الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تسهيل المنطق 4/8

باور أحمد حاجي
كاتب

(Bawer Ahmed Haji)

2015 / 9 / 29
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الفصل الثاني
مباحث علم المنطق

قد تقدم أن العلم قسمان: تصور, وتصديق, وأنّ التصور: هو إدراك للماهية غير حكم عليها بنفي أو إثبات. أما التصديق: فهو إدراك الذي معه حكم أو هو الحكم على حقيقة بإثبات شيء لها أو نفيه عنها. وعليه خصصنا المبحث الأول من هذا الفصل بقسم التصورات, وخصصنا المبحث الثاني منه لقسم التصديقات.


المبحث الأول
التصوّرات

التصور: هو الفعل أو الفكر الذي يرى العقل بوساطته الشيء دون أن يثبت أو ينفي. ويذهب أرسطو إلى أن التصور "هو التعبير بكلمة واحدة عن تعريف الشيء في الفكر بدون أن نصل إلى الشيء الحقيقي", ويعد التصور الكيان العقلي الذي تقابله الإدراكات الحسية التي نفهمها من التصور, فالتصور من حيث هو يعبر عن إحساسات يتم التعبير عنه من خلال إطار لغوي معيين, وبذلك يتصل مبحث التصورات اتصالاً وثيقاً باللغة وتقسيماتها وبالكليات الخمس والتعريف أو المعرّف والتي هي مطالب بحثنا في هذا المبحث, والذي خصصنا المطلب الأول لشرح الألفاظ, والمطلب الثاني للكليات الخمس, والمطلب الثالث والأخير للمعرّف أو التعريف.

المطلب الأول
الألـفـاظ
الناظر في الكتب المنطقية العربية يدرك مدى اهتمام مناطقة العرب بمبحث التصورات, فقد راحوا يتدارسون الألفاظ دراسة واسعة معللين بأنهم لن يبحثوا في اللفظ ذاته, بل في اللفظ من حيث صلته بالمعاني, وهذه فكرة سادت عند جميع المناطقة العرب من أمثال ابن سينا, والغزالي, وغيرهما. وتقسيم الألفاظ إلى مفردة ومركبة يشير إلى أن المناطقة قد أدركوا منذ القدم شدة الاتصال بين الفكر واللغة, إلاّ أننا ينبغي أن نوجه النظر إلى أن المنطقي إذا درس الألفاظ مثلاً وأقسامها فهو إنما يدرسها من حيث أنها تشير إلى الفكر ولا يدرسها من النواحي الأخرى التي تتعرض لها علوم اللغة والنحو والصرف والبلاغة, فهم لا يطلبون الدقة والوضوح في الفكر وحسب, ولكنهم يطلبون أيضاً الدقة المتناهية في استعمال الألفاظ.
أما من حيث تقسيم الألفاظ فيمكن تقسيمها كالاتي:

أولاً: المفرد والمركب
قسّم المناطقة اللفظ إلى: مفرد, ومركب, حيث أدركوا منذ القدم شدة الاتصال بين الفكر واللغة أو بين المباحث اللغوية والمباحث المنطقية, إلاّ أن المنطقي إذا درس الألفاظ فهو يدرسها من حيث الفكر أو التصور, ولا يدرسها من حيث النواحي الأخرى التي تتعرض لها علوم اللغة والصرف والنحو والبلاغة, فالمنطق يتفق مع النحو في النظر للألفاظ من حيث التقسيم (الألفاظ المفردة, والألفاظ المركبة), حيث يدل اللفظ المفرد على معنى ولا يدل بجزء منه على جزء ذلك المعنى. وذلك كمحمد, وعلي, وقاض, ومحكمة, فهو اللفظ المفرد على معنى ولا يدل بجزء منه على جزء من ذلك المعنى. وهناك تقابل بين وجهتي نظر المنطق والنحو في النظر للألفاظ المفردة, إذ أن المنطق يقسم اللفظ المفرد إلى ثلاثة أقسام هي:
أ – الاسم: وهي ما يدل على معنى ولا يدل على زمان ما.
ب – الكلمة: وهي ما تدل على نسبة أو علاقة معينة بين معنيين, بحيث إذا غابت العلاقة ما أمكن للعقل قبولها.
ج – الأداة.
أما علماء النحو فنجدهم في مقابل هذا التقسيم يقسمون اللفظ المفرد أيضاً تقسيماً ثلاثياً إلى:
أ – الاسم ب – الفعل ج – الحرف
أما اللفظ المركب من وجهة النظر المنطقية فهو اللفظ الذي يدل جزؤه دلالة مقصودة على جزء المعنى المقصود, فمثلاً لو قلنا (الذهب معدن), فإنه تركّب من كلمتين هما (الذهب), و (معدن) وكل منهما يدل دلالة مقصود على جزء المعنى من الكل , وهو ثبوت المعدنية للذهب.
وينقسم اللفظ المركب منطقياً إلى قسمين: تام, وناقص.
1 – المركب التام: وهو ما يفيد فائدة يتم بها الكلام, أو يحسن السكوت عليها. والمركب التام ينقسم إلى قسمين:
أ – المركب التام الخبري: وهو كل قول يحتمل الصدق أو الكذب, مثل: الحديد معدن يتمدد بالحرارة.
ب – المركب التام الإنشائي: وهو كل قول لا يحتمل الصدق أو الكذب, مثل: ليتني كنت تراباً.
2 – المركب الناقص: وهو ما لا يفيد فائدة يتم بها الكلام ويحسن السكوت عليها. والمركب الناقص ينقسم أيضاً إلى قسمين:
أ – المركب الناقص التقييدي: الذي يعتبر الجزء الثاني منه بمثابة قيد للجزء الأول, مثل الضمير الحي.
ب – المركب الناقص غير التقييدي: وهو ما ارتبط باستخدام الأداة, مثل قولنا (من المدرسة) أو (كتب في).

ثانياً: الكلي والجزئي
كما ينقسم اللفظ إلى كلي وجزئي, فالجزئي هو الذي يطلق على شيء واحد معين الذي لا يصلح معناه, لأن يشترك فيه أفراد كثيرة مثل: بغداد, أو لندن, أو هو الذي يقصد به الدلالة على وحدة معينة فقط. أما الكلي فهو الذي يمكن حمله على وحدة كلية مكونة من عدد لا محدود من الوحدات, بمعنى آخر هو الذي لا يمنع نفس تصور معناه عن وقوع الشركة فيه, لوجود صفة أو مجموعة من الصفات فيه كقول "الإنسان" و "الشجر" و "معدن" وغيره.

ثالثاً: اسم الذات واسم المعنى
يذهب المناطقة إلى أن اسم الذات هو اسم لشيء, في حين أنّ اسم المعنى هو اسم لصفة, لكن المشكلة تنشأ بعد ذلك بالبحث فيما تعنيه كلمة "شيء" متميزة عن كلمة "صفة", فيجيب أحد كبار علماء علم المنطق وهو "كينز" بأننا نعني بكلمة شيء كل ما نستطيع أن نصفه بصفة, وعلى هذا يكون اسم الذات اسماً لشيء له صفات, بينما اسم المعنى هو اسم أي شيء يمكن اعتباره صفة لشيء ما, فاسم الذات هو ما دل على ذات مشخصة, أما اسم المعنى فهو ما دل على صفة تتحقق في اسم ذات, فالبياض لا يتحقق إلاّ في شخص, أو شيء أبيض.

رابعاً: الاسم الثابت والاسم المنفي
الاسم الثابت هو الاسم الذي يتضمن وجود صفة أو صفات في الشيء, مثل: كريم, وعادل, وسعيد, أما الاسم المنفي فهو الاسم الذي يخلو من شيء معين من صفة أو صفات أو عدم هذه الصفات, مثلاً غير سعيد, وغير عادل وغيرها.

خامساً: المفهوم والماصدق
المفهوم هو الصورة الذهنية المأخوذة والمنتزعة من حقائق الأشياء, ومثاله: الصور الذهنية المنتزعة من "زيد" تسمى "مفهوم زيد", أي: صورة هذا الرجل الذي له طول خاص, ولون خاص, وسائر المشخصات الخاصة به.
ويقسم المفهوم إلى كلي وجزئي وكالأتي:
1 - المفهوم الكلي: هو المفهوم الذي لا يمتنع انطباقه على أكثر من فرد واحد ولو بالفرض, فمثلاً "مفهوم الإنسان" فالصورة الذهنية للإنسان يمكن انطباقها على زيد, وعلي, وهذا, وذاك, فهذا المفهوم هو مفهوم كلي, لأنه لا يمتنع انطباقه على أكثر من واحد, لأنه يحمل إمكانية الانطباق على أكثر من فرد واحد.
2 – المفهوم الجزئي: هو المفهوم الذي يمتنع انطباقه على أكثر من فرد ولو بالفرض, مثلاً "مفهوم عبيد" فإن الصورة الذهنية لعبيد يمتنع انطباقها إلاّ على (عبيد) فقط لا غير, لأن مفهومه يعني أنّه الشخص الوحيد الذي يملك تلك المواصفات الخاصة به.
أما المصداق أو الماصدق فهو حقيقة الشيء الذي تنتزع منه الصورة الذهنية, أي: ما ينتزع منه مفهوم الشيء, وبالتالي ما ينطبق عليه المفهوم والصورة الذهنية, مثل: (زيد), فهو الحقيقة التي انتزع منها المفهوم.
ونستنتج مما سبق أنه عندما نتلفظ بكلمة (سيارة) –مثلاً- هناك ثلاثة عناصر ستكون حاضرة:
1 – لفظ السيارة الذي خرج من الفم.
2 – مفهوم السيارة الذي حضر في الذهن عند التلفظ.
3 – السيارة الموجودة في الخارج والمقصودة في الكلام.
وقد تقدّم في الكلام عن العنصر الأول وهو اللفظ في النقاط (أولاً وحتى رابعاً), كما تكلمنا عن العنصرين الآخرين, وهما المفهوم والماصدق في النقطة (خامساً).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا