الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعرفة والحياة

زاهر نصرت

2015 / 9 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لاشك ان المعرفة اوسع من ان يدركها انسان ، ومهما حاول البشر ان يحيطوا بمفردات المعرفة فانهم لا يستطيعون سواء وصلوا الى المعرفة كاملة او خزنوا ملايين المعلومات على أشرطة الكومبيوتر والآلات الحاسبة فأنهم لو أستمروا عمر الحياة الانسانية فستبقى المعرفة تتسع وليس في حيازة الانسان وفي مخزونه الفكري الا القليل ، فاذا كان هذا صحيحا ً واذا كانت قدرات الانسان محدودة على رغم الخيال التكنولوجي الطموح واذا كانت المعرفة تتسع اكثر والى مالا نهاية فما الذي يجب على الانسان ان يفعله بعقله الصغير وحياته القصيرة تجاه هذه المساحة اللامحدودة من المعرفة المجهولة ؟

لاشك ان السؤال يثير مخاوف عدة ، فهل المطلوب ان نترك المعرفة ونشتغل بحياتنا فقط نعيشها سواء بالجهل ام بالعلم البسيط وندع مهمة اكتشاف الكون والذرة ، ام ان المطلوب هو قضاء العمر بجمع ما نستطيع جمعه من المعلومات حتى وان كنا لن نصل الى نهاية المعرفة ؟

لو افترضنا ان كل البشرية تتمثل بأنسان واحد وعمرها كله بعمره وعقلها بعقله ، وبقى هذا الانسان يبحث في الذرة حتى لم يبق مجهول فيها وبقى يبحث حتى استطاع ان يصنعها وبقى يبحث في الفضاء حتى وصل حدوده وبقى يبحث في الخلية حتى انتهى عمره بعمر البشرية وعرف كل شيء فما هي حصيلة ذلك هل سيستطيع ان يبقى حيا ً أبد الدهر وحتى لو بقى فما قيمة بقائه بعد ان عرف كل شيء ؟ واذا كانت المعرفة هدف الحياة الانسانية فما الذي يبقى لها من هدف بعد الوصول الى هذه المعرفة هل سيستحدث سلما ً للقيم يختلف عن الذي قضى عمره وعمر البشرية وهو يستخدمه ويخدمه ؟ هل سيغادر موقعه في المعرفة الى موقع اخر خارجها ؟

لقد سعى الانسان ويسعى لكنه لا يعرف حتى الان الجهة التي يريد . انه يسعى لأن يجمع معرفة العالم كله ولكنه لا يعرف ما سيفعل بها بعد ذلك ؟ هل غاية العالم هي المعرفة المجردة ام ان غاية العالم هي الحياة ، والحياة تفترض معرفتها الخاصة بها والضرورية لها ولاستمرارها فقط ؟ هل نطلب الحكمة من المعرفة أم من الحياة ، وهل تستوجب الحكمة ضرورة المعرفة المطلقة بكل شيء ، ام هي ضرورة حياتية اساسا ً تقول بضرورة المعرفة في حدود استمرارية الحياة فقط ؟ ولا حاجة لمعرفة خارج مجال خدمة الحياة الانسانية .

لا يختلف عليه اثنان ان الجواب على جميع ما تقدم من هذه الأسئلة العميقة انما يكمن في كلام بسيط يتفق على صدقه الحكماء والبسطاء وقد لا يتفق معهم العلماء والفلاسفة الذين يعيشون للمعرفة ويموتون دون ان يستطيعوا الوصول الى حدود معرفة السهم المنطلق من القوس فكيف وهم يناقشون كل مسائل الكون والعلوم ؟ انه الجواب الذي يقول ان حدود المعرفة المطلوبة والضرورية تقف عند حدود الحياة الانسانية وكل معرفة لا ترتبط بها وليس لها أية علاقة بأستمرارية الحياة الانسانية والهدف منها حاجة لها . فهل ان اتفاق الجميع على هدف هذه الاجابة سيوقف البحث في كل الامور المعرفية خارج هذا السياق ؟


زاهر نصرت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد قضية -طفل شبرا- الصادمة بمصر.. إليكم ما نعرفه عن -الدارك


.. رئيسي: صمود الحراك الجامعي الغربي سيخلق حالة من الردع الفعال




.. بايدن يتهم الهند واليابان برهاب الأجانب.. فما ردهما؟


.. -كمبيوتر عملاق- يتنبأ بموعد انقراض البشرية: الأرض لن تكون صا




.. آلاف الفلسطينيين يغادرون أطراف رفح باتجاه مناطق في وسط غزة