الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اذا الشعب يوما اراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر

منذر الفضل

2005 / 10 / 23
القضية الكردية


توقفت عندي لغة الكلام وانا اتابع وقائع مراسم نقل جثامين الشهداء الابرياء من ضحايا الانفال من البارزانين حيث جرت هذه المراسم بحضور شخصيات كثيرة وكان في المقدمة منها سيادة رئيس الجمهورية مام جلال الطالباني وسيادة الاخ الرئيس مسعود البارزاني وسيادة الاخ نيجرفان البارزاني رئيس الوزراء في حكومة اقليم كوردستان وبحضور عدد من الشخصيات وعوائل الشهداء الابرار . وشاهدت هذه المراسم من على شاشة فضائية كوردستان صباح يوم 17 اكتوبر 2005 اي قبل يومين من محاكمة صدام عن جرائمة التي لا تعد ولا تحصى ومنها جرائمه ضد العرب الشيعة وضد الحياة و ضد الشعب الكوردي الذي قدم قرابين على مذبح الحرية ضد اشرس نظام عنصري وشوفيني لا يقل في بشاعته عن نظام النازية بل كان نظام صدام وفكر البعث نموذج لجرائم النازية العربية.



وانا اتابع هذه المشاهد المؤلمة كواحدة من فصول التراجيديا من تاريخ الكورد , تذكرت خطابا للاخ الرئيس البارزاني يوم 14 ديسمبر 2002 في لندن والذي اشار فيه الى ان نظام صدام - البعث غيب 188 الف كوردي في حملة الانفال سيئة الصيت ومنهم 8 الاف من بارزان و37 شخصا من اقارب الرئيس البارزاني من اخوته وابناء اخوته واقاربه المباشرين من الدرجة الاولى والثانية من درجات القرابة هذا عد جرائم النظام في حلبجة وضد الكورد الفيلية وفي بازيان وزيوه وكرميان وقلعة دزه وكركوك وغيرها من مدن كوردستان الحبيبة التي تخضبت ارضها بدماء الكورد الطاهرة الزكية والمقدسة.
وقال سيادته انه بالرغم من كل هذه الجرائم التي لم يتعرض الى مثلها اي شعب في العراق ولا اي قائد عراقي من قادة المعارضة العراقية انذاك الا انه يمد يده الى فصائل المعارضة العراقية وزعمائها لبناء العراق الديمقراطي التعددي الفيدرالي وتثبيت حقوق الشعب الكوردي كشريك في الوطن ولغرض اقامة المؤسسات الدستورية لكي لا تتكرر مأساة الحروب في العراق .

الجريمة والعقاب
ثم جرت يوم 19 اكتوبر وقائع محاكمة صدام وبعض اركان نظامه المجرم في جسلتها الاولى برئاسة قاض كوردي ومحكمة تتمتع بكفائة ونزاهة ومثل بعض هؤلاء المجرمون امام القضاء العراقي وكانت قضية الدجيل التي حاول فيها شباب أبطال من حزب الدعوة اغتيال الطاغية كواحدة من بين عشرات الجرائم وكنا نأمل ان تكون قضية الانفال من اولى هذه الملفات التي ينظرها القضاء العراقي بسبب بشاعة هذه الجريمة وخطورتها وعدد الضحايا الذين قتلوا عمدا في جريمة تشكل من الناحية القانونية ابادة للجنس البشري , ولعل السبب في تاخر عرضها على القضاء هو ضخامة هذا الملف وحجم الضحايا وما يتطلبه من الاستماع للشهود والاطلاع على الادلة المتوفرة وغيرها . وقد ظهر المتهم الاول صدام – كعادته – ومثل اي دكتاتور على الارض متوهما ان السلطة باقية له بتخويل الهي الى ابد الابدين لكي يحكم الشعب حسب اهوائه ومزاجه المريض ناكرا هذه الجرائم واصفا نفسه بانه برئ منها وكان هو واعوانه مثل ذئاب خائرين للقوى ....

و لا ادري أي صنف من البشر يرتكب كل هذه الجرائم ضد شعب لم يسجد لبشر ؟ واي نموذج من الطغاة يحرقون الحرث والنسل بكل هذه البشاعة ؟ واي فكر يقود الى مثل هذه الجرائم التي يعجز الخيال عن وصفها لوحشيتها ؟ وأي عقاب يستحقون ؟

لم استطع تناول طعامي حيث فقدت شهيتي وأحتبست دموعي وانا اشاهد اعلام كوردستان تلف هذه الاجساد البريئة التي ازهقت ارواحها من دكتاتور يعيش الذل والاحتقار بين شعبه فقد تذكرت عوائل هؤلاء الابرياء ومصائبهم واحزانهم في بيوتهم ومما زاد في وجعي واحزاني ايضا انني تذكرت ما نقله لي احد زملائي في الجمعية الوطنية العراقية عن قضية لا يمكن ان تفارق مخيلتي مادمت حيا تتعلق بضحايا الكورد في الانفال حيث تتلخص القضية التي اوردها لي بما يلي :

