعة ثم تحقيق ِ الذات، مُجتمعة ً.

فإذا ً من ناحية المبدأ لا أجد ُ مُشلكة ً في الجمع ِ و التكديس،،،

،،، و إنني إذ أمضي لفحص ٍ أكثر َ تعمُّقا ً أقول ُ أن الجمع و التكديس ينبغي أن لا يُصبحا الأولوية َ القُصوى للفرد بحيث ُ يشغلان ِ كامل َ وقتِه ِ و تفكيرِهِ فيُهمل َ احتياجاتِه الاجتماعية و العاطفية، أو يُقصِّر َ في حقِّ عائلتِه فيغيب َ عن الأحداث ِ اليومية ِ لبيتِه ِ و للمقربين منه. إن خطر التكديس هو في الانعزال الداخلي لتحقيق ِ شراكَة ٍ مع الذات و الذات ِ فقط، و بقطيعَة ٍ تامَّة ٍ مع المحيطين بالدرجة ِ الأولى و مع المجتمع ِ بالدرجة ِ الثانية.

ثم َّ و بغوص ٍ أعمق َ نحو الجذور أقول ُ أنْ ينبغي أن نُدرك َ أننا نعيش ُ في عالم ٍ مادِّي يقوم ُ على مبادئ اقتصاد ٍ مُعولمة في مُجتمعات ٍ استهلاكيَّة ٍ يُحقِّق ُ الفرد ُ فيها الاكتفاء من خلال ِ مُقايضة ِ المال ِ بالبضائع، الأمر ُ الذي يُجبرُه ُ على الجمع ِ و التكديس، فلا يعود ُ الحديث ُ عن الطمع ِ أو التعفُّف ِ ذا صلة ٍ بهذه المنظومة، و لا وصفا ً صحيحا ً لشكلها و خصائصها و طبيعة ِ العلاقات ِ فيها.

لا يوجد في منظومة ِ الواقع: مامون، لا بشكلِه ِ الميثولوجي و لا باعتبارِه تجسيدا ً لمفهوم ِ شرٍّ مُطلق مُفارق ٍ في أسبابِه للواقع، لكنَّه ُ موجود ٌ بشكلِه ِ المَرضي كغياب ٍ للتوازُن ِ النفسي و محاولة ِ تعويِضِه بواسطة ِ الامتلاك. إنَّـه ُ الإحساس ُ بالـ "لا قيمة" ثم َّ السعي ُ لشرائِها بامتلاك ٍ خارجي يملأ ُ الخواء َ الداخلي.

أتوصَّل ُ في نهاية ِ مقالي هذا إلى خُلاصَة ٍ و إنذار ٍ يُفضي إلى ضرورة.

أما الخُلاصة فهي أن ْ: لا بأس َ في التكديس ِ و الجمع ِ و الاستمتاع ِ بالحياة ِ و الانغماس ِ في الملذَّات ِ ما دام َ أنها في علاقة ٍ تفاعُليَّة ٍ بين داخلية ِ الإنسان و خارجيتِه.

و أما الإنذار فهو أنْ: بين مامون و بعل و سطنائيل و لوسيفر و الإله، يضيع ُ الإنسان، و تضيعُ مُعاناتُه اليومية بين يديِّ العمل و المدرسة و الجامعة و البنك و الأقساط و المجتمع، و يتضاءَل ُ مع جميِعها الحُلُم ُ و الاكتفاء و النشوة ُ و السعادة ُ و الرَّاحة،،،

،،، و بالتالي فإن الضرورة َ تقتضي أن نعترف َ أن العقل َ البشري عليه ِ أن يستنهِض َ الإرادة لفحص ِ الموروث و المُسَـلـّــَـمات حتى يُحطِّم َ المفاهيم َ البالية و يخلق َ منظومته القيمويَّـة َ الواقعية و بواسطتها يتعامل ُ مع المجتمع ِ و الاقتصاد، ليعيش َ كيانَه ُ المتوازن.

بقي َ أن أقول َ أنني لم أُرد لهذا المقال أن يتَّجِه َ نحو الفلسفة أبداً، و أنَّه ُ بدأ في ذهني كمُشاكسة ميثولوجية مُثيرة بأدوات ِ مامون بعل سطنائيل لوسيفر، لكنَّه ُ جرَّني غصبا ً نحو الأصل ِ الإنساني للأيقونة ِ الميثولوجية، و حتَّم َ عليَّ أن أغسل َ وجهها ليظهر َ هوَ!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحياتي نضال العزيز
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 9 / 22 - 11:39 )
يعطيك العافية
مَمُون بالعبرية المعاصرة والمُتداولة تعني المال الكثير ..
لك مودتي وتحياتي


2 - تصحيح لغوي
نضال الربضي ( 2015 / 9 / 22 - 11:56 )
القارئات ِ و القراء َ الكرام، تحية َ محبَّة ٍ و احترام،

ورد َ في مقالي:
فإذا ً من ناحية المبدأ لا أجد ُ مُشلكة ً في الجمع ِ و التكديس،،،

و الصحيح أن تكون الكلمة: مُشكلة ً (و ليس مُش ل ك ة)

ورد َ أيضا ً:
للمنظومة ُ اللادينية ُ أيضا ً منهجُها من مامونية ِ المال ِ و الثروة

و الصحيح هو:
للمنظومة ِ اللادينية ِ (بالكسر لا بالرفع)

أعتذر ُ منكم.

نقد ذاتي:
لماذا عند مراجعة المقال قبل النشر و لأكثر من مرة لا تظهر هذه الأخطاء أمامي لكنها تظهر فقط عند قرآتي بعد النشر؟ أعتقد أن انشغالي بالمضمون يطغى على الرؤية المحسوسة للنصِّ النَّاقل له، و أن َّ علي أن أتروى ثم َّ أتروى ثم َّ أتروى.

تقبلوا الاحترام.


3 - العزيز قاسم حسن محاجنة
نضال الربضي ( 2015 / 9 / 22 - 12:59 )
تحية قلبية للعزيز قاسم!

حضورك َ دائما ً يُثلج صدري، و إضافتكَ الجميلة أغنت المقال.

كانت بداية ُ استخدام هذه الكلمة في نصوص ِ قمران، و لم تُستخدم في العهد القديم قبلها، مع أن لها جذورا ً عبرية، و كذلك يمكن ُ ربطها بالجذر العربي -أمن- و منها كلمة -الأمانة- و هي وصف ٌ لموضوع ٍ ما -محروس- لصاحبه ِ من قبل ِ المُؤتمن ِ عليه، و سيعيدنا هذا التحليل إلى أحد أُصول الكلمة كاسم ٍ لروح ٍ حارسة للكنوز (يعني رصد بالشعبي).

لم أشأ التعمُّق بذكر هذه المعلومات في أصل المقالة و كنت أرجو أن تكون َ أقصر، لكنني مع الحذف وجدت ُ أنني قد استفضت!

أعتزُّ بصداقتي و حضورك!


4 - الاخ العزيز نضال الربضي المحترم
وليد يوسف عطو ( 2015 / 9 / 22 - 13:32 )
مقال جميل كعادتكم دائما ..
المال بحسب تعاليم يسوع( عيسى ) من ابليس ولا يجوز ان يجتمع مع محبة الله .لذا على اتباع المسيح التخلي عن اموالهم وتشاركهم بالمال مع المحتاجين حتى لو كانوا من غير مذهب او دين او عرق واعطى لنا السيد المسيح مثالا انسانيا وكونيا غير مسبوق وهو مثال السامري الصالح وكتبت عنه مقالا بعنوان ( المسلمون اخوة يسوع )لذا اجاب يسوع للثري الذي اراد اكمال لاالوصايا بقوله ..اذهب وبع ماتملك وتصدق بثمنه على الفقراء وتعال فاتبعني . ومعنى كلام يسوع هو ان الرجل الثري لم يطبق الوصايا واهمها (تحب قريبك كنفسك ).وفي التنعاليم الغنوصية هنالك فصل تام بين اله المادة والشر وهو يهوه خالق الكون وجسد الانسان وبين الاب السماوي خالق رو ح الانسان ونجد تاثير الغنوصية في انجيل يوحنا وفي رسائل بولس ..اما تراكم المال والثروة فقد قال به كالفن مؤسس احدى الكنائس البروتستانتية الثلاث مخالفا تعاليم المسيح في تحريم اكتناز المال حيث دعا كالفن الى شرعية الربا ومن هنا تاسست البنوك وترافق الاصلاح البروتستانتي مع تطور ونهوض الراسمالية والذي كتب عنهما عالم الاجتماع الالماني ماكس فيبر كتابه عن..يتبع .


5 - الاخ العزيز نضال الربضي المحترم
وليد يوسف عطو ( 2015 / 9 / 22 - 13:36 )
وقد كتب ماكس فيبر كتابه (البروتستانتية وروح الراسمالية ) مبينا اهمية العمل وتراكم الثروة في تطور الراسمالية وبسبب الاصلاح البروتستانتي تطورت الدول البروتستانتية اسرع من الدول الكاثوليكية فنجد اقوى الدول واكثرها تظور هي الدول البروتستانتية الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا والمانيا ثم الدول الاسكندنافيا .ختاما تقبل خالص اعتزازي وتقديري لقلمكم ولروح الاخوة .


6 - العزيز وليد يوسف عطو - 1
نضال الربضي ( 2015 / 9 / 22 - 18:47 )
أهلا ً بك أخي وليد و تحية ً قلبية ً لك!

رميت َ شباكك َ في العمق يا صديقي كشأنك َ دائما ً، فأثرت َ ثلاثة َ نقاط مهمة، اسمح لي أن أعقِّب َّ عليها:

أولا ً : بالنسبة لموضوع يسوع و المال.
يتعلَّق ُ التعليم الأخلاقي ليسوع بالفكر الأبوكاليبتي جملة ً و تفصيلا ً. لاحظ موعظة َ الجبل في لوقا الفصل السادس فهي تعود إلى تقليد أبوكاليبتي قديم يرى أن الضاحكين و الأغنياء و الشبعين قد نالوا عزاءهم و أن الملكوت القادم سيحقق العدل للفقراء و الحزانى و الجائعين.

تختلف صيغة العظة في لوقا عن متى، فالأول نقلها بصورتها الأبوكاليبتية الأولية بينما الثاني لطف من حدة الانتظار الأبوكاليبتي و أحاله إلى المستوى الروحي الفردي.

نفهم موقف يسوع من المال في ضوء العظة و الفكر الأبوكاليبتي، فالملكوت قادم و لذا فلا داعي للمال، الملكوت قريب -توبوا فقد اقترب ملكوت السماوات-، -ها إن الفأس على أصول الشجر-، الفأس حاضرة للقطع، الملكوت سيحل قريبا ً، المال لا داعي له.

يفسر هذا أيضا ً سلوك المسيحين الأولين ببيع كل ما يملكونه و اقتسامه بينهم، فلا يوجد مستقبل، الملكوت قادم.

يتبع


7 - العزيز وليد يوسف عطو - 2
نضال الربضي ( 2015 / 9 / 22 - 18:55 )
يفسر السابق أيضا ً عدم وجود هرمية سلطة في كنائس بولس الأولى، لاحظ أنه في الرسالة الأولى إلى أهل قورنتس يخاطب الكنيسة كلها، فلا يوجد رئيس لها، لأنه لا وقت للرئاسة، الملكوت قادم، و هذا نفس موقف بولس في الرسالة الأولى إلى أهل قورنتس حيث سيصعد الأحياء لملاقاة الرب في الجو.

- ثانيا ً: الغنوصية.
الغنوصية عجيبة غريبة فهي مثل دواء الكورتيزون يعالج كل شيء و لا تعلم له استخدام محدد، لاحظ كيف أن الغنوصية التي قالت بالمستوى الإلهي و المستوى الشرير و إله الخير و إله الشر تشبه الوثنية، و كيف أنها حين تتسرب إلى الديانات التوحيد تقول أن ملكوت الله في داخلكم، و كيف أنها تعتمد على العرفان الداخلي الصوفي أيضا ً لتحقيق الاستنارة، إنها أسنس جوهري عجيب لا ملامح له، و أرى أنه مذهب عقلي بالدرجة الأولى و سابق لعصره جدا ً فلقد أدركوا التناقضات الغريبة للمعتقدات الدينية في عصرهم و كانوا صادقين في الاعتراف بأحاسيسهم الداخلية و في قدرة عقولهم و قلوبهم على إحراز المعرفة بدون وصاية، لكن مشكلتهم كانت أنهم لم يمدوا الحبل على استقامته لينعتقوا من أسر الدين.

يتبع


8 - العزيز وليد يوسف عطو - 3
نضال الربضي ( 2015 / 9 / 22 - 19:01 )
- ثالثا ً: البروتستانتية:
تشكل الثورة البروتستانتية خطوة مهمة جدا ً في الإصلاح الديني المسيحي، و هي قطيعة ٌ تامة مع السلطة المؤسسية للكنيسة و عودة لروح يسوع الحرة.

لكن الدعاة البروتستانتين الجدد مثل جويس ماير و بيني حن و غيرهم، قد تحولوا إلى دجالين و مشعوذين بكل معنى الكلمة، و أسأل نفسي: هل قرؤوا أناجيلهم حقاً؟ هل ما زالوا يتحدثون عن نفس المسيحية التي نراها في الأناجيل؟

يسوع لم يكن له حجر ٌ يسند به رأسه و دعا بشكل واضح إلى التقشف بينما يتنقل هؤلاء في طائرات خاصة و يعيشون برفاهية ملكية لا تتاح إلا لأباطرة الأموال، لو رآهم يسوع اليوم لأنكرهم.

موضوعنا طويل يا صديقي :-))))

أرحب بكم دائما ً و دمت بكل الود!


9 - لا بأس بتكديس المال ولكن،منْ يعرف حدود الطمع؟
ليندا كبرييل ( 2015 / 9 / 23 - 13:34 )
الأستاذ نضال الربضي المحترم

مقال ذو حمولة ثقافية عالية .
تكديس الأموال يشكل راحة نفسية للإنسان ، لا سيما عندما يتقدم به العمر ، وتداهمه المصائب والأمراض
وما أقل الناس الذين لا تستعبدهم المادة
انظر إلى اللاجئين ، فمع كل الرفاهية والأمان الذي تؤمنه لهم الحكومات الغربية ، فإنهم يتحايلون ويكذبون للحصول على مساعدات أكبر بطريقة الفهلوة

حسد الآخرين على ما عندهم يدفع الإنسان لسلوكيات مضرة لا تتسم بالإنسانية
ما أقل من يعرف حدود الطمع

تفضل احترامي


10 - و للشعر رأيٌ في مامون
شوكت جميل ( 2015 / 9 / 23 - 19:02 )
تحية أخي نضال ،مبدعٌ كعادتك

ما زالت الكلمات العتيقة المغمسة بحكمة الأجيال القديمة نضرة و صالحة .

تكديس أو لا تكديس ، غنى أو حياة كفاف، ثراء فاحش أو فقر مدقع..لا يهم و و انما السؤال المهم : هل المال في خدمة الإنسان أم الإنسان في خدمة المال ؟ هل المال موطيء الإنسانية في سبيلها أم الإنسانية موطئه..ما أجمل البياتي الفقير الغني في يساريته الإنسانية و هو يقول في قصيدته(المدينة و الأوغاد )،..و المدينة هنا كل مدينة ربها مامون ،و سكانها عبيد مامون الخاضعين :

-مامون-و الدولار يدعمهُ...بإزائها_ و الفكر و العدمُ
و صبيةٌ تبكي ، و مركبةٌ.....بسطو عل حوذيّها خدمٌ
و أر بغايا ينتحبْن على.........حبٍ تدوسُ رفاتهُ قدمُ
و عيون شحّاذٍ ملوّثة.....و دما يسيلُ، و باعة وجموا
إنّا هجرناهم و ليس لنا...في أرضهم بعثٌ و لا رممُ

أخلص التحايا


11 - العزيزة ليندا كبرييل
نضال الربضي ( 2015 / 9 / 23 - 21:15 )
مساء ً طيبا ً أيتها العزيزة ليندا،

مشكلة ُ هذا العصر أنه استهلاكي رأسمالي، و لذلك لا يمكن تحقيق ُ الكفاية سوى عن طريق معادلة: المال - مقابل - السلعة.

السلعة هنا تشمل ُ المُنتج الملموس، و الرفاهية، و الرضى النفسي الذي يتأتــَّـى من مؤسسات اقتصادية متعلقة بالرفاهية أو بواقع افتراضي (فيسبوك، واتساب، تويتر).

لاحظي معي أن أداة تحقيق الكفاية هي المال، و بالتالي فالمزيد من السلع يتطلب المزيد من الأموال، و تتفاقم المشكلة عندما ترتفع مستويات التضخم الاقتصادي فيتحتم طلب المزيد من المال مقابل نفس السلع السابقة.

الطمع بالنسبة للطبقات الفقيرة أو المتوسطة، وصف غير واقعي فهؤلاء يااااللله يستطيعون تأمين الكفاية، و ينطبق الوصف على الطبقة الغنية التي لا تكتفي.

أحيانا ً يُصاب ُ الفقراء و متوسطو الدخل بالمامونية لا كطمع استزادي لكن كرد فعل نفسي على واقع لا يستطيعون تغيره.

دمت ِ بود!


12 - العزيز المُرهف الجميل شوكت
نضال الربضي ( 2015 / 9 / 23 - 21:23 )
مساء َ الكلمات ِ و الحروف ِ العابقة بالإحساس أيها العزيز،

قصيدتك َ لوحة ٌ تستعرض ُ مأساة َ العالم في أبيات، حضر َ فيها توثيق ُ غياب ِ الحب عن عالم ٍ دواءه الحب لو كان يعلم!

قبل ساعتين تقريبا ً عدت ُ من وسط البلد، إنها ليلة وقفة ِ الأضحى، أبهجتني و صديقي الأضواء و الناس و الأجواء. مررنا على مسكين ٍ يتربَّع ُ الأرض، وجهُه ُ لم يُغسل منذ شهور، حافي القدمين، سألته: تعشيت؟ قال لا، قلت: ماذا تريد أن تأكل، قال: كبدة، قلت: و ماذا أيضاً، قال: لسانات، قلت: ماذا تشرب، قال: بيسبي، قلت: سأعود بعد قليل.

احضرت ُ له ما طلب، و مضيت ُ مع صديقي، قال لي صديقي: أنت تشجعه على الشحادة، قلت: لا يهم، لو وجد َ من يعطيه الحب لما صار شحاذاً.

هذا عالم طماع لأنه لا يجد الحب، و لو وجده لاختفى طمعه.

دمت َ بود!


13 - تقدير و إعتزاز للمفكر و الباحث الأردني العزيز و ال
جريس بقاعين ( 2015 / 9 / 24 - 16:42 )
مقال رائع يا ابو جورج ... استمر في الكتابة فالمجتمعات العربية المتخلفة تحتاج لأمثالك من المتنورين و المثقفين .... كل الإحترام يا نضال و دمت اخ عزيز لأخ عزيز


14 - الحبيب جريس بقاعين
نضال الربضي ( 2015 / 9 / 25 - 09:57 )
لم أتوقع رؤيتك َ هنا على الحوار المتمدن، فكم أسعدني تعليقُك َ!

رفقتُك َ كنز ٌ ثمين أحرص ُ عليه، و جولاتنُا في وسط البلد أتعلَّم ُ فيها منك َ الكثير يا صديقي الجميل، الذي هو إنسان ٌ بحق قبل أن يكون َ أيَّ شيء ٍ آخر!

دمت َ بكل ِّ الود!

اخر الافلام

.. ماذا بعد موافقة حماس على -مقترح الهدنة-؟| المسائية


.. دبابات الجيش الإسرائيلي تحتشد على حدود رفح بانتظار أمر اقتحا




.. مقتل جنديين إسرائيليين بهجوم نفذه حزب الله بطائرة مسيرة


.. -ولادة بدون حمل-.. إعلان لطبيب نسائي يثير الجدل في مصر! • فر




.. استعدادات أمنية مشددة في مرسيليا -برا وجوا وبحرا- لاستقبال ا