الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تسيس الدين وراء فتاوى البلاوي1-2

خالد حسن يوسف

2015 / 9 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كتب الشيخ عبدالرحمن سليمان بشير مقال بعنوان ما هذه الفتاوي في عصر البلاوي؟! في صفحته في الفيسبوك بتاريخ 19 سبتمبر 2015 وموقع من أجل الصومال بتاريخ 25 سبتمبر 2015, وجاء المقال كقراءة لحوار أجراه التلفزيون المصري مباشر مع الدكتور سعد الدين هلالي, والذي تحدث عن واقع المسجد الأقصى والفلسطينيين والجانب الإسرائيلي.

وقال الشيخ عبدالرحمن معقبا على الأمر "لقد شاهدت قبل أيام تسجيلا لأحد علماء السلطة في مصر ، وهو أستاذ في الأزهر الشريف ، ويقوم بتدريس أهم مادة في كلية الشريعة ( أصول الفقه ) ، ولديه حضور مكثف في الإعلام السيسي بلا منافس ، وتحدث عن الأقصى حديثا صادم الفطرة والعقل والنص والإجماع ، وجاء في كلامه بما يناقض المنطق السليم ، ولكني تساءلت وأنا أشاهد ، هل هو فعلا يعي بِمَا يقول ؟ هل كان عقله حاضرا أثناء كلامه ؟ وماذا يبقى للأمة إذا تخلت عن الثوابت والمقدسات ؟ وما دور الأزهر الشريف في الحياة إذا تخلت عن دورها التاريخي في الدفاع عن الثوابت والمقدسات ؟"(1)

بدوري شاهدت الحوار المسجل والذي دار بين الأستاذ سعد الدين الهلالي والمذيع سيد والذي تناول واقع المسجد الأقصى والتعديات التي يقوم بها الإسرائيليين على المسجد والفلسطينيين, وإذ تحدث الشيخ عبدالرحمن سليمان بشير في مقاله ضمنيا كما هو وارد وتم ذكره عن موقف الأستاذ الهلالي عن القضية, أود بدوري أن اتوقف عن تسخير الدين حيت استحضر القرآن في موضع لا يتفق تماما مع المسألة محل النقاش وتم تفسير الآية "وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا" كاشارة من الهلالي على عدم تسخير الدين لسياسة وعدم زج شأن المسجد الأقصى بالصراع السياسي القائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين وكأن معضلة الفلسطينيين مع الإسرائيليين مختزلة في منحى ديني!

ومستطردا أن الصراع بين الطرفين سياسي وليس ديني, ورغم أن الهلالي أستاذ فقه مقارن في جامعة الأزهر إلى أنه وجه الآية القرآنية إلى سياق ليس له صلة بها تفسيرا, وغضى النظر عن أن المسجد يعد من الحقوق وأنه معتدى على حرمته من قبل الجانب الإسرائيلي, وذكر أن المسجد الأقصى لم يكن قائما في زمن الرسول محمد صلعم, وإن كان الأمر كذلك اليس المسجد من الحقوق؟ وله حرمة بغض النظر عن تاريخ إنشائه؟ أو من قام ببنائه أولاً.

وطالما الأمر تناول حماية الحقوق كما يرى الهلالي, فإن محلات بيع الكحول,وحانات شربها والملاهي الليلية المملوكة للفلسطينيين لها حقوقها, وهي بدورها تشهد إعتداءات الإسرائيليين, والمقصود هنا أنه ليس هناك سقف معين لهذه الإعتداءات على حقوق الفلسطينيين المعنوية,المعيشية,أملاكهم,الدينية وغيرها, وبتالي فإن اشكالية الإعتداء ليس لها حدود معينة, وفي المحصلة كل ما تقدم من منشآت فلسطينية لها حرمتها الإنسانية والدينية.

ثم راح الهلالي يسوق مقولة عبدالمطلب الهاشمي أن "للبيت رب يحميه..." وتغاضى عن أن عبدالمطلب لم يكن مسلماً وأهتم بإبله وترك شأن البيت لربه بحكم عقيدته وقناعته والقياس هنا مع الفارق بين موقف المذكور والفلسطينيين والذين يدافعون عن وجودهم الإنساني بشكل عام.

وقد وصف الشيخ عبدالرحمن الأستاذ الهلالي بما وصف وهو ما ذكرني بحوار أجراه الإعلامي طوني خليفة في برنامجه التلفزيوني "من تحت الكوبري" كان قد أجراه مع الأخير وسأله خلال اللحظات الأخيرة من البرنامج عن رأيه في عدد من الشخصيات المصرية ومن ضمنهم الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك والرئيس السابق محمد مرسي.

وفي شأن الرئيس مبارك أجاب"وقع ضحية عدم شفافية مع الناس كنت اتمنى أن يكون, كل من يعرفه, بفعل نفسه, كان يعرف كثيرا عن الإخوان ولكنه كان كتوماً ولا يحب الشعب ان يعرف ما هي حقيقية الإخوان, فالشعب عاش على فترة طويلة جدا يعتقد أن الإخوان من أطيب خلق الله ويحبون الدين ويسعون إلى الحج والعمرة وإلى رعاية الأيتامى والأرامل, ولم نكن نعلم سعارهم على الحكم وهو كان يعلم"(2)وقد تمت مقاطعات حوارية خلال ما تقدم من قبل الأستاذ طوني خليفة.

وحين سئل عن الرئيس مرسي قال"ضحك على المصريين بالدين"(3)

رؤية الهلالي واضحة جدا وتؤكد تعاطفه مع الرئيس مبارك وأنه مستنكر لرئيس مرسي, فكيف أستطاع إختزال تاريخ الأول والطويل كشهادة لتاريخ ومتجنبا ذكر تاريخه السيئ كما يجب؟! بينما أختزل الثاني بضحك على المصريين بالدين وإن حدث ذلك فعلا, كما أنه تجنب ذكر الدور الموضوعي ووجود قوى داخلية مصرية وخارجية لعبت دورا الأزمة الداخلية المصرية خلال مرحلة القصيرة لرئيس مرسي.

مؤكد أن خلاف الهلالي مع الإسلام السياسي المصري وتحديدا الإخوان المسلمين دفعه أن يحشر ذاته في هذا المربع الضيق والمكشوف وهو ما نراه حاضرا مع بعض رجال الدين ورافضي الإسلام السياسي والذين التقوا مع موقف الرئيس مبارك خلال حكمه أو بعد مغادرته, أما إحتمى بنظامه أو كراهية بالإسلام السياسي المصري وغيرهم من منظومتهم العامة, وتلك الاشكالية حين تلتقي التناقضات ناهيك عن وجود رجال دين دائما تنحصر وظيفتهم الاجتماعية في تكريس أنظمة الحكم (علماء السلطان" والهلالي يلعب هذا الدور وكراهيته لمنظومة الإسلام السياسي تدفعه أن يبرر ما لا يمكن تبريره!

وفي سياق آخر قال الشيخ بشير "لقد شاهدته من قبل وهو يصف السيسي ووزير داخليته بالرسل المختارين من الله ، والذين اختارتهم السماء لحماية مصر ، فهما كموسي وهارون ، فهكذا تكلم الرجل الذي يدرس علم أصول الفقه في أكبر جامعة إسلامية وأعرقها في العالم ، فهو لم يتورع استخدام كلمات غير علمية وغير موضوعية في لحظة الإنفجار المعرفي والمعلوماتي ، فحتى أطفال المسلمين يعرفون أن النبوة انتهت بمحمد صلى الله عليه وسلم ، فإذا كانت الأزهر بعراقتها وصلت إلى هذه الدرجة من السخافة في زمن السيسي ، فماذا نقول عن المؤسسات الأخرى ؟"(4)

مبدئيا أن يوصف بشر برسل حينما يحملون رسالة عظيمة إنسانية أو مشاريع تعلي من شأن الإنسان لا يمثل باشكالية, وهذا ينطبق على الخطاب الديني والاجتماعي الشعبي والقول أن الله قد خص قوم ما بشخصية ما قد حفظت شأنهم وأعلت من قدرهم وهو ما يعد واردا في الخطاب الديني الإسلامي بصور شتى, أما أن ينطبق الأمر على شخصيات ما أكانت السيسي أو وزير داخليته, فهذا أمر آخر وخاضع لتقييم الإنساني, وبتالي لا يستدعي الأمر هنا من الشيخ عبدالرحمن أن يستنكر ذلك طالما أن الطرفين يلعبان لعبة تسخير الدين لغايات سياسية سلبية, أكانوا من عشيرة الإخوان أو خصومهم, خاصة وأن المنزلة التي جعلها الهلالي لرئيس السيسي ووزير داخليته, تنطبق على نظرة الإخوان تجاه الرئيس مرسي ورفاقه, والخاسر في هذه المعادلة السياسية الشعب المصري والباحثين عن الحقيقة.

وتنطبق الخسارة على الشعب الفلسطيني الصامد والذي تأتي كل التراجعات العربية على الموقف من قضيته العادلة والتي يُسخر الإسلام السياسي العالمي والكثير من خصومهم للحقوق المشروعة لهذا الشعب انطلاقا من حساباتهم السياسية الأنية والمتحولة, فاشكالية الفلسطينيين مع مغتصبي حقوقهم ليس من المنطق حصرها في المسجد الأقصى أو كنيسة القيامة بقدر ما هي تمثل قضية وجود شعب سلب كل حقوقه أياً كانت.وإذا كانت المكايدة مع حركة حماس تطغى على الهلالي وغيره, فالشفافية تتطلب أن تختلف مع الخصم القريب بأسلوب مشروع ولا يأتي على الحقوق العامة, ويشمل ذلك حقوق الخصم ممثلا في حركة حماس, وما يغيب عن بعض الأطراف العربية أو يتم تغييبه عن تعمد في ظل صراعاتها الداخلية لا يغيب على الأطراف الإسرائيلية والتي تلتقي لمواجهة الجانب الفلسطيني بغض النظر عن ايديولوجيتها الدينية والإنسانية.

الهوامش:

1- الشيخ عبدالرحمن سليمان بشير,ما هذه الفتاوي في عصر البلاوي؟!,موقع من أجل الصومال,25 سبتمبر 2015.

2- الدكتور سعد الدين هلالي,لقاء مع الإعلامي طوني خليفة,برنامج من تحت الكوبري,20,ابريل 2014.

3- المصدر السابق.

4- الشيخ عبدالرحمن سليمان بشير,ما هذه الفتاوي في عصر البلاوي؟!,موقع من أجل الصومال,25 سبتمبر 2015.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 116-Al-Baqarah


.. 112-Al-Baqarah




.. سي إن إن تكشف عن فظائع مروعة بحق فلسطينيين في سجن إسرائيلي غ


.. نائب فرنسي: -الإخوان- قامت بتمويل الدعاية ضدنا في أفريقيا




.. اتهامات بالإلحاد والفوضى.. ما قصة مؤسسة -تكوين-؟