الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشكلة أصحاب الشهادات العليا في مؤسسات الدولة

عبد الحسين العطواني

2015 / 9 / 23
المجتمع المدني


من الواجبات الأساسية التي تقع على مسؤولية الدولة هي مهمة تنمية الطاقات وتطوير الكفاءات للوصول إلى تكامل الشخصية الإنسانية , ومكافحة جميع موانع التكامل , وتعزيز الوعي لدى الإنسان وانتشال الناس من وحل الخطايا ومستنقع الرذائل , والوصول بهم إلى أسمى مدارج الكمال والرقي من خلال تفجير طاقاتهم الكامنة , لكون الدولة مسؤولة تجاه تقدمهم العلمي والمعنوي , وتطوير القيم الإنسانية في نطاق مهامهم , ولكي يكونوا على مستوى من المسؤولية يجب أن تتوفر فيهم الخصائص العملية والعلمية , خاصة تلك التي تدخل في مجال اختصاصهم , وبالتالي الارتقاء بالمستوى العلمي لدى الكادر في مفاصل الدولة , ومن الأهداف الأخرى التي يجب أن تنشدها الدولة والنظام السياسي هو إرساء أسس العدالة الاجتماعية , وإقامة المجتمع الذي يؤمن ويتمسك بحقوق واحترام الشخصية الإنسانية لإفراده , ودرءهم من الظلم والتجاوز على حقوقهم , والنهوض من اجل تحقيق هذه العدالة والدفاع عنها .

وفي ضوء الطموح المشروع لكل فرد في مواصلة تعليمه بمختلف المراحل التي تمكنه من الارتقاء بالتطور العلمي والحصول على الشهادة التي تتفق مع مؤهلاته العلمية وإمكانياته الذاتية واختصاصه , فان الكثير من الموظفين في دوائر الدولة الذين لم تسمح لهم ظروفهم من إكمال تعليمهم العالي سواء كان قبل , أو بعد تعينهم لأسباب كثيرة منها : الحروب المستمرة في زمن النظام السابق وعسكرة الشعب , والحصار الاقتصادي وضغوط المعيشة , والتمايز الذي كان معتمدا عل أساس المنطقة والعشيرة , خاصة عند القبول بالدراسات العليا التي هي محل بحثنا .

وبعد تغيير النظام عام 2003 حصل انفراج وتوسع بهدف تسهيل عملية التقديم للدراسات العليا ( الماجستير , والدكتوراه ) مما جعل الكثير من حملة شهادة البكالوريوس ومن ضمنهم منتسبي دوائر الدولة الالتحاق بالدراسات العليا لرغبتهم الملحة وكفرصة سنحت لهم لاقت استحسان واندفاع الكثير من المشمولين لاستثمارها , مع محاولة البعض ممن ظروفهم المادية سيئة قبولهم خارج نظام التفرغ , أو الإجازة الدراسية , لكون طبيعة عملهم في بعض الدوائر تعمل بنظام الشفت المسائي, وبالتالي تحاشي حسم جزء كبير من رواتبهم من جراء التفرغ , الذي يؤثر على تردي حالتهم المعاشية , وكان ذلك حافزا لهم نحو تكثيف جهودهم لصقل كفاءاتهم المتخصصة في شؤون إدارة المجتمع ومؤسساته بجوانبها الفنية , والسياسية , والاقتصادية , والإدارية , وبالتالي إذا ما توفرت هذه الكفاءات أمكن بناء مجتمع متكامل , من منطلق أن التطور في العلم هو لمصلحة كل الشعب بوصفه مشترك إنساني , ولايمكن في ظل التطور الدولي الاستغناء عن التقدم العلمي وكذلك لايمكن التعكز على قوانين سابقة شرعت بحقبة زمنية غلب عليها الحكم الاستبدادي الذي لايجيز للموظف الحصول على شهادة الدراسات العليا ( الماجستير , والدكتوراه ) إلا باستحصال الموافقة على منحه إجازة دراسية للتفرغ للدراسة على الرغم من أن ظروف عمله بالدائرة تسمح له بالدراسة , دون الإخلال أو ما يؤثر على دوامه بالدائرة , كما لاينبغي بحجة القانون ارتهان الإرادة الفردية بما يؤدي إلى الاستتباع وقبول الاستبداد , وإخضاع الطموح المشروع , فان الطموح سيكون أمرا مقبولا ومرحبا به إذا كان يستجيب لمصالح الشعب , وخاصة إذا كان سليما ويستهدف مصلحة الإنسان , وحقوقه , وحرياته , وبالتأكيد أن هناك عوامل موضوعية , وأخرى ذاتية لهذا الطموح .
وما نريد أن نصل إليه في هذا الصدد ونتمنى أن يأخذ طريقه إلى مستوى البحث والتطبيق من قبل صناع القرار بمختلف مستوياتهم ومناصبهم الوظيفية في الدولة , بأن هناك حيف كبير وقع على منتسبي الدوائر ممن حصلوا على الشهادات العليا أثناء خدمتهم في المؤسسات الحكومية وبالظروف التي اشرنا إليها دون إحداث أي ضرر أو تأثير ينعكس على نتاج , أو عطاء عملهم , هو عدم احتساب هذه الشهادات لهم سواء لإغراض المخصصات , أو الترقية , أو إعطائهم الأفضلية في المناصب الوظيفية على غيرهم ممن هم اقل منهم تحصيل دراسي , وترك هذه الكفاءات العلمية التخصصية بمنأى عن استقطاب طاقاتهم العلمية التي هي حصيلة جهود حثيثة استغرقت سنوات عديدة من البحث والتجريب النظري والعملي وبظروف قاسية من حيث تردي الوضع الأمني منذ 2003 ولحد الآن , فضلا عن معاناة الطالب في بذل جل وقته من اجل التوفيق في دوامه بين الدائرة والدراسة دون اخذ أي قسط من الراحة على أمل الارتقاء وتحقيق طموحه , لكنه يصطدم بروتين قاتل جاء من تبعية قوانين شرعت أثناء حكومة ديكتاتورية خيبت أماله وتطلعاته المشروعة .
أملين أن يتعامل صناع القرار في بلادنا بمنطق إنساني يساهم في إكمال مسار التغييرات وتجاوز الأزمات التي تحول دون تحقيق مصالح الشعب وفق ترتيبات مختلفة تضع العراق في إطار الدول السائرة في مسار البنى والتجديد , ولا مناص إمامنا سوى التطور والنهوض والتنمية , من خلال دعم مسار التحول العلمي وفق رؤية جديدة تعتمد منهجية تلازم المسارين العلمي والمهني في المؤسسات باعتبار أن كل منهما يدعم الأخر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة اعتقال الشرطة الأمريكية طلابا مؤيدين للفلسطينيين في جام


.. مراسل الجزيرة يرصد معاناة النازحين مع ارتفاع درجات الحرارة ف




.. اعتقال مرشحة رئاسية في أميركا لمشاركتها في تظاهرة مؤيدة لغزة


.. بالحبر الجديد | نتنياهو يخشى مذكرة اعتقال بحقه من المحكمة ال




.. فعالية للترفيه عن الأطفال النازحين في رفح