الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين القرية والمدينة وعغب جغب.

خطاب عمران الضامن
باحث وكاتب.

(Khattab Imran Al Thamin)

2015 / 9 / 29
المجتمع المدني


في منتصف ثمانينات القرن الماضي وعندما كنت صبياً في مدرسة ابتدائية من مدارس العراق، كنت والبعض من زملائي نتعرض إلى إرهاب عصابات زملائنا من منطقة قصبة مدينة الشرقاط وهم من أبناء عشيرة التكارته، كانوا كالضباع يتحينون الفرص للإنفراد بأحدنا ليقوموا بضربه (ضرب الأطفال طبعاً) ويمطروه بوابل من الشتائم التكريتية، وكان من أبرزها(عغب جغب، أي عرب جرب) وغيرها من تلك الشتائم التي تنال من أبناء القرى، والأمر المثير للانتباه كان في إصرار البعض من هؤلاء الصبيان على الاستمرار بالكراهية ضدنا حتى في مراحل المتوسطة والثانوية، وبما أن لسان الطفل والصبي يعبر عن ما تمليه عليه أسرته وبيئته، تأكد عندي ومن خلال التجربة في مرحلة حديثه سبب هذا العداء المرحلي وتلك الكراهية الطفوليه، ولم ألم أبناء التكارته بعد ذلك.
فأهل قصبة مدينة الشرقاط ونسميهم التكارته، استوطنوا مدينتنا وسبقونا أليها بفترات أقلها قارب الـ 40 عاماً، حيث نزحوا من مناطق مدينة تكريت وربما غيرها من المدن إلى الشرقاط في بداية القرن العشرين، وتميزوا بحضريتهم و تمدنهم بكل ما تعنيه الكلمة، وامتهنوا التجارة والحرف اليدوية، بينما نزح أجدادنا من قرى الزوية وصبيح والمسحك والنمل والميل وغيرها، وكانوا مزارعين رعاة بعيدين عن الحضارة والمدنية، ومن هنا بدأ الرفض والتذمر من التكارته لأجدادنا، لقد نظر التكارته إلى آبائنا وأجدادنا بنفس النظرة التي نظرنا بها حديثاً إلى النازحين من الجغايفه والسنابسه وغيرها من القرى (مع تقديري للجميع) حيث نزحوا إلى الشرقاط وألحقوا به المزيد من الأذى الاجتماعي والأمني وفق وجهة نظرنا كسكان اصليين للمدينة.
هذه النزاعات والصراعات بين الطبقات الاجتماعية ورفض بعضها للأخر هي أمور وجدت منذ الأزل بين المجتمعات البشرية، وينبغي علينا جميعا العمل على التخفيف من أثارها السلبية، من خلال إشاعة ثقافة القبول بالأخر المتنوع عنا كوننا شركاء في الإنسانية والمواطنة والمصير.
مودتي وشوقي لمدينتي الأم الشرقاط من المهجر وكل أهلها من جميع طبقاتهم الاجتماعية.ِ
-








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس


.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على




.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل


.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو




.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين