الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبادئ العقل واللانهاية

مازن ريا

2015 / 9 / 27
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إن دراسة المجموعات اللامتناهية في الكبر وضعت العقل أمام نتائج لم تكن مألوفة لديه مما شكل تناقضاً بين ما وصل إليه من نتائج وبين ما ظن أنه بدهي، فالكل ليس أكبر من الجزء، وإذا فرضنا أن مجموعة المجموعات تشتمل على ذاتها يصل العقل لنتيجة أنها لا تشتمل على ذاتها، و إذا فرضنا أنها لا تشتمل على ذاتها يصل العقل إلى نتيجة أنها تشتمل على ذاتها هذه التناقضات وغيرها هي ما سوف نحاول إلقاء الضوء عليه في الفقرات التالية نظراً لا رتباطها بشكل وثيق بمشكلة اللانهاية.
مفارقة الجزء والكل:
تتجلى هذه المفارقة في المجموعات اللانهائية، حيث نستطيع إقامة تقابل بين المجموعة وأي جزء منها، مثلاً مجموعة الأعداد الطبيعية،1،2،3،.... إذا أجرينا تقابلاً بينها وبين مربعات أعدادها1،4،9،...... وجدنا أن قدّ* أو رئيسي المجموعة الأولى يساوي قد أو رئيسي المجموعة الثانية مع أن المجموعة الثانية جزء من المجموعة الأولى ونحصل على النتيجة ذاتها إذا أجرينا تقابلاً بين نقاط نصف محيط دائرة ونقاط قطرها، أو بين نقاط قطعة مستقيمة وبين نقاط سطح مربع.
وإذا ما كانت المجموعة الجزئية تعرف رياضياً على النحو التالي: ((إذا كان كل عنصر من المجموعة ع عنصرا من المجموعة س فإننا نقول إن المجموعة ع مجموعة جزئية للمجموعة س)) وإذا ما كانت المجموعة س= 1،2،3 فإن المجموعات الجزئية التي يمكن تشكيلها من هذه المجموعة هي:
أولاً: المجموعة الخاليةØ-;---;-----;-------;----- وهي مجموعة لا تحوي أي عنصر، أما لماذا هي مجموعة جزئية من المجموعة س فلأنها إذا لم تكن جزئية منها فهذا يعني أنها تضم عنصراً واحداً على الأقل غير موجود في المجموعة س و هذا مستحيل ((المجموعة الخالية هي مجموعة جزئية في أي مجموعة)) وهي مجموعة واحدة
ثانياً: المجموعات وحيدة العنصر وهي:(1),(2),(3 )وعددها ثلاث مجموعات
ثالثاً: المجموعات الثنائية وهي:(1,2),(1,3),(2,3) وهي ثلاث أيضاً
رابعاً: المجموعة الثلاثية وهي المجموعة س=(1,2,3 ) وهي مجموعة واحدة
إنّ عدد عناصر المجموعة س هو ثلاثة، بينما عدد المجموعات الجزئية منها ثمانية، وبشكل عام يمكن معرفة عدد المجموعات الجزئية المستنبطة من مجموعة ما بالقانون2n يقول رسل: ((إذا كان للفئة nعدداً، فهي تحتوي على 2n فئة جزئية، وأن عدد الفئات الجزئية المحتواة في الفئة هو دائماً أكبر من عدد عناصر الفئة نفسها)) ، أي أن مجموع الأجزاء أكبر من الكل.
أول من تحدث عن هذه المفارقة هو " بولزانو" والحل الذي اقترحه هو التمييز في المجموعات بين علاقة "محتوى في" و علاقة" أصغر قد" فمجموعة مربعات الأعداد الطبيعية محتواة في مجموعة الأعداد الطبيعية ولكن إذا نظرنا إلى قديهما نجد أن لهما القد ذاته، ونعتقدأنّ هذا التمييز لم يقدم شيئاً هاماًلحل مفارقة الكل والجزء.
وينطلق الحل الذي قدمه جورج كانتور لمفارقة الجزء والكل من التمييز بين نوعين من الأعداد اللانهائية، هما الأعداد الرئيسية والأعداد التراتبية، وتمثل الرئيسيات قدود المجموعات دون مراعاة لترتيب عناصرها أما الأعداد الترتيبية: تقيس قدود المجموعات عندما تكون عناصرها مرتبة ترتيبا جيدا مثل مجموعة الأعداد الطبيعية حيث رمز لهذه المجموعة اللانهائية ب N0وتقرأ ألفا صفر، بعد هذه الجموعة يأتي أول عدد موغل Transfinite ونرمزله ب ω-;---;-----;-------;---------;----- ويقرأ اوميجا ثم يأتي 2ω-;---;-----;-------;---------;-----, 1ω-;---;-----;-------;---------;-----,.... .كما رمز إلى قد مجموعة الأعداد الحقيقية ب 2x0 ونتيجة لذلك لاحظ كانتور استحالة وجود تقابل بين مجموعة الأعداد الطبيعية ومجموعة الأعداد الحقيقية وأن مجموعة الأعداد الحقيقية غير القابلة للعد أكبر من مجموعة الأعداد الطبيعية القابلة للعد .
يعتقد كانتور:(( ليس بمقدور أحد أن يقول إنّ الأعداد الموغلة تقف عند حد معين أو تكمن مع الأعداد الصماء"غير المنطقة"اللانهائية رغم أن جوهرها واحد-إلا أن الأولى- الأعداد الموغلة- تعتبر بمثابة الأساس أو التصحيح السليم الذي يقودنا إلى اللانهاية الحقيقية))
هذا القول تعرض إلى انتقادات ورفض شديدين من قبل العديد من الرياضين دون الكشف عن تناقضات نظرية المجموعات حيث كانت تعاليم "كرونكر* "حول اللانهائية الفعلية مشهرة ضد نظرية كانتور يقول: (( لقد خلق الله الأعداد الصحيحة وأي شيء آخر فهو من صنع الإنسان)) في إشارة واضحة لرفض فكرة الأعداد الموغلة، والتي تتناول وجود اللانهاية بوصفه وجودا بالفعل وليس بالقوة حسب المفهوم الأرسطي.
أما "بوانكاريه" فقد ((شجب نظرية الأعداد اللانهائية بعنف حين قال بأنه مرض خطير جاء به كانتور، وتأزمت به الرياضيات لذا يجب معالجته)) قاصداً بذلك ما توصل إليه كانتور من نتائج في دراسة الأعداد الموغلة، إذ بدلاً من أن تقدم حلولاً طرحت الكثير من التساؤلات والتناقضات أمام العقل لم تكن بهذا الوضوح والقوة من قبل.
بينما نجد أن الفيلسوف الرياضي "شارل رينوفيه* "عندما قام بدراسة ((طبيعة الأعداد والعمليات الحسابية أدى به هذا إلى فكرة الأعداد المتناهية، فكل عدد قائم بذاته يشكل وحدة مستقلة)) ليصل إلى نتيجة بأنَّ سلسلة الأعداد((.......1،2 لاتفضي إلى أي عدد لامتناهٍ في النهاية)).
و رينوفيه بهذا يربط المتناهي واللامتناهي بالحرية والجبرية منسجماً مع مذهبه الشخصاني والذي يرى ان الحرية لا تكون إلا في عالم الأفراد فهم كالأعداد متناهون ومتميزون بالتفرد والاستقلالية، في حين عالم الحشود هوعالم اللامتناهي والذي تتحكم فيه العلاقات السببية والضرورة والحتمية.
ونعتقد هنا أن "رينوفيه" عندما يربط المتناهي بالحرية واللامتناهي بالجبرية فإنه لايرى في اللامتناهي سوى تكرار ممل تفرضه العلاقات السببية والضرورة والحتمية ولو كان ذلك لكان عالم اللامتناهي مدركاً من خلال العلاقات التي تحكمه، هذه العلاقات تفرض التراتبية في حين أن عالم اللامتناهي لاتوجد فيه تراتبية، فضلاً عن أن السببية تفترض الاستقراء في حين أن عالم اللامتناهي هو عالم اللا استقراء، من جهة كونه تكراراً لما قبله وبالتالي لا يوجد ماهو جديد، وهذا عكس طبيعة اللامتناهي، وهذا برأينا يوصلنا إلى استنتاج مفاده أن عالم اللامتناهي هو عالم الشواش الذي يحكم الكثرة في حين النظام هو عالم المتناهي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول دفعة من المساعدات تصل إلى غزة عبر الرصيف الذي أنشأته الق


.. التطبيعُ السعودي الإسرائيلي.. هل يعقب التهدئة في غزة أم يسب




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استعادة جثث 3 رهائن قتلوا في هجوم حماس


.. وفد جنوب إفريقيا: قدمنا طلبنا للمحكمة ليس لأننا حلفاء لحماس




.. سعيد زياد: الفشل المتراكم للاحتلال هو من سيخلق حالة من التصد