(( في عام 1982 او 1983 مرت سيارات كثيرة كبيرة ناقلة للاشخاص والعوائل محروسة بعدد من ذئاب السلطة الصدامية عبر مدينة النجف ربما متوجه الى عرعر في البادية السعودية وقد تعطلت احدى السيارات وبقيت وحدها داخل مدينة النجف الاشرف وقد استدعى وحوش السلطة المرافقين للركاب احد المصلحين للسيارة وقام فعلا بتصليحها ثم سارت مسافة وتعطلت ثانية بينما استمرت مسيرة باقي السيارات قاصدة صحراء السعودية ونودي مرة اخرى ذات الميكانيكي لتصليح السيارة مرة ثانية .وهنا انفرد احد الضباط بالميكانيكي بعيدا عن الذئاب الصدامية المرافقه قائلا له: هؤلاء اكراد مدنيون سيذهبون الى الموت في صحراء عرعر هل تستطيع ان تنقذ ما تستطيع من الاطفال والنساء وتهربهم الى بيتك لتخلصهم من الموت وانا سوف اقوم بمشاغلة الوحوش الصدامية بعيدا عن عيونهم ؟ ثم مرت الايام واذا بهذا الشخص الميكانيكي يلتقي بعد سنوات طوال بالسيد عضو الجمعية الوطنية جلال الدين الصغير ويروي له ماحدث بمرارة وألم ...)) .

اننا نأمل ان يكون هذا الميكانيكي حيا يرزق ليكون احد الشهود على جريمة ابادة الجنس البشري ضد الشعب الكوردي الذي تعرض الى كل هذه الجرائم من طاغية مجنون ومن اركان نظامه الذين يجب ان يحاسبوا وفقا للقانون .
ولم تكن هذه الجريمة الا واحدة من سياسة النظام السابق في كوردستان , فلقد شاهدت حلبجة وسجدت على ارضها من هول ما رأيت من جرائم بسبب قصفها بالسلاح الكيماوي وطلبت من الصديق رزكار محمد امين – رئيس المحكمة الجنائية المختصة بجرائم النظام – ان يرافقني في زيارتي الى مسرح الجريمة وحين كنا في الطريق الى حلبجة روى لي قصصا عن ما حدث وبين لي طرق هجرته ماشيا على الاقدام في منطقة قره داغ القريبة من حلبجة ابان مقاومة النظام وتذكرت ان في حياة كل كوردي قصصا مأسوية وبطولية في مقاومة البعث وصدام من اجل الحرية واتمنى ان تدون هذه القصص لتكون جزءا من سفر بطولات الشعب الكوردي يرويها التاريخ .

أيها الميديون الابطال ...
يانسور الكورد ...البشمركة الاشاوس ....
لقد صنعتم التاريخ بتضحاتكم الكبيرة ....من أجل كوردستان
بل انكم تصنعون تاريخا جديدا للعراق , لقد ورد اسمكم في الوصايا القديمة ( التوراه ) بانكم ابطال واشداء في مقارعة الخطوب وقدمتم مئات الالاف من الشهداء من اجل الحرية ولم تتمكن كل الوسائل الوحشية ان تنال منكم ومن عزيمتكم ,و لم يتمكن الطاغية ان يجعلكم تسجدون له رغم القصف بالسلاح الكيماوي والغازات السامة ورغم استخدام كل وسائل التدمير والابادة الجماعية , وبقي الكورد مثل جبال كوردستان وظل البشمركة الابطال مثل النسور يحرسونها من الغربان .

ايها الكورد
انكم تصنعون التاريخ من جديد
انكم تصنعون فجرا جديدا وتبنون بتضحياتكم فجر دولة كوردستان
انه تاريخ شعب يبحث عن ذاته ويصنع امجاده
أحييكم ...ايها الميديون الابطال
اسجد معكم على ارض كوردستان الحبيبة احتراما لشهدائها ورموزها الوطنية والقومية
اذا الشعب يوما اراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر..
وقد استجاب لكم القدر ايها الاحرار ...
تحية الاعتزاز والتقدير للقادة الكورد الذين يقودون العراق وكوردستان
تحية للشهداء الذين سقطوا على مذابح الحرية من أجل الحياة الحرة الكريمة
وويل للذين ظلموا من حكم القانون في محاكمة تاريخية في هذا العصر













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس


.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على




.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل


.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو




.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين